فضاء

رجعت لقلمي وأوراقي .. كعادتي عندما لا أجد من أشكو إليه..
رجعت أتحسس جروحي ..
فوجدت جفافا لحبر قلمي..
تلمست حرقة جمرة دموعي..
استحلفتها بأن تسيل وترحمني لتطفيء ناري..
أبت مستعصية ببلادة..
وأتساءل كيف؟!
جف حبر قلمي..
كيف تشردت دموعي..
كيف تبلدت مشاعري..
كيف تسللت القسوة لأحاسيسي..
كل شيء حولي تناثر وتباعد.. الأحداث ، الذكريات ، الألوان
كيف لم أعد أرى أي لون .. حتى اللون الأسود لم تعد عيني تراه فتميزه فأحزن..
لا أرى سوى فضاء كبير لا يحمل أي لون ..
كل الوجوه أمامي تساوت..
كل الأحداث تماثلت..
كل الألوان تشابهت وتمازجت وبلا لون أصبحت..
لم يعد السواد رمزا للحزن..ولم يعد البياض رمزا للنقاء.. ولم يعد الأحمر رمزا للحب..
كل الكلمات والأحرف تناثرت متساوية في معانيها..
ماذا أرى حولي الآن فأميزه؟
لا شيء .. حتى الجرح أصبح ينزف بدون ألم..
ماذا بقي من الأحاسيس عندما تتساوى بلا مبالاة وكأن شيء لم يحدث..
نرى الموت أمامنا ونقف مكتوفي الأيدي ببلادة .. نرى اغتصاب المشاعر فنقف في مكاننا بلا حراك
نتجرد من الخوف .. من المقاومة.. من التفاعل.. من الإحساس
لقد أفقد الألم كل الأمل..
تناثرت الذكريات المتضاربة أمامي..
وفجأة أجد نفسي وحيدة في مكان لا أستطيع فيه أن أميز شيء
تائهة في فضاء كبير خالي من كل شيء
لا لون ولا رائحة ولاشيء سوى اللاشيء..