مدونة نظام اون لاين

صفحة 3 من 22 الأولىالأولى 1234513 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 15 من 107

الموضوع: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود , رواية انفاس قطر

  1. #11

    ][ فريق تطوير الزين ][


    تاريخ التسجيل
    Aug 2013
    المشاركات
    11,800
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    صباح الود والروعة التي تسربلت بروعتكم فكانت لها زادا


    فتحت اليوم وأنا خالية الذهن تماما


    لأتفاجأ.. واي مفاجأة.. دائما تخجلونني يا أهل ليلاس بتطويقكم لعنقي بشرف رفيع


    عاجزة عن شكركم على ثقتكم الغالية التي أتمنى أكون أهلا لها


    أتمنى تكون قصتي تستحق التميز والتثبيت.. ويهمني أن تكون في قلوبكم هكذا قبل أي شيء


    ردي هذا في الاسفل كتبته البارحة وآخر من قرأت لها ردا هي شبيهة القمر


    لذا فليعذرنني من جئن لاحقا لأني سأقرأ ردودهم الآن مع خالص خالص شكري لهم


    الله لا يحرمني مرورهم


    .


    .


    أعذروني على مروري السريع المرة الماضية


    بالفعل كنت أعاني من ألم رأسي المعتاد..


    ولكن منذ يوم أمس وأنا أفضل بكثير لله الحمد والمنة


    فعوضتكم برد طويل <<< ليتك قعدتي مصدعة وساكتة بس


    .


    .



    قبل أي شيء.. نقطة توضيح ولو أنه البنات ماقصروا


    بس بعد أحب أوضح أكثر مع خالص شكري لهم نوف وخوخة والعنقليزية


    لما نتكلم عن بنت المصرية مطلقا لا يكون القصد التقليل من أي عرق أو شعب أو حتى دين أو جنسية


    ومستحيل أسمح إنه تكون قصتي ساحة لهذا الشيء


    المقصد فقط أن نتطرق لمشكلة موجودة.. تم تناولها كثيرا.. لكن يبقى التناول قاصرا


    لأنها قضية ضخمة تحتاج تضافر جهود كثيرة لتغيير قناعات مريضة موجودة عند البعض << وأشدد على كلمة البعض


    ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى... وانتظروا معنا مجريات الحكاية..


    وخاطرك على رأسي يا لويا أنتي وكل المصريين..


    .


    .



    يالله اليوم مع خوخة نجمة يا خوخة.. هل هي رسالة أو تنبوء؟؟


    شوي من هذا على ذلك


    تقولين أغش حركات خالتي.. شوفي بارت اليوم واتصال عفراء هذا صدق غشيته من خالتي


    لأنه مستحيل حد يفكر هالتفكير إلا هي فديت روحها


    وشكرا على التصحيح لسالفة الهيئة اللي جاءت بالتوقع العجيب عند جيلو و ام الجمايل الله لا يحرمني مرورهم العذب


    وزارا لها نجمة مع داليا.. هي الوحيدة اللي تذكرت المخلوقة اللي جايه من الدوحة ماحد عبرها..


    .


    .


    أممممممم أعيد اذكر الأحداث تجري بين جماعة كلهم يعرف بعض


    حتى لو ما كانت المعرفة شديدة القوة أو التواصل


    يعني منصور أكيد يعرف عايلة أبو صالح قبل أكثر من 3 سنين بعد.. يمكن يعرفهم من يوم أنولد


    أممم وصلت يا ليدينا الذكية؟؟


    واليوم تتأكدون أكثر..


    .


    .


    مزون مريضة بمرض وراثي توقع خالتي جورية اللي نقلته السراب.. وأنتي خالتي وين؟؟


    وكان كذلك توقع أختي الصغيرة أديبتنا الرائعة نورالوجود


    لا مزون ليست مريضة.. ولكنها تؤمن أنها لن تتزوج يوما


    " فمن يريد فتاة دميمة وكابتن طيارة ؟ " << هذا رأيها في نفسها



    هل مزون في استراحة الطيارين بتقابل رجال؟؟ أكيد يا معزوفة..


    وخلاص مزون قربت تطير يابوح وفعلا شعاع رقيقة جدا بس أنتظروا شوي مواقفها الجاية



    .


    .


    كاسرة حضيت بالأعجاب في البارت الماضي من جمهور من المعجبات بحضورهم الخيالي الرائع كروعتهم الله لا يحرمني مرورهم


    رمش الغلا وضاقت والعنقليزية و نودي أو نوض


    تدرين نودي كنت أظن اسمك نوض بس خوخة قالت لي لا.. نودي


    نوض أحلى فاسمحي لي أنا أسميك نوض بعد أذنك


    .


    .


    عاد الثنائي الجدلي الثاني


    نجلاء وصالح << مع البتول كان لهم كل الحضور


    وجميلة وخليفة << كانوا في رأس قائمة بوح قلم ووفيساتها الحلوة وهم اهتمام وردة الياسمين


    كل ثنائي تو الناس عليهم..


    .


    .


    جاكلين كيف ولدنا اللي تابع معنا أسى الهجران؟؟


    أم كايد أكيد أتذكرك يالغالية


    درة مضيئة وجارة الحرم الله يكبر قدركم مثل ما كبرتوا قدري


    أمار المهم إنك معنا بروحك


    أفراح ألف لابأس عليك ياقلبي والحمدلله على سلامتك.. قراءتك للشخصيات أكثر من مذهلة في اقتناصها للفكرة وبأحكم عبارة دالة


    وخصوصا كساب ربما لو أنا شرحت الفكرة لم أكن لأوصلها مثلك


    ومنصور لا يشبه إلا نفسه.. قد يكون هناك تقاطع فكري لحضور رجولي مختلف سابق.. ولكن معك وبك للانتظار نكهته..


    شبيهة القمر وساكنة الأعالي ألف شكر يا غالية..


    .


    .


    اليوم البارت الحادي عشر


    الغلبة فيه لمنصور نراه في 3 مواقف مختلفة ومع خمس شخصيات


    زايد وفهد ومزون.. ومن بعد؟؟


    كاسرة وعفراء..


    حبيت أجمعه مع الثنتين اللي اسمه انربط فيهم لهدف عندي


    لكن المشهد الأهم عندي هو مع زايد


    المشهد الوحيد الذي رأيتموه مع زايد في الوقت الحالي


    كان موقف غضب.. لكن من حقكم أن تعرفوا طبيعة علاقتهم كأخوة حتى وإن كان بينهم جرح وعناد


    في هذه القصة أركز على أربع أنواع من المشاعر


    الأخوة والصداقة والأبوة والأمومة


    وعلاقة منصور بزايد علاقة رائعة حابة أنكم تشوفونها في حالة الصفاء بينهم


    وتذكرون أول مشهد طلع فيه منصور لما قال لكساب:


    صحيح أنا وزايد نتناقر دايم بس زايد غلاه عندي غير



    اليوم نتعرف عليهم أكثر


    ويهمني بعد تشوفون تعامل منصور مع مزون...


    رغم إن منصور غير موافق إطلاقا على دراسة مزون ومع كذا شوفوا معاملته لها


    .


    .


    الموقف الأهم عندي في بارت اليوم


    هو بين مزنة وتميم


    تصدقوني لو قلت إني تفاجأت وأنا أكتبه بدموعي تسيل بدون ما أحس


    يمكن لأني أم وحطيت نفسي مكان مزنة


    حسيت بألم مستعصي على الوصف حينها وأنا كل شوي أشيل ولدي وأحبه


    وأشكر ربي وأحمده اللي جعله بتمام الصحة والعافية


    ويا الله يا بنات كلكم ادعو للنوفي خوالها عمامها إن ربي يرزقها بمولود حسن الخَلق والخُلق


    والدعوة موصولة لكل حوامل بين الأمس واليوم اللي يقرونها يارب يسهل عليهم ويرزقهم بذرية صالحة


    ويرزق كل محرومة من الأمومة يارب


    .


    .


    ننتهي اليوم على موقف غير متوقع


    أتمنى أن يعجبكم


    .


    إليكم


    البارت الحادي عشر


    .


    .


    قراءة ممتعة مقدما


    .


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .


    .



    بين الأمس واليوم/ الجزء الحادي عشر






    خليفة خرج من غرفة جميلة.. توجه للحمام ليغسل يديه


    رغم أنها لم تتقيأ عليه... ولكنه يشعر برغبة حادة للاستحمام حتى وتغيير كل ملابسه


    يشعر ان رائحة القيء التصقت به..ولا تفارق أنفه..



    غسل يديه عدة مرات قبل أن يعود ليقف على باب غرفتها


    وألم روحه يتزايد..يحاول أن يتصرف بمنطقية..أو وفقا للشهامة المفترضة


    ولكنه يجد نفسه غارقا في الحيرة والارتباك.. فعلاقته بالجنس الانثوي شبه معدومة


    والدته توفيت منذ سنوات.. وليس له شقيقات.. وخالاته سيدات كبيرات لاهيات في حياتهن


    وبيته بيت رجولي بامتياز.. 4 رجال في بيت حتى وقت قريب عندما تزوج جاسم وخرج في بيت لوحده



    فكيف سيتصرف مع هذه الشابة التي اقتحمت حياته؟!! أو بمعنى أصح هو من اقتحم حياتها بمغامرة غير محسوبة!!


    لا يعرفها ولا تعرفه.. لا يشعر حتى أن هناك رابط فعلي بينهما


    فهل عقد الزواج الذي كان نتيجة عناد من الطرفين.. يكفي لصنع العلاقة؟!



    يتنهد بعمق وهو يهتف في داخل نفسه



    "الله عز وجل يعرف الأصلح


    قد يكون الله خبأ لي الكثير من الثواب عن طريقها


    يتيمة ومريضة وضعها الله في طريقي


    أو ربما وضعني أنا في طريقها ماعاد يهم..


    المهم أننا أصبحنا معا مرتبطين برباط مقدس"




    وهو غارق في تفكيره التقطت عينه المرأة التي ترتدي عباءة ونقاب وتتجه ناحيته


    رغم أنه مازال لا يعرف هيئة عفراء بالنقاب ولكن يستحيل أن يكون أحدا سواها


    شعر بسعادة ما تقفز لروحه كأسراب عصافير انتشرت على امتداد جوانحه.. أن هناك من قدم ليحمل بعض الهم عنه..


    ليتبعه مباشرة شعور بالاستغراب.. كيف ومتى استطاعت اللحاق بهم بهذه السرعة



    ثم تلاه شعور عارم بالتوجس من هذا الذي يمشي جوارها عاقدا ناظريه بمشية واثقة كأنه يملك المكان




    عفراء حين رأت خليفة كادت تتعثر وهي تكاد تركض ناحيته لتصله في ثوان وتهتف له بلهفة: خليفة يأمك وين جميلة؟؟



    قبل أن يجيب خليفة.. كان الجواب سماعها لصوت ابنتها المبحوح يناديها بهستيرية.. لتقتحم الباب دون تفكير وقلبها ينخلع رعبا عليها



    في الداخل كانت داليا تحاول تهدئة جميلة لتتفاجأ الاثنتان بالاعصار الحنون الذي اقتحم المكان..


    جميلة المصعوقة من الفرحة والدهشة حين رأت والدتها


    كانت تريد أن تقفز من السرير دون تفكير لتركض ناحيتها.. ولكن عفراء كانت أسرع منها لتصلها قبل أن تجن وتنهض


    جميلة ارتمت في حضن والدتها وهي تبكي بانهيار موجع..


    بينما عفراء منعت نفسها أن تبكي وهي تهدهد صغيرتها: بس يامش خلاص.. هذا أنا عندش..



    جميلة تعلقت بجيبها وهي تشهق: لا تخليني.. لا تخليني..



    الباب كان مفتوحا.. كساب ابتعد عن المكان قليلا حتى لا يكشف المكان


    بينما خليفة الذي كان يقف عند الباب واختناقه يتزايد


    وشعوره بالندم يتزايد ويتزايد



    "كله بأمر الله


    ولكن الله يسبب الأسباب.. ولو أنني لم أظهر في الصورة


    لم يكن كل هذا ليحدث.. لم يكن كل هذا ليحدث"




    خليفة ينتبه للرجل الذي جاء مع عفراء .. يتجه له مسلما عليه


    كسّاب يسلم عليه بتهذيب بارد مصطنع.. وهو يود في داخله لو استطاع أن يغير له ملامح وجهه



    "والله ما ياخذ في يدي حتى نص دقيقة


    كفين ثلاثة كفاية عليه


    وش فيه زود على علي تختاره الشيخة جميلة


    يارب يصبحش بكف ويمسيش بكف


    لين تعرفين إن الله حق"



    خليفة باحترام أخفى خلفه توتره: كسّاب صح؟؟



    كسّاب يرد بسخرية ألبسها نبرة احترام مصطنعة: ذكي صراحة.. ليه يعني خالتي بتجي مع حد غيري..



    خليفة بحرج: ما قصدت السموحة..



    كسّاب بذات الاحترام الساخر الملغوم الذي بدأ يُشعر خليفة بالتوتر: ممكن تقول جميلة تتغطى أسلم عليها


    إلا لو عندك مانع..



    شعر خليفة بضيق عميق من أسلوب كسّاب المستفز


    ولكنه مازال محتفظا بهدوءه وهو يقول بهدوء ظاهري: دقيقة بس أقولها تتغطى






    ***************************






    مزون بصدمة: كابتن طيارة وعقبه تشتغلين سكرتيرة



    السكرتيرة بابتسامة: أنا منّي سكرتيرة أنا مديرة مكتبه.. والشيء التاني أنا ماكنت بكالوريوس طيران متلك


    أنا كان معاي رخصة تيّار.. اللي هي pll .. وأخذتها في أقل من سنة.. فالتحئت بتيران الشرء الأوسط بلبنان.. بس ما كملت سنة



    مزون بدهشة: ليش طيب؟؟



    السكرتيرة ببساطة: صحيح الكل بيئول إنو احنا شعب أوبن وفري.. بس شغلت الكابتن صعبة على أي ست لو مهما كانت


    يعني أنا كنت مساعد تيار كل مرة مع اتنين شباب.. فيهم اللي بيتطلع بوكاحة وفيهم اللي بيتطلع باحتقار.. وهيك كل التيارين


    تفكيرهم اني ائل منهم.. وما بفهم شي.. ومرة الكابتن هزأ فيا مع ان الغلط غلطو.. ورمى علي كلام كبير


    بس نزلنا ئدمت شكوى رسمية.. اتفئوا الاتنين عليا إنو أنا اللي طولت لساني



    وبعدها ئلت شو بدي بهالشغلة.. اللي مافيها استقرار ولا راحة


    نزام العمل في كل المطارات بيفرض عليكي تشتغلي لحد 14 ساعة متواصلة وبعدها راحة ما بين 10 لـ16 ساعة بس


    والإجازة 7 ايام في الشهر بس... شو هيدا والله لو سخرة ما بستحمل..


    غير عن حالات منّا معئولة بتصير من المسافرين.. هيدا سكران.. هيدا تخانق مع هيدا.. هيدا اتحرش بهيدي.. وتعا ياكابتن حل المشاكل


    أشي والله بيخزي!!



    مزون تنهدت بعمق.. وهي تمد يدها لتصافح السكرتيرة وتتناول بطاقة استراحة الطيارين منها


    وتهمس في داخلها بتوجس: خوش تجربة ولقاء نبدأ فيها حياتنا العملية..







    ******************************







    "جميلة تغطي.. ولد خالتج يبي يسلم عليج"



    جميلة اعتصرت بضعف يد والدتها التي تجلس جوارها وهمست بخفوت: يمه من اللي جاي معش؟؟



    عفراء تأخذ جلالا خفيفا وتغطي به وجه جميلة وهي تهمس بحنان: كسّاب يأمش..



    جميلة بضيق كتم على أنفاسها: ومالقيتي حد إلا كسّاب..



    عفراء بنبرة غضب عاتبة: ومن اللي باجي معه يعني؟؟.. علي وإلا زايد؟!



