الإجابة ببساطة تعني نعم فقد أدى ضعف الدولار الأمريكي إلى تأثُّر أسعار الذهب، ومن المعلوم أنّ أسباب ضعف الدولار تكمن في تنامي الدَّيْن العام وعجز ميزان المدفوعات، أمّا تنامي الدَّيْن العام فيتم ببساطة عندما تنفق الحكومة أكثر من دخلها، وأمّا ميزان المدفوعات فتعني ببساطة مقدار ما تدفعه الدولة في الداخل مقارنة بما تستقبله من الخارج.ويرجح الخبراء استمرار تصاعد الدَّيْن العام الأمريكي وعجز نظام المدفوعات مما يرجح استمرار ضعف الدولار الأمريكي وبالتالي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب، وقد شهد شهر فبراير 2005 حدثاً له دلالة مهمة جداً على تأثُّر الذهب بأسعار العملات، فقد أعلنت حكومة كوريا الجنوبية أنّها ستدرس تنويع احتياطاتها من العملات (أي عدم تركيز احتياجاتها من الدولار الأمريكي) وبمجرّد صدور هذا البيان، هبط الدولار أمام العملة الكورية إلى أدنى حد منذ سبع سنوات، وفي المقابل فقد ارتفاع سعر الذهب مباشرة بنسبة 1.7% كرد فعل لانخفاض الدولار والعملات الأخرى، ولهذا فلقد اعتاد المراقبون على وجود علاقة عكسية تربط بين أسعار الذهب والدولار، فإذا ارتفع أحدهما، انخفض الآخر، ونظراً لترجيح استمرار انخفاض الدولار، فهذا يعني بالتالي ترجيح ارتفاع أسعار الذهب.
الصين والذهب:
وساعد انفتاح أسواق الصين على زيادة الطلب على الذهب، حيث سجّل إنتاج الصين من الذهب رقماً جديداً وهو 212.35 طناً من هذا المعدن النفيس في عام 2004. وطبقاً لما أعلنته الهيئة الصينية للذهب فإنّ شركة (شاندونج للتنقيب) Shandong Provinca الموجودة في شرق الصين، ما زالت هي أكبر منتج للذهب هناك، فقد شارفت على إنتاج حوالي 64.5 طناً خلال 2003. وقد تجاوز الاكتتاب فيها 1271 نمرة عن حاجاتها.ومن المعلوم أنّ عدد سكان الصين الضخم والذي يبلغ 1.3 بليون نسمة، بالإضافة إلى النمو الاقتصادي السريع جداً، وشغف الصينيين بالذهب، فقد أصبحت الصين الآن هي رابع أكبر دولة إنتاجاً واستهلاكاً للذهب.
الهند والذهب:
تشير الأرقام التي نشرها مجلس الذهب العالمي إلى أنّ ارتفاع سعر الذهب في الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2004، لم يعق المشترين في الهند.وسجّل الطلب على الاستهلاك نسبة أعلى من 16% من الوزن بالطن أو بنسبة 28% من الثمن بالروبية، عن نفس الفترة في عام 2003م.
في فترة التسعة شهور من يناير سبتمبر 2004 ازداد استهلاك الذهب في الهند بمقدار 9.5% من الوزن بالطن أو ما يوازي 20% من السعر بالروبية، وتشير الأرقام العالمية من خلال البحث الذي أجرته شركة GFMS Ltd لصالح المجلس العالمي للذهب أنّ طلب المستهلك على الذهب في الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2004 كان أعلى بنسبة 6% من الوزن بالطن خلال نفس الفترة من العام السابق.وقد ذكر سانجيف أجروال Sanjeev Agarwal وهو أحد المديرين الإداريين لشبه القارة الهندية بمجلس الذهب العالمي تعليقاً على ارتفاع الأسعار في الهند، أنّ ارتفاع الأسعار في الفترة من يوليو سبتمبر 2004 لم تعق المستهلكين للمجوهرات في الهند، على الرغم من وصول السعر إلى 400 دولار للأوقية، ولم يعيروا ارتفاع هذه الأسعار اهتماماً، بل مستعدون أيضاً لأي زيادات مستقبلية ممكنة، لتميز الهند بكثرة الاحتفالات ومناسبات الزواج مما يزيد الطلب على الذهب وبالتالي سترتفع أسعاره.وقد ساعد ارتفاع أسعار البترول إلى زيادة الطلب واستهلاك المجوهرات في منطقة الشرق الأوسط، ولقد حقق الطلب في تركيا زيادة ملحوظة لعام 2004، فقد كانت هناك زيادة سنوية في بيع تجزئة بلغت نسبة 74% في اليابان، مع زيادة في الشراء من خلال صناديق اكتناز تسمى سينريوباكو Senryoboko وهي عبارة عن صناديق خشبية مملوءة بعشرة كيلو جرامات من السبائك الذهبية أو العملات الذهبية، وقد حققت نجاحاً استثمارياً كبيراً.
الدراسات المستقبلية للذهب:
نظراً للاهتمام بالذهب وزيادة الطلب عليه، فقد قامت شركة سميث بارني Smith Barney والتي تُعد أكبر مؤسسة مالية أمريكية (نظام القطاعي) بنشر دراسة مهمة بتاريخ 31 - 1 - 2005 تتوقع الدارسة ازدياد الطلب على الذهب خلال السنوات المقبلة مما سينعكس إيجابياً على ازدياد الاستثمار في الذهب وقد قام معدو هذا التقرير بعمل مسح لمناجم العالم، ووصلوا إلى نتائج مشجعة في الاستثمار في هذا القطاع، فمن خلال التصنيع وإنشاء مدن جديدة بقارة آسيا سوف يرفع الطلب على الذهب، وبعد سنوات عديدة من إهمال شركات التنقيب عن الذهب، صارت الآن تتنافس بشراسة لزيادة طاقاتها الإنتاجية لمواجهة ارتفاع الطلب الحالي على المعدن النفيس ألا وهو الذهب.