ثريا بطلة اولمبية في رياضة رمي القرص وهي على كرسي متحرك
كانت ثريا الزعابي انسانة طبيعية مملوءة بالنشاط والحيوية، تهوى ممارسة الرياضة المدرسية، وكانت حياتها مملوءة بالمعارف والأهل والأصدقاء حتى تعرضت الى الاصابة بجلطة دماغية مما أدى الى حدوث نزيف داخلي في الدماغ كانت نتيجته شلل جزئي اصاب الجهة اليسرى من جسدها.
ورغم سنوات عمرها الشابة إلا أنها صارت لا تتحرك الا على كرسي متحرك. لكن ذلك لم يحرمها من أن تعيش حياتها وتتحول الى زوجة وأم وبطلة تمثل الدولة في المحافل الدولية.
وتعد ثريا اليوم بطلة اولمبية في رياضة رمي القرص وحصلت على العديد من الجوائز والميداليات
متى بدأ اهتمامك بالرياضة؟
- بدأت الاهتمام بالرياضة قبل اصابتي بالاعاقة في مدرستي الاعدادية ومدرستي الثانوية بدبي وهما سكينة بنت الحسين ومدرسة أم هانئ، وكنت يومها شديدة الاهتمام برياضة الجري وحصلت في تلك المرحلة على جوائز من وزارة التربية والتعليم إضافة الى جوائز مماثلة في كرة السلة والطائرة، خصوصاً وأني من عشاق كرة السلة.
وفي المرحلة اللاحقة بعد اصابتي بالاعاقة اثر جلطة دماغية لجأت الى نادي دبي للرياضات الخاصة حيث تعرفت إلى فتيات تم تقليدهن ميداليات لانجازاتهن الرياضية رغم اصابتهن بالاعاقة. وسألت نفسي لما لا اكون احداهن؟ إلا أن حاحز وجود كرسي متحرك كان يقلقني، ولجأت الى المدربة وسألتها عن رياضة تتناسب مع اعاقتي فأجابت رمي السهام أو الجلة أو القرص. فأجبتها يومها، أي شيء مهما يكون أريد أن اكون مميزة.
وبدأت بوادر التفوق في هذا المجال تظهر بعد فترة بسيطة ففي البطولات المحلية كنت احصل على ميداليات ذهبية في الأنواع الثلاثة القرص والرمح والجلة.
هل جاءت هذه الانتصارات حباً في الرياضة، أم تحدياً منك لإعاقتك؟
- الأمران معاً، ولكن عشقي للرياضة يسبق التحدي. وكنت اشعر بالفرح كلما وصل الرمح الى نقطة ابعد من سابقتها، وكانت صيحات الإعجاب والتشجيع تحفزني على الاستمرار.
-
ما أول وآخر مدى وصلت اليه في رمي السهم؟
- أول رمية لي بلغت 9 أمتار، أما اليوم فوصلت الى الرقم التأهيلي وحطمت الرقم الآسيوي في بطولة الخليج، وأعد المؤهلة الوحيدة بالإمارات للمشاركة في اولمبياد بكين 2008 في رمي الرمح، أما النقطة التي وصلت لها اليوم وأنا فرحة جداً بهذا الانجاز فكانت 14 متراً.
-
كيف حطمت هذا الرقم؟
- بالإصرار والتدريب خاصة خلال وجودي في نادي دبي للرياضات الخاصة حيث انتبه المدربون لي خاصة في مجال الرمي وارسلوني في بعثات رياضية للتدريب في تشيكوسلوفاكيا وأوروبا.
-
علمت أنك تهوين الرمح أكثر من غيره؟
- نعم، وهو كما يصفونه بأنه عروس الألعاب.
-
كيف يبدأ نهارك؟ وكيف ينتهي؟
- أنا موظفة في وزارة الأشغال العامة في دبي وأعمل في قسم خدمة العملاء، يبدأ نهاري في السادسة صباحاً وينتهي دوامي الثانية والنصف من بعد الظهر وما أود قوله إنني توظفت للابتعاد عن الملل وكسر حاجز الانطواء ولتوفير مصدر رزق لبيتي واولادي الأربعة.
وأنا حريصة جداً على الاشراف على احتياجات منزلي بمعاونة مساعدتي، واحضر للأولاد غذاءهم واحتياجاتهم، وفترة بعد الظهر اشرف على تعليمهم ومتابعتهم واحرص على قراءة ملاحظة المعلمات، وكذلك احرص على زيارة المدرسة للتعرف إلى أوضاعهم ولقاء اساتذتهم.
كم أعمار اولادك؟
- ابنتي البكر طالبة في الثاني اعدادي وتدعى الريم. وحمد طالب في الثاني اعدادي ايضاً وميرة عمرها عشرة أعوام واصغرهم جمعة وعمره ثمانية أعوام.
-
هل من بينهم من لديه ميول رياضية كوالدته؟
- نعم، حمد ماهر في رياضة السباحة وجمعة يلعب كرة اليد، وكان عضواً في النادي الأهلي بدبي، وبصراحة انا دائماً انمي في أولادي حب الرياضة.
