[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][shfaf2]http://im9.gulfup.com/2012-02-18/1329575434801.jpg[/shfaf2]
أبْصَرَتُنِيّ لَيْلَتَهَا أُفَتِشُ مِنْ بَيْن بَعْثَرَة أَوُرَاقِيّ وَرْقَة فَارِغَة لأمْلَئَ بِهْا أحْرُف صَدِئَهْ
مَاتْت فِيّ أَوُلِ مَحْطَاتِ الأسْطُرِ بَعْدَمَا مَارْسَ الإحْتِضَارُ طَقْسَهُ وَرْمَاهُ لِلْضَرْيِح ..!
رُغْمَ أنّيْ أقْسَمْتُ لِنْفَسِيّ وَصَرْخِتُ بْالَوُعَودْ أنّ أَهْجُرَك بِأبْجَدِيْتِيّ ، وُهَا أنَا أُعَاوُدْ
كِتْابَتك وُبْنِفَسْ الْحِبَرْ الْـ اعَتَادَ هُوَامِشُك الْجَانِبَيَة وُبَقْايَا كَلِمَاتِكَ الْمُبْعَثَرْة الْـ تَجُوْب
دَائِمَاً جَنْبَاتَ الإبْهَامْ وَالْتَرَبُصُ الْمَشْكُوْك عَنْ كُلِ نُقَطْةِ وُضْعَت سَهْوُاً وَلْم تُعْتَمَدْ !
ايْقَنَتُ مُتَأخِرً أَنَك عَائِقَيّ الْوُحِيَدْ ، وَمُعْضِلَةُ لاَ تْفَتُك إلاَ وُاقِفَةً أمَامَ أُمْنِيَات شَاهِقَة
أصْبِحَت مُجَرَدْ كَلِمَاتُ سَقْطَت مِنْ فَاهِ مُتَسَرِعْ وُأُصِيْبَتْ بِدَاء الْعَجَزْ الْنَتِنْ الْـ صَارَ
فَوُقَ إدْرَاكِيّ ! .. / أَنْتَ لَسْتَ مُجَرَدْ عَابِرٍ سَلْكَ طَرِيْقً وَعِر وَسْقَطَ وَتْرَنَحَ وَمْضَىَ
لآخِرِ فُوُهَةٍ مِنَ الْضَوُء ثُمَ تَلاَشْىَ مِنْ الأذْهَانِ ، وُلَم يْبَقَىَ مِنْ عَثَرَاتِه نُقَطَةَ تَوُاجُدٍ
كَانْت قَدْ فَرَضْت نَفَسْهَا بِذْكَرَىَ إنْسَانٍ مَيَتْ ! ، بَلْ كُنْتَ - وَمَازِلْتَ - تَعْتَلِيّ جَمُوْح
غَصْةٌ عَجِزْتُ انّ أَبْلَعَهِا فَتَمَادَت وُعَثَت بَحْلَقِيّ حَتْىَ افْقَدَتَنِيّ مَزْاجُ صَوُتَيّ الْنَاعِمْ !
حَاوُلَتُ انّ اتْقَيَؤُكَ مِرْارً عِنْدَمَا اجِدُك تَتْوُسَطُ اوُرَاقِيّ اَوُ تُشَارِكُنْي وُسَادَتِيّ ، لَكِنَك
عَقَبْةٌ تُتْقِنُ كَيْفَ لَهَا انّ تَتَشْبَث بْاُنْثَىَ تُحَاوُل قَتْلَك مِنْ ذَاكِرَتِهُا الْصَدِئَه الْـ مَاعْادَ لَهْا
مُتَسَعٌ لِتُفْسِحَ لَك كِبَر عُمْرِك وَتْرَهُل الْشَيْب وَالْبَيَاضِ الْـ يَكْسُو شَعْرُك الأجَعْد الْقَصِيَر ..