    جميلة ابتلعت ريقها المختلط بعبراتها.. رؤية كسّاب لطالما أخرجت أسوأ ما فيها من مشاعر..


    يولد فيها إحساسا دائما أنها عاشت متسولة على أطراف حياتهم


    عالة على مشاعرهم واهتمامهم


    وأنه لولا خالتهم وإلا لربما قذفوها خارج حياتهم دون أدنى اهتمام بها





    كسّاب دخل بثقة.. ليقف قريبا من الباب..


    وحضوره يلتهم المكان كعادته في كل مكان وهو ينشر إحساسا بالضآلة فيمن حوله..


    هبة فطرية نادرة فتحت له النجاح حتى في مجال التجارة والأعمال



    همس بهدوءه المغلوم دائما وأبدا: صباح الخير جميلة


    ثم أردف بنبرة مقصودة: ألف مبروك الزواج يا بنت خالتي..



    جميلة بارتجاف صوتها المبحوح: الله يبارك فيك.. عقبالك إن شاء الله



    كسّاب بهدوء ساخر: إن شاء الله يوم ترجعين بالسلامة عشان تحضرين عرسي..



    جميلة بسرعة وهي تتحرق لإنهاء المقابلة: أكيد أكيد.. الله يعطيني طولت العمر بس



    كساب بذات هدوءه الجالب للتوتر لمن حوله: إن شاء الله طولت العمر لش ولــ.. ولــ وش اسمه رجالش؟؟



    خليفة الذي سينفجر هتف بهدوء على وشك التمزق: خليفة طال عمرك



    وإن كان هدوء خليفة بقي صامدا فإن هدوء غيره تلاشى.. فجميلة صرخت بانفعال:


    اسمه خليفة.. واظني إنك عارف إنه اسمه خليفة..


    ومهوب اسم خليفة اللي ينتسي يا شيخ كسّاب


    وما أسمح لك تقلل من قيمته قدامي ولا حتى من وراي..


    أنت على ويش شايف حالك.. عندك إن الناس كلهم أقل منك..


    عمري في حياتي ما شفت واحد بغيض مثلك



    عفراء بتهدئة ضغطت على يد ابنتها وهي تهمس بغضب من بين أسنانها: جميلة عيب.. قصري حسش..



    كسّاب الذي كانت تتلاعب على شفتيه ابتسامة ملولة ومثيرة.. لم يبد عليه أدنى اهتمام بكل ماقالته وهو يهمس بثقة ساخرة:


    عادي خالتي.. جمول أختي الصغيرة.. والواحد لازم ياخذها على قد خبالها


    وعلى العموم أنا أصلا طالع بتلاقيني إذا بغيتيني في الانتظار


    خلها تبربر على روحها..



    جميلة حاولت جاهدة منع نفسها من البكاء.. ولكنها لم تستطع منع دموعها أن تسيل تحت غطاء وجهها




    بينما خليفة مازال مذهولا عاجزا تفهم ماحدث أمامه


    الغريب أنه يتفهم كسّاب تماما.. بل يعذره فيما يفعله به وبجميلة


    فلو كان أحد ما فعل بأحد شقيقيه ما فعله هو بعلي.. ربما كانت ردة فعله أكثر تطرفا من كسّاب



    ولكن إن كان فهم وجهة نظر الرجل لأنه رجل.. فهو عاجز عن فهم المرأة



    جــــمــــيــــلــــة




    لماذا انفجرت هكذا؟!! ولماذا دافعت عنه باستماتة؟؟


    ولماذا هذا الهجوم على ابن خالتها؟!!


    لماذا؟؟


    لماذا؟؟





    ******************************






    زايد في مجلسه يتقهوى قهوة العصر وعنده شقيقه منصور


    ويالا الغرابة !!ورغم أن حوارتهما دائما قد تنتهي بشجار ما ..فكلاهما عنيد ومتمسك برأيه


    ولكن يستحيل أن يمر اليوم دون أن يرى احدهما الآخر


    يتشاجران.. يتلاسنان.. يتحادثان.. يتشاوران..


    المهم أن يرى كل منهما الآخر...فكل منهما يحمل للآخر محبة وإعزازا لا متناهيا وبصورة غريبة



    لو طلب أحدهما من الآخر أن ينتزع قلبه بأنامله العارية ليهبه له.. فأنه سينفذ دون أدنى تردد


    بينما لو طلب أحدهما من الآخر أن يتنازل عن رأيه.. فـنـزع القلب حينها أهون!!



    زايد يرتشف فنجانه ويهتف بهدوء: منصور..



    منصور باحترام وهو ينزل فنجانه: لبيه يأبو كساب



    زايد بمودة: لبيت في مكة يأبو زايد.. ليت زايد يأتي بس.. عجزنا نتناه..



    منصور يضحك: خل زايد الصغير مرتاح.. وش يبي بالشقا..


    ثم أردف بمودة صافية: آمرني جعلني فداك.. وش تبي؟؟



    زايد بمودة مشابهة: يفداك اللاش يابو زايد... أبيك تجي تقعد عند مزون يومين


    أبي أسافر لعلي.. قلبي مهوب مرتاح لين أشوفه


    ومزون ماعندها حد.. خبرك كسّاب وخالته سافروا



    منصور بهدوء حذر: مهوب أحسن لو تخليه كم يوم بروحه..



    زايد بألم أخفاه خلف حزم صوته: ما فيني صبر يأخيك.. انفرى جوفي على الولد


    لما أشوفه اليوم قبل بكرة بيصير لي شيء



    منصور انتفض بجزع: عدوينك واللي يكرهونك يابو كسّاب



    منصور تماسك بعد جزعه من كلمة أخيه ليهتف بهدوء: زين خلاص خل مزون تجي عندي في بيتي.. البيت وش كبره وتحت أمرها



    زايد برفض قطعي: لا جعلني ما أخلى منك.... بيتك مليان صبيان


    عدا إن مجلسك ما يفضى من الضباط


    ماني بمتطمن عليها في بيتك..


    ولا عليك أمر أبيك تجي أنت عندها.. وغرف البيت كلها تحت أمرك



    منصور بأريحية: خلاص تم.. قل لي متى بتروح.. واجيب قشي عند بنتي..


    والله يعين الضباط ذا اليومين يدورون لهم مكان تجمع ثاني



    زايد يلتقط هاتفه ليتصل وهو يهتف بحزم: خلاص دامك فيها وش أنت تتنيها


    بأتصل في سكرتيري يحجز لي الليلة


    وأنت الله يعينك تشيل قشك من الليلة


    والله الله في بنتك..







    ***************************







    بعد ذلك بساعتين


    فيرجن ميغا ستورز


    فيلاجيو مول





    كاسرة غاضبة ويكاد دخان حرائقها يتصاعد من رأسها بينما كانت وضحى تستجديها بصوت خافت:


    تكفين كاسرة لا تفضحينا.. ما يصير كل ما نطلع مجمع لازم تغسلين لش شراع واحد وتمسحين به الارض وإلا ماتنبسطين



    كاسرة من بين أسنانها: يعني عاجبش سواتهم من يوم دخلنا المجمع وهم ورانا


    خلصوني أنتي وإياها.. قدام أروح لهم وأعطي كل واحد منهم كف



    سميرة بمرح وهي تخفض صوتها: كاسرة وش نسوي بش أنتي جايبة لنا شبهة بذا الطول والرزة وذا العيون اللي تذبح..


    لو أنا من الشباب والله ما أهدش.. وراش وراش..


    لا وإذا سبيتني سبيتني بصوتش اللي ينحر الفاد..


    أنا منهم أقول مثل خالي هريدي : كمان.. سبيني كمان



    كاسرة لا تستطيع مقاومة سميرة ابتسمت وهي تهمس بخفوت: خلصوني جعل خالش هريدي يكفخش


    والله ماحد جايب لنا شبهة غيرش يا البرصاء.. بياضش يدعي الواحد من بعيد



    سميرة تضحك بخفوت: كل يوم أروح المجمعات ولا حد عبّر البرصاء.. ماأحس إني أنثى كل اللي في المجمع وراي لين أروح معش..



    وضحى تريد أن تنتهي قبل أن تفتعل كاسرة معركة: خلاص كاسرة بنأخذ هذي..



    الفتيات توجهن للمحاسبة.. كان الاتفاق أن وضحى وسميرة ستتقاسمان سعرها


    ولكن كاسرة أقسمت ألا تدفع واحدة منهما ريالا ودفعت المبلغ كاملا



    سميرة بحرج: كاسرة بكيفش تحلفين على أختش.. بس أنا لازم أدفع..



    كاسرة بغضب: عيب عليش سميرة.. ترا مثلش مثل وضحى وما أبي أسمع كثرت حكي


    خلونا نطلع قدام أسوي جريمة في الاثنين اللي واقفين من صبح ذولا



    كاسرة أتصلت في سائقها حتى يحضر لحمل الطابعة الضخمة مع عمال المحل


    بينما كن الفتيات يهممن بالخروج من المحل


    فور أن أصبحن عند الباب سميرة سحبت الاثنتين وعادت بهما داخل المحل


    وهي تهمس بجزع خافت: يا ويلي يا ويلي.. فهد ولد عمي قاعد في المقهى اللي مقابل فيرجن


    وش ذا الحظ النحس.. لي شهور ما لمحته حتى.. وعقبه أشوفه في فيلاجيو



    كاسرة بغضب: وانتي وش عليش منه؟!!


    أصلا فلاجيو بالذات توقعي تشوفين ثلاث أرباع عيال جماعتش فيه


    خلونا نطلع أصلا مهوب عارفش


    واحنا أساسا ماراح نمر من جنبهم بنطلع مع بوابة واحد..


    وحتى لو عرفش خليه يتجرأ ويقول لش كلمة وأنتي معي.. والله ماعاد يتعودها



    سميرة بخوف: لا كاسرة تكفين... دقيقة بس خلوني أطل لو شفته مندمج في السوالف طلعنا


    ما تعرفون فهد .. هذا فاسخ.. فاااااااسخ


    لا وبعد مع ذا البشوات اللي ورانا ...إي والله إن قد يقص رقبتي..



    سميرة أطلت لتجد فهدا بالفعل مستغرقا في الحديث مع الشخص الآخر..


    ووضحى تهمس لها: هو وينه..؟؟



    سميرة تشير لها عن مكانه.. بينما تساءلت وضحى: من هذا اللي معاه بعد؟؟



    سميرة تشدهما: خلونا نطلع وأقول لش..



    خرجن الفتيات الثلاث ليصلن للسيارة والشابان مازالا يتبعونهم..


    حينها ألتفتت لهما كاسرة لتلقي عليهما مجموعة من عباراتها المنتقاة بدقة وهي تخفض صوتها المشتعل بالغضب..ليهرب الاثنان..



    بينما سميرة تنفجر بالضحك وهي تركب السيارة: يا بطني.. أنتي من وين تجيبين ذا الكلام


    خليتيهم ما يسوون بصلة..



    كاسرة تبتسم وهي تغلق بابها: تعالي وأعطيش درووس.. وضحى مافادت فيها دروسي.. كود تفلحين أنتي



    وضحى بضيق: والله كل واحد وشخصيته.. ما أقدر ألبس ثوب مهوب ثوبي



    سميرة شعرت أن هناك شرارة توتر أشتعلت في السيارة لذا همست بمرح:


    الحمدلله إني طلعت من فيلاجيو على أرجيلي..


    حرمت أدخله إذا فهيدان يجيه..



    حينها ابتسمت وضحى: أما يا سميرة حرام عليش.. طول ذا السنين تسبين في الولد هو يجنن كذا.. عاد لو أنه شين كان دورنا لش عذر



    سميرة تضحك: الزين من زانت أفعاله يأوخيتي..



    حينها تهتف وضحى بحماس: إلا تعالي قولي لي.. من الشيخ اللي جنبه؟؟



    سميرة تبتسم: على طول حطيتيه شيخ..



    كاسرة اعتصمت بصمتها حتى لا تتدخل في حديث الصديقتين


    الذي شعرت أنه حديث سخيف أشبه بحديثات مراهقات ولا يتناسب معها أبدا بينما وضحى تبتسم وتجيب:


    ياختي أقص يدي إذا هو مهوب شيخ.. مكتوب على جبهته.. وش ذا الرزة وش ذا الزين.. يدوخ ياختي.. من جماعتكم هو؟؟


    مع أني ما اظن في جماعتكم حد زين.. كلهم قحط..



    سميرة تبتسم: ياحبيبتي جماعتنا كلهم شيوخ ومزايين.. هذا ياطويلة العمر حضرت العقيد


    فهيدان حفظني اسمه وشكله من عادني بزر.. تقولين عليه بنية معجبة بمطرب من كثر ماهو مايهذري به



    وضحى بحماس طفولي: هذا منصور آل كسّاب الشهير.. وأخيرا شفته..


    بس صدق ما عدلوا في وصفه أبو الثلاث حريم.. ما ألومهم يغارون عليه صراحة



    ثم وجهت السؤال لكاسرة بذات الحماسية الطفولية: كاسرة شفتي منصور آل كساب.. وش رايش فيه؟؟؟



    كاسرة تسند رأسها للزجاج المجاور لها وتهمس بهدوء لا يعلم أحد ماذا تخفي وراءه:


    ماشي حاله...






    ********************************






    ذات الوقت


    في داخل فيلاجيو


    مقهى كولومبس المجاور لفيرجن




    منصور يرتشف قهوته ويهمس بهدوء: لولا أني وعدتك أطلع معك رضاوة عشان الرخصة اللي خذتها منك


    وإلا كان اعتذرت منك.. الليلة عندي كم شغلة لازم أسويها


    عشان كذا ما أقدر أطول معك


    يا الله أخلص الكوب ذا ونمشي وأوصلك البيت



    فهد بحرج: لا والله ما توصلني.. بأخذ تاكسي..



    منصور بحزم: وش تاكسيه.. لا والله ما يكون ولا يصير


    وبعدين مهوب من بعد بيتك من بيتي..كلها شارعين



    دارت بينهما الأحاديث وتشعبت


    وشعر فهد أنه قد يكون هذا الوقت هو الوقت المناسب ليفاتح منصور في موضوع يأرقه منذ وقت طويل


    بعيدا عن ضجيج مجلس منصور الدائم لذا هتف بحرج:


    ودي أقول لك شيء..



    منصور بعتب: وشو له المقدمات؟؟ أدخل في اللي تبي..



    فهد بذات الحرج ولكن مغلفا بالعتب: لين متى وأنت ترفع عني دورة مظليين الطوارئ؟؟


    قد ذي ثاني مرة تشطب اسمي من القائمة.. دفعتي كلهم خذوها ماباقي إلا أنا



    منصور بحزم: وش أنت مستعجل عليه.. لاحق خير



    فهد باحترام مغلف بالحزم: يابو علي.. قد لي ست سنين من يوم تخرجت..


    والمفروض الحين إني أخذ الدورة المتقدمة.. وماخذتها عشاني ماخذت الأولى


    والله العظيم عيب في حقي..



    منصور بغضب: تقول لي أنا عيب ياحضرت الملازم..



    فهد باحترام متعاظم: فهد طال عمرك.. مهوب من حقي أعرف يعني..



    منصور بحزم شديد الصرامة: لا مهوب من حقك.. نفذ أوامر قائدك وأنت ساكت وبس



    حينها توجه فهد له بسؤال مباشر فيه رنة وجع واضحة: أبي أعرف من اللي قايل تشطب اسمي من الدورة.. إبي وإلا صالح؟؟



    منصور بذات الحزم الصارم: خلصنا القهوة.. قوم نمشي



    وقف فهد وهو يهمس بذات حزمه: أنت علمتنا إن الواحد ما يسكت على حقه


    ولو رفعت اسمي من القائمة الجاية...بأقدم تظلم رسمي..


    وقل للي موصيك تشطب اسمي... ترا الأعمار بيد الله


    لو الله بغى أصدم لي في عمارة وتتكسر عظامي في دورة المظليين ماحد براد قضاه


    ولو ما دخلتها ممكن أندعم حتى لو أنا على أرجيلي.. مهوب على سيارتي اللي أنت خذتها مني..