-
اذاً متى تلتفتين الى تدريبك؟
- أتدرب يومياً، ونادي الثقة للمعاقين بالشارقة متعاون معي الى اقصى الحدود، وتم توفير سيارة خاصة لي لنقلي من وإلى النادي بعد الظهر يومياً.
-
من وقف الى جانبك ودعمك؟
- بداية نادي دبي للرياضات الخاصة قام بتدريبي وتوجيهي بقيادة المدير العام ثاني جمعة بالرقاد، أما ما منحني القوة والاصرار على الاستمرار فكان تكريم الشيخ محمد بن صقر القاسمي رئيس مجلس ادارة نادي الثقة للمعاقين بالشارقة..
وتلقيت هذا التكريم في أول بطولة محلية لي في رياضة الرمح، يومها حصلت على الميدالية الذهبية.
أين تضع ثريا ميدالياتها؟
- في مكان خاص جداً وهو عبارة عن علبة أضعها في مكان بارز في غرفتي بحيث تقع عيني عليها كلما دخلت إلى الغرفة، وهذا ما يحفزني على الاستمرار والشعور بالثقة.
وهذا الدعم الذي وجدته في المحيطين بي بدءاً من أسرتي والنادي والمدربين كان حافزاً لي لاكسر هذا الجدار بيني وبي المجتمع الذي بني بعد تعرفي للمشكلة على الرغم من أني شخصية اجتماعية جداً.
لذا أنا حريصة كل الحرص على إقامة علاقة جيدة مع جميع المحيطين بي.
بالعودة الى بدايتك في المجال الرياضية يومها لم تكن الاماراتيات بشكل عام لديهن اهتمامات بالرياضة وتحديداً رياضة رمي الجلة والسهم، فكيف اقتحمت هذا المجال؟
- اعترف أنه حينما اقدمت على ممارسة هذه الرياضة قوبلت بالاستهجان والاستغراب من الكثير من الناس وخاصة في تلك الفترة تحديداً لم تكن هناك لاعبات في الامارات بل في الكويت مثلا والجزائر وكانت لهن شهرة في هذا المجال، إنما الاماراتيات لم تسهم منهن أحد، في تلك الفترة أذكر أننا شاركنا في بطولة بألمانيا يومها استغربت وسائل الاعلام مشاركتي وخاصة حجابي وكنت أرد عليهم بأن ديننا الحنيف يوصيني بذلك.
ما أود قوله هنا بأنه في بداية الأمر وبالإضافة الى الاستهجان لمشاركتنا كان الاجانب يستبعدون نجاحي وكانوا يستهجنون حتى مشاركتي، ولكنني عندما كنت ارمي السهم كنت اسمع صرخاتهم التي تنم عن اعجابهم بالنتيجة التي احققها وهذا ما اسعدني كثيراً.
حالياً كم يبلغ عدد اللاعبات الاماراتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة في رياضة العاب القوى؟
- هناك مجموعتان رجال ونساء، وبالنسبة لنا فنحن كنا منذ اربعة أعوام اربع فتيات هن فاطمة المنهالي، ولطيفة السويدي، وسهام مسعود وأنا، ولكن بحكم ظروف كل واحدة منا وصعوبة اللعبة انسحبت سهام مسعود بعد زواجها كذلك كانت حجة عدم وجود معاشات مصروفة لنا من احدى المشاكل ولكن فيما بعد طالبنا بحقوقنا وبأن يكون لنا راتب مثل اللاعبين الرجال وهذا ما تحقق بالفعل. لذا استمررنا خاصة بعد الدعم الذي نحصل عليه اليوم هناك لطيفة السويدي تمثل امارة دبي وأنا امثل الشارقة والامارات ككل وفاطمة الكعبي تمثل العين.
-
ما رأيك في الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة بالدولة؟
- الحمد لله اليوم هناك الكثير من الاهتمام بنا. والدعم يأتينا من كبار المسؤولين وعلى رأسهم شيوخنا الكرام وأخص بالذكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والشيخ محمد بن صقر القاسمي والشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الانسانية التي لها الكثير من الفضل علي خاصة حرصاً على تشجيعي وتكريمي بعد حصولي على البطولات.
-
ماذا تقول ثريا الزعابي عندما ترمي الرمح؟
- اقول “يا رب” من كل قلبي. لكني وقبل كل مباراة أقرأ العديد من الادعية.
-
اليوم وأنت تستعدين لاولمبياد بكين، ما طموحك؟
- طموحي أن أرى علم الامارات يوضع بين اعلام الدول الكبرى وفي المنصات الأولى في كل دول العالم وهذا الأمر يشعرني بالفخر، لأني احب بلدي جداً.
من هنا أوجه دعوتي الى كل فتاة اماراتية سوية أو غير سوية الى ممارسة الرياضة بشكل جدي وأن تختار النوع الذي يناسبها، وأن تسهم في رفع مستوى الثقافة الرياضية في الدولة، خاصة وأن المجالات مفتوحة أمامنا والنوادي النسائية موجودة، والدعم المادي والمعنوي متوفر، والكرة اليوم في ملعبنا.
رد مع اقتباس
مواقع النشر (المفضلة)