' البقشيش' تسول أم عمل إضافي؟
'البقشيش' او 'البخشيش' ظاهرة متجسدة في الواقع، ولا يمكن الا الاعتراف بها لكثرة حدوثها، يوميا، في اغلب المرافق السياحية والتجارية ويطلبها عمال المطاعم والملاهي والفنادق، أي ان 'الغارسون' او 'النادل' وسواهما من الذين يعملون في مرافق سياحية، يتقاضون ثمنا اضافيا من زبون المطعم او الفندق اي بدل القاب غير مدرجة على قانون العمل؟
القانون لا يشرع البقشيش لكن النادل والزبون 'شرعا' هذا النوع من العمل، من دون سابق اتفاق حتى بات 'البقشيش' يشكل مصور رزق لكثير من العمال، وربما يعتمد البعض على هذا العمل الاضافي كي يحقق توازنا في حياته المادية والمعيشية.
من المشاهد اللافتة في عمليات 'البقشيش'، على سبيل المثال منظر نادل في مطعم، بعد ان قدم الطعام للزبون فهو لا يتوقف عن العمل ويواصل زياراته، لطاولة الزبون، وفي كل لحظة يسأل النادل زبونه: هل اعجبك الطعام، هل تحتاج إلى شيء.. وهكذا، تستمر اللحظات، محتشدة باهتمام النادل، وفي هكذا حالة، يخجل الزبون ويعرف انه امام امر واقع ويجب ان يقدم شيئا للنادل ولم يعد امامه الا ان يمد يده الى جيبه واعطاء الغارسون بعض المال.
اذا كان المبلغ كبيرا بالنسبة إلى النادل فإن خدمة الزبون ستتضاعف، وإذا كان المبلغ اقل من المتوقع، فسيظل النادل يتذمر وتخف همته نحو زبونه... هذه الصورة تعكس صورة اخرى في الذات الانسانية، وتكشف قوة الضعف، وضعف الشخصية في الذات التي تسعى للمال، وكذلك تعبر عن حقيقة الشخصية الاخرى - التي تتعامل مع الغارسون بطريقة نافرة او لبقة.
وهناك مشاهد اخرى يمكن تلمسها اكثر في اماكن اخرى مثل محطة البنزين والفندق، ومحلات الألبسة أو المنتجعات وسواها، وفي كل مرفق تختلف طريقة تحصيل البقشيش، ففي محطة البنزين مثلا، بعد ان يملأ العامل خزان الوقود للزبون، يبدأ بتنظيف زجاج السيارة، واذا لم يتحرك الزبون ويدفع له، يقوم العامل بحركات مدروسة.. فيقف امام السيارة متظاهرا بأنه ينظف واجهة السيارة وهو يتقصد عدم السماح للسائق بالانطلاق.. وهكذا تستمر الحيل حتى ينجح العامل في الحصول على البقشيش... السيدة رندى تعشق السهر في المطاعم مع عشاء فاخر واركيلة 'تهضم' الطعام، لكنها بدأت تشعر بالانزعاج من النادل الذي لا يفارقها طوال السهرة طمعا بالحصول على بقشيش معقول وتقول 'عودته على البقشيش فبات ظلي ولم اعد اعرف كيف امج اركيلتي (...) انني افكر بالانتقال الى مطعم آخر، هربا من هذا الغارسون المزعج!.
في احدى المطاعم توجد لافتة صغيرة على مدخله كتب عليها: 'لا نقبل البقشيش' وهي علامة لافتة وتستدعي السؤال عن السبب الذي دفع صاحب المطعم لرفع هذا الشعار في مطعمه، وبعد التدقيق في الامر تبين ان صاحب المطعم عانى كثيرا وخسر الكثير من الزبائن بسبب البقشيش لذلك قرر 'تطهير' المطعم من 'البقشيشيين' فطردهم في محاولة (ناجحة) لاستعادة زبائن المطعم.
