سامحي ذاتك ولا تجلديها
حسنا.. ماحدث قد حدث.. لقد انفقت نصف ميزانية الطعام الشهرية على شراء معطف جديد.. أولم تستطيعي الوفاء بوعدك وحضور حفل مدرسة ابنك، أولم تزوري حماتك المريضة بانتظام، وعندما قضى مواء قطة ابنتك على الباقي من اعصابك أطلقتها في الشارع ولا تدرين شيئا عن مصيرها.
يالك من امرأة شريرة، لابد أن اسرتك وصديقاتك لن يسامحوك اذا عرفوا نصف مافعلته.. ولسوء الحظ، أنت تعرفين كل ما فعلته فيهز الندم مشاعرك وتفرقين في مشاعر الخزي.. قد يغفر لك الله ولكن كيف ستستطيعين ان تغفري لنفسك؟
إليك عشرة أساليب تساعدك كي تتوقفي عن معاقبة ذاتك بغض النظر عما فعلته.
لن تتأذي وحدك
قد لا تجنين من وراء قرار البقاء في حالة ندم ويأس إلا تبعات تراجيدية غير ظاهرة أحيانا.. أولا: إذا داومت على معاقبة ذاتك ستعاقبين بالتالي احباءك والمحيطين بك، ولن تستطيعي تفادي ذلك. فمثل أي انسان ينغمس في مشاعر الذنب ستنسحبين من الحياة وتنطوين على نفسك وستميلين الى الانتقاد وسيقل انفتاحك على الحياة، وسيعاني احباؤك ـ زوجك وأبناؤك ووالديك وصديقاتك او حتى الحيوان الأليف الذي في المنزل ـ مثلما تعانين، بل سيمتد الأثر الى صحتك الجسدية فينشط انتاج الكيماويات التي تصب رأسا في أعضاء الجسم الحيوية، فيزداد معدل ضربات القلب وضغط الدم وتصاب عملية الهضم بالاضطراب والعضلات بالتوتر ويزداد ضخ الكوليسترول في مجرى الدم، وتقل قدرتك على التفكير السليم. وفي كل مرة تتذكرين فيها الاعمال التي ندمت عليها وتجفلين من ذكرها ستطلق هذه المشاعر البغيظة شحنة جديدة من الكيماويات المدمرة.
ولا عجب في ان الدراسات التي أجريت على التسامح جعلت العلماء يشكون في ان الذين يجدون صعوبة في مسامحة الآخرين معرضون أكثر للاصابة بالأزمات القلبية وارتفاع ضغط الدم والاكتئاب وأمراض أخرى.
قدرات التسامح العلاجية
في دراسة استمرت ست سنوات للكيفية التي يميل بها الناس الى مسامحة أنفسهم والآخرين ظهر بوضوح أن هذه العملية تؤثر في القلب أكثر من العقل.
التسامح وسيلة نواجه بها ما اقترفناه في الماضي فنعترف بأخطائنا ثم نتابع حياتنا، وهذا لا يعني انك تقللين مما حدث او تجدين لنفسك الاعذار لما حدث ولا يعني أنك نسيته فتعلمي ان لكل شيء موسما، إذن هناك موسم للمعاناة والندم وعليناان نعيشه وان نتخطاه.
وإليك الكيفية.
صنفي أفعالك الشائنة
يصعب على معظم الناس مسامحة أنفسهم إذا ارتكبوا واحدا من اربعة اشياء:
* الفشل في مهمة حياتية أساسية مثل الابقاء على حياة زوجية ناجحة.
* حين تضر أفعالهم شخصا آخر.
* حين يؤذون أنفسهم بانتهاج أسلوب حياة غير صحية: الافراط في الطعام او عمل اي شيء آخر من شأنه تدمير الذات.
* عدم القيام بعمل شيء يعتقدون ان عليهم القيام به مثل التدخل لحل خلاف عائلي أو ادخال المال من أجل مستقبل أولادهم.
حين تصنفين الفعل الذي قمت به تبدأ عملية المسامحة وهذا ما يؤكده معظم علماء النفس، فهذه العملية ستتيح لك تفنيد فعلتك والنظر فيها عن بعد ثم تبدأ عملية العلاج.
تعرفي على مشاعرك
حددي الخطأ الذي ارتكبته والضرر الذي سببه وأخبري شخصين تثقين بهما بما فعلت كي يقدما لك الدعم والرعاية والنصيحة، فالحديث مع الآخرين يذكرك بأن كل إنسان يخطئ فعادة ما نظن أننا نعيش المعاناة بمفردها وان هذه المعاناة فريدة لم يمر بها غيرنا، مما يصعب عملية الشفاء من مشاعر الذنب. أما الاعتراف بما فعلت فيقيك ايضا من الانحدار الى مستنقع الافكار والكبت.
افهمي ما تريدين
لا تريدين بالضرورة ان تتصالحي مع الشخص الذي آذيته ولكنك تريدين فقط التخلص من مشاعر الخزي والشعور بالهدوء واكتمال التركيز.
تفهمي التوقعات غير الواقعية
معظمنا لديه مجموعة من القواعد تدور في خلفية ذهننا ـ في اللاوعي ـ عن الكيفية التي يجب ان نتصرف بها ولكن هذه القواعد ليست أفكارنا فعليا بل تشبعنا بها منذ الطفولة.
