هل أجبت يوما عن السؤال الشائع 'كيف حالك؟' بابتسامة مصحوبة بعبارة 'الحمدالله بخير' في حين انك ابعد ما تكونين عن المرح والابتسامة، ربما تواجهك مشكلات متعددة فقد بدأ ابنك المراهق في تبني سلوكيات غريبة ولم تعد تجدي معه اساليبك القديمة في التأديب، او ان احد الاقارب من كبار السن مرض فجأة ويحتاج الى رعايتك ووقتك، او ان بعض التغييرات التنظيمية في عملك او عمل زوجك وضعت على كاهليكما مزيدا من الضغوط، وهذه الاعباء الجديدة تجعل حياتك ـ المملوءة أصلا ـ تزداد ارتباكا وتجعلك تعانين لانجاز كل شيء في وقته وتظلين دائما منهكة ومتعبة.
هل كل ذلك مألوف لديك؟ كيف اذن ستتغلبين على كل ذلك؟
كثيرا ما نقول لانفسنا 'ما ان انتهى من اعمال هذا اليوم.. الاسبوع.. الشهر، سيكون كل شيء على ما يرام. لابد ان احاول وان اثابر واصبر'. لو كان هذا هو الحوار الذي يدور بداخلك، فمن الحكمة ان تتوقفي وتختبري نفسك عاطفيا مثلما تخضعين جميع اجهزة جسمك لفحص طبي، ولكن بدلا من قياس ضغط الدم سيمكنك الفحص العاطفي من رؤية المناطق التي لا تتعاملين معها في حياتك العاطفية بشكل جيد، وكيف تستطعين اجراء بعض التغييرات كي تحصلي على النتائج التي تريدينها.
ان الطريقة التي نتعامل بها مع عواطفنا هي مؤشر على القدرة على الانجاز والحياة السعيدة، فقد تفاجئنا الحياة بمشكلات متعددة في وقت واحد، ولكن الدراسات اظهرت ان اسلوب تعاملنا معها هو الذي يبقي عواطفنا سليمة وهادئة في اوقات التوتر.
حددي درجة حرارة
عواطفك وانفعالاتك
هل يمكنك تحديد وتسمية كل شعور حقيقي لديك لحظة بلحظة؟ الان مثلا اسألي نفسك هل تشعرين بالقلق؟ الاحباط؟ الارهاق؟ الفرح؟ الشوق؟ السعادة؟ كثيرون منا سيجيبون بلا على معظم هذه الاسئلة فلن نستطيع ادراك وتسمية هذه العواطف لاننا قضينا حياتنا نهرب منها خصوصا العواطف السلبية. فقد عملت ميليشيات تشجيع التفكير الايجابي بكل جد على غسل عقولنا حتى نؤمن بان العواطف السلبية ليس لها مكان في حياتنا المزدحمة العصرية، وان علينا ان نتغلب على كل الصعاب وان نسير في الحياة بوجه شجاع مقدام، ولكن واقعيا هذا اسوأ شيء يمكننا فعله لانه سيؤثر في سلامتنا الفعلية والعاطفية.
عواطف الانسان هي اللغة التي تتحدث بها بديهته وحدسه، وعادة ما تكون دعوة لفعل شيء ما. فربما تصرخ فيه لعمل تغييرات فعلية في حياته، وربما يحتاج الامر فقط بعض التعديلات البسيطة. ولأن الانسان عادة ما يهرب من هذه المشاعر او يكبتها بدلا من التفاعل معها، فقد يتفاقم الموقف ويخرج عن السيطرة متجها نحو الازمات النفسية. اذن فالحل الوحيد يكون بعمل شيء ما والا ينهار الانسان او يمرض اذا ما شعر بالخوف من بدء عملية التغيير، لقد حان الوقت للتوقف عن دفن العواطف والبدء في تقبلها واستخدامها في التعرف على ما نحتاجه حقا كي نركز على ما يجب تغييره في حياتنا.
