الحـــــــلقــــــة الأولــــــــــى :
ذات مساء
وفي ليلة من ليالي شتاء موسكو القارس ، بينما كنت أنا و (( يحي و سلطان )) وهما صديقين عزيزين على قلبي نسير في جادة كتوزوفسكي
عائدين من مسرح البولشوي الشهير بعد أن إستمتعنا بأروع مشاهد رقص الباليه على إيقاعات الأوركسترا الحالمة ، و كنّا نقصد فندقنا الذي نقطن فيه و هو فندق البالتشوك كمبنسكي ذو الإطلالة المميزة على الساحة الحمراء و وسط موسكو التاريخي ، و قد كنّا نتجاذب أطراف الحديث حول ما رأيناه من أعاجيب الدنيا في تلك البلاد الساحرة . فقطع حديثنا منظر ذلك العجوز ذو الثمانين خريفاً و الذي بدا شاحب الوجه تتقطع محياه آمارات السنين الطوال و عواصيف الزمن ، رأيناه و هو يحتضن تلك القيثارة التي بدت على خشباتها عناوين الرحلة ذاتها من المعاناة و الألم . و قد إفترش الأرض واضعاً أمامه قبعةً مزقتها صدوف الدهر و لم يتبقى منها إلا إسمها و قد تناثرت عليها قطع الكوبيك المعدنية و بعض أوراق الروبل و التي يمنحها له المارون رأفتاً في حالته بعد أن يتوقفوا لبرهة من الزمن يسمعون عبرات أوتار قيثارته الشاكية بين أنامله المتهالكه ، و بينما نحن واجمون نرقب حالته بكل تأمل إذ بثلاث فتيات وقفن خلفنا مباشرةً و قد بدت لهجتهنّ مألوفةً و لم أشعر إلا بإحداهن و هي تقول (( يا حرام تشوفين ذا الشايب ساره )) حينها أيقنت بأن روح الوطن و ريح نجد هبّت حولنا ، فألتفت للوراء بهدوء فرأيت ثلاثة أقمار تناثرت على الأرض ، فتبسمت و قلت : (( يا هلا و الله بريح السعودية )) و بصوت واحد أجابن (( هلا بك أكثر )) و بخفة دم قالت إحداهن : (( ياربي منكم حتى هنا ملاحقيننا )) فضحكنا جميعنا و قلت : (( وش رايكن نعزمكن على فنجال قهوة بلوبي الفندق اللي ساكنين فيه )) قالت إحداهن : (( مو مشكله بس الوقت متأخر الحين )) قلت : (( على العموم حنا في فندق البالتشوك ورقم الغرفة 154 أي وقت حياكم الله )) قالت : (( خلاص بكرى الوعد الساعة 7 المساء عند برج سباسكيا اللي عليه الساعة )) قلت : (( أوكي ، الحين نخليكم في آمان الله )) ..............
إنتظروني في الحلقة الثانية من الرواية
مواقع النشر (المفضلة)