يقول الكاتب البارز جاسر الجاسر إن "الليبرالية" في السعودية يمكن اعتبارها من ملامح الخصوصية؛ فلا رابط لها بالليبرالية سوى الاسم دون الحمولات، وهي نتاج مرحلة "صحوية" بعد استهلاك حقبة "العلمانية".
ويؤكد في حواره مع "سبق" أن ملف الإصلاح والتطوير تبدأ خطواته الأولى من القائمين عليه، ونبذ "الشكائين" منهم، والبحث عن ذوي الإرادة والفعل والجدية.
ويشير إلى أنه يستمتع كثيراً بتغريدات الشيخ عادل الكلباني وتلميحاته الذكية، واصفا الشيخ العريفي بأنه سيد المفاجآت، ولا يستطيع فهم سبب إهداء الهدايا للمذيعتين علا الفارس وسهير القيسي، ثم مهاجمته قناة mbc ليل نهار. ويتطرق الحوار للحديث عن وصفه الصحفيين المتعاونين بمرتزقة الصحافة، وموقفه من الشيخ القرضاوي، وتسميته "درباوية الإعلام" لداوود الشريان وخلف الحربي ومشعل السديري، والدور الجديد الذي يراه لهيئة الأمر بالمعروف في المجتمع، ووعي الشباب السعودي، والرياضة النسائية، والنساء السعوديات، ونصائح هيئة مكافحة الفساد، وصراعه الشخصي مع التيارات، والفروقات بين صحيفتَيْ الوطن والشرق اللتين تولى رئاسة تحريرهما رئيس تحرير "طوارئ"!!.. فإلى تفاصيل الحوار:
* في الصحافة السعودية.. هل يوجد "حدثاء أسنان سفهاء أحلام"؟
يبدو أن نوايا الصيد لديك متحفزة يا شقران. نعم، يوجد حدثاء أسنان سفهاء أحلام في الصحافة، خاصة في السنوات الأخيرة، لكن ضمن الدلالة المباشرة بعيداً عن منطوق الحديث الشريف. حدثاء الأسنان هم الذين يخذلون اللغة، ويجترحون في الأسلوب العجائب، وينقصهم التدقيق، وتغلب عليهم شهوة الظهور. هؤلاء لم يأتوا عجباً؛ لأن في الصحافة كهولاً و"شيباناً" دخلوها اعتباطاً؛ فلم يسهموا في التطوير والتدريب لزملائهم الجدد؛ فأصبح الأمر أشبه بحالة وراثية.
* يقول الشاعر والصحفي الكبير كامل الشناوي: "الصحافة تتطلب من الصحفي عقل فيلسوف، وقلب شاعر، وضمير قاضٍ، ولا مانع بعد ذلك من أن يكون الصحفي صاحب قلم".. هل توافق؟
هذا تعريف جذاب أقرب للكاتب، لكن الصحفي يعادي الشعراء؛ ففي مهنته المعلومات الجافة، وإن كانت مؤلمة، وهي الأساس. والافتراق عن كل الأطراف "بدم بارد" سعياً وراء الحقيقة هو القاعدة. فالشعراء بطبعهم يسبحون في الخيال، ويتغذون عليه، ويقلبون الحقائق علانية، ولا ينجحون في عملهم إلا إن كانوا أنانيين غزلاً أو هجاء..
* البعض يؤكد أن "جاسر الجاسر من الكتاب والصحفيين المبدعين في مجاله ولا يقارن بأحد".. ويقول آخرون "مجرد كاتب ليبرالي بلا رؤية، وهمه (تغريب) النساء السعوديات".. إلى أي مدى تشعر بإطراء في الأولى وتزعجك الثانية؟
المدح والهجاء عاطفتان غلابتان. المحبون يحسنون الظن، والخصوم والكارهون يقيمون المشانق، ويزرعون الاتهامات. تفرحني الأولى، ولا تزعجني الثانية؛ فمن دخل مجالاً عاماً، وشارك برأي، لا بد أن يواجه رؤى مختلفة، وقناعات متباينة، مع التأكيد أن جماعة "التغريب" لا تطرح رأياً، وإنما تشن حروباً، تستهدف مناوئيها بالطعن، والتشويه، وهذا ما يضعف قيمتها، ثم إنها تكشف عن غياب المنطق، والاتكاء على العاطفة، وغالباً يجيء القول من شخص يتبعه المريدون "مرددين، ومؤكدين". السعوديات بخير، ويتوافرن على وعي، وحضور مستقل، ولسن مجرد أدوات يحركها طرف هنا أو آخر هناك. المرأة السعودية ليست سلعة أو ملكية منقولة، والذين تسكنهم هواجس التغريب لم يجاوزوا الخمسينيات الميلادية، ويطرحون خطاباً منقرضاً لمجتمع حي، فلا يكون فيه سوى الطرافة، والمفارقة الزمنية.
* تجاوزك في الاختلاف مع معارضيك.. هل هو اجتهاد بأجر، أم هوى متبع؟
هذا سؤال لا أقبله ولا أرتضيه، فما معنى الاجتهاد بأجر سوى أن يكون المرء مأجوراً يدفعه غيره أياً كانت طبيعته. أما الهوى المتبع فهو الضلالة والنزق والحقد الشخصي، وهذه ليست صفاتي وأخلاقي.
مواقع النشر (المفضلة)