    كله بيد الله..ومهوب عشان عبدالله الله خذ أمانته.. يخنقوني بذا الطريقة..






    ****************************






    جميلة مستغرقة في نوم هادئ بعد أن اطمأن بالها لوجود أمها وهاهي تتعلق بأطراف أنامل أمها لا تريد إفلاتها حتى وهي نائمة



    عفراء تتنهد وهي تمسح على خد ابنتها بحنان بيدها الآخرى ثم تتوجه بحديثها لخليفة الجالس قريبا منها: عسى ما تعبتوا في الرحلة؟؟



    خليفة بمودة: شوي يا خالة..



    عفراء بمودة رقيقة: روح يأمك نام.. أنا قاعدة عندها..



    خليفة بحرج: لا خالتي ما أبي أنام..



    عفراء تبتسم : أكيد تبي تنام.. لك يومين ما نمت... والله العظيم إن قد تروح وإلا بازعل عليك..



    خليفة وقف وهو يبتسم ويهتف بشفافية صريحة: تدرين خالتي إني قربت أنام على روحي.. تعبان حدي



    ابتسمت عفراء وهي ترد بحنان هو طبيعتها التي لا تستطيع تغييرها


    حتى وإن كانت حزينة من أجل علي فهي لا تستطيع أن تنفس ضيقها في خليفة ..ليست هذه طبيعتها مطلقا


    فهذا الشاب اللطيف المهذب تراه لا ذنب له.. والذنب ذنب ابنتها أولا وأخيرا:


    روح يأمك.. ونام قد ما تبي.. بس لا تنسى الصلاة..


    ثم أردفت بحزن ما: الله يعينك يأمك على جميلة.. أدري إنك بتتعب معها


    جميلة على قد ما أحسنت تربيتها على قد مادلعتها.. غير دلع زايد لها بعد


    خربناها بالدلع عشانها يتيمة..


    ولأني كنت أحس إني مقصرة معها لأنه الوقت اللي المفروض يكون كله لها كان مقسم بينها وبين عيال خالتها وهي كانت حاسة بكذا


    عشان كذا كنت أعوضها بالدلع..



    ابتسم خليفة وهو يقف: خلها تدلل تستاهل الدلال


    ثم أردف بهدوء متوجس: لا تحاتين خالتي إن شاء الله إنها بتشفى وترد أحسن من أول..






    *********************************






    الإضاءة عند الباب تشير.. كان يعمل على جهازه الخاص الذي يجرب عليه كل شيء جديد قبل أن ينفذه لزبائنه



    يقف ليفتح الباب.. ويشرق وجهه عندما رأها محياها العذب الغالي


    أشار لها بترحيب دافئ أن تدخل..



    قد لا تكون مطلقا ببراعة في وضحى في فهم كل إشاراته


    ولكنها تفهمه دون يشير حتى..


    فهي من صنعت معه إشاراته الأولى وانفعالاته الأولى..


    هي من كانت تعرف ماذا يريد دون الكلمات التي كان عاجزا عن انتاجها..


    هي من علمته إن الإعاقة ليست حاجزا أمامه..


    هي من زرعت فيه روح التحدي.. وأن إعاقته ليس عيبا وهو بهذه الإعاقة أفضل من الكثيرين..


    لم تسمح له مطلقا أن يتخاذل.. أن يشعر بالنقص يوما


    أرادته أن يكون صقرا محلقا لا تحده حدود.. فــكــان !!.. ولم يخيب ظنها فيه يوما!!



    "فلماذا بعد أن صنعتي شخصيته.. تريدين ان تحجري على قراراته يا مزنة؟؟"




    يقولون أن الأبناء كلهم سواسية.. ولكن في حالات يتقدم أحدهم على الباقيين:


    الصغير حتى يكبر..


    المريض حتى يشفى..


    والغائب حتى يعود..



    ولكن مزنة وأبنائها .. كان لكل واحد منهم معزة خاصة قد تجعله هو الأغلى



    مهاب.. الاكبر.. فرحتها الأولى.. انجبته صغيرة.. ليكون لها ابنا وأخا.. السند القوي الذي اراح بالها من كثير من الهموم



    كاسرة.. تشبهها.. مهرة.. صلبة.. تؤمن أنه مهما حدث لن تنكسر.. تشعر أنها امتدادها التي حققت كل مالم تستطع هي تحقيقه



    وضحى لينة رقيقة.. تحتاج دائما للاحتواء.. وهي بنفسها مصدر دائم للاحتواء



    وتميم.. وما أدراكم من تميم.. أذاب قلبها ومازال..


    كما المرة الأولى.. حين سمعت صفقة قوية للباب لتهتف بغضب: أزعجتم ولدي..



    لتلتفت له لتحمله ليقينها أنه ارتعب من شدة الصوت..


    لتجده غارقا في نومه.. نظرت له بجزع.. صفقت بخفة قريبا من أذنه.. لم يصحُ


    صفقت بقوة أكبر.. فلم يصحُ..


    لتصرخ حينها قريبا منه بكل جزعها وقلبها الذي تصاعدت دقاته بهستيرية..


    ولــم يـــصـــحُ..




    حينها تكاد تقسم أنها شعرت أن قلبها ذاب..ذاب بكل ما تحمله الكلمة من معنى


    كما لو كان وُضع في تنور.. ليسيل في طوفان من الذوبان لم يتوقف من حينه


    ذوبان من ألم.. ذوبان من حنان.. ذوبان من جَلد وقوة



    وحينها سالت دموعها الغزيرة في صمت.. لم تسمح حتى لنفسها أن تقتحم سكونه بعويل كانت روحها تتوق إليه..






    كم حملته قريبا من قلبها الذائب.. وهمست بكل وجيعتها: أدري إنك ما تسمعني


    بس أكيد حاس فيني..


    أنا معك لين الأخير.. وإذا الله قطع من ناحية فهو يوصل من الثانية.. له حكمة سبحانه..


    ما نعترض على عطاه.. وصدقني بتكون أحسن من غيرك..




    أيقظ مزنة من ذكرياتها لمسته الحانية على كتفها.. وهو يشير: تبين شيء يا قلبي؟؟



    حينها ابتسمت مزنة بشجن وهو تلتقط كفه التي وضعها على قلبه وهو يشير لتقبل ظاهر أنامله..


    انتفض تميم وهو يتناول كفها ليقبل ظاهرها باحترام ومودة وعمق


    ويشير بعتب عميق: تكفين ما تعيدينها..



    مزنة أشارت له بحنان: كل ما أشوفك.. مايطري علي إلا وأنت صغير وانا أحب إيديك..


    ثم أردفت بهدوء حان: أبي أغراض للبيت... توديني..؟؟



    ابتسم وهو يشير لعينيه: من عيوني..


    وألتقط مفتاح سيارته


    بينما توجهت لارتداء عباءتها..


    وحزن ما لا تعلم مصدره.. يتسرب لروحها..






    ********************************






    "يامش بس شوي.. ملعقة وحدة بس"



    جميلة بتأفف موجوع: خلاص يمه.. والله بأزوع



    عفراء بألم: يمه ما كلتي إلا ملعقتين بس..



    حينها أشارت داليا لها بعينيها لتتبعها.. عفراء وضعت الأكل جانبا.. وخرجت خارج الغرفة تتبعها..



    داليا خارج الغرفة همست لعفراء بخفوت: كفاية الملعقتين اللي كلتهم.. شوي شوي بيتحسن أكلها وغصبا عنها حتى



    عفراء بقلق: أشلون غصبا عنها ذي..



    داليا بمهنية: من اليوم بتنعطى علاج جديد يخفف المقاومة وإحساس رفض الأكل عندها..



    عفراء بقلق أكبر: وماله أثار جانبية هذا؟؟



    داليا بتأكيد: لا لا تخافين.. مرض فقدان الشهية شائع عندهم.. وعلاجه بسيط إن شاء الله


    وبس تتحسن نفسيتها أكثر علاجها بيكون أسرع وأسرع إن شاء الله



    عفراء بعدم ارتياح: ولما فيه علاج وحبوب.. ليه ماخذتهم في الدوحة؟؟



    داليا ببساطة: لأن العلاج هذا غير متوافر عندنا.. لأنه مرض فقدان الشهية مو مرض شائع هناك.. فليش يجيبون علاج ما يمشي..


    ثم أردفت بمهنية حذرة: بس لين تتحسن حالتها يمكن تصير عصبية وحادة..



    عفراء بألم: عصبية وحادة أكثر من كذا بعد..؟!



    داليا بحرج: اسمعيني أم جميلة.. أنا والله خجلانة منك وما اريد اكون قاسية معك.. بس أنا مازلت عند رأيي إنه جميلة من الأفضل تكمل رحلة العلاج من غيرك


    لأنه أنتي عاملة حواليها حماية مثل الشرنقة.. وما ترضين حد يشد عليها..خليها هي وزوجها..


    وأنا وصيت الطبيب والممرضات عليها.. ولو لاحظوا إنه تعامل الاستاذ خليفة معاها ليس بالتعامل المرضي فورا بيتصلون فيني وأنا بأتصل فيك


    فما فيه داعي تقلقين عليها



    عفراء تنهدت وهتفت بحزم رغم تمزق روحها من الألم: أنا أصلا مقررة أرجع للدوحة في أقرب وقت






    **************************






    "ها عمي أجهز لك عشاء؟! خذتنا السوالف ونسيت.. سامحني"



    ألتفت منصور لها بمودة : إلا شرايش نطلع نتعشى برا؟؟



    مزون نظرت للساعة وهمست بحرج: مهوب متأخر شوي؟ الساعة صارت عشر ونص..



    منصور يبتسم: من جدش؟؟.. حتى لو متأخر.. أنتي مع عمش..لو تبين أوقف لش شوارع الدوحة وقفتها


    يا الله قومي ألبسي..خليني أدلعش شوي..



    حينها قفزت مزون بحماسة: بس أنا اللي أختار المطعم..



    منصور بابتسامة: أكيد.. بس يا ويلش لو ماعجبني.. بأخليش أنتي اللي تدفعين الحساب



    مزون تصعد الدرج وهي تبتسم: عشر دقايق وأنزل.. والحساب أنت اللي بتدفعه عجبك المطعم وإلا لا..


    عيب في حقك عاد.. منصور الجنتل.. معذب قلوب العذارى يطلع زطي..



    منصور يضحك: إيه ألعبي علي بكلمتين..



    مزون صعدت بالفعل بينما منصور أدار جهاز التلفاز على قناة إخبارية انتظارا لنزولها



    يرن هاتف جواره.. هاتف مزون.. لا يعيره اهتماما.. يعاود الرنين.. ينظر للشاشة ليجد رقما طويلا على الشاشة


    لا ينتبه جيدا لفتح الخط ولكنه يرفع الهاتف ليجيب..لأنه ظن أنه من أرقام النصب الخارجية التي تزايدت اتصالاتها في الأونة الأخيرة


    فور أن نقر زر قبول الاتصال فاجئه صوت أنثوي رقيق يهمس بلهفة: هلا والله يا قلبي



    ابتسم منصور: صار لي أكثر من عشر سنين مقحط ما سمعت كلمة حلوة من مرة.. فمن دواعي سروري أكون قلبش..



    كل ما خطر ببال منصور حينه إنها أما معاكسة أو خطأ..



    رد الطرف الثاني بحرج مغلف بالقلق من هذا المعاكس القليل التهذيب:


    راعية التلفون وينها؟؟.. وأنت من ؟؟ وأشلون ترد على تلفونها؟؟ والتلفون أساسا وش جابه عندك؟؟ وانت من أنت؟؟ من أنت؟؟



    حينها تصاعد حنق منصور بشكل فجائي: تحقيق هو؟؟ راعية التلفون بتجي بعد شوي.. دقي بعد خمس دقايق



    عفراء تصاعد رعبها.. وأفكار مجنونة تعصف ببالها: وأنت من أنت؟؟ من أنت؟؟ وذا التلفون وش جابه عندك؟؟



    منصور حينها اتجه تفكيره إنها لابد إحدى صديقات مزون في الخارج.. همس بهدوء: يا بنتي دقي بعد شوي وخلاص..




    عفراء بغضب ممزوج بقلقها المتزايد: بنتك في عينك.. خلصني قل لي التلفون ذا أشلون وصلك قدام أسود عيشتك..



    منصور حينها وقف على قدميه لشدة احتكام غضبه وهو يعتصر الهاتف في يده حتى كاد يحطمه:


    صدق هلش ما ربوش.. راعية ذا التلفون تنسينها ..ويا ويلش تكلمينها مرة ثانية


    ولو كلمتيها أنا اللي بأسود عيشتش



    عفراء تغلق الهاتف في وجهه... وتسارع لتتصل على رقم البيت لتتفاجأ أنه نفس الصوت الرجولي الغريب هو من يجيبها


    حينها كادت عفراء تبكي من شدة قلقها: أبي أكلم راعي البيت.. زايد وينه



    حينها استغرب منصور انحدار صوتها من الحدة للقلق: زايد سافر لجنيف.. شيء ثاني وإلا سكري



    عفراء حينها لم تحتمل .. انخرطت بكاء هستيري وعقلها يصور لها صور مرعبة لما فعله هذا الرجل بابنتها أو معها..


    كيف يسافر زايد ويتركها في البيت وحيدة.. كيف؟؟


    لم يخطر منصور في بالها إطلاقا.. وكأنه غير موجود



    منصور فُجع من البكاء الهستيري وشهقاتها المتقطعة: وش سويت فيها؟؟ وش سويت فيها؟؟



    منصور باستغراب: مستحيل أنتي صاحية.. أكيد خبلة.. أنا عمها.. وش بأسوي فيها يعني؟؟



    حينها قُطع الاتصال فجأة.. ووقتها كانت مزون تنزل: من هذي اللي أنت سبيتها على تلفوني



    منصور ببساطة: وحدة من ر فيقاتش تتصل من برا..


    خبلة... ماعلى لسانها إلا وش سويت فيها.. وش سويت فيها



    حينها قفزت مزون بلهفة وهي تلتقط هاتفها: يا لبي قلبها.. أكيد خالتي عفراء.. من الصبح انتظر تلفونها



    تأخر منصور وهو يشعر بشيء ما يشبه الحرج .. بينما أعادت مزون الاتصال بذات الرقم..


    لتتحادث قليلا مع عفراء التي كانت تحادث مزون وهي تشعر أن دماغها يغلي من الحرج



    كانت مزون مازالت تتحدث لتتفاجئ أن عمها انتزع الهاتف منها ليهتف فيه بحزم:


    السموحة يا بنت محمد.. ما عرفتش



    عفراء شهقت وصوت منصور الفخم يقتحم حوارها مع ابنتها.. همست بحرج:


    ماصار إلا خير.. والسموحة منك يأبو علي



    منصور بثقته المعتادة: أشلون جميلة بشرينا منها..؟؟




    عفراء بذات النبرة المغرقة في الحرج: طيبة طاب حالك


    ثم أردفت لتنهي الاتصال: بنتي تدعيني.. سلم على مزون



    منصور بثبات: الله يسلمش



    حينها هتفت مزون: أنت وش سويت في خالتي؟؟ شكلها زعلانة ومنحرجة



    منصور يضحك: خالتش خبلة.. وش أسوي فيها.. شكلها عايشة في فيلم هندي على الأفكار اللي في رأسها


    ثم أردف باستعجال: يا الله يالله أخرتنا خالتش الخبلة على العشا






    ***********************************






    عبدالرحمن ومُهاب يتناولان عشائهما في مطعم بلهمبار على الكورنيش مباشرة


    مهاب بمودة: أشوفك ما كلت..



    عبدالرحمن بذات المودة: أكل بلهمبار ما يعجبني ذاك الزود.. بس قعدتهم خيال



    مهاب بمرح: وحن جايين هنا عشان القعدة الخيال؟؟


    الحين أنا خليت عشا أم امهاب اللي يسوي مطاعم الدوحة كلها وجاي معك.. وعقبه الأكل ما عجبك وجايبنا عشان القعدة بس



    عبدالرحمن بذات المرح: وهذا أنا خليت طبخ أم عبدالرحمن.. ماحد أفلس من حد.. كلنا تفلسنا عشا العجايز..



