عندما نطالع تعريف الخجل في “لسان الحال” نجد أن الكلمة لها دلالات مختلفة بمعنى أن يفعل الانسان فعلا “يتشور منه فيستحي” ومرة هي بمعنى الحيرة والتورط أن يلتبس الأمر على الرجل فلا يدري كيف المخرج منه ومرة ثالثة هي بمعنى السكون وعدم الحركة فيبقى الانسان ساكنا لا يتحرك ولا يتكلم.

بعض الناس يستعمل كلمة الخجل على أنها مرادف للحياء لكن هذا الترادف ان صح في بعض الحالات فانه لا يصح فيها كلها، فكلمة الخجل تتضمن معاني لا يتضمنها الحياء والعكس أيضا صحيح، لذلك هما لا تصلحان لتكونا مترادفتين في كل مرة، واذا كان الحياء صفة حميدة على الاطلاق فان الخجل ليس كذلك دائما.

أما الحياء فانه عرف بمعنى “التوبة والحشمة” وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “الحياء شعبة من الايمان” وفسر ذلك بأن المستحي ينقطع بالحياء عن المعاصي وأيضا كما ذكر في الحديث “اذا لم تستحي فاصنع ما شئت” والخلاصة هي أن الحياء بمثابة حاجز يحجز الانسان عن ارتكاب المعاصي والفواحش، وليس كذلك الخجل لكن الناس التبس عليها الأمر فباتوا لا يفرقون بين الخجل والحياء. لأن الحياء كما في الحديث رادع ينقطع به الانسان عن ارتكاب الفواحش والمعاصي، فإن المنطق يقول إنه لا ينبغي أن يكون الحرص على طلبه لدى النساء أكثر من الرجال وأن المؤمنين في ذلك سواء ذكورهم واناثهم، لكن بعض الناس ما فتئوا يرددون أن الالتزام بالحياء في حق النساء أكبر، ولعلهم أرادوا الخجل لغلبة الشعور بالحرج على الفتيات ووقوعهن في السكون وعدم الحركة أو الصمت عند تعرضهن لبعض المواقف الخاصة، فنسب الناس ذلك الى الحياء.

ولو صح القول إن النساء في فطرتهن الميل الى الحياء أكثر من الرجال فهو أمر يدعو الرجال الى الحياء أيضا.

وما يبدو لي ان الناس تجاوزوا في فهمهم للحياء معنى الانقطاع عن المعاصي والفواحش الذي فسر به حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، واضافوا اليه معنى أوسع يشمل الانقطاع عن كل ما تراه ثقافة مجتمعهم عيبا، حسن أم ساء. وعدوا الخروج على ذلك منافات للحياء وأقرب مثال على هذا مخاطبة المرأة للرجال بثقة وطلاقة في المجتمعات التي تعيب ثقافتها على المرأة فعل ذلك دلالة على قلة الحياء، وغني عن القول أن ذلك لا علاقة له بالحياء، وانما هو معنى أملته ثقافة المجتمع على أهلها ولذلك تصرف المرأة دائما مرتبط بالحياء، أما الرجل فجاء استثناء من هذه القاعدة كأن الحياء جاء خاصا بالنساء دون الرجال... لو نتساءل أين نجد حياء الرجل وكيف نصنفه، فهل من مجيب على هذا السؤال، وبالتالي كيف ومن يحاسب الرجال؟