جنينك يعرفك حتى قبل أن يرى النور
يبدأ ادراك الطفل وجود أمه قبل ان يخرج الى نور الحياة، فأثناء وجوده في الرحم يبدأ الجنين التعرف على صوت أمه، والاهتداء اليها من رائحتها المميزة، بل الاحساس بها، ومن حيث الجوهر فان الطفل يعرف شيئا عن امه، وهو لا يزال في رحمها، حتى قبل ان يرى وجهها، ولكن ليس هذا كل شيء، تابع القراءة للوقوف على شيء من المهارات الخفية التي تتطور عند الطفل، وتساعد على ارتباطه بوالديه.
قبل الولادة
هل يتملكك العجب من ان صوتك يبعث في وليدك من الهدوء ما لا يستطيع بعثه أي صوت آخر؟ لا تعجبي لأنه يعرف صوتك غاية المعرفة، والواقع ان طفلك يستمع الى صوتك ويحس بذبذباته منذ الاسبوع الثاني عشر من الحمل.
ومما يبعث على الدهشة ان هناك حاسة اخرى من حواس الطفل تتطور لديه، وهو لا يزال في رحم أمه هي حاسة الشم. فالجنين يبدأ باستنشاق الروائح داخل الرحم في حوالي الاسبوع الثامن والعشرين من الحمل، اذ ان السائل المخطي الذي يسبح فيه هو موصل قوي للروائح، لذلك فان جنينك يستطيع ان يشم عطورك، بل ان يستنشق رائحة الطعام الذي تقومين بطهيه. والطفل يخرج من بطن امه الى نور الحياة، وقد اعتاد تنسم هذه الروائح، وهذا الادراك المبكر يساعد الوليد على تمييز أمه والتعرف الى البيئة من حوله.
الأسابيع القليلة الأولى
في مستهل خروج الوليد الى نور الحياة تكون حاسة الشم لديه من أقوى حواسه، والواقع ان الشم هو السبب في ان الوليد يستطيع تمييز أمه من بين الأشخاص الآخرين الذين يتولون حمله، ويكون قادرا على تحويل رأسه في اتجاه رائحة ثدي أمه من دون الأخريات.
وهذه الأسابيع الأولى من حياة الطفل هي التي تطور لديه أفضلية سماع اصوات والديه ايضا، ولو كان ذلك عن طريق وضع سماعة الهاتف على اذنه ومخاطبته هاتفيا، فهو عندها يدير رأسه في أنحاء الغرفة متلمسا صاحب الصوت.
والحاسة التي لا تكون قد تطورت تطورا كاملا بعد عند الولادة هي حاسة البصر، فالرؤى في عين الطفل خلال الأسابيع الأولى من حياته تكون غائمة. غير ان أفضل نقاط ابصاره ما يبعد عن عينيه بمقدار 15سم، وهي المسافة بين وجه الأم ووجه الطفل أثناء الرضاعة.
وحتى لو لم يتضح ما اذا كان الوليد يستطيع التمييز بين وجه امه الباسم ووجه سواها، فانه يفضل لا شك في النظر الى الوجوه، أكثر من تفضيله النظر الى أشياء أخرى. ويفسر بعض الاخصائيين سبب هذا التفضيل بأن الجنين في رحم امه يستطيع ان يلمس وجهه، لذلك فان شكل الوجه مألوف لديه الى حد ما.
الأشهر القليلة الأولى
عندما يبلغ الوليد الشهر الثاني أو الثالث من عمره، فانه يكون قد تطور من مجرد معرفته لأمه، الى توقعه منها سلوكا معينا نحوه، وفي هذه السن يبدأ الوليد باستخدام حركات جسمه لكي يوعز لأمه طبيعة هذه التوقعات.
فاذا كان يبدي اهتماما بالخشخشة التي تمسك بها أمه، فانه يمد يده ويتململ قليلا لكي يدل على رغبته في الامساك بهذا الشيء الغريب.
وفيما يتعلق بالادراك البصري عند الوليد، فانه حتى الشهر الثالث من عمره يكون قد اكتسب من قوة البصر، ما يمكنه من تمييز وجه والديه عن وجوه الآخرين.