    مهاب بمرح: العجوز مرتك.. مهيب أمي طال عمرك..



    حينها التقط عبدالرحمن العبارة: وعجوزي متى بتزوجني إياها؟؟



    مهاب شعر بحرج أخفاه خلف هدوءه وهو يقضم قطعة من الخبز: ما بعد خذت رأيها.. عطيتها وقت تفكر



    عبدالرحمن بهدوء: امهاب ترا بيننا صحبة من يوم انولدنا يمكن.. يعني ما أعرفك من يوم وإلا يومين..


    ثم أردف بشكل مباشر وصريح وقاطع: وضحى رفضتني؟؟



    انتفض مهاب بعنف: والله العظيم إني ماخذت رأيها للحين



    عبدالرحمن بذات الثقة الهادئة: دامك حلفت بصدقك..


    لكني أحذرك يا امهاب إنك تحاول تفرض عليها شيء هي ما تبيه


    عاد كله ولا العرس يأخيك.. ما ينجبر قلب على قلب


    وأنت عارف إنه ذي مهيب أول مرة أخطب وضحى.. بس أمك تيك المرة مارضت وقالت إنها صغيرة


    وذا المرة أنا أقول لك لو مهما صار لا تجبرها على شيء.. ولاتظن إنه اللي بيننا بيغيره شيء


    صحيح إني ما أبي إلا القرب منك.. بس الواحد ما يأخذ إلا نصيبه..


    ويمكن نصيبي مهوب عندكم



    مهاب بمودة عميقة: أكيد مستحيل أجبرها على شيء.. وبعدين وين تلاقي مثلك يا حظها وحظ أخيها فيك يا النسيب


    ثم أردف بنبرة ذات مغزى: وعلى طاري النسيب..


    صار لي فترة أبي أكلمك في موضوع.. ووقته جا



    أمنيتي يابو فاضل إنك تصير نسيب نسيب..؟؟؟



    عبدالرحمن يعقد حاجبيه مستفسرا..


    ليجيبه مهاب بتساؤل واثق:


    تزوجوني لو خطبت عندكم؟؟؟


    أبي أختك.. تقربوني؟؟







    #أنفاس_قطر#


  2. #12

    ][ فريق تطوير الزين ][


    تاريخ التسجيل
    Aug 2013
    المشاركات
    11,800
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    صباح الورد يا قلوب الورد وبتلاته
    صباح الود يا نغمات الود وهمساته
    أهلا بكم كلكم.. سواء كتبتم حرف أو اكتفيتم بنثر عطر خطواتكم الصامتة
    .
    .
    .
    منصور
    صاحب الجدل الأكبر في البارت الماضي
    أنا ما أدري ليه البعض كان حاسس إن شخصية منصور ملتبسة أو غير واضحة أو حتى متناقضة بمعنى أبسط؟؟
    أبدا شخصية منصور شخصية طبيعية كأي بشري له عيوبه ومميزاته
    المشكلة أن البعض يتوقع أن القائد العسكري لابد أن يكون جامدا خاليا من الحنان والمرح
    من قال؟؟
    منصور منذ أول مشهد ظهر فيه مع كساب وحتى المشهد الثاني
    ظهر كشخصية مرنة غير متصلبة بها حنان ومرح ولكن حين يلزم الموقف فهو يعود ليتسربل بشخصيته القيادية الصلبة بل والحادة
    موقفه لما رد على عفراء أنا شفته عفوي جدا لا هو يدل إنه راعي سوالف ولا غيرها
    الكلمة الأولى لك والثانية عليك
    غلطت عليه وغلط عليها.. وبعدين أنا دايما أقول ترا جرأة أبو الأربعين غير <<كبروخرف : )
    يعني ترا شاب في العشرينيات مايسويها
    وبعدين موب من شخصية منصور إنه يترك غيره يعتذر عنه
    احس أنه أخطأ فاحب أنه يعتذر لعفراء بنفسه
    هل هناك شيء آخر في الموقف؟؟
    نتركه للايام..
    .
    .
    كساب وجميلة
    خلونا نرتب الأحداث جزئيا لأني أحس البعض ساح
    بدأت المشكلة بينهم قبل سنتين وعمر جميلة 17
    وخلونا عفويين... أنتي عندك أخت مليانة شوي.. لما تزعلين عليها وش بتقولين لها:
    يا الدبة.. لكن لما تكونين راضية عليها تقولين لها ملفوفة وعودك ريان
    هذا بالضبط كساب.. ما قصد كل هالماساة.. فقط هو شخصيته حادة.. والموقف كان محرج له
    وانتبهوا إنه قال لعفراء إني باجيب لها هدية ما جا لبنت في الدوحة مثلها.. يعني كان يبي يرضيها
    وفعلا جابها لها.. في حينه تعرفونها... لكن خلاص الجرح في قلب جميلة انتهى
    المراهق فعلا حساس واتفه موقف ممكن يخلي في قلبه جرح عميق وهي بدت تحس إنها حمل عليهم
    موقفه كان القشة اللي قصمت ظهر البعير..
    أما عن تغطية وجهها عن علي وكساب لا.. فهذا دليل إنها وقتها ما كان في خاطرها شيء على كساب
    فعلي قالها تغطي عني.. فهي تغطت عنه وما تغطت عن كساب لأن كساب ما قال لها
    فهي ظنت إن هذي رغبة علي فنفذتها
    لكن علي رجع وقال لها الخطأ ما يتجزأ.. إنها لازم تتغطى عن كساب بعد
    هذي الفكرة اللي قصدتها من البداية.. ولو كنت فشلت في توصيلها يكون الذنب ذنبي
    وأعتذر يا نبضات القلب
    ولكن هل هناك شيء آخر حدث بعد ذلك بينهما؟؟
    هذا ايضا نتركه للايام...
    .
    .
    كاسرة ليش اسندت رأسها للزجاج وهل كانت تفكر في شيء؟؟
    تعرفون في وقته؟؟
    وبيكون الأمر مفاجأة لكم
    .
    .
    اليوم نجمتنا لأيمومسا..توقعها لتسلسل الأحداث رائع
    اليوم نتعرف على خليفة الذي هبط للمجلس بالبارشوت
    في حوار لطيف مع طرف آخر
    .
    .
    واليوم هو يوم الحوارات العميقة الشفافة
    كساب مع عفراء في حوار موجع شفاف وكثيف
    مزنة مع وضحى في حوار يكشف لكم كثيرا من الخفايا
    .
    شخصية تظهر.. وشخصية أخرى على وشك الظهور
    في حوار شفاف آخر
    يثير التساؤلات.. حوار بين أم صالح والشخصية التي ستظهر اليوم
    .
    .
    ثم نختم بقفلة أتوقع أنكم توقعتموها
    ولكن أريد منكم توقع ما بعدها ولن أتكلم أكثر!!
    .
    .
    إليكم
    الجزء الثاني عشر
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .



    بين الأمس واليوم/ الجزء الثاني عشر



    قبل عدة أيام من الأحداث الأخيرة



    "إذا انت تبي قربي.. أظني عندي أخت غير كاسرة وأحسن منها"

    عبدالرحمن بدهشة: وضحى؟؟

    مهاب بهدوء: إيه وضحى..

    حينها ابتسم عبدالرحمن: أنت عارف إنه أمنيتي إنك تصير خال عيالي
    و إنت داري اني خطبت وضحى قبل كم سنة وقبل ما أخطب كاسرة حتى
    لأني بصراحة كنت شايف إنه طبابع وضحى أنسب لشخصيتي

    مهاب يبتسم ويكمل: وأنا شجعتك.. وقلت نعم من اخترت

    عبدالرحمن أكمل الحديث بابتسامة مشابهة: وانا كلمت خالتي أم امهاب دايركت..
    وخطبت منها وضحى عشان أشوف رأيها قبل أقول لأمي وأبي يخطبون رسمي
    بس هي ما رضت وقالت لي صغيرة
    فقلت يمكن خالتي أم امهاب شايفتني كبير على وضحى
    عشان كذا ما رجعت فتحت موضوعها والخطبة كلها لكاسرة
    لأني كنت مصر إنك تصير أنت خال عيالي إن شاء الله

    مهاب بهدوء حازم: أمي مارضت لأنها كانت تبي وضحى تخلص جامعتها أول.. وخلاص وضحى الحين على وشك تخرج
    ولا تظن إني أرخص أختي يوم أسوي كذا.. وضحى جنة ربي.. وياحظ اللي بيضويها
    وأنا ما أبيها تروح عليك.. وأنت عارف إني نصحتك أكثر من مرة إن كاسرة ما تنفعك

    عبدالرحمن بابتسامة: يالله يدي على كتفك.. ودي تزوجني اليوم قبل بكرة



    دائما كان مهاب هو الهدف
    استثنائية وعميقة ومتجذرة الصداقة التي جمعت بينهما
    أراد أن يتقرب من مهاب أكثر وأكثر.. صديقا وخالا لأولاده
    لذا حاول أن يتقرب بداية من مدللة مهاب المفضلة
    ولكن لم تتيسر له الخطبة.. فقرر تحويلها لكاسرة
    هكذا ببساطة!!.. رغم تعارض هذه الأفكار مع شخصية عبدالرحمن العميقة المنطقية
    ولكن من أجل مهاب تتأجل كل قوانين المنطق!!

    ورغم كثرة ما نهاه مهاب عن خطبة كاسرة
    كان هو يصر.. أصبح يؤمن أن هذه الكاسرة الحسناء بها اعوجاج ما
    وربما كان هو بصبره وهدوءه من يستطيع إصلاح هذا الاعوجاج
    أو حتى ستره وتغطيته والصبر عليه
    حتى لا يعاني مهاب الذي يقوم بدور والد لهم مع زوج قد يهينها أو يرجعها لهم مطلقة
    من أجل مهاب كان مستعدا للمضي حتى آخر الدرب
    واختيار الطريق الأصعب!!

    ولكن بما أن الطريق السهل هاهو يتيسر له
    الشابة الصغيرة الرقيقة التي كانت هي المقصودة بالخطبة منذ البداية
    الأقرب من قلب مهاب
    فلماذا يضيع الفرصة؟؟ وليكن اعوجاج كاسرة على نفسها؟؟


    "ولكن هل يا ترى فكر مهاب مثله وهو يقرر أن يناسبه؟
    أو كان برأسه موال آخر؟! "




    ************************************





    عفراء مع كساب في الفندق.. بعد أن رفضوا السماح لها بالمبيت عند جميلة
    تركتها وهي تشعر أن شيئا في روحها ينحر وهي تلمح دمعة في عين جميلة تحاول إخفائها

    كانت هي وكساب في غرفتين متجاورتين.. وهاهو كسّاب عندها الآن في غرفتها..
    يقف في الشرفة وينظر منها لبحيرة أنسي الرائعة.. انعكاسات الأضواء على صفحات الماء المصقولة
    منظر بديع عقله عنه مشغول بأفكار وهموم بات حتى لا يعرف لها سببا

    عفراء تقف عند باب الشرفة من الداخل وتهمس بحنان: وش فيك يأمك.. من صبح من يوم طلعت من المستشفى.. ولين جيت وخذتني
    وأنا حاسة إنه خاطرك مهوب زين.. وش فيك جعلني فداك

    يبتسم كسّاب ويهمس بشفافية: إلا أنا اللي جعلني فداش.. لو تأمرين على عيني ما تغلى عليش..

    عفراء بمودة رقيقة: جعل عمرك طويل في الطاعة.. ما نشدتك ابي عينك جعلها سالمة
    نشدتك وش اللي في خاطرك؟؟

    تنهد كساب ثم هتف بحزم وهو يدخل في الموضوع الذي يكدر خاطره:
    خالتي سامحيني على اللي صار اليوم في المستشفى..
    كلامي واللي سويته اليوم والله العظيم ماله معنى ولا داعي
    ثم أردف بوجع مختبئ خلف حزم صوته : مقهور يا خالتي.. وفضيت قهري بأرخص طريقة

    ثم أردف بمصارحة مؤلمة: تدرين خالتي حسيت إني رخيص على اللي سويته.. وعلى الأفكار اللي في رأسي

    عفراء عدلت شيلتها على رأسها وهي تدنينها من أطراف وجهها.. وتقترب منه.. ثم تضع يدها على يده الساكنة على حاجز الشرفة
    وتهمس بحنان: الرخيص غيرك يامك.. تكرم يا أبو زايد

    كساب يجلس ويشد خالته لتجلس على مقاعد القش في الشرفة حتى لا يلمح أحدا من العابرين القلة شبح خالته..
    ويكمل حديثه بذات النبرة الحازمة الشفافة:
    لا تهونين اللي سويته في عيني.. لأنه مهوب هين على نفسي
    تدرين خالتي يوم شفت خليفة وعقبه جميلة.. كني أشوف دم علي بين إيديهم..
    والله العظيم ما استحملت ما استحملت.. شوي أتمسخر.. وشوي أسوي نفسي ماني بمهتم..
    وعقب ما استحملت طلعت الانتظار وعقبه طلعت من كل المستشفى
    عني يا خالتي عارفة ما يهمني شيء... بس علي غير.. والله غير
    مستحيل يجرح حد أو ياذي حد بكلمة.. حسيت إني اليوم أبي أنتقم له من اللي جرحوه..
    بس مِن مَن؟؟ مِن مَن؟؟ واحد ماقدر يرد عليّ.. ووحدة مريضة
    شفتي أشلون أنا رخيص..؟؟

    عفراء تشد على يده وتهمس بحنان متفهم شفاف: يامك أنا أفهمك بدون ما تحكي..لا تضايق روحك.. خلاص السالفة عدت
    وجميلة أصلا نست عقبها..

    كساب يسند ظهره للكرسي وعيناه تبحران للبعيد: بس أنا ما نسيت.. ما نسيت.. موجوع من روحي
    وماني براضي على نفسي وماني بمرتاح.. مهوب بس من اليوم.. من سنين..من سنين ياخالتي

    عفراء بعمق: أرض ربك ياولدي ويستاسع خاطرك

    كساب بعمق مشابه :والله ياخالتي إني مصلي وما أفوت الفرض..ولا بعد عصيت ربي في شيء.. وأنتي عارفة

    عفراء بعمق أكبر: وأبيك أرضيته عليك؟؟.. رضا الوالدين يا ولدي جنة الله في الدنيا..

    كساب تنهد: خالتي أنتي أكثر من يدري.. صحيح أنا وأبي بيننا خلافات
    بس عمري ما عصيته ولا ثنيت له كلمة..
    وأكبر دليل عندش مزون... يعني هو كان صعب علي أسحبها من شعرها من الكلية ومن أول يوم..وإلا أكسر رجلها ولا أخليها تطلع من البيت
    لكن بلعت غصتي عشانه.. لأنه قال لي إنه زعله علي دنيا وآخره لو أنا قربت منها وإلا سويت لها شيء أو حتى مديت عليها أصبع..
    قهرني وربط يدي..طعته وطاعته فوق رأسي
    لكن الشيء اللي في الخاطر كايد ياخالتي.. كايد..

    حينها همست عفراء بشبح ابتسامة: زين وسالفة العرس؟؟ نشفت ريقه فيها..

    ابتسم كسّاب وهو يحاول الانسحاب من ضيقه: لا خالتي عاد لا تضربين تحت الحزام..
    أنتي تدرين في سالفة العرس أبي ما أمرني.. لكن طلب مني
    وأنا مالي خاطر في العرس..

    عفراء برجاء: زين ليش يأمك.. شيدريك يمكن لا خذت لك بنية حلال تريح بالك وترادك الصوت يرتاح بالك وخاطرك
    بعض النسوان وجهها خير على رجّالها..

