نعي لأبي تراب الظاهري عفا الله عنه
[align=center][align=center]بسم الله الرحن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الحادي و العشرين من صفر ينكأ جرحٌ غار ولم يفتأ نزفاً فلم أفقد غالي بل افتقد العالم الإسلامي واللغوي
راسا من رؤوس أقلامه الفذة والرصينة فقد انتقل إلى جوار ربه في الحادي والعشرين من صفر لعام 1423 هـ فضيلة الشيخ العلامة الفهامة المربي العالم العامل الأستاذ الدكتور الشيخ العلامة / أبو تراب الظاهري
عفا الله عنه -
واسمه عبد الجميل بن عبد الحق الهاشمي
إخوتي أخواتي دعوني أفضي لكم بفجائعي وشجوني الدائمة الذكرى والحولية المؤلمة التي تجعلني أكتب هذا الكتاب عرفانا بما شيّد فيني من صرح منيع فنِعمَ ما شُيِّد من أبي تراب
قلفد قرأتُ القرآن بين يديه بروايتين لحفص عن عاصم ورواية ورش عن نافع
وكتب الحديث مثل البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه وابن النجار وابو داوود و النسائي
ولا سيما كتب اللغة مثل تهذيب اللغة - التكملة - مختار الأغاني - البيان والتبيين - معجم العين -
غريب الحديث لأبي عبيد , , , , , وغيرها من الأمهات
وقد فتحت على يديه أيضاً المُحَلَّى لابن حزم
شخص كفى بتسميته موسوعة تمشي برجلين وحُقّ له بهذا الإسم
فمن يستطيع أن يحفظ المعجم عن ظهر قلب بكل مواده وتشعباتها بل من كان يلجم الأقلام عند وقوع الأخطاء من كبار الأدباء - مثل رواية البؤساء فصصحها الشيخ أبو تراب الظاهري للدكتور طه حسين وقال له : جمع البائس بؤَّس فلا يُجْمع البائس ببؤساء -
ومن أراد الاستزاده له كتاب لجام الأقلام وكتاب أوهام الكُتّاب للشيخ أبو تراب الظاهري عفا الله عنه
صاحب المؤلفات والمصنفات صاحب الثلاث و خمسين
رسالة بعد أن أثرى أرففاً بكناشاتة المبيضة والمسودة
وقد تتلمذ في أول عمره على يد كبار المشائخ من علماء عصره
وهذا مثبت في ثبته للأسانيد
ومؤلفاتة التي جاوزت الستين كتابا التي أثْرت الساحة الأدبية والإسلامية وكنت آخر تلاميذ هذا الشيخ العالم
و أصغرهم
فقد أدركني به ربي من حسن حظي
فكنت أذهب إليه يوميا من بعد الظهر إلى المغرب لمدة وجيزه لا تتجاوز الأربعة أشهر ومن ثم وإذ نحن نتسامر بمآثر العرب وأشعارهم
قال لي " لتجني أزكى ثمره إجلس تحت الشجرة " فأدرَكْتُ ما يصبوا له رغم صغر سنِّي حيث لم أتجاوز الخامسة عشر فلازمته حتى وإذا كدت لا أرجع إلى بيتي إلاّ يوما في الأسبوع
فكنت أصدر الإجازات و أنا في الثامنة عشر وكان لي الأب المربي المعلم والصديق الحميم وما أفتخر به رضاه عني حتى عند احتضاره يقول للخادم في مكتبته الخاصة اتصل بفـهـد ليحضر فلن يحضر هنا بعد اليوم وكأنه يرى منيته
و قد غادَرْتُ المكتبة التي كان يعيش فيها قبيل وفاته بسبع ساعات
وسأختم كتابي هذا ببعض ما كتبت في رثائه من الشعر
فلا يسعني إلا أن أقول رحمك الله يا شيخي أبو تراب
==============================
أمّا من قول الأستاذ الدكتور محمد اسماعيل جوهرجي " جده المملكة العربية السعودية "
قلت له : ما رأي أستاذنا لو شاركني باضافة كلمة لكتابي هذا
فكتب
" في مثل هذا اليوم أَفَلَ نجم عالِمٍ علامة للغة والأدب والفكر والثقافة الإسلامية بكل أبعادها
ذاكم العلامة المغفور له بإذن الله شيخنا أبو تراب الظاهري
الذي تركت وفاته حزنا في نفوس المقربين إليه وفي فكر كل من قرأه
فقد كان الرجل يرحمه الله مجازا في علم الحديث عن طرق والده الشيخ عبد الحق الهاشمي المُدَرِّس بالمسجد الحرام بِحَصْوَة باب ابراهيم سابقاً
