يحاول العلماء تأكيد صدق النظرية الطبية القائمة حول اعضاء الجسم على اساس 'استعمله والا فقدته'. وتأثير هذه النظرية على دور النشاط الدماغي في تأجيل اصابة كبار السن بداء الزهايمر او الخرف.
فقد تبين ان حوالي نصف عدد الاشخاص الذين تتجاوز اعمارهم الخامسة والثمانين، مؤهلون للاصابة بهذا المرض كما دلت الابحاث العلمية على ان داء الزهايمر يبدأ بمهاجمة دماغ الانسان قبل ظهور اعراض ضعف الذاكرة بعدة عقود.
وتتضمن نتائج الابحاث هذه ايحاءات تفاؤلية ذات اهمية كبرى وتؤكد ان الاشخاص الذين يشغلون ادمغتهم بانتظام باكتساب مهارات جديدة، انما يضاعفون قوة ادمغتهم عن طريق اضافة المزيد من المواصلات بين الخلايا الدماغية 'العصبونات' (اطراف الاعصاب والاعصاب الفرعية).
خير الانشطة لتشغيل الدماغ ومضاعفة قوته هو ما يشتمل على ثلاثة عناصر معا: ذهني، اجتماعي، وجسماني.
النشاط الجسماني
ممارسة الشخص المتقدم به العمر، نوعا من الرياضة البدنية تشجع الدماغ على انتاج عصبونات جديدة neurons تحل محل العصبونات او الخلايا الدماغية التي يكون الهرم قد اتلفها، او ان المرض قد قضى عليها.
وليس من الضروري ان يبلغ النشاط الجسماني اقصاه عند كبير السن، بل يكفيه ممارسة رياضة المشي. او اكتساب هواية سهلة كالعناية بالحديقة وما الى ذلك.
ومن الناحية الذهنية.. لا ينتظر من الشخص الكبير السن تعلم لغة جديدة مثلا، وانما يكفيه اداء بعض الاعمال الذهنية البسيطة التي تشكل تحديا للعقل.
دور النشاط الاجتماعي
بقاء كبير السن نشيطا اجتماعيا كالمثابرة على حضور الندوات الثقافية او الحفلات الموسيقية الراقية، او الانضمام الى اندية للقراءة والمناقشة يساعد على خفض ما ينتجه الجسم من هرمونات الشدة، وهي مواد كيميائية ينتجها الجسم بصورة طبيعية وتعمل على مهاجمة خلايا الدماغ.
التقاعد ليس عذرا
كسل الدماغ لا يجوز تبريره ببلوغ الشخص سن التقاعد، فاذا كان الدماغ كسولا ثم كان صاحبه كسولا ايضا، صار الشخص اكثر عرضه للإصابة بالخرف.
تمارين عقلية
هناك ابحاث عدة توحي بوجود العديد من الانشطة المولدة لعنصر التحدي الذهني المشار اليه، وهي انشطة قد تخلق في الدماغ قدرة على بناء خلايا دماغية او مضاعفة الوصلات بين الخلايا الموجودة، وهي ميزة تساعد الذاكرة من جهة، وتساعد الدماغ على اداء الواجبات الادراكية من جهة اخرى. منها مثلا:
الانتساب الى ناد للمطالعة واختيار الكتب ذات المضمون.
التمرن على عزف آلة موسيقية، ومحاولة حفظ اللحن ذهنيا.
اكتساب هواية بسيطة كتنسيق اصص الزهور او تقليم الاشجار او الرسم والتصوير الشمسي.
مرافقة الاشخاص الذين يستطيعون مناقشة العديد من الامور المنشطة للعقل.
التغذية الصحية
تحدي العقل على كل حال ليس الطريقة الوحيدة لتفادي الاصابة بداء الزهايمر، بل لقد جاء في بعض الدراسات ان وقوع الانسان فريسة لبعض الامراض الجسمانية يمكن ان يؤدي احيانا الى تسريع عملية الخرف عنده، كأمراض التعب وما شابهها.
ومن اجل بقاء الدماغ والقلب كليهما في حال سليمة، اليك بالاقتراحات الغذائية التالية:
زد استهلاكك اليومي من الفواكه والخضراوات ذات الالوان الساطعة، مثل السبانخ والسلق والبروكلي والتوتيات الداكنة والفريز والبرتقال
فهذه الاطعمة تحتوي على مضادات الاكسدة التي تقاوم تلف خلايا الدماغ.
كل المزيد من الاسماك الزيتية، مثل السالمون والشبوط والترويت والتونة، فهذه الاصناف من السمك غنية بالاحماض الدهنية اوميغا ـ 3.
اضف الى طعامك المكسرات والجوز واللوز.. فهذه ايضا تحتوي على مضادات الاكسدة.
تجنب الاطعمة الغنية بالدهون المشبعة، مثل الاطعمة المصنعة ومنتجات الالبان العالية الدسم والمقالي والاطعمة السريعة الرخيصة.
امتنع عن تعاطي الكحول، فمعاقرة الخمور تؤدي الى تلف الدماغ ـ فضلا عن اعضاء اخرى بالجسم ولا سيما الكبد.
من أضرار التلفزيون
شخص في منتصف العمر، عود نفسه على ملازمة شاشة التلفزيون طيلة ليلته وقسما من نهاره، فلا يمل مشاهدته ساعة بعد ساعة.. هذا الشخص يمكن ان يزيد من احتمالات اصابته بالخرف حسب ما توحي به احدى الدراسات الحديثة.
وعلى النقيض من ذلك، فإن الانشطة التي تنبه العقل او الجسم يمكن ان تحمي من هذا الداء.
كما ان مواجهة الحياة بتجهم وسلبية تزيد من فداحة هذا الاحتمال. اما التفاؤل والمرح فهما اقدر على تجنيب الانسان مثل هذا المصير المؤلم.
وقد قدر نتيجة بعض الدراسات ان احتمال الاصابة بالخرف تزداد بنسبة 30% مقابل كل ساعة من ساعات اليوم التي يقضيها الانسان محملقا في شاشة التلفزيون.