    ابتسم كساب وهتف بسخرية لطيفة: عندش يعني حد معين ترشحينه؟؟

    ضحكت عفراء: يا النصاب.. ما بقى حد من بنات جماعتنا ما قلت لك عنها... وانت إلا رافض الفكرة من أساسها

    حينها صمت كساب كأنه يفكر ثم همس بنبرة جدية مصطنعة: أبي وحدة مزيونة ولا تهش ولا تنش.. يعني أقول لها وقفي جنب الطوفة
    أروح وارجع بعد 10 ساعات ألاقيها واقفة جنبها

    عفراء توسعت عيناها دهشة: من جدك؟؟

    ضحك كسّاب: خلينا من ذا السالفة يالغالية.. والله العظيم مالي في العرس ولا أفكر فيه ..الحين بس قولي لي كم يوم تبين تقعدين هنا؟؟

    عفراء انقلب مزاجها بشكل جذري وهي تتذكر مشكلتها الكبرى وهمست بحزم أخفت خلفه تردد روحها وجزعها :
    ما أبي أقعد خلنا بكرة نروح لعلي.. ونحجز مناك ونرجع للدوحة

    كسّاب بدهشة: بذا السرعة.. لحقتي تطمنين على جميلة؟؟

    عفراء بالم: خلاص تطمنت عليها.. ورجالها أجودي.. ما أبي أتاخر على مزون وعلى شغلي.. امتحانات البنات قربت

    عفراء شعرت بضرورة أن تعود بسرعة.. لأنها كلما طال بقاءها ستشعر بصعوبة ترك جميلة.. وحتى لا تحيي في قلب جميلة الأمل أنها ستبقى معها
    فهي تريدها ان تتقبل واقع مرضها ومجابهتها له ووجودها مع خليفة وحيدة حتى تعتاد عليه
    فهي لابد أن تتحمل نتيجة قراراتها لتكون أكثر قوة..
    فربما كانت هذه التجربة في الحياة هي ما ستصلح أخطاء عفراء في تربيتها لها.. ودلالها الزائد لها..




    *******************************




    "بنات ممكن أدخل"

    طرقاته الهادئة على الباب المفتوح.. لتقفز كل من جوزاء وشعاع وهما تهتفان بمودة واحترام لا متناهيان: تعال فديتك

    عبدالرحمن يدخل بخطواته الهادئة لغرفة شعاع .. الاثنتان تسارعان لتقبيل رأسه

    مودة لا حدود لها تغمر قلبيهما تجاهه
    فعبدالرحمن طوال عمره ومنذ طفولته كان نموذجا متدفقا لحنان مصفى..
    لطالما وقف في وجه قسوة والدهما تجاههما.. ليجد والده نفسه مجبرا أن يخفف كثيرا من قسوته من أجله هو.. من أجل عبدالرحمن

    كان يبالغ في تدليل شقيقاته.. وتنفيذ رغباتهم.. وكأنه بذلك يعوضهم عما يكون والده فعله بهم وهو لم يراه

    وهاهو يمارس وبكل جدارة دور الوالد لحسن الصغير لولا تحسس جوزاء أن يتعلق فيه بينما هو سياتي يوم يتزوج فيه ويكون له أطفاله
    ليصبح حينها نصف والد أو حتى ربع والد لحسن مع إنشغاله بأطفاله


    حسن حينما رأه قفز ناحيته.. عبدالرحمن غمر وجهه بقبلاته الحانية ثم خلع غترته وحمله على كتفه..
    جوزاء بمودة حقيقية: نزله لا يثقل عليك

    عبدالرحمن يحكم إمساكه له وهو يبتسم: من جدش؟؟ أنتي متاكدة إنش تأكلين ذا الولد.. مافيه لحم مثل الناس

    حينها ضحكت شعاع: تاكله؟!! باقي تفقعه من كثر ما تزغطه

    جوزاء هتفت بجزع باسم: ول عليش.. قولي ماشاء الله

    شعاع تضحك: ماشاء الله تبارك الله..

    ضحكات حسن الصغير تتعالى وعبدالرحمن يدور به.. ويهتف له بحماسة: خلاص إلا بعد؟؟

    حسن الصغير يضحك: بعد.. بعد

    وجوزاء بجزع حنون: عبدالرحمن فديتك بس..بس.. بس تكفى... دار مخه..

    عبدالرحمن أنزله بحنان وهو يهمس بابتسامة مرحة حنونة: أمك تقول خلاص.. مخك دار

    حسن بضجر: والله ما دار.. ما دار.. شوفه شوفه.. مادار..

    عبدالرحمن خلع نظارته (لعبة حسن المفضلة) وهتف بحنان: هاك أخذ نظارتي وروح مع شعاع عند جدة

    شعاع شعرت فورا أن هناك ما يريد عبدالرحمن محادثة جوزاء فيه
    لذا تناولت كف حسن الصغير السعيد بالنظارة وهمست له بحنان: يالله حسوني بنروح لجدة شوي وبعدين ننام الوقت تأخر واجد

    جوزاء شعرت بالتوتر (أكيد صالح مرة ثانية!!)

    عبدالرحمن جلس على السرير وأشار للمكان جواره وهتف بمودة: تعالي جوزا اقعدي

    اقتربت جوزاء بتردد وجلست.. ثم همست بقلق: ما أحب ذا البرزات
    (البرزة الحديث الخاص المنفرد ودائما لموضوع جدي)

    ابتسم عبدالرحمن: ومن قال لش برزة؟!

    جوزاء بخجل متوتر: لو أنها مهيب برزة ما كان طلعت شعاع..
    صالح مرة ثانية.. صح؟؟

    عبدالرحمن ببساطة: لا .. امهاب..

    حينها قفزت جوزاء بجزع كاسح وهي تشهق شهقات متلاحقة: من ؟؟ من؟؟ امهاب؟؟

    عبدالرحمن بهدوء: إيه امهاب... وش تردين في الرجال؟؟

    الكلمات ذابت على شفتي جوزاء: لأني ما أرد فيه شيء مستغربة..
    ثم أردفت بخجل عميق: عبدالرحمن أكيد أنت غلطان.. أكيد إنه خطب شعاع وأنت ظنيتها أنا

    ضحك عبدالرحمن: المواضيع هذي فيها غلط... امهاب يبيش أنتي..

    تزايدت دقات قلب جوزاء هلعا.. وأنفاسها تضيق حتى أنطبقت أضلاعها على رئتيها:
    أكيد أنت غلطان عبدالرحمن..واحد مثل امهاب وش يحده يأخذ أرملة عندها ولد؟؟

    عبدالرحمن بحنان وهو يربت على رأسها كوالد يهدهد صغيرته: وأرملة وعندها ولد مالها حق يكون لها فرصة ثانية في الحياة؟!!..

    جوزاء بذات الجزع: فرصة ثانية لوحدة مثلي.. معناتها واحد مطلق أو أرمل.. مهوب واحد مثل امهاب.. كامل والكامل وجه الله..

    عبدالرحمن يقف وهو يضع يده على كتف جوزاء بحنو: اخذي وقتش وفكري
    وترا امهاب ملزم عليش فوق ما تتصورين
    لا تفكرين تفكير عاطفي غبي وتضيعينه من يدش.. فكري في نفسش وفي ولدش..
    وحطي مميزات امهاب قدامش وتخيلي أي زوج بيكون لش وأي أب بيكون لولدش

    جوزاء بذات الجزع الذي لم يفارقها: لا لا ما أبي.. جد ولدي وعمانه بياخذونه مني..

    عبدالرحمن بحنان صاف: لا تحاتين ذا السالفة.. أبو صالح وعياله عرب أجواد وفيهم خير
    وما ظنتي أبد يحرقون قلبش على ولدش عشانش تبين تتزوجين
    فكري زين وردي علي..


    عبدالرحمن غادر لتنهار جوزاء جالسة على سريرها وهي عاجزة عن الاستيعاب
    هي ومهاب
    هي ومهاب
    هي ومهاب
    بركان من الأفكار يتفجر في داخلها.. وأعاصير من الفوضى تجتاح كل خلاياها

    لا تنكر أنها كانت تتمنى أن يتحرك مهاب ليخطب أختها شعاع.. ولكن أن تكون الخطبة لها.. لها هي؟!
    أ يعقل؟!!
    أ يعــــقــــل؟!
    أ يـــــــــعـــــقـــــل؟!!




    ******************************




    كانت تتمدد على سريرها ودموعها تسيل بصمت
    حينما كانت في الدوحة كانت والدتها تبيت معها في المستشفى
    فلماذا رفضوا تركها تبيت عندها الليلة...أول ليلة تقضيها في مكان غريب
    الرعب في قلبها يتصاعد ويتصاعد.. وما كان ينقصها هو صوت فتح الباب وصوت الخطوات التي تتسحب ليكتمل رعبها
    لكنها نهرت نفسها وهي تسمي بسمي الله وتحاول فتح عينيها (لابد إنها إحدى الممرضات)

    فوجئت بخليفة يقف جوارها ويراقب مستوى الجلوكوز المعلق
    انتفضت بجزع: وش تسوي؟؟

    همس ببساطة: دريت إنهم ما خلوا خالتي تبات هني.. فقلت أكيد إنتي خايفة من القعدة بروحج فييت..

    جميلة بعناد: وليش أخاف.. شايفني بيبي..؟!!

    ابتسم خليفة: وانتي كل شيء عندج إني شايفج بيبي.. من قال؟!

    جميلة بذات العناد: تصرفاتك... وبعدين أشلون يطردون أمي.. ويخلونك تجي أنت..

    خليفة بذات البساطة: أنا ماخذت أذن من حد.. ييت من نفسي..

    جميلة بذات نبرة العناد: ما قصرت.. روح نام ما أبي حد عندي

    خليفة بهدوء وهو يقرب المقعد ويجلس: أنا شبعان نوم أصلا.. من يوم يات خالتي عفراء.. رحت ونمت..
    والحين باقعد عندج

    جميلة يعاودها إحساس التوتر والخجل: ما أبيك تقعد عندي.. لو سمحت

    خليفة يتجاهل ما قالت ويهمس بهدوء أعمق: كلميني عنج جميلة.. شنو تدرسين في الجامعة؟؟ شتحبين؟؟ شنو تكرهين؟؟

    جميلة بتوتر: وليش مهتم تعرف؟؟

    خليفة بابتسامة مستغربة: وليش ما أعرف.. موب مرتي..

    جميلة بتوتر مغلف بالجمود: هذا لو إحنا أزواج عاديين.. بس أنا وحدة بأموت قريب.. وش يهمك وقتها...

    خليفة بغضب: قلنا هالحكي ما نبي نسمعه..
    ثم حاول تناسي غضبه وهو يردف بابتسامة: زين أنا أكلمج عن نفسي..

    لا يعرف خليفة ما الذي يهدف له من محاولته.. ولكنه يشعر بملل ووحدة وغربة لا حدود لها.. مشتاق لوالده ولأشقائه وأصدقائه
    ليس لديه في هذا البلد أحد سواها!!


    جميلة لم يكن لديها رغبة لسماعه.. فهي لم تكن تريد الليلة سوى حضن والدتها
    ولكن بما أنهما متورطان معا الليلة.. فلتسمع منه
    فربما يخبرها عن والدها حكايات هي لا تعرفها.. فلا يهمها من هذا الخليفة
    سوى كونه خليفة!!

    همست جميلة بهدوء عذب: خلاص قول اللي تبيه..

    خليفة يقف وهو يهتف بمرح حنون: بس أول نشرب لنا عصير..

    جميلة بجزع: ما أبي..

    خليفة يتجاهل رفضها ليقف ويفتح الثلاجة ويتناول العصير ليسكب منه في كأسين
    رغم أنه هو شخصيا لا يشعر برغبة لتناول لشيء.. فنفسه مسدودة تماما.. ولكنه يحاول اختراع أي سبب ليجعلها تأكل أو تشرب

    أحضر الكأسين.. وضعها على الطاولة المجاورة لسريرها.. ثم رفع سريرها أكثر لتكون في وضع الجلوس..

    جميلة بخجل جازع: بشرب بروحي..

    خليفة وهو ينظر لأناملها اليابسة كان متيقنا أنها يستحيل أن تستطيع حمل شيء بعيدان الأسنان هذه.. همس بهدوء: بدون عناد خلي المهمة هذي لي

    خليفة قرب الكأس من شفتيها.. وجميلة خجلها وتوترها في تزايد..
    لكنها شربت جرعتين حتى تتلافى إلحاحه وبالكاد عبرت الجرعتين بلعومها خجلا من يده القريبة منها
    ثم همست برجاء: بس خلاص

    خليفة وضع الكأس جانبا ولم يشرب شيئا من كأسه.. وهمس بهدوء: هاتكلميني عن نفسج؟؟

    جميلة بخجل: لا أنت اول..

    خليفة ابتسم وهو يريد أن يجذبها للحوار: إسأليني..

    جميلة ليس في بالها سؤال معين .. لكنها حاولت أن تجد: إيه كم عمرك؟؟ تدري إني ما أعرف..

    ضحك خليفة: عمري 27..

    حينها همست جميلة كأنها تكلم نفسها: أكبر من علي بسنة وأصغر من كساب بسنتين..

    شعر خليفة بضيق حقيقي وهي في أول حوار ودي بينهما تعقد المقارنة بينه وبين ابني خالتها.. ولكنه تنهد وهو يهمس لنفسه ليجد لها عذرا
    (مريضة وعمرها ما عرفت حد غير عيال خالتها)
    همس خليفة بهدوء ظاهري: وليش ما تقولين أكبر منج بثمان سنين
    تدرين أحس إني عود وايد عليج..

    صمتت جميلة بخجل..بينما بحث خليفة عن شيء آخر يقوله: أممممممممم وأنا مدرس كيمياء أدرس ثاني ثانوي تحديدا

    حينها ابتسمت جميلة: أمي بعد مدرسة.. بس أمي تدرس علوم حق بنات إعدادي

    خليفة ابتسم (زين ذا المرة قارنتي بامها موب حد ثاني)
    ثم أردفت جميلة بخجل: والحين أنت خليت طلابك على آخر السنة..

    ابتسم خليفة: ارتحنا منهم.. وجدولي ربعي قسموه بينهم..

    حينها ابتسمت جميلة : بس غريبة شغلتك.. أعرف الشباب القطريين كلهم يهربون من سلك التدريس..
    وخصوصا إنك تخصص كيمياء كان لقيت لك شغلة غير..
    خليفة بهدوء باسم: تقدرين تقولين إني شخصيتي غير.. من صغري ودي أكون مدرس

    حينها همست جميلة بألم: وانا كنت أتمنى أكون مدرسة مثل أمي..

    خليفة بحزم حنون: وليش كنت.. بتردين وتكملين جامعتج وتصيرين اللي تبينه

    حينها أشاحت جميلة بوجهها.. لتسيل دموع تحاول إخفائها: أحاتي أمي بس..
    أنا وامي متعلقين في بعض كثير.. كنت أتمنى لو أقدر أجنب أمي الحزن

    خليفة بحزم: لو تبين تينبينها الحزن ماكان سويتي في نفسج جذيه..

    جميلة بألم مستسلم: هذي حكمت رب العالمين.. وماحد يعترض على حكمه سبحانه..

    خليفة بغضب: الله سبحانه ما قال لج تحرمين نفسج من الأكل

    جميلة انتقلت من نبرة الاستسلام لنبرة غضب مشابه لغضبه وبشكل مفاجئ: خلاص روح يا الله.. ما أبيك تقعد عندي

    خليفة يرتخي على المقعد ويريح جسده ويهمس بهدوء متجاهلا ماقالته: ماراح أروح مكان.. قاعد هني عندج للصبح




    *********************************




    كان يصلي الفجر حين سمع جرس الباب..
    عاود سماع الرنين بعد دقيقة أخرى وهو على وشك الانتهاء
    حينما سلم من صلاته.. توجه للباب وهو يشعر باستغراب عميق لمن يطرق الباب في هذا الوقت

    فتحه..

