ان المفهوم الشائع والعامي للصبر عند معظم الناس هو تحمل المرارات والآلام والظروف القاسية التي تمارس وتفرض على الانسان سواءً الفرد او المجتمع او الامة الإسلامية فالفقير، الذي يعاني من الحرمان والضياع قد يعتبر نفسه صابراً بل قد يوهم نفسه بأنه مأجور ومثاب عند الله سبحانه وتعالى على هذا الصبر وعليه ان ينزوي ولا يبالي بما يحدث ولا يكترث بما يحصل حوله ويعيش حالة من الرضا والسرور ويظن ان ذلك فوز عظيم له.

وهذا المفهوم يعتبر مفهوماً خاطئاً لانه تشويه وتحريف لهذا المفهوم الاصيل في المدرسة الإسلامية الباعث على العزة والكرامة إلى مفاهيم تبعث الخمول والكسل والذل فالصبر بهذا المعنى يعد استسلاماً وعجزاً وليس مفخرة واعتزازاً لانه يعطي للظالم فرصة ذهبية للتمرد ويكرس في المجتمع ثقافة الاحباط والكسل واليأس.

اذاً فالصبر الحقيقي هو الصبر في مواجهة الانحراف والفساد لاداء التكليف والواجب وذلك بالاعتماد على عامل المثابرة وتحمل كل الموانع او العقبات التي تقف في طريق الانسان لتحول بينه وبين تحقيق اهدافه فيصمد امامها بكل ثبات وعزيمة، فهناك فرق شاسع بين ان يصبر الانسان على الفساد او الانحراف والاذى من حوله فيلجأ إلى الراحة لعدم قدرته على تحمل العقبات التي تواجهه عند ممارسة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين الانسان السائر إلى طريق الحق في مواجهة الانحراف بشتى انواعه وذلك بصبره على كل ما يصيبه من اذى او سخرية او اساءة في سبيل ايصال كلمة الحق والدعوة الى الله واصلاح ما يمكن اصلاحه وذلك ضمن الضوابط الشرعية لان الله سبحانه وتعالى لا يطاع من حيث يعصى إذاً فالصبر يكون مفخرة ومفتاحاً للفرج بالجد والاجتهاد والتحمل الشاق لاعباء الطريق وذلك كمن يريد ان يتسلق جبلا فتقف امامه موانع كثيرة سواء داخلية (نفسية) او خارجية فاذا واجهها بصبره وعزيمته حتماً سيحقق اهدافه. وعلى ذلك يجب علينا ان نعي