إنها من سيول الآلامِ المكتنزة في زوايا آيامي؛
أرويها من قطرات الأنين، لتروي الأيام والسنين على التوالي؛
أستذكرها، لأستذكر من عتمتها بصيص حنانٍ وحيدٍ في خبايا عمري؛
أمـي... أمـي... أمـي...
أستذكر من كانت، وبقيت معناً، ونبعاً للحنانِ في دنيا الوجود؛
نفحاتٌ من القدرِ المظلم أرويها لكلِّ عاق، لعل الله يهديه إلى الصواب، أم يكشف عنه زيف مسرحياته الطويلة...
نفحاتٌ من الحنان، ندَّت أنفاسي بطراوتها، وجعلت الحياة تظهر بعبق ملؤه الحنان؛
لأجلها أعرف الأمل من عينيها، إرتشفت الحنان من ثدييها، تعلمت معنى العطاء من فؤادها؛
إليكِ أمـي... أهدي هذه النفحات، علّها تُخفف عني عطشي إلى حنانك...
أمـي... أمـي... أمـي...

عاشقٌ أنــــا
عاشقٌ أنا، لقدرٍ تكحلت معالمه بالسواد
تناثرت من خلف جدران سنيه صرخات الأنين...

عاشقٌ أنا، لثوانٍ مليئةٍ بالآلام
عاشقٌ أنا، لعمرٍ إمتلأ بغدرات الزمان...

من وسط ذلك القدر شقت أمواجُ عمري
حوريةٌ من حوريات الزمان...

حوريةُ إنس ملئت عمري بالأمان
طردت من روحي كل الأحزان...

وأسكنت مكانها عبق الزهر والياسمين
حوريةٌ تعرفُ معنى العشق والحنان...

حوريةٌ مكانُها سالف الأزمان
وليس لمثيلاتها في زماننا مكان...

أتت لتعيد رياح عمر الشباب
في روحٍ عشعشت فيها الأحزان...

أبحرتِ في الروح إلى أعماقِ الأعماق
من أنتِ، من أرسلك يا نور الزمان...

شفاهٌ ورديةٌ نطقت بالعشق
همساتٍ تعبِقُ بريحِ الحب، والفرح، والرياحين، وكل حنان الأكوان...