    شهق..
    أي مفاجأة هذه؟!! أي مفاجأة؟؟
    كان يقف مستندا للحائط عاقدا ذراعيه أمام صدره وبجواره حقيبة صغيرة

    ذات الابتسامة ارتسمت على الشفتين.. ذاتها..
    ابتسامة شفافة حنونة.. بها عتب واشتياق

    " أ هذا أنت يا أبي؟؟
    أ حقا أنت هنا أمامي؟!!
    لماذا جئت؟؟ بل أهلا بك..
    كم تسعدني رؤيتكِ.. بل يكاد جنبيّ أن يتمزقا لفرط انتشار السعادة في جوانحي
    اشتقت لكِ يا أبي
    تماما مثل ما أنا مجروح منك..
    ولكن شوقي أكبر من الجرح
    لأنك عندي أكبر من كل شيء
    أكبر من كل شيء!! "

    علي سارع ليقبل رأسه وكتفه ثم ألتقط كفه ليقبلها ولكن زايد سحبها قبل أن يفعل وعلى يهتف بحماس دافئ:
    هلا والله إني صادق.. نورت جنيف بكبرها

    قالها وهو يحمل حقيبة والده للداخل ويكمل بشفافية: كنت متوقع يأنت ياكساب أشوفكم خلال ذا اليومين..
    ثم أردف بعتب: ليش ما قلت لي استقبلك في المطار؟؟

    زايد وهو يدخل ويغلق الباب خلفه ويهتف بمودة عميقة: ما أبي أتعبك.. وبعدين جنيف أنا حافظها.. كل السالفة تكسي من المطار

    علي بمودة عميقة وهو يعاود تقبيل رأس والده: والله إنها أحلى مفاجأة.. كنك داري وش اللي في خاطري
    رحت من الدوحة وأنا ما شبعت من شوفتك..

    زايد لم يرد أن يعاتبه لهروبه من الدوحة بهذه الطريقة.. فما مضى مضى
    المهم أنه أمامه.. بخير ووجهه مشرق بابتسامته الغالية
    ففي روحه من العتب والإحساس بالذنب الكثير الكثير
    وإن كان إحساس العتب بدأ بالإضمحلال فإن الإحساس بالذنب آخذ بالتزايد..
    لأنه يعلم أن إبتسامة علي هذه تخفي الكثير من الألم الطازج والجروح الطرية المفتوحة

    "ولكن الأيام ياولدي كفيلة أن تشفي الجروح والألام"

    "وهل شفت الأيام جروحك يازايد؟ "

    "هو ليس مثلي.. ليس مثلي
    ولا أعتقد أن هناك من هو مثلي
    دعني الآن أشبع ناظري من محياه الحبيب
    وما عدا ذلك لا يهم.. لا يهم !!"





    ********************************




    صباح الدوحة

    كعادتها أمام قهوتها.. لوحة دائمة.. وطقوس مثقلة بالشجن والذكريات
    ماذا بقي لها غير الجلوس أمام قهوتها والانتظار الذي طال كثيرا.. كثيرا


    "صبحش الله بالخير يام صالح"

    انتفضت أم صالح وهي تهمس باحترام ودود : الله يصبحك بالنور والسرور..

    جلس مجاورا لها بألقه الغامض الصامد.. حين تراه للمرة الأولى تعلم فورا أن هذا الشيخ الجليل يخفي أكثر مما يظهر بكثير
    هتف بمودة: تقهويني يا شيبتش؟؟

    ابتسمت بمودة وهي تسكب له فنجانا: أقهوي مندوبك

    تناول منها الفنجان وهو يهتف بهدوء لا يخلو من رنة غضب: الشيخة متى بتأتي؟؟

    حينها همست بحنين: خلاص قد هي على وصول.. ثم أردفت بعتب: وأشفيك تقول الشيخة شكله مهوب عاجبك...

    أبو صالح بضيق: إيه مهوب عاجبني.. قد لها أسبوع مخلصة.. ليه ماجات لذا الحين

    أم صالح بهدوء: نايف توه مخلص امتحاناته أمس.. أشلون تأتي

    أبو صالح بضيق: يعني أخيش السبة.. لو أني داري كان أرسلت لها فهد وإلا هزاع يجيبونها..

    أم صالح تبتسم: ذا كله شحنة لبنتك... وبعدين وش فرقت أسبوع تنتظر خالها لين يخلص بدل ما تعنّي واحد من أخوانها..

    أبو صالح بذات الضيق: مابه عنوة.. وش وراهم.. فهد يقدر يأخذ إجازة يومين
    وهزيع تو امتحاناته مابدت.. هذا لو فلح..
    كان ذا الحين قد لها أسبوع عندنا وإلا عطال أخيش لها..

    أم صالح بعتب: الحين أخي اللي حاطها في عيونه هو اللي معطلها..
    شكلك ماعاد فيك صبر من الشحنة.. خلاص هانت ماعاد عليها إلا فصل واحد

    أبو صالح بشفافية: إيه والله مشتحن لها.. بنيتنا اللي ماعندنا غيرها..
    لولا إن عبدالله الله يرحمه كل مخي عشان أخليها تروح مع خالها
    وإلا والله ما أخليها تشبر برا الدوحة

    أم صالح بحنين موجوع: جعلها برايد عليه ما كان أحبه لأخته.. ماكان يخلي في خاطرها شيء
    جعل مثواه الجنة الباردة..

    حينها همس أبو صالح بخفوت غامض: ادعي له.. محتاج الدعوات..

    حينها هتفت أم صالح ببعض غضب: وش قصدك في ذا الحكي....
    كلن محتاج للدعوات.. وولدي إن شاء الله من هل الخير... واصل ومصلي..
    مهوب كفاية وجيعتي منك.. يوم ما خليته يدفن عندي في الدوحة..

    أبو صالح بذات الغموض: الديار كلها بلاد ربي.. وشو له العنوة حد يروح يجيبه..

    أم صالح بحزن عميق: وش عنوته؟؟ صالح كان بيموت يبي يجيبه بس أنت اللي حلفت..
    لا وزود على كذا حتى حسن ما رضيت نسميه عبدالله... ولزمت ما يسمى إلا حسن.. حتى اسمه استكثرت يقعد عقبه..

    أبو صالح يضع فنجانه ويقف وهو يهمس بنبرة حزن موجوعة:
    وإن سمينا حسن عبدالله.. بيرد عبدالله
    عبدالله راح خلاص يأم صالح.. مهوب راده نسمي ولده عليه..




    ********************************




    "ياحلوك يا عمي بلبس العسكرية.. كيوت"

    يبتسم منصور الذي كان يرتشف قهوته الصباحية وهو ينظر لمزون التي تنزل بعباءتها مستعدة للذهاب:
    أما كيوت ياعمش ذي مابعد مرت علي.. مهيب من مصطلحات العسكرية
    دوري لنا مصطلح مثل شرس.. ذيب.. شيء كذا

    انحنت عليه لتقبل خده.. وهمست باحترام: زين ذيب.. شرس ما أبيها

    جلست جواره وهي تسكب لنفسها كوبا من الكرك بينما منصور يسألها: وين بتروحين؟؟

    مزون صمتت بتوتر.. فهي تعرف إن عمها من أكبر المعارضين لدراستها ثم لعملها
    وإن كان يتعامل الآن مع المسألة بهدوء فهي تعلم أنه كاد يرتكب جريمة في والدها قبل 4 سنوات حين وافق لها أن تدرس

    منصور بنبرة أعلى: أقول مزون وين تبين تروحين.. أنا اللي بأوديش

    مزون ابتلعت ريقها: المطار.. عندي أول رحلة اليوم.. رحلة قصيرة.. أبوظبي وراجعين على طول.. والطاقم كله حريم حتى الكابتن...

    زفر منصور وأصابع يديه تتصلب.. ثم همس بحزم: قومي أوديش.. وأنا اللي بأرجعش.. بس يا ليت إنه لعبة الطيارات ذي ما تطول..
    اللي في رأسش وسويتيه.. بنشغلش أحسن شغلة في المكان اللي تبينه.. بس ذا الشغلة يأبيش ما تنفع لش..

    حينها مالت مزون على ذراعه تحتضنها ثم تقبل عضده وهي تهمس بوجع شفاف:
    شفت ياعمي.. مع أني أدري إنك مستوجع من خبالي مثل كسّاب وأكثر
    بس شوف أنت أشلون تتعامل مع الموضوع.. وهو أشلون يتعامل
    تكفى ياعمي.. قل له بأسوي اللي هو يبي.. بس يرضى علي..
    تكفى طالبتك..




    ******************************




    "كساب يأمك تعال أبيك تدخل معي عند جميلة"

    كساب بهدوء: ما يصير يا خالتي.. تبين تسلمين على بنتش براحتش

    عفراء بألم: ما أبي أسلم عليها براحتي.. لأني لو دخلت عليها بروحي وقلت لها إني بأسافر.. بتسوي مناحة
    لكن إذا كنت أنت موجود بتستحي مهيب قايلة شيء..

    حينها ابتسم كسّاب: تستحي؟؟ توها لسانها البارحة علي شبرين..

    عفراء تتمزق من الألم: ماعليه يأمك تعال وبس..

    كساب لم يكن يريد الدخول لأنه مازال يشعر بالضيق من موقفه بالأمس.. ولكنه لا يستطيع رفض طلبا لخالته..

    عفراء تدخل على جميلة وتخبرها أن كساب سيدخل
    جميلة بضيق: وش يبي؟؟ أبي أقعد معش بروحنا... خليه يأخذ خليفة ويفارقون اثنينتهم..

    وقتها خليفة كان يقف مع كسّاب في الخارج

    عفراء لم ترد على تذمرها وهي تضع على وجهها الجلال.. وتدعو كسّاب للدخول

    كساب هتف بهدوء: كيف أصبحتي جميلة؟؟ إن شاء الله أحسن؟؟

    جميلة بنبرة محايدة: الحمدلله على كل حال

    حينها همست عفراء بثبات قدر ما تستطيع وهي تقف بعيدا قليلا عن جميلة:
    خليفة يأمك حنا بنمشي الحين
    الله الله في جميلة.. حطها في عيونك يأمك

    أربعة عيون توسعت بصدمة
    خليفة وجميلة
    وحزن يائس يغمر قلبيهما فجأة
    هل يعودان سويا معا لوحدهما وبهذه السرعة؟؟

    وإن كان خليفة تماسك بسرعة وهو يرد بثقة لا يعلم حقيقتها من اصطناعها:
    لا تحاتينها يا خالة
    في عيوني الثنتين.. روحي وأنتي مطمنة

    فإن جميلة جفت الكلمات على لسانها
    كانت تريد أن تصرخ وتصرخ وتستجديها أن تبقى
    فهي عرفت كيف يكون الإحساس من غيرها
    وكادت تجن من غيرها لمدة ساعات فقط
    فكيف أياما وأسابيع وربما شهور من غيرها قبل أن يأخذ الله أمانته كما تعتقد


    كانت دموعها تسيل أنهارا تحت غطاء وجهها وداخلها ينتحب بجزع
    ولكنها صمتت.. ابتلعت شهقاتها وغصت بها.. حتى لا تشمت كسّاب فيها
    سيتشمت فيها.. تعلم أنه سيفعل حتى لو لم يتكلم
    سيقول : " مهوب اخترتي ولد عمش على علي وحتى على امش
    يالله اشبعي فيه
    خليه يكفيش عن العالم"

    جميلة لم تقل كلمة.. بينما عفراء اقتربت بسرعة لتطبع قبلة على رأسها وتنسحب بسرعة
    قبل أن تنجح جميلة في التشبث بها

    عفراء أنزلت طرف شيلتها على فتحات النقاب حتى لا يلحظ أحد دموعها
    وخوفا أن يحلف عليها كساب مجددا إن رأى حزنها

    خليفة كان سيخرج معهما لكن عفراء رجته بصوت خافت يسيل وجعا:
    خلك معها...وتراها بتجننك.. أدري
    اصبر عليها .. وإذا حسيت يا ولدي في يوم إنك ماعاد فيك صبر... أمنتك الله ما تحمل نفسك فوق طاقتك
    كلمني على طول... هذا أنا أمنتك

    عفراء خرجت وهي تستند لذراع كساب خشية أن تنهار بينما القلق عليها بدأ يتصاعد في قلب كساب

    حينها عاد خليفة للداخل وأغلق الباب وهو يشعر بتوتره يتعاظم خوفا من ردة فعل جميلة

    لكن جميلة لم تتحرك ولم يصدر منها أي صوت... بعد لحظات صمت اقترب خليفة وأزال الغطاء عن وجهها
    ليجدها تنظر أمامها بذهول.. وسيول من الدموع تغرق وجهها..
    خليفة اقترب منها ووضع يده على كتفه وهمس بحنان: جميلة لا تحاتين بترد تزورج قريب

    حينها لطمت جميلة يده وانفجرت بهستيرية: يمه.. يمه.. يــــــــــمـــــــــه
    يــــــــــــــــمـــــــــــــه
    تكفين لا تخليني...
    لا تخليني..

    جميلة نزعت الأسلاك من يدها بحدة وهي تحاول النزول.. ليمسك بها خليفة بقوة بينما كانت هي تضربه بأناملها الجافة وتصرخ:
    أكرهك.. أكرهك
    أنا أكرهك.. أنت السبب.. أنت السبب
    أبي أمي.. أبي أمي..

    تلطخ قميص خليفة من دمها المتناثر من معصمها .. ولكنه أعاد تثبيتها على السرير وهو يضغط جرس استدعاء الممرضات.. ويضغط على معصمها ليوقف سيلان الدم مكان انتزاعها لأبرة الجلوكوز..


    وفي ذات اللحظات كانت عفراء الباكية بصمت تركب سيارة الأجرة وكساب يهمس لها بقلق حنون:
    خالتي تبين نقعد شوي قعدنا؟؟ والله العظيم عادي وما عندي مشكلة

    عفراء بصوت مبحوح تخفي البكاء فيه: لا يأمك.. توكلنا على الله..
    خلنا نروح نشوف علي.. ونرجع الدوحة




    ********************************




    وضحى اليوم في البيت تدرس امتحاناتها التي أصبحت بعد ايام
    مازالت تشعر بالذنب من موقفها مع والدتها بالأمس
    آلمها إشاحة والدتها بصرها عنها البارحة
    تعرف أن هذه طريقتها في العقاب.. تحرمها من نظرة عينيها الحانية الغالية
    ولشد ما كانت تؤلم هذه الطريقة قلبها الرقيق
    فأمنيتها دائما نظرة رضا من العينين الحانيتين!!

    هاهي تنزل وهي تجمع شجاعتها خوفا أن تكون والدتها مازالت تريد معاقبتها أكثر
    وجدتها عند جدها في غرفته تتقهوى معه..
    قبلت رأسيهما ثم جلست بجوار جدها على سريره وهي تنظر لوجه والدتها لتقرأ انفعالاتها اليوم
    وجدتها تتحادث مع والدها وتبتسم وهما يستذكران معا أشعارا وحكايات وأقواما رحلوا
    لذا تشجعت وهي تقوم لتجلس بجوار والدتها وتهمس لها من قرب:
    يمه أنا آسفة على اللي صار أمس.. والله حتى النوم ماجاني وأنا دارية إنش زعلانة علي..

    مزنة تطبطب على يدها وتهمس بحنان: خلاص يأمش رضيت من بارحتي
    ثم أردفت بحزم حنون: بس كنتي تبين لش قرصة عشان ما تعيدينها

    وضحى تبتسم وهي تقبل كتف والدتها: حرمت يأم امهاب.. حرمت..

    الجد يهتف بصوت عال: أنتو وش أنتو تقولون؟؟

    مزنة باحترام مغرق في المودة: مابه شيء جعلني فداك

    جابر يتمدد على سريره ويهمس بهدوء: بانسدح شوي.. وقوموني للصلاة

    مزنة نهضت لتتاكد من وضع والدها وتغطيه.. ثم تنادي وضحى للخارج..
    حين أصبحتا في جلسة الصالة..
    همست مزنة بحزم: اسمعي يا وضحى خلينا نخلص من ذا السالفة.. تبين عبدالرحمن وإلا لا..

    وضحى بحذر: لا ما أبيه..

