التهادي هو تبادل الهدايا بين الأقارب أو الأصحاب أو بين الأسر في أي مناسبة من المناسبات مع التلاقي أو دون تلاق ومع الاعلام عن الهدية مقدما أو دون اعلام.

وهذا التهادي ينقي جو الحياة من جراثيم الأحقاد ومن غبار المنازعات ويصفي مشاعر الأفراد من شرور الضغائن ومن أسوأ الميول المذبذبة ولاسيما إذا كانت العلاقات متوترة بين هؤلاء الأفراد، فكثيرا ما تتقلب الحياة بالناس لما يجد فيها من أحداث ويتغير فيها من أوضاع فتتغير تبعا لذلك النفوس وتأخذ الميول منحني آخر في العلاقات والمعاملات.

والناس دون تبادل الهدايا فيما بينهم أشبه بالذين يعادي بعضهم بعضا أو بالذين ينعزل بعضهم عن بعض، والمجتمع بهذا التعادي أو هذا التباعد الذي يعزل بعضهم عن بعض مجتمع غير سوي أو مجتمع متشرذم أو مجتمع يتهاوي ويأخذ في الانحدار إلي أدني درجة في قائمة المجتمعات.

ان عاطفة الحب هي التي تقوي الأواصر بين أفراد المجتمع، ولا يمكن الاطمئنان علي وجود هذه العاطفة إلا بتبادل الهدايا بين أفراد المجتمع وطوائفه، فهذه الهدايا تنبت عاطفة الحب نباتا حسنا وتترعرع أغصانها في القلوب كلما اهتم الناس بالتهادي فيما بينهم امتثالا للأمر النبوي الذي يحرص علي قيام المجتمعات الإسلامية علي الحب الصادق بين أفرادها، وذلك في قوله صلي الله عليه وسلم تهادوا تحابوا .

والهدية ليس لها نوع محدد ولا مقدار محدد يلتزم به كل من يهدي، إنها تخضع لمقدرة المهدي واختياره ووضع المهدي إليه والزمن الذي يهدي فيه والمناسبة التي من أجلها تكون الهدية، ولا يعيب المهدي أن تكون هديته قليلة القيمة أو لم تقابل بالتقدير كغيرها من الهدايا المقدمة، فإنه يكفي أن تكون هدية، والهدية لها قدرها في الاعتبار مهما كانت قيمتها أو كان نظر المهدي إليه فيها.

إن الذين يقدمون الهدايا لغيرهم يحب بعضهم أن يفتخر بما قدم من هدايا، فهل ينقص من ثوابه؟ وهل هذا الافتخار يصد الآخرين عن تقديم هدايا؟ والجواب أن الافتخار نوع من الرياء والرياء يحبط الأعمال ويبطل الثواب لا ينقصه فحسب، ثم إن هذا الافتخار يؤثر بالطبع علي متوسطي الحال الذين يريدون أن يقدموا هدايا ولكنهم يترددون في تقديمها خشية السخرية بهداياهم.