ليس صحيحا أن جميع الموظفين الذين يعانون من علة التأخر المزمن عن الدوام متشابهون في أسباب تأخرهم عن العمل. فهناك 4 أنواع من الموظفين الذين يتأخرون عن دوامهم وسائر مواعيدهم الأخرى.

1- المبررون

هذا النوع يطلق عليهم 'الموظفون المبررون' الذين ينحون دائما باللائمة على العوامل الخارجية التي يرونها سببا يحول بينهم وبين حضورهم إلى العمل أو اجتماع ما في الموعد المقرر. ومن هذه العوامل على سبيل المثال لا الحصر: التعذر بالازدحام المروري، أو باصطحاب الأطفال إلى المدرسة، أو تعذرهم ببعد مسافة منزلهم عن مقر العمل.
مع مرور الزمن، يصبح تبرير هؤلاء الموظفين عادة سلبية لصيقة بهم. فهم يجدون لكل تأخر سببا جاهزا يقدمونه لمن يلومهم على تأخرهم. ولا يعلمون أنهم بلجوئهم إلى عادة التبرير أو تعليق قصورهم على شماعة الآخرين لا يتقدمون خطوة نحو القضاء على هذه العادة السلبية، والتي تصبح مثل المرض المزمن. الموظف 'الكيس' هو من يدين نفسه لأنه يدرك جيدا أنه يملك تصرفاته، لكنه لا يملك التحكم بالظروف الخارجية الأخرى كالازدحام المروري. ولكي يتجاوز هذه المشكلة، مثلا، فهو يبذل قصارى جهده للخروج مبكرا إلى عمله تفاديا لتزايد الازدحام الذي ليس بمقدور أحد أن يوقفه.

2- غير المنظمين

أما النوع الثاني من الموظفين المتأخرين فهم 'غير المنظمين'، الذين كثيرا ما تنسيهم فوضى حياتهم الالتزام بمواعيدهم مهمة، لأنهم ببساطة لا يعترفون بأهمية التذكير بالمواعيد من خلال تفعيل وظائف تنظيم الوقت في الأجندات الإلكترونية أو الهواتف. أما من يعاني من أمية التكنولوجيا فيمكنه الخروج من هذا المأزق بالاعتماد على قصاصات الورق اللاصقة لتذكيره بمواعيده المهمة. ولأن هذا النوع من الموظفين ارتضى لنفسه السير بلا مواعيد ولا مفكرات تذكره بواجباته، فيبقى عرضة لمشكلات لا حصر لها في العمل مع مسؤوليهم أو مع زملائهم الذين يشتركون معهم في مشروع ما، لأن تأخرهم غير المبالي، سينتج عنه تأخر مجهود فريق كامل، وهو في نهاية المطاف تصرف ليس فيه أدنى شعور بالمسؤولية.

3- مدمنو اللحظات الأخيرة

من أكثر أنواع الموظفين المتأخرين شيوعا:'مدمنو اللحظات الأخيرة'. وهم الذين لا يتحركون بجدية نحو مواعيدهم إلا عندما تحين ساعتها، فتتسارع وتيرة استعدادهم، أملا باللحاق بالموعد المنتظر. ومن الأعراض التي تصيب هؤلاء تسارع نبضات القلب، وارتفاع نسبي في حرارة الجسم على نحو طردي مع قرب حلول موعد الدوام أو اجتماع ما. وبحسب علماء النفس، فإن حمض الأدرينالين ينتشر بكثافة في أجساد هؤلاء، ليواكب الطاقة البيولوجية الفائقة التي تتطلبها تصرفاتهم. ومعلوم عن هذا الحمض أنه يمد الإنسان بطاقة مضاعفة فيصبح عرضة لقيادة السيارة برعونة لا شعورية، أملا في الوصول في الوقت المحدد، فيعرض نفسه لحوادث مروعة أو يكون حساسا أو شديد الغضب تجاه أي موقف يعترضه أو يؤخره عن اللحاق بعمله.

4- المتمردون

من أغرب أنواع المتأخرين عن مواعيدهم، ما يطلق عليهم اسم 'المتمردون' وهم الذين يتعمدون التأخر عن الموعد، ولا يشعرون بوخز الضمير تجاه من ينتظرونهم، لأنهم يرون في تأخرهم شعورا بالأهمية، يستلذون بحلاوته وهم يرون نظرات زملاء العمل أو مرؤوسيهم تتابعهم وهم يهمون بدخول الاجتماع، ويحقق ذلك لهم شعورا بالأهمية. والملاحظ أن كثيرا من هؤلاء لا يعلمون أنهم مصابون بهذا السلوك النفسي الغريب الأطوار، وهو أقرب على شعور بالنقص ينتاب الموظف، فيسعى جاهدا ليمليه بالطريقة التي تشبعه.

السبب.. غياب السعادة

تظهر الدراسات الحديثة أن عدم الشعور بالسعادة في العمل أحد أهم أسباب هروبنا من الحضور المبكر. وهو ما أكدته دراسة لجامعة مانشستر البريطانية، إذ وجدت أن 'السعداء في أعمالهم يحضرون في الوقت المحدد'. وحث الباحثون المديرين إلى المواظبة على الحضور المبكر ليحذو الموظفين حذوهم. فهناك أعمال عديدة تتعطل بسبب تأخر المديرين عن دواماتهم، كتأخر التوقيع على أمر مهم أو إصدار قرار ما. ولأن لكل موظف أسبابا تمنعه من الحضور المبكر، فلا بد من دراستها عن طريق استبانة بحث خاصة (من دون ذكر أسماء)، أو مقابلة الموظفين شخصيا للوقوف على أسباب تأخرهم. كما يتعين على جهات العمل، والمديرين تحديدا، أن يدركوا أن الحضور المبكر لا يعني دائما زيادة الإنتاجية. فهناك مديرون وموظفون يحضرون باكرا للتوقيع في الوقت المطلوب، لكنهم يغادرون لقضاء مشاغلهم الخاصة، وربما يتسلى غيرهم في قراءة الصحف لتمضية الوقت!