بسم الله الرحمن الرحيم



توبة الصحابي الجليل أبي محجن في معركة القادسية..

هل المعصية تحول بيننا وبين الدين وهل تجعلنا نترك الخير ونفع الناس.. وكلنا ذوو خطأ وزلل ولكن الإنسان لا يصر على المعاصي ..ولا يقنط من رحمة الله .

وهذه قصة الصحابي الجليل الذي كان يأخذ معه أم الخبائث إلى الجهاد ولكن مالذي جرى استمعوا إلى القصة ..كما ذكرها الشيخ محمد العريفي في كتاب هل تبحث عن وظيفة وإسناد القصة صحيح كما ذكر ذلك ابن حجر..

ابو محجن الثقفي رجل من المسلمين بل ومن الصحابة ، وكان قد ابتلي بشرب الخمر ..وطالما عوقب عليها ويعود ..ويعاقب ويعود ..بل من شدة تعلقه بالخمر يوصي لإبنه ويقول:

إذا مت فادفني إلى جنب كرمة ** تروي عظامي بعد موتي عروقها

ولاتدفني في الفلاة فإنني ** أخاف إذا مت أن لا أذوقها

فلما تداعى المسلمون للجهاد ولقتال الفرس في معركة القادسية خرج معهم ابو محجن..وحمل زاده ومتاعه ..ولم ينس أن يحمل خمرا..دسها بين متاعه ..فلما وصلو القادسية طلب رستم مقابلة سعد بن أبي وقاص قائد المسلمين..

وبدأت المراسلات بين الجيشين..عندها وسوس الشيطان لأبي محجن فاختبأ في مكان بعيد وشرب الخمر..فلما علم به سعد غضب عليه وحرمه من دخول القتال..وأمر أن يقيد بالسلا سل ويغلق عليه في خيمة.

فلما ابتدأ القتال وسمع أبو محجن صهيل الخيول ..وصيحات الأبطال ..لم يطق أن يصبر على القيد ..واشتاق للشهادة..بل اشتاق إلى خدمة هذا الدين..وبذل روحه لله ..وإن كان عاصيا..وإن كان مدمن خمر..إلا أنه مسلم يحب الله ورسوله.

وأخذ يترنم قائلا:

كفى حزنا أن تدخل الخيل بالقنى ** وأترك مشدودا علي وثاقيا

إذا قمت عناني الحديد وغلقت ** ممصاريع من دوني تصم المناديا

وقد كنت ذا مال كثير وإخوة ** وقد تركوني مفردا لا أخي ليا

فلله عهد لاأحيف بعهده ** لإن فرجت لاأزور الحوانيا

ثم أخذ ينادي بأعلى صوته..... فأجابته إمرأة سعد ماذا تريد؟

فقال: فكي القيد من رجلي وأعطيني البلقاء فرس سعد، فأقاتل فإن رزقني الله الشهادة فهو ما أريد وإن بقيت فلك علي عهد الله وميثاقه أن أرجع حتى تضعي القيد في رجلي، وأخذ يرجوها ويناشدها حتى فكت القيد وأعطته البلقاء ، فلبس درعه وغطى وجهه بالمغفر ، ثم قفز كالأسد على ظهر الفرس ..والقي بنفسه بين يدي الكفار ..

علق نفسه بالآخرة ولم يفلح إبليس في تثبيطه عن خدمة هذا الدين.

وحمل على القوم برقابهم بين الصفين برمحه وسلاحه، وتعجب الناس منه وهم لايعرفونه ولم يروه بالنهار.. ومضى أبو محجن يقاتل ويبذل روحه رخيصة في ذات الله عز وجل .. نعم مضى أبو محجن ..

أما سعد بن أبي وقاص فقد كانت به قروح في فخذيه فلم ينزل ساحة القتال .. لكنه كان يرقب القتال من بعيد .. فلما رأى أبا محجن عجب من قوة قتاله ، وقال الضرب ضرب أبي محجن و الكر كر البلقاء وأبو محجن في القيد ،والبلقاء في الحبس ..!! فلما انتهى القتال عاد أبو محجن إلى سجنه ووضع رجله في القيد ، ونزل سعد فوجد فرسه يعرق فقال : ما هذا ؟

فذكروا له قصة أبي محجن فرضي عنه وأطلقه وقال : والله لا جلدتك في الخمر أبدا ،فقال أبو محجن : وأنا والله لا شربت الخمر أبدا ...

فلله در أبي محجن .. لم تمنعه معصيته من الجهاد في سبيل الله.
منقول من موقع عوده ودعوه