اَنْعَتُنِيّ وَالْبُكَاءُ حِيْنَ اَخِيْطُ ثَوُبَ الْنِسَيَانْ الأَسَوُدِ فْاَرْتَدِيْه رُبْعَ يَوُمٍ لأكْتَشِفَ مْئِةَ شَقٍ
يَحْتَاجُ لْتَرْقِيَع مِنْ قُمَاشِ الْنِسَيَانْ الْـ افْضَىَ لاَ يُعِيْدُ لْذَاكِرْتِيّ شُرْفَةَ ضَيْاعٍ هَادَئِهْ اُقِيْمُ
بْهَا هَرْباً مِنْ طَيْفَكَ الْذِيّ يَجْلُبُ مَعَهُ رَائِحَةً لَن تَكُوْنَ إلاَ مُلْتَصِقَة بْك فْتَأخَذُ مِنْي دَربْ
الْسَكْيَنَة وَتُهْدِي الْضَجِيَج لْمَنْفَايّ ، الْذَيّ لَمْ تَدَعْ مِحْوُرَ نَفْسِيّ انّ يَحْكِيْ ألْماً تَرْبَعَ بْعَبْقِ
الْغَيَم ثُمَ اسْلَفَ بْأنّ الْرَعَد زَارْهُم فْاَحْدَثَ ضَجْة عَارِمَةْ صَاخِبَةْ وَمْرَق تَمْامَاً كْشَخْصِك !
حَاوُلَتُ انّ ابْنِي سُوْراً يُتْقِنُ وَضْعَ الْفَاصِلَة بَيْنَنَا ، فْاجِدُ مُحَيَاك يُطَارِدُنِي وَصَوُتُك يَعبْثَ
بِدَاخِلْيّ وَأَهْازِيَجٌ مِنْ اغَانِيَك تَتْوُسَدُنِي وَظْلاً يُلاحِقُ ظِلْيّ ، وَلاَ طَرِيْقٌ يَنْتَهِي بْكَوُكَبٍ
خَارِقْ يَحْمِيَنِيّ مِنْ قَسْاوُةِ حَنْيِنُك الْجَافْ .. لَمْ اَعَنِيّ الْكُرْهَ لَكِنَنَيّ أَوُدَعْتُ قَلْبِيّ لَدِيَك مُنْذُ
أَنّ أَصْبَحَتَ الْنِصَفَ الاخَرْ الْـ يُتَكَئُ عَلْيَه فْكُنَتَ تُسْقِيْه وَتُوَارِي مِنْ أَيْامِه أَقْصُوَصَةً مِنْ
حُبْ وَدْلالٍ يَتْرَنَحُ تَحْتَهُ الْمَطِر وَازْهَارَ الْرَبِيَعْ ! فَيَتَنْفَسُ الْكَوُنْ وَيْنَحَتُ عَلْىَ ثَغْرِه
إبْتِسَامَةً لاَتْعَرِفُ الْمُغَادَرَة ،لَكِنْكَ كَسْرَتَ مْجَدَافِيّ وَنْزَعَتَ قَلْبُك وَاسْكَنَتُه فِيْنَي وَرْحَلْتَ
دُوْنَمَا أنّ تُخْبِرَنِي عَن ايّ مُبَرِرٍ يُسْكِتُ جُرْمَ فُقْدَانِيّ ، الْذِيّ اشْعَلَ ألْمٍ مِن حَرُوْفِ وُدٍ
فَأصْبَحَتَ ذِكْرَاكَ مُرْهِقَة لاَ تَجْلِبُ إلاَ اَوُتَارٍ لَحْنٍ مُوْجَعْ وَتَخْلُقُ ثَرْثَرَةً مِنْ فَرَاغٍ اَصْمٍ
يُكَدِرُ وَهُو لاَ يْعَلَم .جَعْلَتَ الْلَيَالَيّ ثَقَيْلَةٌ تُفْرَغُ ثُقْلَهَا عَلْىَ كَاهِلْيّ وَالْدَقَائِقُ تَأتِيّ لِتَرْتَكِنَ
وَكَأنْهَا سِتْيَن سَنْةِ مِنْ عُمْرِيّ وَالأيَامُ جَاثِيَةٌ بْرَكَبِهَا وَلاَ تُطِيْقُ مَشْيَاً بَلْ سَاكِنَة !
