من اخطر ما يتخلل العملية الانتخابية، السلوك المشين لبعض المرشحين المتمثل في شراء الذمم والحصول على اصوات الناخبين بشتى السبل، وبمختلف انواع الوسائل للوصول الى العضوية، ذلك ان دخول المال والمنافع والمصالح على هذا الخط يفسد ولا يصلح ويوصل من لا يستحق الى موضع المشاركة في صنع القرار والتشريع، كما ان بذل المال او غيره من الوسائل تجعل المرء يحيد عن اختياره الذي يراه في نفسه، وشراء اصوات الناخبين، رشوة محرمة ومن يقبلها مرتش وخائن للامانة، ومن يدفعها راش ومعين على المعصية، والواجب على المسلم ان يكون وقافا عند حدود الله وعلى المرء الا يقدم نفسه للترشيح الا اذا علم من نفسه القدرة على القيام بحمل تبعات الامانة، وعلى الناخب ان يكونا امينا فلا يعطي صوته الا لمن يتوسم فيه الصدق والامانة، والرشوة محرمة، وتستوجب من فعلها اللعن كما جاء في الحديث: «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما» والله تعالى امر ان يشهد المرء بالحق، بل منع كتم الشهادة، فقال تعالى: «ولا تكتموا الشهادة، ومن يكتمها فانه آثم قلبه» وكتم الشهادة لا يكون بالامتناع عن الشهادة فحسب، بل يكون بكتمان الحق، واخفائه واظهار الباطل واعلاؤه ضرب من كتمان الشهادة، وهو حرام بنص القرآن الكريم، ودفع الاموال للناس ليغيروا شهادتهم، يجعل الشهادة لغير الله، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم، من علامات الساعة: «ان يوسد الامر الى غير اهله» فقد ورد انه بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، جاءه اعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال: وقال بعضهم: بل لم يسمع حتى اذ قضى حديثه قال: اين السائل عن الساعة؟ قال: ها انا يا رسول الله، قال: فاذا ضيعت الامانة فانتظرالساعة، قال: كيف اضاعتها؟ قال: «اذا وسد الامر الى غير اهله فانتظر الساعة». فاعطاء الاصوات لمن دفع المال تضييع للامانة واعطاء اماكن لاناس ليسوا اهلا لها، ومايتبع ذلك من فساد، ومابني على باطل فهو باطل، ومابني على حرام فهو حرام، وكما قال شراح الحديث: الى غير اهله، يعني من ليس كفؤا له.
ومن ينتخب من لا يستحق، بل ينتخبه لاجل ماله، او قرابته او صداقته، فإنه اتى شهادة الزور، «فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور» وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا ايها الناس عدلت شهادة الزور اشراكا بالله، ثم قرأ فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور»، وقد عدلت شهادة الزور في الحديث الاشراك بالله، وتوعد عليهما رسوله حتى قال الصحابة ليته سكت.
والمسؤولية امانة ثقيلة وحينما طلب ابو ذر رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم انه يستعمله ضرب النبي بيده على منكبه وقال: يا ابا ذر انك ضعيف وانها امانة وانها يوم القيامة خزي وندامة، الا من اخذها بحقها، وادى الذي عليه فيها.