[align=justify][align=justify]تحية طيبة إليكم يا من أهديتكم حروفي ، وألبستكم تاج كلماتي المتواضعة تجاه فكركم الراقي ، لأني قد حسوت من كأس منتداكم السحر البيان ، وكلماتكم ما هي إلاّ كالنجوم ضياء ورفعة ، وقلوبكم كالحدائق بهجة ونضرة .
لقد عرفتكم منذ أيام ، فكنتم معي حضرا وسفرا ، أفكر في هممكم، وأبحث عن طريقة لإرضائكم ، لينشد لكم قلمي ، ويحفظ هممكم فكري ، لأني ربما زهدت في همتي لإرضائكم ، وعذري أنكم سطعتم في بأقلامكم ، ولمعتم بقراءتكم ، وأبدعتم في فكركم.
هذه همة في حياتي أكتبها ، ربما فيها الشاهد والمثل ، والحكمة والعبرة ، لأن النفوس لا يحركها أي كلام ، ولا يهزها أي حديث ، لأن الله خلقها مميزة ومتميزة ، تفرق بين الجميل والقبيح والجيد والرديء ، ولكن يجب أن تعرفوا أن نفسي قد التهبت في صدرها ، وتحطمت كل الحواجز في جوانحي ، ولكنكم وبفكركم قد ألبستم نفسي رونقا وحياة ومتعة .
فحياتي ما هي إلاّ أنين مكبوت ، وعبرات مسفوحة ، تضج بها حالتي ، وتضيق بها همّتي ، ولا أعتقد أن شاب ضاقت به الأرض بما رحبت مثلي ، لما اعتراني من هموم وغموم ، وكأن أيامي ما هي إلاّ لوحات حزينة ، أراها في معرض مرسم الأمل المؤلم ، لأني وللأسف لم احظ بنبل الحظوظ ، لإدراك الرغبات ، ولأن مقاصدي تنعكس على الزمن ومرارتي تتقلب حسيرة إليه .
ولكم هذا الزمن قد جرحني بأنيابه ، وأسال دمي بمخالبه ، تنهشني نوائبه من كل جهة من جهات ذاتي ، فأحسوا كأس المعاناة قطرة قطرة ، وأتجرع غصص الكربات غصة غصة ، ولكني أعرف أن العقول ليست بحاجة إلى كلام بارد وثقيل ، يطفئ جذوة الخاطر ، ويميت إشراقة النفس ، ولكني بحاجة إلى من يترجم معاناة قصمت ظهري ، ويشاركني حزني ، ويعزيني في مصابي ، وهذا المصاب يكمن في عدم بلوغ همّتي .
لقد عشت نعمة الأمل ، ولذة الرجاء، وسرور العاطفة ، ولم أعرف حماقة الجهل ، وعبادة الذل ، وحياة الخضوع ، لأن الحرمان يطاردني ، والآلام تجابهني ، والمعاناة ترافقني ، لأني أعلم أن للفكرة قوتها ، وللشاهد روعته ، وللعبارة لطفها ، وللمعنى رشاقته .
