التقليد والابداع
إن تكلمنا عن التقليد والابداع فنحن نتكلم عن نقيضين لأن التقليد هو ان يسير المرء
على نهج الاخرين سواء كان ذلك النهج خطأ او صحيحا..
لكن الابداع هو الاتيان بالجديد والرغبة الجامحة في التغيير ، سواء كان هذا التغيير
خطا أو صحيحا...
لربما يبدو الكلام سهلا عن هذين الأمرين لكن حينما نضع أنفسنا أماكن المبدعين
ونحاول الاختراع والابتداع يكون الامر صعبا..وهذا الامر لا يكون إلا لأصحاب الشخصيات القوية
الذين يرغبون دائما في إظهار بصمتهم وشخصيتهم على أي شيء يفعلونه ولا يحبون ان يكونوا مقلدين لغيرهم
التقليد والتكرار هو الذي يجعل المرء يشعر الملل والكآبة وهذه العوارض نلاحظها عن كثير من الناس في زمننا ..وذلك بصراحة لان الغالبية يعيشون فراغ فكري وخواء روحاني يمنعهم من التفكير بشكل سليم والابداع
، نلاحظ اغلب من حولنا يعانون من الكآبة
وهم يستحقون ذلك لانهم هم مو ضيقوا فكرهم ولم يحبوا ان ينطلقوا في حياتهم ويبدعوا
فالابداع ليس ابداعا في الفن او في الشعر او في الرياضة او في الصناعة
الابداع الاساسي يكون ابداع في أسلوب الحياة
في اسلوب الحياة وفي التفكير ...كيف يكون الانسان سعيدا وغير مكتئب مادام انه يفعل الامور نفسها يوميا..يفكر بنفس الطريقة
ويعتنق نفس العادات البالية ..كل الناس همومهم وأفكارهم تافهة
سفريات سياحية...حضور حفلات....تشجيع فريق ..حمية وتفاخر بالقبائل ...اضاعة الوقت بالسواليف ..تقليد للغرب..للفنانين..متابعة الموضة...
حتى الافكار التي يفكرونها هي افكار مستوردة...من الخارج
ولا نرى من يفكر في أن يرقى بنفسه بنفسه ...والحياة مليئة بالامور التي يجب علينا ان نفعلها و ان نمارسها
لماذا الغالبية يضيقون على انفسهم ويجعلون فرصهم في حياتهم محدودة.؟؟
أكل ، شرب ، نوم ، دوام ..حياة بهيمية تشبه الحياة ظاهريا فقط
وليس لديهم من هواية
أيا كانت هذه الهواية ..حتى لو كانت صبغ البوية!!...
فلربما بحبهم الشديد وتعلقهم لهذه الهواية أبدعوا في صبغ البويات واخترعوا دهانات وطرق واساليب جديدة!!
هذا على سبيل المثال...وإلا فالامثلة كثيرة
قديما
كان الاولين من المسلمين مبدعين في حياتهم لان فكرهم كان مبدعا
وبالتالي انعكس هذا الفكر المبدع على نشاطاتهم ....على ابداعهم في فنونهم وعلمهم وحياتهم
وطريقة حكمهم وسياساتهم ...
لهذا كان يقال عنهم حضارة اسلامية
فأول من فكر في فكرة الانسان الالى هم المسلمون
وأول من فكر في الطيران هم المسلمون
وأول من رسم خريطة العالم دون ان يستخدموا الاقمار الصناعية هم المسلمون
وأول ..وأول أول والكثير من السبق الذي حققوه لم يكن من فراغ
لكنما من أنهم انتهجوا مبدأ فكري جديد في حياتهم
ألا وهو مبدا البحث والتجديد والتنافس الابداعي
وذلك تطبيقا لما قالوه الرسول صلى الله عليه وسلم:
من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا في الجنة)
لاحظ ان الرسول بهذا الحديث صار يحرض طلبة العلم على البحث والتطوير
لا ان يتوقفوا في حد معين
هذا هو الابداع ان تأتي كل يوم بفكرة خيالية جديدة .....
هنا سأعطيكم مثالا بسيطا على الابداع ونبذ القدماء للتقليد وذلك من قصص الشعراء
وهذه القصة هي قصة الشاعر ابو نواس
الذي سلك طريقا في تعلم الشعر صعبة ..حيث طلب منه معلمه خلف الاحمر في بداية تعلمه للشعر
ان يحفظ كثيرا من الاشعار وكثيرا من الاراجيز لفحول الشعراء فحفظ ما امره به وامتحنه خلف الاحمر امتحانا شاقا وعسيرا وانتظر بعدها الحسن ان يأذن له بكتابة الشعر
فقال له خلف الاحمر : لا آذن لك حتى تنسى ما حفظت ..وتبدو وجهة نظر خلف الاحمر واضحة ههنا إذ انه يريده ان لا يعتمد على التقليد لغيره من الشعراء الذي حفظ لهم اشعارا
وهذا يدل على أن الاساتذة قديما كانوا يحثون طلبتهم على ان يتعلموا ويبدعوا وكانوا يعلمونهم كيف يفكرون
وذلك لا يوجد عندنا في هذه الايام حيث ان الطلبة عقولهم مجرد حاملات معلومات ربما تحفظ وتظل وربما تنسى بعد التخرج ..ولا يستفاد من تلك المعلومات التي درسوها ولا يتم تطويرها من خلال التفكير الابداعي
دعونا نقف يدا بيد ونفكر معا كيف نبدع في حياتنا
وكيف نبدع بأخلاقنا......فالابداع في الاخلاق أيضا مسموح
فمثلا من منا فكر ان يتغير مجتمعنا الموبوء بعاداته وتقاليده البالية
وينتهي ذلك الجهل المعشش في العقول
ومن منا فكر أن ينتهج مبدا نبذ العصبية القبيلة على سبيل المثال
على ان يلتزم فيه لا يردده قولا ولا يعيشه عملا وفعلا؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ومن فكر تفكير فعلي أن يعتنق ابناء المجتمع الاسلامي عادة غير عادة الحمية الجاهلية وأن تكون لديهم حمية اسلامية
تلك الحمية التي لا علاقة لها بجنس او فئة او دولة محددة؟؟؟؟
لماذا لا نفكر في تغيير الحياة والناس من حولنا بأن نقضي على السلبيات التي في مجتمعنا؟؟ لا أن نفكر في تغيير أنفسنا فقط؟؟؟
والحديث عن الابداع يطول لانه يعتبر بوابة للدخول في جميع مجالات الحياة
كتبه لكم :
ظميان غدير
مواقع النشر (المفضلة)