السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة

صباح /مساء الخير للجميع



انا من اشد المعجبين والمتابعين للكاتب الرائع فهد دئمن تشدني زاويته بجريده الرياض




قلت قبل امشي انزل المقال هذا للفائده وانصح الجميع لمتابعه هذا الكاتب لانه ماشاء الله موسوعه ومواضيعه مفيده ومتنوعه


اسم زاويته
حول العالم
ليسوا سواء
فهد عامر الأحمدي




في عام 1999هبطت طائرتنا في نيويورك وتوزع المسافرون السعوديون على صفين أمام الجمارك الأمريكية..وكان الصف الأول ينتهي أمام ضابط جمارك "رجل" في حين ينتهي الثاني أمام ضابط جمارك "امرأة". وأثناء وقوفي في الطابور شاهدت سيدة سعودية (في الصف الموازي) متحجبة من رأسها لأخمص قدميها بما في ذلك كفاها وعيناها..وحين وصلت الى الضابط "الرجل" حدث ما توقعته حيث رفضت كشف وجهها في حين أصر هو على التأكد من هويتها ومقارنة صورتها في الجواز.. وحين أصرت على موقفها حضر مدير الجمارك لمعرفة المشكلة واقترح عليها الانتقال إلى الصف الآخر (حيث توجد الضابط الأنثى) ... المخجل هنا أن أول مواطن سعودي في الصف الذي اقف فيه رفض تسقيطها أمامه وقال لمدير الجمارك "على جثتي" (Over my dead Body) فرد عليه مستغربا "ولكنها سيدة !؟" فقال "حتى لو كانت سيدة البيت الأبيض" فحاول استثارة نخوته بقوله "ولكنها لا تستطيع كشف وجهها أمام الرجال" فقال "هذه مشكلتها"... هكذا وقفت المرأة حائرة بين الصفين !!

وهذه الواقعة مجرد نموذج لجلافة (بعض) الأعراب مقابل مرونة ولطافة البعض من أهل الكتاب..وكل من سافر إلى "تلك الديار" لمس روح التحضر في تعاملات الناس ووجود فرق واضح بيننا وبينهم حتى في بشاشة الوجه وحسن الاستقبال..وحين أعود بالذاكرة الى الوراء أتذكر مواقف كثيرة نبيلة من "أهل الكتاب" تؤكد أنهم "ليسوا سواء" .. فهناك مثلا الطالبة التي حذرتني من لحم الخنزير في البيتزا، ومدير المعهد "اليهودي" الذي بعث لي شهادتي المفقودة الى السعودية، والجامعة التي غيرت جداول المحاضرات لإخلاء القاعة لصلاة الجمعة، والراهبة التي أهدتني أربع أشرطة للشيخ الحصري وعبدالباسط عبد الصمد ...

وأنا اليوم لست في موقف المقارنة بين ثقافتين بل لفت الانتباه الى دور التحضر المادي (وربما الموقع الجغرافي) في تلطيف أخلاق الناس وكيف أن رقي التشريع لا يعني بالضرورة رقي المجتمع ذاته..فتشريعنا الإسلامي مثلا تشريع راق وعظيم ولكن يبقى السؤال إن كنا قد تهذبنا بأخلاقه أو ظهر أثره في تعاملاتنا اليومية (خصوصا حين نتذكر أخلاقيات بعض الموظفين في الدوائر الحكومية)..وفي المقابل بلورت المجتمعات الغربية أخلاقا اسلامية في أصلها (كطلاقة الوجه، ودقة المواعيد، والتعامل على أساس الثقة) دون أن تملك لها مرجعية دينية أو تاريخية!

.. أما المغالطة التي نقع فيها دائما فهي تعمدنا وضع الغرب في قالب سلبي "مسبق الصب" متجاهلين أن تعميم الأحكام أمر خاطئ والاستشهاد بالاستثناءات أمر لا يجوز..فالآراء السلبية والمتحيزة يمكن تدعيمها بسهولة بنماذج شاذة ومنتقاة بدقة (بحيث تبدو فرنسا كبيت دعارة وأمريكا كأوكار المافيا) في حين يفترض أن نبلور آراء واقعية من تعاملات الناس العادية والمتوسط العام للمجاملة وسعة الصدر (بل وحتى أفضلية المرور واحترام المشاة) ..

(وشهادة لله) إن مستوى اللطافة ورقي التعامل وطلاقة الوجه (بين عامة الناس في الغرب) يرتفع عما هو لدينا بكثير؛ ففي حين أخذنا نحن من الصحراء قساوتها وغلظتها لطفت الطبيعة الجميلة والحضارة المترفة من أخلاق الناس هناك..وشهادتي هذه ليست الأولى من نوعها حيث سبقني إليها ابن خلدون الذي لاحظ جلافة الأعراب وغلظة تعاملهم مقارنة بسكان المناطق الباردة والمعتدلة، كما سبقني إليها شيخنا الفاضل عائض القرني الذي سافر الى فرنسا و"صُدم" من رقي المعاملة التي وجدها هناك (حسب مقاله "نحن العرب قساة جفاة" في الشرق الأوسط ، شهر صفر 1429) !
...[color=#4B0082]



أحد المستشرقين قال :



[/color]"ذهبت للغرب فوجدت إسلاما ولم أجد مسلمين، وذهبت للشرق فوجدت مسلمين ولم أجد إسلاما