فَاضَ مِنْ رُوْحِيّ اْنِتَظَارُكَ الْجَشِعَ الْذَيّ كَلْفَنِيّ مَلاْمِحَيّ وَابْجَدِيَاتِيّ لْيُوْدِيَنِي لْسَرَابِ
مْجَزَرِةٍ ضَحِيَتَهُا مَنْ تُرِيُدْك بُتُ سَهْرَاً اسَوُدُ بْجَسَدْ اِنْسَانْ وَذَاكِرْةُ انَتِظَارْ تُسَامِرُ
مِنَ الْلَيَلِ حَكَايْا الْصِغَارْ وَتُغَنِيّ غَسْقاً اغَانِيّ وَجْلُ مُنْتَظِرَهْ ، حَتْىَ الْضَادْ اصَبْحَت
عِنْدَمَا تَسِيْلُ مِنْ فَمِيّ عَلْىَ الْمَحِبَرَةِ تَتْرَاقَصُ ٌكَعْقَارِبْ الَسَاعَةْ الْمُرَتَقِبَه لْشَئٍ لَم يَظَهْر بَعَدْ !
كَمْ مِنْ سَدً سَأحْتَاجُ لْقَمِعْ الَثَغُوْرِ الْـ تَكُبْرُ وَامْنُحَهَا وَفْاءً اكْثَرْ / أَمَانٌ دَافِئْ مُغْطَىَ بْوُشِاحٍ مِنْ
أَمَلْ لْتَسَتَجِيَبَ لْبُكَائِيّ وَتْنَدْثِرْ فِيّ الْسُحُبْ وَاسْتَرِيْحُ مِنْ وُعَثَاءِ مُلْتَصِقَةً بْيّ بْسَبَك أَنْت وَحْدَك .
لَيْسَ ثَمْةَ أَوُرَاقٍ تَكْفِيَنْيّ لأتُعِبَهَا بِنْيَاحَيّ الْمُنْكَسِرْ وَبَوُحٍ يَخُرْجُ عَنْ ثَرْثَرَاتِهَا الْحَائِرَه !
وَأجُوْبُ فَوُقَهَا سَطْرَ سَطْرً لأرْكُنَ مِنَ فَوُقَهَا حَرْفً تَائِه فَيّ سَرَاَدِيْبٌ مِفَتَحُهَا ضَائِعْ ،
فَقْط يَلْزَمُنِيّ مَوُتً نَقِيْاً وَحِيَاةً اضْافِيَة خَالِيَةْ لأتْخَلَصَ مِنْكَ وُمْن بَعْثَرَاتُ حُبْك .
الْثَانِي مِنْ عَصْف أكَتُوبَرْ !
هَا هِيّ الْكَلِمَاتُ تُرْفْرِفُ فِيْ الْبَالِ .. /
فِي الْبَالِ أرْضٌ سَمَاوُيَةُ الاسْمِ تَحْمِلُهَا الْكَلِمَاتْ
وَلاَ يَحْلِمُ الْمَيَتُوْنَ كَثْيَراً ، وُإنّ حَلِمُوُا
لاَ يُصَدقْ أحْلاَمُهُم أحَدْ ...
هَا هِيّ الْكَلِمَاتُ تُرْفِرَفُ فِيّ جَسْدِيَ نَحْلَة نَحْلَة
لُوْ كَتْبَتُ عَلْى الأزْرَقَ الأزرْقِ اخْضَرتِ الأغُنِيَاتْ
وُعَادَتْ إلَيّ الْحَيَاةُ .. وَبالْكَلِمَاتُ وَجْدَتُ الْطَرِيَقَ
إلَى إسْمٍ أقَصَرْ .. لاَ يْفَرحُ الْشُعَرَاءُ كَثِيْراً وُإنْ
فًرٍحُوا لَنْ يُصَدِقَهُم أحَدْ ...
قَلتْ : مَا زِلْتَ حَيّاً لأنِي أرْىَ الْكَلِمَاتُ تُرْفِرُف فِيّ الْبَالِ !
فِيّ الْبَالِ أغُنِيَةٌ تَتْأرَجَحُ بَيْنَ الْحَضَوُرِ وُبَيْنَ الْغِيَابْ ،
وُلاَ تْفَتَحُ الْبَابَ إلاَ لَكِي تُوْصَد الْبَابْ ..
أُغْنَيَةٌ مِنْ حَيَاةِ الْضَبْابْ ، وُلَكِنَهَا لاَ تُطِيعُ سِوُىَ
مَا نَسْيَتُ مِنَ الْكَلِمَاتْ !
مَحْمَوُد دَرْوُيَشْ
[glint]ودي لأرواحكم
[shfaf2]http://im13.gulfup.com/2012-02-18/1329575342721.gif[/shfaf2]
[/glint]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
مواقع النشر (المفضلة)