فمثلا اذا مرضت حماتك بمرض تحتاج فيه إلى أن تكون في منزل ابنها. تحت رعايته فقمت انت بكل شهامة باستقبالها في بيتك ـ فهي أم زوجك قبل كل شي ـ ثم اتضح بعد ذلك انها شخصية مشاكسة لا يرى فيها اي شيء مهما فعلت دائمة الانتقاد ودائمة الاعتراض ودائمة الشكوى ومن ثم أدركت انك لن تستطيعي تحمل هذه الشخصية السلبية على الدوام في منزلك، وسعيت بكل الحيل الى نقلها الى بيت ابنها الآخر غير المتزوج، اشتركتم جميعا في توفير المتخصصين الذين يقدمون لها المساعدة الطبية واليومية.
حددي الضرر
اعلمي بأن المشاعر المجروحة والأفكار المثقلة بالذنب والتوتر الذي يؤلم معدتك وكل الذي ينتابك حين تتذكرين الجرم الذي ارتكبته هي التي تضايقك في الحقيقة وليس ما فعلته منذ دقيقتين او منذ عشر سنوات، ان رد فعلك لما حدث هو الذي يسبب لك المشكلة اليوم، انها عادة لابد ان تتخلصي منها.
اضغطي زر التوقف
إعادة تمثيل ما فعلته مرات ومرات في رأسك لن ينفعك ولن ينفع الشخص الذي آذيته، ولكنه يضر بمشاعرك فحاولي أن تتوقفي حين تضبطين نفسك متلبسة بتعديد خطاياك وركزي ذهنك على شيء أكثر ايجابية.
مارسي 'اتبعا'
'اتبعا' هي الحروف الاولى للنصيحة 'اعيدي التركيز بطريقة عاطفية ايجابية' وهي اسلوب لن يستغرق منك أكثر من 45 ثانية. حاولي ممارسته كلما بدأت في جلد ذاتك بسبب خطأ قديم: اغلقي عينيك وتنفسي بعمق حتى يبرز بطنك الى الأمام ثم اخرجي الزفير ببطء حتى يسترخي البطن، ثم اعيدي الكرة. ومع النفس الثالث ارسمي في خيالك صورة شخص تحبيه او مكان جميل في الطبيعة يؤثر في نفسك ـ شاطئ جميل أو طريق وسط غابة خضراء او جبال شاهقة، تنفسي بعمق وأثناء تأمل الجمال المحيط بك ولاحظي كيف ستتغير نفسيتك. ركزي على المنطقة المحيطة بقلبك واسألي هذا الجزء الهادئ ماذا يمكنك ان تفعلي لتحسين مشاعرك، وحين تتلقين ردا افتحي ونفذي ما وصلت إليه.
صححي الأوضاع
تبحثين دوما عن اسلوب رقيق تتعاملين به مع من أوقعت بهم الضرر، وذلك لكي تصححي أخطاء وقعت بها.. فاذا انفقت نصف ميزانية طعام الاسرة الشهري على معطف جديد، عوضيهم بأن تطبخي لهم بنفسك ألذ الاكلات التي يحبونها. واذا لم تستطيعي حضور حفل مدرسة ابنك تطوعي في العام التالي في عملية تنظيم الحفل.
حتى لو مات الشخص الذي آذيته او غاب عن حياتك بأي صورة من الصور تستطيعين تصحيح الأمور من خلال اسداء المعروف الى شخص آخر.
هل تعتقدين بأنك كنت أما دون المستوى؟ حسنا لا يمكنك العودة وتغيير الأوضاع الآن، ولكن يمكنك تغيير مسارك كي تصبحي جدة رائعة او ان تنضمي إلى جمعية خيرية ترعى الاطفال وتمنحهم الارشاد ومن ثم تقدمين الصحبة الممتعة لطفل آخر افعلي الخير بدلا من المشاعر البغيضة وذلك حتى تسامحي نفسك ومن ثم تتغير حياتك بطريقة مدهشة.
انسي ما فعلته الساحرة الشريرة
ما ان تصلحي أخطاءك، قومي بطي الصفحة القديمة التي قمت فيها بدور الساحرة الشريرة وابدئي مع نفسك صفحة جديدة تقومين فيها بدور البطولة ـ على الرغم من نقاط ضعفك ـ فقد فعلت كل ما بوسعك حتى تصبحي امرأة متسامحة.
وإن استطعت ان تسامحي نفسك لأنك نقلت حماتك الى منزل شقيق زوجك، فسامحي حماتك ايضا على سلوكها معك، فهذه هي البطولة الحقيقية وواظبي على زيارتها مرة اسبوعيا على الاقل، حتى لو اصرت هي على إساءة معاملتك، فبعض الناس لا يتغيرون.
انظري الى الصورة الكلية
فكري في كل الاشياء اللطيفة والمحبة التي فعلتها خلال اليوم: الحقيبة التي وجدتها في المجمع سلميها الى قسم المفقودات، او الطفل الباكي الذي داعبته حتى تستطيع امه اكمال الوجبة التي تتناولها في المطعم، أو الملابس التي تسلمتها من المصبغة حتى يستطيع زوجك الذهاب الجمازيوم.. فكري في هذه الأمور لوقت طويل وستدركين انك انسانة رائعة.
رد مع اقتباس
مواقع النشر (المفضلة)