    مزنة بذات الحزم: حتى لو عرفتي إنه أنتي أول حد خطبه قبل كاسرة حتى.. بس أنا اللي ما رضيت
    وقتها توش سنة أولى جامعة.. وصغيرة.. وما حبيت أستعجل عليش
    فعبدالرحمن عقب.. قال أنا ما ابي إلا نسبكم فخطب كاسرة

    وضحى بسخرية موجوعة: وعقبه خطبها عشرين مرة.. ما أدري وأشلون تفكير ذا الإنسان.. إحساس الكرامة عنده معدوم
    ما أبيه يمه.. والله العظيم ما أبيه...

    مزنة بهدوء حازم: كيفش ماحد بجابرش على شيء.. بس عبدالرحمن رجّال ما مثله يا وضحى.. مابعد شفت مثل طيبت قلبه وطيب أخلاقه
    غير عن إن وضعه المادي والوظيفي زين.. وولد عمتش لحم ودم

    وضحى بحزم: يمه ما أبيه...

    مزنة بحزم أكبر: زين بس لا تقولين الحين رأيش لأي أحد.. لو أي حد سألش قولي أفكر ما بعد قررت

    وضحى باستغراب: وليش يمه؟؟

    مزنة بهدوء: لأن امهاب خطب جوزا من عبدالرحمن.. ويمكن أنتي لا رفضتي عبدالرحمن تلاقي جوزا نفسها مجبورة ترفض امهاب
    وخصوصا مع أفكار رجّال عمتش المعقد ..إيه والله إن قد يعيي
    حرام جوزا ماراح تلاقي حد يجيها أحسن من امهاب.. فلا تخربين فرصتها عليها.. خلها لين تتخذ قرارها

    وضحى كانت تستمع لوالدتها وعيناها تتسعان ذهولا.. لتهمس بذهول:
    يمه تقولين امهاب خطب جوزا.. متأكدة أنتي؟؟

    مزنة بهدوء: إيه قال لي البارحة في الليل عقب مارجع من عشاه مع عبدالرحمن

    وضحى بذات الذهول: جوزا جوزا؟؟ يمه يمكن قصدش شعاع.. وش يحد امهاب يأخذ جوزا؟؟ وأنتي ما قلتي له شيء؟؟

    مزنة بحزم: بنت عمتش مافيها قصور وهو مقتنع فيها فليش أعارضه..

    وضحى باستغراب متغاظم: أما أنتي يمه غريبة.. جوزا مافيها قصور ماقلنا شي
    بس شعاع أحسن منها لو امهاب يبي نسبهم
    عدا إنه من حقه بنية يكون هو أول واحد في حياتها وش حاده على أرملة عندها ولد
    وبعدين يوم أنتي تقولين امهاب مقتنع فيها وقاعدة تدافعين عنها وعنه
    ليش نفس التفكير هذا ماقلتيه عند تميم

    مزنة بذات نبرتها الحازمة: لا يا وضحى هذاك موضوع وهذا موضوع

    وضحى باحترام: لا يمه المبدأ واحد.. الحين امهاب مقتنع يجوزا على قولتش مع إن فيه أحسن منها واجد.. ومع كذا أنتي مقتنعة معه
    وتميم يبي بنت نفس حالته مع أنه يقدر يأخذ أحسن منها مثل ما تبين.. فليش ما اقتنعتني مع تميم؟!

    تنهدت مزنة: مشكلتكم ماحد فاهم وجهة نظري إلا كاسرة هي الوحيدة اللي فاهمتني في موضوع تميم..
    حتى في موضوع جوزا أنا متأكدة إنها بتفهمني لأنها تفكر بعقلها قبل عواطفها
    وقرارات مثل ذي العقل لازم يكون حاضر حتى لو كان القلب رافض

    الحين أنتي وامهاب تقولون عادي خلي تميم يأخذ بنت نفس حالته يكون الصمم عندها مهوب وراثي عشان إن شاء الله عيالهم ما يصير لهم شيئ
    زين أنا وافقت وتزوج البنت.. وخليتهم يسكنون عندي على أساس عيني على الصغار.. زين هل أنا دايمة لهم؟؟
    بكرة يبون يودون عيالهم المستشفى.. أو صار لهم مشكلة في المدرسة.. هل بيقعدون يتكلمون مع العالم بالورقة والقلم
    ( انتظروا شوي أجلوا حل المشكلة.. خلونا نكتب لكم..
    والله مافهمت ذا الكلمة.. خطك مهوب واضح.. عيدها مرة ثانية)

    كانت مزنة تنهمر بألم حقيقي: يعني أنتم ظنكم إنه هاين علي أرد في خاطر تميم شيء شايفته يبغيه بذا الطريقة
    والله العظيم إني أستوجع فوق الوجع وأنا أشوفه يترجاني وأنا أرده..لكن إذا هو تفكيره عاطفي.. (وأبي لي بنية ما تحسسني إنها أحسن مني).....
    أخليه على كيفه ما أعارض... تميم أصلا عاده صغير في السن.. وأنا أبي له الأصلح...
    كفاية هو ما يسمع ولا يتكلم في مجتمع ماعنده صبر ولا حتى ذوق إنهم ينتظرون عليه شوي
    أبي مرته تكون عوين له... مهوب هم اثنينتهم محتاجين من يعاونهم ويشرح عنهم وبدالهم...
    وتميم ماشاء الله وضعه ممتاز يقدر يأخذ أحسن بنت صحيحة..
    فليه الأصرار على بنت نفس حالته.. أيش ايدريه أساسا إنها بتكون هي الراحة له
    وليش يظن إن البنت السليمة بتتكبر عليه.. كم بنات أجواد حاطين رياجيلهم على رووسهم وهم فيهم عيوب الدنيا..
    وتميم مافيه عيب فكيف ما تحطه على رأسها؟؟

    لكن امهاب موضوع ثاني.. أكيد كنت أبي لولدي بنت هو أول بختها...
    لكن هل معنى إن جوزا تزوجت وعندها ولد هذا عيب الواحد ما يقدر يعيش معه؟؟
    جوزا مسكينة مالحقت تهنا بحياتها.. عبارت إنها ما عرست أصلا
    وكفاية إنه يربي حسن.. ياحظ اللي يضم له يتيم.. فياترى أحرم امهاب من ذا الأجر ومن اللي يبيه عشان خرابيط مالها معنى...




    ********************************




    مزون أصبحت في المطار
    متوترة.. بل غاية في التوتر..
    أناملها متصلبة.. وريقها جاف.. وعرقها يتصبب على وجهها تحت نقابها
    توجهت لاستراحة الطيارين.. والتوجس يغتالها
    كان بها حوالي خمسة من الشباب وهي المرأة الوحيدة معهم
    شعرت كما لو أنها عارية والعيون تلتهمها
    كانت العيون تتجه ناحيتها باستغراب.. بل بمعنى أدق باستهجان

    "من أين أتت هذه المخلوقة؟؟ وماذا تفعل هنا؟؟"

    توترها يتزايد وهي تريد أن تجلس على الحاسوب
    ولكن الشباب الخمسة كانوا متوزعين بطريقة أنها في أي مكان ستجلس ستكون مجاورة لأحدهم

    الكباتن شعروا أنها تريد أن تجلس.. لذا انزاحو جميعهم لناحية واحدة.. وتركوا الناحية الأخرى لها

    جلست وهي عاجزة عن ابتلاع ريقها.. هي بالفعل درست سنوات دراستها كلها مع شباب.. ولكن كان الإحساس مختلف
    فهم كانوا في قاعة دراسة.. ومعهم أستاذ وهي كان معها زميلات حتى وإن كن في تخصصات أخرى.. ولكنهن يشتركن في المقررات

    تشعر بضيق غير طبيعي وهي تسترق نظرها للباب علها ترى الكابتن إيمي أو كابتن سهى المساعد الأول..
    بعد دقائق ثقيلة طويلة وخانقة.. حضرت سهى.. تعرفتا على بعضيهما فورا..
    تبادلتا الحديث لفترة.. وسهى تهمس بهدوء: غريبة كابتن إيمي ماإجت..
    إحنا على العموم مفترض نطلع للطايرة بعد ساعة

    مزون وسهى عادتا للانشغال بالحاسوب.. وهما تسجلان المعلومات الضرورية

    بعد مضي الساعة توجهتا للسيارات المخصصة لتنقلهما للطائرة
    لكن مزون تذكرت أنها نسيت حقيبتها في الاستراحة
    فعادت لأخذها
    وحين عادت لموقف السيارات كانت سهى قد غادرت
    انتظرت مزون السيارة التالية وطلبت منه نقلها للطائرة المتجهة لأبوظبي

    وصلت مزون لسلم الطائرة.. سلمت بطاقتها للأمن في الأسفل الذي كان يقول لها: لم يسمح للمسافرين بالركوب بعد..

    أعاد لها البطاقة وهو يعتذر رغم تعجبه الشديد من هذا الكابتن الغريب
    صعدت مزون بتوتر.. وهي تتمنى أن تكون كابتن إيمي وصلت
    لماذا كل هذه التعقيدات في رحلتها الأولى
    الا يكفيها كل هذا التوتر؟!!

    وصلت لقمرة القيادة وطرقت الباب لتدخل
    وتــفــجــع وهي ترى الكتفين العريضين لظهر عريض يستحيل أن يكون ظهر إيمي

    شهقت والكلمات تجف على لسانها بينما سهى تبتسم لها وتشرح بمهنية:
    الكابتن إيمي اعتذرت عن الرحلة
    والكابتن استلم مكانها.. إجا دايركت لهون ماكان عندو وئت يشوفنا بالاستراحة
    وما تخافي من شيء هو حافظ خط الدوحة- أبوظبي
    واحنا بنزوده ببائي المعلومات

    حزن عميق غمر قلب مزون لفساد مخططاتها.. ولكن على الأقل هاهي معها فتاة أخرى وليست لوحدها معه
    كانت تدلف خطوة للداخل
    في الوقت الذي كان الكابتن يدير وجهه ناحيتها بحزم وغموض



    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .
    مع انتهاء هذه الأسبوع ننهي أيضا مرحلة من مراحل بين الأمس واليوم
    لنبدأ في الأسبوع القادم مرحلة جديدة
    هي الفصل الأخير من التعرف على المبدئي على الشخصيات وليس النهائي
    وتبدأ أيضا الأسبوع القادم كثير من الأحداث التي انتظرتموها
    فما رأيكم أن تنتظرونا الأسبوع القادم بمشيئة الله

  3. #13

    ][ فريق تطوير الزين ][


    تاريخ التسجيل
    Aug 2013
    المشاركات
    11,800
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود

    صباح الخير المبكر بل ما قبل الصباح


    نمت مبكرا.. وصحوت أكثر تبكيرا من المعتاد


    جعل الله أيامكم كلها تبكير في الخير


    .


    أعتذر على محاولتي الفاشلة في الرد على الكل


    بالفعل لم أستطع.. فوقت الفراغ الذي أجده أقضيه في كتابة القصة


    ولكن والله العظيم أقرأ الردود كلها بتمعن وأحيانا مرتين


    عل شيء يكون فاتني في القراءة الأولى


    وكل ملاحظة وكل تعليق يبعث سعادة عميقة في أوصالي.. وأشعر به يدفع القصة للأمام وللأفضل


    .


    الآن مع بعض النقاط عن البارت الماضي



    لمن يقولون أن هزاع شخصية لم يسبق ذكرها...


    الظاهر لازم أعضكم عشانكم ما تقرون زين....


    هذا مقطع من الجزء الثامن الظهور الأول لعائلة أبو صالح:



    ابتسم صالح: إذا السالفة على كذا.. زوجي الجباوة الثنين اللي أخنزوا من الرقاد فوق..



    أم صالح باستنكار: هزاع توه صغير.. أنت صاحي؟؟ خله يخلص الثانوية ذا الحين




    واليوم سنتعرف على هزاع أكثر


    .


    .


    أيضا من تسائلوا عن الكابتن الغامض وأنه قد يكون طالب وليس كابتن محترف بما أنه سيستفيد من مزون وسهى



    مزون وسهى المعلومات اللي يفيدونه فيها هي معلومات الرحلة اللي ما لحق يأخذها لأنه مادخل الاستراحة ولا سجل المعلومات


    وطبعا مستحيل يخلون طالب محتاج معلومات من المساعدين هو اللي يطير


    كان خلوا البنات يطيرون أحسن :)


    .


    .


    اليوم ترون مزون في مكان العمل <<< شيء قصدته تماما


    أ لم يثر فضولكم هذه الفتاة التي أصبحت هشة كثيرة البكاء كيف هي في المواقف العملية؟؟


    هذه الفتاة نافست الشباب في مجال دراستهم وكما سمعتم منها تفوقت


    وللعلم كثير من الناس يكون في حياته العملية مختلف جذريا عن حياته الشخصية


    اليوم نرى إلى أي حد ينطبق هذا على مزون أو لا ينطبق


    .


    .


    اليوم خمس نجمات وليس نجمة واحدة لبنت أبوي بن جدي


    مذهلة يا بنوتة مذهـــلـــة ماشاء الله تبارك الله


    وستعلمون لاحقا لماذا


    .


    .


    جزء اليوم يعبر أغلب الشخصيات في زمن هو أقل من نصف نهار بحساب الزمن الاعتيادي


    ولكنه نهار غير اعتيادي في حياة أبطال قصتنا


    .


    .


    إليكم الجزء الثالث عشر


    .


    قراءة ممتعة مقدما


    .


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .


    .



    بين الأمس واليوم/ الجزء الثالث عشر





    مزون وصلت لقمرة القيادة وطرقت الباب لتدخل


    وتــفــجــع وهي ترى الكتفين العريضين لظهر عريض يستحيل أن يكون ظهر إيمي



    شهقت والكلمات تجف على لسانها بينما سهى تبتسم لها وتشرح بمهنية:


    الكابتن إيمي اعتذرت عن الرحلة


    والكابتن استلم مكانها.. إجا دايركت لهون ماكان عندو وئت يشوفنا بالاستراحة


    وما تخافي من شيء هو حافظ خط الدوحة- أبوظبي


    واحنا بنزوده ببائي المعلومات



    حزن عميق غمر قلب مزون لفساد مخططاتها.. ولكن على الأقل هاهي معها فتاة أخرى وليست لوحدها معه


    كانت تدلف خطوة للداخل


    في الوقت الذي كان الكابتن يدير وجهه ناحيتها بحزم وغموض



    مزون تأخرت بحرج وهي تتطلع لوجهه الوسيم الذي بدأ لها مألوفا


    رغم أنه ليس من المعتاد رؤية هاتين العينين بلونهما الأشبه ببحر عميق من عسل صاف



    سهى أكملت حديثها بابتسامة ودودة: اسمحي لي عرفك بكاتبن غانم


    من أشطر كباتن القطرية... رجل المهمات الصعبة مزبوط.. مستعد يطير ئبل اللحزة الأخيرة



    مزون تنهدت بعمق وهي تدفع بصوتها النبرة المهنية المطلوبة وتجلس عن يساره حيث يفترض أن تجلس وهي تحاول أن تبعد جسدها قدر المستطاع:


    تشرفنا كابتن..فيه توقع لمطبات جوية في المنطقة بين تقاطع 345 شرق على 765 غرب


    وتقاطع 564 شرق على 323 غرب فترة قد تصل من عشر دقائق لربع ساعة..بس الرؤية إن شاء الله صافية



    انهمرت بالمعلومات المطلوبة بدقة عالية وسرعة ودون أدنى تلعثم .. ويداها تعملان بسرعة ودقة على الاجهزة أمامها



    مازالت لم تستمع لصوته.. فقط كانت يداه تعملان بذات سرعة يديها


    ليهمس بعد دقائق وعيناه مثبتان أمامه ودون أن ينظر ناحيتها وبصوت رجولي عميق:


    صباحش خير يا كابتن.. (صمت لثانيتين) بنت زايد آل كساب؟؟.. والا أنا غلطان؟؟



    ابتلعت مزون ريقها ولكن ريقها جف وتبخر على أول حنجرتها لشدة جفافها دون أن يرطب جفاف امتداد باقي حنجرتها المتيبسة



    فهذه اللهجة الحادة بتركيزها على مخارج الحروف


    يستحيل أن تكون لهجة أحد لا ينتمي إلى قبيلتها ..


