ما أجمل الحزن إن كان توطئة لفرح عارم.. فلولا لسعات النحل لما تميّز طعم العسل، فبذات القدر من الإنجاز المذهل النابع من المعاناة كان حجم فرح "سليمان" شقيق أوّل أربعة توائم ذكور فازوا بالحياة بترتيب رباني خالص.
وسليمان، "7" سنوات، كان الابن الوحيد لمحمد جديع "37" سنة، حتى وقت قريب يؤرّخ فيه لانقلاب نوعي في حياة العائلة، ففي ذلك التاريخ الذي صادف الثاني من شهر أيلول الماضي كان مولد التوائم الأربعة لعائلة قررت معاودة الإنجاب بعد انقطاع دام سبع سنوات، أملا بقدوم مولود ذكر لينهي بذلك معاناة ابنهم "سليمان" ممّن كان دائم البكاء والتذمّر لوالديه من عدم وجود طفل آخر يلعب معه، حيث كان سليمان وحسب والده يرجع في كل مرّة إلى المنزل باكيا ليسأله: "لماذا لا يوجد لي أخوة ألعب معهم مثلما يلعب أولاد عمي مع بعضهم البعض؟!".
وكان أول ما بادرنا به لدى دخول منزل العائلة هو سؤال "سليمان" عن شعوره بقدوم أربعة أخوة ذكور دفعة واحدة وليس واحدا فقط كما كان أقصى طموحه، فأجاب "أنا مبسوط كثير، ولمّا عرفت إنو ماما جابت لي أربع أخوة صرت أحكي بدّي إيّاهم ألعب معهم،بس لقيتهم صغار وبابا حكالي كمان إشويّ بكبروا وراح تلعب معهم كل الألعاب الحلوة".
وأمّا عن مشاعره فإنّ الوالد "محمد" يطلعنا على أنها تختلط ما بين الفرح العارم والانبهار الكبير بقدرة الله سبحانه وإعجازه.
وتواصل الأم "نبيله" الحديث عن دواعي الفرح الذي ولّده قدوم التوائم بالتركيز على خصوصية معاناة ابنها "سليمان"، وتقول: "كنّا قد اكتفينا بما رزقنا به الله سبحانه من أبناء، فلدينا حلا وحياة وآية وسليمان، إلاّ أنّ هذا الأخير بدأ يثير فيّ وفي زوجي محمد مشاعر ألم حقيقي، حيث لا ندري كيف استطاع هذا الطفل الصغير أن يدرك ما يفعله دواء منع الحمل الذي واظبت على تناوله في السنوات السبع الأخيرة، لنجده يعمد إلى إخفائه، ومرّة تلو الأخرى بدأنا نكتشف بأنّ الشخص المسؤول عن اختفاء دواء منع الحمل ليس سوى طفلنا سليمان ممّن قاوم بكل ما يستطيع من قوّة اليأس الذي يمنيه به قرارنا بعدم الإنجاب والاكتفاء بما رزقنا الله سبحانه، إلاّ أنّ رغبته الجارفة جعلتنا نتنازل عندها ونعدل عن قرارنا الذي لم يعد يخصّنا وحدنا".
مواقع النشر (المفضلة)