كلما عاشرت الناس أكثر...
عادل رب عائلة مؤمنة بربها، آمن بقوله تعالى أن الجهاد بابٌ من أبواب الجنة، وإحدى هذه الأبواب الجهاد الأكبر، الجهاد في سبيل العائلة وتأمين الأفضل والمستقبل اللائق لهم.
إنطلاقاً من ذلك كان عادل لا يترك وقتاً أو باباً من أبواب العمل إلا ويطرقه، ولصفاء ذهنه ونواياه كان الباريء عز وجل يفوقه بكل خطواته، ويغدق عليه من واسع نعمه.
شاء القدر، وبعد طول سنين أن يلتقي عادل برفيق طفولته في مسقط رأسه، تلك القرية الوادعة. حلاَّل، آهٍ من الزمن، هذا ما خاطب به عادل صديقه، كيف الحال، كيف العائلة، ما الأخبار. تبادل الصديقان أخبارهما وبعضاً من ذكريات الطفولة، لكن عادل تأثر كثيراً لسوء حال وعمل حلاَّل، فطلب منه زيارته في منزله.
قصد حلاَّل عادل في منزله مساءً، وتسامرا، وعادا إلى زمنهما الجميل في حقول ووديان وبساتين تلك القرية الجميلة. وفي نهاية السهرة وعد عادل صديقه أنه وبمشيئة الله سيؤمن له عملاً في المؤسسة التي يعمل هو بها بعد الظهر كعمل إضافي، شكر حلاَّل صديقه وثناا على وعده له وإهتمامه به.
قامت الدنيا، ولم تقعد، بعد خروج صديق عادل من منزله، حيث لامت زوجته عادل وأمه تصرفه ووعده لصديقه، وطلبا منه صرف النظر عن ذلك الوعد، كون حلاّل من أصحاب السمعة السيئة، وغادر، ولا يعرف ربه، ومن لا يخاف الله خاف منه. لكن عادل أصر على وعده من أجل أولاده، وتقرباً من الله، والله أعلم بالنوايا، وخدمة المحتاج واجب.
صدق عادل بما وعد، وبدء صديقه العمل، لكن حلاَّل بذكائه الخبيث وخلال أشهر معدودة عرفَ كيف يتقرب من أصحاب العمل، ويوهمهم أن من الغيارى على المؤسسة، وتقدم أشواطاً في ذلك، كما أنه بدء بتوجيه اللوم لعادل كونه لا يأتي إلى العمل مساءً ويتقاضى أجراً وذلك عبىء على المؤسسة، بينما أجره يمكن أن يتقاضاه آخر ويتواجد في المؤسسة من الصباح، وأمور من هذا القبيل لتنفيذ ما كان يخطط له من الإستئثار بمنصب المشرف على المؤسسة.
حصل ما حصل وعادل يأتي إلى عمله بعد الظهر، يلقي السلام على صديقه، ويسأله عن عمله وإذا كان مريحاً، وعن عائلته، دون أن يعلم بما يجري في غيابه. ما هي إلا أشهر معدودة وكان عادل خارج العمل، وحلاَّل الآمر الناهي.
«كلما عاشرت الناس أكثر!!! إزداد إعجابي بوفاء الكلاب...» هذا ما قاله عادل للمسؤول الجديد حين علم ما جرى.