انت كبير بهمك
تحت السحب الممطرة , يقف الكثير منا , يرتجف من لسعات البر القارصة , ويبكي من حبات البرد القاسية , ويظل يبكي ويسيل دموعه الحارة في كنف الأجواء الباردة , وينظر بعينين حمراوين , إلي شخص يناديه من أمد بعيد , ويقول له تحرك وافعل شيئا , ولا يستطيع رد جوابه إلا بتنهد و أجهش بالبكاء .
هذه الصورة حقيقة كثير من الأمم التي ترجو نجاحا وفلاحا ولكنهم قابعون جالسون , لا يتحركون ولا يحركون , ويرون في نظرة عمياء أن الحل الأمثل هو الجلوس والبكاء , لإشعار الآخر بأننا في أزمة وننتظر مساعدتكم.
لقد باتت هذه الحقيقة في كثير من الناس , وتمثلت في أقوالهم و أفعالهم وإن لم يقروا بها , فترى هذا يقول : وما عساني أن اصلح في أمتي ؟ يد واحدة لا تصفق , وتجد الكثير لا يعمل ولا يتحرك وان سألته قال لك : هذا زمن الفتنة وزمن ( نفسي نفسي ) , وغير هذا من الأعذار الواهية التي لا يوافق عليها دين صحيح ولا عقل سليم , ولا رأي سديد .
أخي يامن تريد التحرك , حرك هذا القلب الجامد واعلم انك كبير بهمك , والله انك تستطيع فعل الكثير والكثير, تستطيع أن تقلص من نسبة الجهل في أمتك بتعلمك , تستطيع فعلا أن تخفف من عدد المخربين والفساق بصلاحك وتقواك , تستطيع أن تشارك في نجاح مخيم أو نشاط بحضورك ومشاركتك , تستطيع أن تساهم في رفع معنويات مؤسسة للتطوير بمقال أو كلمة أو محاضرة أو درس أو خطبة أو قصيدة أو وضع القليل من مالك لتكون لبنة من بناء مشروع كبير , تستطيع أن تقدم فكرة أو ترعى موهبة أو توجه تائها أو تنبه غافلا أو تجيب سائلا , أو تعود مريضا , أنت بأعمالك هذه كلها تقدم خدمة كبيرة لأمتك تساهم في رفعها من الحضيض الذي عاشت به سنينا .
لو أن سلوكا شائنا حدث في مكان ما في زمان ؛ لم يره إلا أنت فانطلاقك لإصلاح هذا السلوك عمل كبير لا يستطيع أحد في العالم أجمع أن يفعله ؛ فاستشعر تميزك وعظمة ما تقوم به .
يامن أزعجته لسعات البرد القارصة , تحرك والبس درعك ليحميك , وفر وسائل التحدي والتفاعل مع العصر , ولا تكن متخلفا , نائما , فأنت موجود في العالم لتعمل .
محمد فايع عسيري
منقول من مجلة مواكب العدد السابع والعشرون
مواقع النشر (المفضلة)