غير ان الوليد في هذا العمر لا يكون قادرا على ان يرى بوضوح التفصيلات الصغيرة للأشياء، وهذا معناه انه ربما كان قادرا على تمييز شكل أمه من المنظر العام لحدود شعرها، اذ ان لمعظم الناس خصائص معينة يشتركون فيها جميعا، كشكل الفم والعينين وألوانها، ولكن لكل انسان شكل خاص يميز حدود شعره. فاذا عمدت الأم الى تغيير هذا الشكل، كأن تقص شعرها أو تغير مظهره، فان الوليد قد لا يكون قادرا على تمييز أمه بصورة مؤقتة.
وربما كان من أمتع اجزاء هذه الفترة ان الوليد يكون قد أخذ في الاستماع بصحبة امه. الوليد في هذا العمر لا يستطيع التلفظ بكلمة بابا أو ماما، ولكن يعرف ان وجود والديه يشعره بالسرور ويوحي له بانهما يستطيعان تلبية حاجاته، وهذا معناه ان الوليد قد بدأ الربط بين وجود أمه وقيام المشاعر الايجابية معها.
بين الشهرين السادس والتاسع
في الشهر السادس من عمر الطفل تكون قوة ابصاره نضجت، وهذا يتزامن مع تنامي التعلق العاطفي بينه وبين والديه. وعندما تدخل الأم أو الأب الى غرفة الطفل، فان اكثر الأطفال في هذا العمر تتسارع حركاتهم وتبدو عليهم البهجة، فما سبب ذلك؟
السبب هو ان الفصوص الجبهوية لأدمغتهم قد صار النشاط يخامرها، اي ان الطفل يكون قد اكتسب ادراكا متناميا لمشاعره وقدرته على التحكم في تلك المشاعر، ويبدأ في فهم ان والديه حقا هما شخصان يتمتعان بأهمية خاصة.
العام الأول وما يليه
عند بلوغ الطفل الشهر الثاني عشر من حياته، يبدأ في اظهار حبه لأمه بطرق أكثر وضوحا. فهو قد يحتضن امه بصورة عفوية، أو قد يحمل اليها ألعابه وصوره لكي يشركها في الاستمتاع بها. كما ان الأطفال في هذه السن يمارسون كثيرا من عواطفهم عن طريق أمهاتهم، فهم يرصدون كيفية تفاعل الأم مع الأوضاع الجديدة ويستمدون منها الايعازات التي تفيدهم في المستقبل.
فاذا عرضت الأم مثلا على طفلها ذي العام الأول حيوانا أليفا للمرة الأولى، فانه يتطلع اليها أولا لك يرى كيف ينبغي ان يكون انفعاله، ويفهم ايضا انه اذا ما ابتسمت له وربتت على رأس الحيوان الأليف، فان هذا الحيوان مأمون الجانب، وانه يبعث على السرور. اما اذا ابدت الأم فزعا من رؤية الحيوان، فان الطفل يحذو حذوها ويسعى الى الابتعاد عنه.
كيف يتعرف الطفل على ذاته؟
في الشهور الأولى
يقرب الوليد يديه من مجال ابصاره ويأخذ في تفحصها، ويقوم ايضا بثني ومد ذراعيه وساقيه كما يشاء، ويحاول ان يقلد حركات والديه وتعابيرهما الوجهية ويلاحظ ايضا ردود فعلهما نحوه.
من 4 إلى 7 أشهر
يحاول الطفل اكتشاف اجزاء جسده فهو يضع يده في فمه ويمص قدمه، وعندما ينظر الى المرآة يبدأ بفهم ان الطفل (الآخر) المقابل له، انما هو ذاته، كما يبدأ بالاستجابة الى من يناديه باسمه.
من 8 إلى 12 شهرا
يعرف الطفل انه اذا ما غادر والده غرفته بأنهما لم يختفيا من الوجود، انما سيعودان اليه. وهو يفهم بأنه منفصل حقا عن والديه جسديا، ويبدأ بدعوتهما ماما وبابا، وقد يقرر ايضا فرض ملكيته لمادة عابرة، كالدمية أو الدب، تشعره بالأمان عندما يصبح شخصا أكثر استقلالية.
رد مع اقتباس
مواقع النشر (المفضلة)