هل أنت 'هاربة' أم 'مجمدة'
أم 'ميسرة'؟
ينقسم الناس عموما الى ثلاث فئات رئيسية في اسلوب تعاملهم مع العواطف السلبية، فإما ان تهربي منها (هاربة) او تكبتيها وتجمديها (مجمدة) أو تدركيها جيدا ثم تمضين في طريقك (ميسرة). فإذا شعرت بأنك قليل من كل الاختيارات الثلاثة بحسب الموقف الذي تتعرضين له فلا تقلقي، فهذا هو الطبيعي.
ولاحظي من خلال الاختبار التالي الى اي حالة تميلين حين تختارين اجابات محددة.
ما اسلوبك في التعامل
مع عواطفك؟
ضعي علامة صح على العبارة التي تمثلك خير تمثيل حين تقعين تحت ضغوط او توتر.
1ـ جدول اعمالك مزدحم وتحاولين دائما عمل كل شيء في موعده.
2ـ تعيشين على القهوة والوجبات الخفيفة فليس لديك وقت لاكثر من ذلك.
3ـ تقودين سيارتك بسرعة أعلى من المقرر دائما.
4ـ حياتك عمل دائم ولا تتذكرين اخر مرة اخذت اجازة.
5ـ اصبحت ماهرة في استخدام كلمة 'لا' انت تحبين مساعدة الغير ولكنك تعرفين حدودك.
6ـ تفضفضين لصديقتك المقربة مرتين في الاسبوع فهي مستمعة جيدة.
7ـ تتذكرين دوما وتسألين نفسك 'بعد عشر سنوات هل سيؤثر ذلك في؟'.
8ـ تستيقظين صباح كل يوم ثم تنامين مرة اخرى على الأقل خمس دقائق.
9ـ مؤخرا صرت تنامين كثيرا وتشاهدين التلفزيون كثيرا وتسرفين في تناول المشروبات الغازية.
10ـ تأكلين بشره كي تهدئي اعصابك المتوترة.
11ـ تتفادين الحديث عن احوالك مع صديقاتك او قريباتك او زميلاتك الناجحات فلن يفهمن ما تقولين.
ضعي لنفسك:
3 علامات اذا اشرت إلى عبارات من 1 ـ 4
علامتين اذا اشرت إلى عبارات من 5 ـ 7
علامة واحدة اذا اشرت إلى عبارات من 8 ـ 11
النتائج
اجمعي ما حصلت عليه من علامات، واكتشفي كيف تتعاملين مع عواطفك السلبية، ثم اتبعي طريقة تنمية عواطفك حتى تكفي عن تجاهلها وتجنبها وتتمكني من اعتبارها دعوة لفعل شيء ما لتحقيق كل ما تريدينه من الحياة.
اذا حصلت على 17 ـ 22 علامة:
انت 'هاربة'
انت متوترة دائما ومرتبكة وتميلين الى الهرب من مشاعرك السلبية باللجوء الى انشطة غير منظمة كي تظلي مشغولة.
تمرين عاطفي
توقفي قليلا واشعري بما في داخلك.. ما الذي يقلقك حقا؟ اسمحي لنفسك بالنواح قليلا وبأن تشعري بالحزن او بالضيق او بالجنون او بالسوء. اخرجي كل هذه المشاعر وكفي عن محاولة تفاديها باعتبارها عواطف سلبية. فانت تخافين من عدم مقدرتك على التعامل مع مشاعر البؤس الانساني او من ان تلتصق بك هذه المشاعر الى الابد. والحقيقة هي انك حين تتعاملين معها ستقوين على الحياة من جديد وتستيقظين في صباح اليوم التالي مستعدة لمواجهة المشكلة التي امامك وتحدثين بعض التغييرات المؤثرة.