ومما يمتاز به الشيخ أبو تراب الظاهري أنه يتمتع بذاكرةٍ قويةٍ وحفظ للأصول والمتون
حتى أنه يذكر لمستمعه رقم الصفحات في كتاب قرأه من أكثرمن نصف قرن
حفظ كتاب الصحاح عن ظهر قلب والصحاح كما لا يخفى على القارئ يحوي على أربعين ألف مادة تتسع إلى اشتقاقات قد تزيد على عشرين مُشتَّقة
إضافة ألى حفظه للقرآن الكريم وأكثر الأحاديث المروية عن الرسول عليه الصلاة والسلام
أما في مجال الشعر والأدب فذاكرته تختزن أكثر من عشرة آلاف بيت من الشعر
وكان رَجلاً موسوعيا بدقيق ما تحمله هذه اللفظة من معانيها
فرحم الله شيخنا أبا تراب الظاهري
وأسكنه فسيح جنَّاته "
التوقيع
ابنكم الوفي المحب محمد اسماعيل جوهرجي
20/2/1427هـ
- التوقيع بطلبٍ من الكاتب -
مرثياتي
==========================
" الأرجوزة "
أيا أُخَيَّ سد عليَّ بابي // فَحُقَّ لي مات أبو ترابِ
أهل الحديث ياذوي الألباب // أجيزوني لما يفقد صوابي
بجيراً دعك مني يا بجيرا // أصب الدمع أملي به بحيرا
أذوب به صبابة نازلينا // لِواديهم فأناَّ لهم حنينا
وا فجعتي لك يا أبا تراب // ففجعتي عظمت عن الخطاب
عزيت قلبي في وفاة شيخي // فلا تلمني إن بكيت يا أخي
فقدت أبي وعالم الإسناد // فهل له يا قوم من ميلاد
اجتازَ فضلا كل من أقرانه // وحاز فخرا فيه من قرآنه
روى الحديث كابراً عن كابر // وكم له في البيت من محاضر
سمعت منه يا أخي التفسير // فلم أجد في القوم من نظير
له الحساب وله علم الفلك // وهو الضياء في ليلي إذا حلك
وكم له في الشعر من معاركٍ // لمحاربي الأوزان بل مهالكِ
ولم يكن لقول الحق خافي // سوائه في النثر والقوافي
إن لم تكن لما أقُل مصدق // وتحسبنَّ ذا "القمري يلقلقُ" (1)
شيخي وضع لجاماً للأقلامِ // كم عد للكُتَّاب من أوهامِ (2)
وكان درعا للفصيح حامي // وقال ذي العلوم من إلهامي
أعيا العقول منه بالتدبير // وكم عرف ببلاغة التصوير
وسيفه مسربلٌ وقاني // فظيع بالبديع والمعاني
ما عاش يلهو مثلنا ويمرح // بل كان يروي بالسند ويجرح (3)
وكم دعى للطهر في هذي اللغة // قال الجهالة في المعاجم والغة
أخطائهم في طبعهم وخيمة // فهل لهم من الأعراب شيمة
حاشا لشيخي أن يكون مثلهم // قد كان دوما مرصادا لهم
-----------------------------------------------------------------------------------
(1) لقلقة القمري أحد دواوين للشيخ أبوتراب
(2) لجام الأقلام و أوهام الكُتَّاب كتابين للشيخ أبو تراب الظاهري
(3) الجَرح والتعديل من علوم الإسناد في علم الحديث
===============================================
وهذه أخرى انتقيتها آمل أن تعجبكم
وهي لي أيضا
يا عين صبي من الدموع سيول فلا // فقد الحبيب لعل البدر قد أفلا
قد أظهر الذرف مثل الطرق في حُمَرٍ // بيكين شيخي فلا نومٌ ولا قِيَلا
يوم الفراق فقدت الوعي لم أقوى // على الفراق وما من حيلةٍ عملا
وما وثقت بواشٍ أوصل الخبرا // وما حزنت ولــم أفقد له أملا
ظننت شيخيَ باقٍ عيشه عُمِراً // فجائه الضيف لا أهلا ولا سهلا
فما حزنت لأن الشيخ قد وافى // منِيَّة له في الأقدار محتمِلا
لكن فراق من أهوى أقاسي به // غصبا وجبرا فراقا غير مُجْتَمِلا
أدمى الفراق لمى عيني و حُقَّ لها // أن تسرد الشعر في الأوزان مرتَجَلا
عيناي تنظم بحراً لست أعرفه // وكيف يعرف بحرٌ ليس ذي مثلا
حاولت ستر هوىً بقلبي أحبسه // وكيف يستر إذ في القلب هو جَبَلا
رحم الله شيخنا أبو تراب الظاهري
وأسكنه فسيح جناته
أخوكم / ........[/align]..[/align]
رد مع اقتباس
مواقع النشر (المفضلة)