غيرة النساء.. بعد الأربعين
الأمس كانت تغار منها, تنتقد هندامها و أسلوبها في الحديث.. وتسريحة شعرها.. وفي المقابل كانت هي الأخري تغار منها.. تصارعها وتنافسها في العمل.. لاتطيق لها كلاما.
و اليوم تتقاسمان المجلس وتحتسيان الشاي معا.. وقد اختفت الغيرة تماما بينهما.. وظهر بدلا عنها تعاطف من نوع جميل.. تري أين ذهبت الغيرة التي كانت نارا بينهما؟!
أن الغيرة بين النساء بشكل خاص والبشر بشكل عام سواء في مجال العمل أو الغيرة من نجاح الأولاد أو من المستوي الاقتصادي للأسرة أو من التفوق في المظهر هي سمة طبيعية تبدأ من السنوات الأولي من عمر الانسان وتزيد في مرحلة المراهقة ومرحلة الشباب والتي تعد مرحلة الانتاج, ثم تقل في منتصف الثلاثينات من العمر,
وتنخفض بشكل ملحوظ مع بداية الأربعينات والدخول في مرحلة النضوج, وهي أهم مرحلة من مراحل النمو النفسي حيث تقل الصراعات داخل الانسان, بل تنخفض حدتها ويتولد لديه قدرة أكبر علي فهم مواقف الآخرين وظروفهم بشكل أفضل وأشمل, لذلك تصبح المرأة مع بداية الأربعينات أقل غيرة من زميلاتها وصديقاتها وأكثر ميلا للتعاطف معهن, فنجدها تبدي اعجابها برأي زميلتها الصائب في موضوع ما بل وتبدي اعجابها بذوقها العالي في اختيار ألوان ملابسها وموديلاتها, كما أن المرأة في الأربعين تكون أقل غضبا وأهدأ بالا عن ذي قبل حيث تكون راضية ومتقبلة لذاتها تماما, بالرغم من علمها ان الأخريات يمتلكن مزايا أفضل ولكنها في المقابل تكتشف أن بداخلها جمالا ومزايا لاتمتلكها الأخريات, وهو الأمر الذي يجعلها تتقبلهن دون مشاعر غيره,
كما تتقبل عيوبهن دون استياء. وتختفي الغيرة تماما وتصل الي أدني مستوياتها بين النساء عند الاقتراب من سن الخمسين.. لتحل محلها درجات متفاوتة من الهدوء والصفاء النفسي, حيث إن المرأة في هذه المرحلة ليست مطالبة ـ في الغالب ـ بنفس المجهود الذي كانت مطالبة به من قبل.. وتبدو النساء في هذه المرحلة في أبهي صورهن في مجموعات تضم صداقات حميمة حقيقية بكل ماتحمله الصداقة من معاني والوفاء والمساندة والدعم النفسي.
فاختفاء الغيرة بين النساء ـ الناس عموما ـ في هذه المرحلة العمرية ـ والمراحل التي تليها يساعد علي تكوين الصداقات الحقيقية والتي بدورها تقوي جهاز المناعة, وتزيد القدرة علي مقاومة الأمراض العضوية والنفسية, وأخيرا ينصح د. عويضة بأن تتخلي المرأة عن نار الغيرة في كل مراحل حياتها وأن تحاول إخمادها أولا بأول, فنار الغيرة غالبا لاتلتهم إلا صاحبها, ومن الأفضل تحويلها الي طاقة لزرع واحة خضراء.
رد مع اقتباس
مواقع النشر (المفضلة)