قالت له: أريد أن أطلب الطلاق ، لأن زوجي تزوج عليّ امرأة أخرى . قلت: هل تشرحين لي ظروف حياتك الزوجية ؟

قالت: أنا أم لأربعة أطفال وكنت مع زوجي نعيش في حياة سعيدة، ولكن في آخر (5 سنوات) بدأ الفتور يدب في حياتنا التي أصبحت روتينية، وفكرنا في الطلاق أكثر من مرة وقد مضى على زواجنا «15 سنة» قلت: وما ظروف الزوجة الثانية ؟ قالت:هي أرملة ولديها ثلاثة أطفال وأكبر مني سناً وأقل مني جمالاً ، قال لي زوجي إنه يريد أن يتكفل بها فهو بذلك يحقق رغبته الجنسية ويكفلها أيضاً، ودائماً يقول : « الساعي على الأرملة كالمجاهد في سبيل الله » وهو حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف بالزواج بها ؟! قلت: لقد قلت لي إن علاقتك مع زوجك منذ (5 سنوات) متوترة وغير مستقرة وأنت سعيدة مع أبنائك وكنتِ تفكرين بالطلاق سابقاً، فلو وقع الطلاق هل لديك إيراد مالي ومقومات الاستقرار ؟ قالت :صراحةً لا ، فوالدي متوفى وأمي كبيرة بالسن وزوجي متكفل بكل أمورنا المالية قلت: فأنا أرى أنّ بقاءك مع زوجك أفضل لك.

وانتهى الحوار بيننا ولكني أردت أن أتحدث عن «الأرامل» ألسنَ بشراً مثلنا ؟ ألا ينبغي أن نهتم بهن ونفكر بسد حاجاتهن ؟! ليس بالضرورة أن يكون التعدد هو الحل لهذه المشكلة ، ولكننا لا نلغي أن المتأمل في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - يجد أنه تزوج من تسع نساء ثمانية منهن ما بين أرملة ومطلقة ، وواحدة هي البكر ، أليس في ذلك دلالة على الاهتمام بالزواج من المطلقة والأرملة ؟!


بل كانت زوجته الأولى وهي السيدة خديجة - رضي الله عنها - أرملة. نعم إن ترمل الرجل أصعب من ترمل المرأة ، وهذا ما أكده « د. فاليريان » من جامعة دومنيون ، وهو أستاذ علم النفس في ولاية فرجينيا عندما قال : (إن الرجل أكثر تأثراً بموت زوجته وشريكة حياته من تأثر المرأة بموت زوجها). وباطلاعنا على الإحصائية الكويتية والصادرة عن وزارة التخطيط لعام (2000)، نجد أن في الكويت (15528) أرملة و(1142) أرملاً كويتياً، وتبلغ نسبة الأرامل بين النساء اللاتي تجاوزن (60) سنة في شمال أفريقيا (59) %، ودراسة أخرى أعدها د. عبد الوهاب الظفيري على (180) حالة من أرامل الشهداء بالكويت، تبين أن (36) % منهن يشعرن بالوحدة ، و (24) % منهن يعشن حالة عدم اطمئنان تجاه المستقبل، و (17%) يعانين من القلق و(12) % يعانين من الضيق و (9) % يشعرن بأن الحياة ليس لها أهمية، وإجمالاً (51.7) % غير راضيات عن حياتهن الخاصة ويعتقدن أنها روتينية وجامدة.


ولهذا عندما أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم - بالاهتمام (بالأرامل) والسعي عليهن وعندما نرى أنه تزوج من أكثر من أرملة، فإن ذلك ليس عبثاً وإنما للحفاظ عليهن وحمايتهن، خاصة ونحن نعيش في مجتمع فيه أفكار خاطئة ، فأحياناً ينظر للأرملة نظرة الشفقة وأحياناً تتهم بأنها لعوب ، وإذا تزوجت قالوا عنها إنها ليست وفية لزوجها، وإذا سافرت للسياحة وتركت أولادها فترة عند أمها قالوا عنها إنها أنانية، كل هذه الأسهم التي يقذف بها أفراد من المجتمع الأرملة تجعلها تعيش في مجتمع تكرهه أحياناً، ولذلك فإننا نريد مؤسسات وجمعيات وجهات وأندية تهتم بالأرامل تربوياً ونفسياً واجتماعياً وثقافياً ، ولا مانع من الاهتمام بتزويجهن، ولعل تجربة مكتب الشهيد بالكويت رائدة ولكننا نتحدث على مستوى العالم العربي والإسلامي.


فالأرملة عندها الحس التربوي، وشعورها الزوجي مرهف جداً، وهي صاحبة خبرة وتجربة وتحب أن تحافظ على حياتها الزوجية الجديدة، فكل هذه الميزات دفعتني مرة أن أجيب أحد الأصدقاء عندما سألني: هل تنصح بأن تكون الزوجة الأولى ( أرملة ) ؟ فقله له : نعــم وقدوتك رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم



منقـــــــول