تحدث أكثر المشاكــــل في مجتمعنا بسبب حب التحكم في شؤون الغير .قد يبدو الأمرغريبا و لكن لنذهب معا إلى أي مكان تريد و سترى.
ففي البيت مثلا، تحدث الشجارات بين الحماة و زوجة الإبن بسبب اتهام الأولى أن الثانية تريد أن تتحكم في كل كبيرة و صغيرة في البيت و تحدث بين الزوجين حين ترى المرأة رأيا يخالف رأي زوجها الذي هو "سيد البيت" ، بل يتعدى الأمر إلى توتر العلاقة بين الآباء و الأبناء حين يبدي أحدهم رأيا يراه صوابا - حتـــى و لوكان سنه يتعدى الثلاثين فيكون رد فعل أحد الوالدين -قوله " لقد كبرت و أصبحت تعرف الكلام ، ألا تذكر حين كنت ترتدي الحفاظات؟ "و يكون الأمر أسوء إذا كانت بنتا وقد تجد الأخ الأكبر أو الأخت الكبرى تتدخل في كل صغيرة و كبيرة في أمور إخوانها الأقل سنا بحجة المرتبة المميزة في العائلة .
أما في أماكن العمل ، تجد التناطح و الشجارات من أجل منصـــب رئيس مكتب أو رئيس مصلحة ، بل في كثير من الأحيان قد يكون لك زميل تربطك به علاقة طيبة فيكــــفي أن يرتقي ، فيمر كأنه لا يعرفك و تجده يتشدق أينما حل أنه هو"الكـــل في الكــل " كما يجيد التعبير عنه أهل المشرق، فيقــــترح على هذا أن يجد له عملا مناسبا و على تلك أن يساعدها في التوسط لدى الوالي من أجل الحصول على سكن فيعلو شأنه و يصبح مفخرة أهل الحي ولكن سرعان ما ينجلي لهم الأمر و يصدق قول الشاعر
ستعرف إذا اجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار !
إن الكثير ممن يلهثون وراء تقلد المناصب لا يرون فيها إلا جانب إصدار الأوامر أو الحصول على بعض الامتيازات المادية فقط و حين يجد الجد ،تجدهم يكلون الأمر إلى من هم أكفأ منهم و يسطون بالنتائج الجيدة لأنفسهم ويقدمونها على أنهم هم وحدهم من سهروا في الحصول عليها.
و الأغرب في الأمر أن أكثر الذين يركضون وراء المسؤولية في أماكن العمل لا يملكون الكفاءات اللازمة لذالك و تجد من هم أهل لها يهربون من تقلد أعلى المناصب لأنهم يعلمون العبئ الذي سيحملونه بها و يتذكرون محاسبة الله لهم على أدائها يوم القيامة .
إن أكثر المسؤولين النزهاء هم من الذين رفضوا تقلد أية مسؤولية و فرضت عليهم فرضا .
بل حــــــتى بيوت الله و الجمعيات الخيرية لم تسلم من هذه الآفة ، فقد قرأت مؤخرا أن في أحد بيوت الله طرد إمام وضرب ومنع من رفع الآذان و عوض لأنــــه لم يعجب لجنة المسجد ، فثار المصلون وغضبوا لأنهم يحــبون ذالك الإمــــــــــــــام و يستمعون إلى دروسه المفيدة القيمة و كانت ردة فعلهم أن انتقــــلوا للصلاة في مسجد آخر احتجاجا على الأمر .
و في الأخير يحضرني حديث الصادق المصدوق محــــمد صلى الله عليه و سلم " إذا أسند الأمر لغير أهله فانتظر الساعة"!