أفعال
اجيبي عن الاسئلة التالية:
بماذا تخبرك عواطفك؟
ما الخطوة التالية ولماذا تخافين من اتخاذها؟
ما الدعم الذي تحتاجينه؟
ما المعلومات التي تحتاجينها؟
والان حددي خطة تستغرق سبعة ايام لتنفيذ التغييرات التي تحتاجينها، كأن تتعرفي على اجور الممرضات كي تستأجري واحدة للعناية بأمك المريضة او شراء كتاب في التعامل مع المراهقين ثم اتخذي ثلاث خطوات بسيطة يوميا واجعلي كل خطوة محددة ومحسوبة.
اذا حصلت على 9 ـ 16 علامة:
أنت 'مجمدة'
انت تتعاملين مع مشاعرك السلبية بتخدير نفسك فانت متمرسة في اخفاء مشاعرك الحقيقية ليس مع الاخرين فحسب بل مع نفسك ايضا.
تمرين عاطفي
كوني امينة مع نفسك في كل موقف وابتعدي عن الانكار فلا تختفي دائما بعيدا عن الحقيقة سواء بخصوص مستقبلك المهني او علاقاتك الانسانية او حتى وزنك، فهذا السلوك يستنفد طاقتك وحماسك وحبك للحياة بغض النظر عن كم الطعام الصحي الذي تتناولينه او ساعات النوم او عدد اكواب الماء التي تشربينها وقد يبدو الابتعاد عن الانكار شيئا مرعبا ولكنه اكبر محرر لنفسك.
أفعال
اجيبي عن الاسئلة التالية بأمانة قدر الامكان:
ما الموقف/البيئة/الشخص الذي يسبب لك الضيق والتعاسة حاليا او يستنفد طاقتك؟
ما الشيء الذي تخشين جدا من قوله عن الموقف الحالي؟
ما الذي يحدث لك وتخشينه؟ (مثلا 'أنا اتقدم في العمر وازداد سمنة' أو 'انا وزوجي نتباعد يوما بعد يوم' أو 'لن استطيع ابدا تسديد ديوني').
اذا صدمك اتوبيس غدا، ما اعظم ندم ستشعرين به حيال اسلوبك الحالي في التعامل مع الحياة من حولك؟
قد تصدمك الاجابات او قد تحبطك، ولكنها دعوة جميلة لعمل شيء ما، فكثير منا يعيشون في ضباب الانكار لانهم يخشون من اي عمل يؤدي الى التغيير.
اسألي نفسك: ما الاشياء الثلاثة التي يمكنني القيام بها فأستطيع حل مشكلتي؟
قد يكون ذلك بتحديد موعد للتحدث مع مديرك او ترتيب امسية شاعرية تقضينها مع زوجك. حددي خطوات صغيرة بسيطة كي تشعري بالامان وتتقدمي الى الامام حقا.
اذا حصلت على 0 ـ 8 علامات:
انت 'ميسرة'
تميلين الى خوض الحياة بيسر على الرغم مما تعانيه فيها من تحديات مثلك مثل الاخرين، لانك تعرفين كيف تعبرين عن مشاعرك بطريقة صحية وسليمة.
تمرين عاطفي
تابعي العمل الجيد الذي تقومين به واستمري في الانصات الى مشاعرك والسماح لها بتوجيهك اثناء قيامك بالتغييرات الضرورية في حياتك.
أفعال
احرصي على الاستمرار في تكوين شبكة دعم من اعز الصديقات والزميلات والقريبات اللواتي يسكن بجانبك كي تتناقشي معهن كلما شعرت بقليل من الارتباك، وتذكري ان كلمة 'لا' هي الكلمة السحرية التي ستمكنك من احكام السيطرة على ما تقبلينه في حياتك.
'لا' ستتيح لك امكان ان تكوني المنفذة لمجريات حياتك بدلا من ان تكوني الضحية فيها، حاولي دائما الاحتفاظ بحس الرؤية الشاملة حتى تحددي اولوياتك وما هي الاشياء المهمة حقا في حياتك، وفي النهاية اسألي نفسك دائما 'خلال عشر سنوات من الآن هل كل ذلك سيؤثر في شيء؟' كي تستطيعي تحديد اهمية هذه المشاعر السلبية التي قد تنتابك في موقف ما.