ولكن أي جحيم اختارني ، وأي يأس انتقاني ، قد لبستني التجارب ، فأوجزتها على شكل الخواطر ، وحضرتني صدور الأجيال ، ليكونوا خالدين في ديوان الإبداع ، منهم العبقري والموهوب ، ومنهم الأديب والمجرب والبليغ ، لأن إبداعهم يجعلك تخترع من الكلمة المعنى الجميل ، لأن ذاكرتهم تسعفهم ، في قوالب أزهى وأبهى من الألماس ، فهم عباقرة في عالمهم ، أما أنا فحدّث ولا حرج ، ما أنا إلاّ جملة فيها المعاناة والجهد والتعب ، لأني لست أعجوبة مثل المثقف ، ولا نابغة مثل الأديب ، هكذا جربت وذقت طعم الحياة ن واكتويت بنارها ، وتلظّيت برمضاءها ، لأني لست من رواد مقاهي النفاق ، ولا من ضيوف حفلات تكريم الوفود ، فحياتي لا تعرف فن الإستحذاء والإستجذاء ، ولست من حفظة كتب الذل ، لأني رفضت أن أكون من طلاب مدرسة الخنوع والجين ، ولكني وافقت أن أكون جريحا طريدا لنصرة همتي ، واعتقاد مبادئي ، فكل تعب لأجل مجد يوقظ همتي ما هو إلاّ راحة لي ، فمادام العرض مصيون ، والعقل محفوظ ، فجراح الجسم سهلة يسيرة ، لأن روحي ثابتة ، وهمّتي جامحة ، ونفسي صامدة ، ولكنها موجعة منهكة ، لأن معاناتي تصهر روحي ، وتفجعي يحرقني ، وكبدي قد ذابت لأجل همّتي ، تحل في نفسي أزمات طاحنة ، وكربات ساحقة ، وبلاوي ماحقة ، ومع هذا فانا لا أعرف العيد وهو لا يعرفني ، ولا أبتهج به ، لأني غريب في نفسي ، شريد بهمتي ، طريد بقلبي ، مكبوت بجوانحي .
فأنا لست عبقريا فيحاربوني ، ولست عدوا فيسجنوني ، ولكني شاب أباد كل الأصدقاء ، وأحرق كل الأعداء ، بسبب بحثي عن تلك الشمس التي تأسرني ، بحنانها الذي يدفئني ، ليشرق بقلبي بعيدا عن لهيب المعاناة ، وحرارة المأساة ، هذه كلماتي قد أهديتها لكم ، بعدما تقطعت كبدي لوعة وأنين ، وتمزقت مع آهاتها ما بقي من نفسي من قلب مكلوم ، وروح منهكة ، ولكن تذكروا أني محلّق مسافر في عالم الهمة ، وسماء التضحية ، وبناء العظمة .. ألا وهي عظمة الإنسانية ، وإنسانية القلب ، لأن الحب أرق كلمة في قاموس الحياة ، وأجمل لفظة في تاريخ الوجود ، وأبهى عبارة في ديوان معرفة القلوب ، لأنه صلة روح بروح ، وضم قلب إلى قلب ،وعناق نفس إلى نفس ، هذا ما أبحث عنه ، وهذا عنوان همتي الذي أطمح إليه طوال حياتي ، فأنا لست صانع كلام ، ولا مزخرف أقوال ، بل ذائق عارف ، ومجرب فاهم ، أكره التروي والانتظار ، لأني متوجع ومتفجع ، ومظلوم مهضوم ، لكني ساكن كامن ، أبحث عن تلك الشمس التي تملكني وترحل بي بعيدا إلى سماء الإبداع ، لأحلّق معها في روعة من الإمتاع ، كي أحميها من غدر الأيام ، ومساوئ السنين ، فأكون لكيانها الحماية والسند ، ولو لم أستطيع ان احميها ، فلن أستحق حبها ، لذا يجب علي أن أنحت في قلبي إسمها بحروف من الذهب ، ليبقى إسمها في قلبي لا تستطيع السنين تغيير لونه ، لأن حبر أشعتها منحوت من ماء الذهب الخالص ، ولكن ربما كان لقائي بتلك الشمس مستحيلا ، فقد بحث عنها في كل الصفحات ، وتعبت من البحث حتى على أرصفة الطرقات ، حتى إني رسمتها بالكلمات ، ولكني بهمتي سأجدها ، لأني سأعيش لأجل حبها ، ليعيش حبي من بعدي ، فأين أنتي أيتها الشمس .. أم أن لقاءك أصبح من ذكريات اللقاء المستحيل [/align].[/align]
رعــــاكــم اللـــه .
مجرد قلم
مواقع النشر (المفضلة)