    همست في داخلها : (ومن قبيلتي بعد.. وش ذا البلوة؟؟ ذا الرحلة باينة سودا من أولها


    ذا البدوي أبو عيون عسلية من وين الله جابه؟؟)



    ردت مزون بذات المهنية ودون أن تنظر ناحينه: كابتن مزون زايد.. مساعد ثاني


    ونعم بنت زايد بن علي آل كساب...



    خيل لها أن طرف عينها إلتقط شبح ابتسامة على طرف شفتيه وهو يهمس بهدوء:


    وأنا غانم بن راشد آل ليث..



    حينها شعرت مزون كما لو كان سُكب على رأسها ماء مغليا أذاب خلايا دماغها..


    وهي تسأله بذات النبرة المهنية المحترفة التي تبدو غير مهتمة وفي ذات الوقت غاية في اللباقة: آل ليث جماعتنا وإلا غيرهم؟؟



    لا تعلم لما بدت لها نبرته متلاعبة باسمة وهو يجيب بهدوء ودون أن ينظر ناحيتها: جماعتكم نفسهم



    حينها كانت مزون على وشك أن تقفز من الطائرة...أو أن تلطم وجهها


    (خلصوا طيارين الخطوط القطرية


    مالقوا على أول رحلة لي إلا واحد عيال جماعتنا)



    مزون لم ترد عليه وهي تتشاغل بما بين يديها بطريقة تبدو للناظر واثقة ومسيطرة


    بينما هي في داخلها تهدئ روعها وروع حرجها المتزايد



    (احمدي ربش زين ما طلع امهاب الله يقطع أيامه


    الرحلة ذي وكسة من أولها


    كان ناقصها ولد آل ليث عشان تكمل)







    *****************************






    خليفة يجلس جوار جميلة المخدرة والغارقة في نوم عميق..


    مازال قميصه الملطخ بالدم عليه...لم يكن يريد تركها


    فهي أصيبت بحالة هستيرية بعد مغادرة والدتها


    وكأنه تلبس جسدها المتهاوي مئات العفاريت


    وجهت لكماتها الهزيلة لصدره وهي تعتقد أنها تؤلمه بينما هو لم يشعر حتى بوقع يديها


    وكل ما كان يشغله الدم المنبثق من معصمها والذي أغرق صدره تماما وتناثر في أرجاء الغرفة وعلى سريرها وملابسها


    وهو مذهول من كمية الدم المتناثرة...



    "كيف توافرت كل هذه الكمية داخل جسدها المتخشب؟"




    الممرضات حضرن وكذلك داليا ليتعاونن على تخديرها بينما صرخاتها تتعالى:


    أبي أمي .. أبي أمي



    حتى بدأت صرخاتها تخفت شيئا فشيئا من تأثير المخدر لتتحول لهمس موجع أشبه بالأنين المكسور المتحشرج..


    حينها لم يحتمل خليفة كل هذا ...خرج ليقف عند الباب



    الممرضات حينها أبدلن ملابسها وشراشف السرير وقمن بتنظيف المكان



    ليعود بعدها ويجلس جوارها..


    داليا تعود بعد دقائق وتهمس له بخفوت واحترام: أستاذ خليفة روح غير ملابسك..


    الطاقم الطبي كله متضايق من شكلك.. وأنت طولت ما رحت تغير ملابسك



    خليفة كأنه يحادث نفسه: أخاف تصحا ما تلقاني



    داليا بمهنية: الأفضل أساسا إنها تصحا ما تلقاك.. ترجع تثور.. أنت روح بدل ملابسك.. ونام لو تريد


    وأنا قاعدة جنبها.. لما تصحا.. وأشرح لها الوضع تمام.. واهديها..وبعدها أنا بأتصل فيك ترجع



    خليفة وقف دون أن يرد بكلمة.. وسحب نفسه خارجا..


    بينما داليا تناولت مقعدا وقربته من سرير جميلة وجلست..






    **************************






    " أصب لك قهوة يبه؟؟"



    زايد بحزم هادئ: شكّرت.. تسلم يمينك..


    ثم أردف وهو يتلفت حوله بتساؤل: الرجّال اللي كان يشتغل عندك وينه؟؟



    علي وهو يعيد الفناجين ويضعها في آنية الماء المخصصة لذلك يهمس بهدوء:


    عم حمزة اليوم مستأذن.. فيه واحد تركي بيتزوج اليوم


    فهم يبون يكونون معه من أول النهار..



    ابتسم زايد: ما علمونا نعينهم..



    فابتسم علي ابتسامة مشابهة: خلاص كفيناك.. جاتهم عانيتهم وكله من خيرك.. عم حمزة غالي عليّ..



    زايد بحنو حازم: الله يغليك عند ربك.. الله الله فيه...



    علي بهدوء: يبه أخواني شاخبارهم؟؟ وخالتي وعمي؟؟



    زايد بذات هدوءه: عمك مودع عليك بالسلام.. ويقول لك بيجيك يصيف عندك كم يوم



    علي بابتسامة ودودة: حياه الله.. أربه صادق.. عمي منصور أصلا ما ينوخذ منه حق ولا باطل.. من يوم تعينت في جنيف ما مرني



    زايد بمودة: توك في جنيف مالك إلا سنة... ثم أردف بهدوء: ومزون اليوم أول رحلة لها



    حينها انتفض علي بعنف: أول رحلة وخليتها بروحها؟؟



    زايد بابتسامة: عمك عندها.. وبعدين طاقم الطيارين اللي معها كلهم نسوان.. رحلة قصيرة لأبوظبي


    وأنا كلمت عمك قبل شوي.. هو بنفسه وصلها لين داخل المطار...



    علي متضايق لأبعد حد من كل هذا حتى وإن لم يظهر ضيقه وهو يهتف بذات هدوءه الأزلي العميق:


    زين وكساب وخالتي؟؟ كسّاب أدق على جواله البارحة يعطيني رنة خارجية ولا رجع يكلمني..



    تنهد زايد: خالتك وكساب عند جميلة.. واكيد بيمرونك عقب



    تصلبت يدا علي بعنف رغم أنه كان يهتف بذات هدوءه: حياهم الله



    حينها ماعاد بزايد صبرا..يريد أن يطمئن على روح ولده الشفافة


    فهتف بنبرة شفافة كثيفة: ليش يوم جيتني في الدوحة ما قلت لي عن اللي في خاطرك؟؟


    عمرك ما دسيت علي شيء.. فأشلون تدس علي شيء مثل هذا؟؟



    علي تراجع بحرج ما ولكنه عاد ليهمس بشفافية والده: وش تبيني أقول يبه؟؟


    إني فيه شيء بقلبي لبنت خالتي مثلا..


    خطبتها.. وما توقعت أصلا إنه فيه سبب أقول مشاعري لأحد.. لأني ما توقعت إنه فيه حد ممكن يوقف لي في الخطبة


    مع إنه يبه قلبي ناغزني من يوم وصلت الدوحة.. بس كذبت إحساسي..


    وعلى العموم يبه لا يروح بالك بعيد وتظني أتعذب.. وهيمان وما أنام الليل



    ما أكذب عليك في قلبي مشاعر لجميلة.. يمكن لأنها بنت خالتي اللي ربتنا.. يمكن لأنها بنت خليفة اللي كنت أحسه إبي الثاني


    يمكن عشانها هي.. ماعاد يهم..


    وصدقني.. خلاص يالغالي.. وعزت من خلاك أغلى خلقه إنه قلبي جاته الصدة منها من يوم صارت حلال غيري..



    زايد بعمق: وكاد ذا الكلام.. وإلا تبي تبرد قلبي بس.. عشان ما تحسسني بذنب اللي سويته..



    علي بعمق مشابه: أكيد يالغالي أكيد..



    حينها استرخى زايد في مقعده أكثر وهمس بعمق متجذر لأبعد حد: إن كان وكاد يابيك اللي تقوله..


    فأنت ما حبيتها.. دور لمشاعرك اسم ثاني غير الحب



    حينها ابتسم علي بمودة وهو ينحي كل ألامه لنقطة مخفية في روحه: شكل أبو كسّاب خبير..



    التفت له زايد وابتسم وهو يعتدل في جلسته ويهتف بمرح شفاف: خبير عود بعد.. ولو تبي عطيتك دروس



    فور انتهاء زايد من جملته.. تعالى جرس الباب


    هتف زايد بتساؤل: تتنى حد؟؟



    علي يقف وهو يتجه للباب: الشباب في القنصلية يوم كلمتهم أعتذر إني ماني بجاي اليوم عشانك


    كلهم قالوا بيمرونا عقب الدوام.. بس تو الناس مابعد خلص الدوام..



    فتح علي الباب..


    ورغم أنه كان يتوقع مجيئهما.. إلا أن سعادة المفاجأة أشرقت على وجهه لأبعد حد وهو يرى خالته وشقيقه..



    كساب كان أول من تحدث وهو يسلم على شقيقه بحرارة ويهتف بمرح دافئ :


    زين إنك هنا.. توقعنا في الدوام وإنه بنقعد نحرس باب الشقة لين تجينا



    علي بترحيب حقيقي مليء بالدفء والحماس والمودة: ياهلا ومرحبا والله إني صادق.. هلا والله بالغاليين



    عفراء كان سلامها لعلي مختلفا.. فهي لم تره منذ أشهر.. تشعر بألم عميق لكل ماحدث.. عدا عن وجيعتها التي تنزف بتركها ابنتها خلفها


    وكان ناتج هذا أن ارتمت في صدر علي وهي تنتحب ببكاء مكتوم..


    علي احتضنتها بقوة حانية وهو يهمس بقلق متأثر: خالتي تعوذي من الشيطان.. وش فيش؟؟ هذا أنا بخير



    بينما كان كساب بدوره كان يربت على كتفها رغم اختفائها في أحضان علي


    وهو يهمس بقلق مشابه: خالتي الله يهداش.. وش فيش صايرة حساسة بزيادة



    زايد لم يتحرك من مكانه لأنه لم يرد أن يثر إحراج عفراء



    عفراء حين أفرغت طاقة بكاءها الأولى.. أفلتت علي وهي تهمس بصوت مبحوح: مشتاقة لك يأمك بس..



    علي يقبل رأسها ويهتف بحنان: وأنا اشتقت لش..


    ثم أشار بعينيه لكل من عفراء وكسّاب وهمس بخفوت: ترا أبي داخل



    عفراء شعرت بحرج عظيم انها كانت تبكي بهذه الطريقة وزايد يسمعها


    لذا استاذنت ودخلت إلى غرفة علي دون أن تتجه للصالة


    بينما كساب يهمس لعلي باستغراب خافت: غريبة وش عنده؟؟



    علي يبتسم ويهمس بخفوت مشابه وهما يتجهان لوالدهما: مشتاق لي وجاي يشوفني.. وإلا عندك مانع؟؟



    كسّاب يبتسم: وش مانعه يا دلوع البابا؟؟ منت بهين اللي قادر تجيب رأس زايد



    علي يبتسم: يسلم لي رأس زايد..



    كسّاب يصل والده.. ورغم كل شيء.. ابتسامة عفوية تتسلل للاثنين.. صريحة عند زايد.. وخفية خفيفة عند كسّاب


    فكسّاب يشعر بالسعادة من أجل علي وأن والده جاء للاطمئنان عليه ولم يهمله في حزنه..


    سعادته كانت من أجل علي.. وهاهو يشعر بالرضا على زايد لأول مرة منذ فترة طويلة..






    *****************************






    "وين رايحة نجلاء هانم؟؟ أشوفش لابسة عباتش؟؟"



    نجلاء تبتسم: تكونين أنتي رجالي وما عندي خبر.. ولازم أعطيش خط سيري



    سميرة بابتسامة مشابهة: آه يا بت يا نقلاء عاوزة تهيتي على حل شعرك من ورا الواد صويلح ابن ام صويلح..



    نجلاء تضحك: أما عاد أهيت وعلى حل شعري.. لابقة يا بنت ..



    سميرة تضحك: خشي في عبي يا بت.. أنتي رايحة فين كده من (مغباش) ربنا..



    نجلاء تعدل وضع نقابها أمام مرآة المدخل وتنادي الخادمة: وش مغباشه؟؟ الساعة صارت عشر..



    سميرة تمسك بنجلاء وهي تهتف بمرحها الدائم: نجول اخلصي علي.. علميني وين بتروحين؟؟


    عمي الشيخ صالح موصيني أسوي عليش كنترول.. خبرش يغار عليش.. وأنا لازم أحمي أملاك ولد عمي من العيون الطامعة



    نجلاء تنحدر لهجتها من المرح للهدوء الساكن: أنتي يعني ما ترتاحين لين تجيبين طاري صالح عندي.. فكيه من شرش..



    سميرة تضحك: لا تكونين تغارين على صويلح مني... بصراحة صالح جنتل ورزة وكلامه حلو وينخاف عليه..


    وأنتي ما تبينه... وانا باموت أبي واحد يقول لي كلام حلو... خلاص حوليه لي...



    نجلاء خلعت حذاءها وقذفت به سميرة الهاربة وهي تهتف بغيظ مرح: هذي أخرتها يا مسودة الوجه.. تبين رجّالي؟!



    سميرة تضحك وهي تخفي وجهها خلف إحدى كوشيات الصالة وتجلس على الكنبة:


    عدال نجول عدال.. الأخت تغار وحركات ورجالي ..وهي تقول إنها تبي الطلاق...


    يأختي (جحا أولى بلحم ثوره) على قولت المثل... أنا أولى بجوز أختي..



    حينها وضعت نجلاء حقيبتها جانبا وخلعت عباءتها ونقابها وشيلتها ووضعتها على المقعد..


    بينما سميرة تضحك بهستيرية: الخبلة شكلها بتسويني شاورما



    نجلاء تضحك وهي ترفع كميها: شاورما بأكون حنينه عليش بعد...أنا بأسويش شوربة خضرة مهروسة..



    سميرة تقفز بعيدا وهي تقول بمرح: علميني وين بتروحين... وخلاص ما أبي صويلح..



    نجلاء تقذفها بكل كوشيات الصالة وهي تهتف بمرح: أنا الحين محترة منش.. خليني أصيدش وعقب أقول لش


    وبالفعل أصابتها إصابة مباشرة لتهتف سميرة بألم مصطنع: حشا ماردونا شايت له كورة.. خبصتي مخي..



    نجلاء حينها تجلس منهارة على المقعد: ول عليش.. أطلقتي عينش علي..



    حينها قفزت سميرة لها وهي تمسكها بقلق: نجول وش فيش؟؟ من جدش ؟؟ والله إني أمزح..



    حينها أمسكت بها نجلاء من قرب وقرصتها وهي تضحك: ها تبين صالح؟؟



    سميرة تقبل رأسها وهي تضحك: حرمت خلاص.. وبعدين يأختي حتى لو أنا أبيه.. هو ما يبي إلا أنتي..


    علميني سر الطبخة؟؟ وش مسويه فيه عشان أسويه لردي الحظ اللي بيأخذني؟؟



    حينها انتهت وصلة المرح التي نعمت بها نجلاء كما لو كانت في مشهد تلفزيوني بتر فجأة وهي تهمس بنبرة جدية مغايرة تماما:


    أنا باروح أجيب عيالي... اليوم يخلصون بدري..



    سميرة استغربت انقلاب مزاج نجلاء المفاجئ.. ومع ذلك ابتسمت وهي تهز كتفيها وتتجة للأعلى:


    وأنا باطلع أذاكر جيبي لي معش أيس كريم فراولة..



    نجلاء عاودت لبس عباءتها لتخرج للسائق والخادمة المنتظرين في الخارج



    بعد دقائق رن هاتفها.. كان هو المتصل..توترت ولم ترد


    عاود الاتصال.. ردت بهدوء متوتر: هلا بو خالد



    صوته الغاضب: مهوب أحسن لو نقعتيني بعد شوي؟؟



    صوتها العذب الهادئ: أنت متصل عشان تلاغي يعني؟



    حينها رد عليها بعمق اختلط فيه غضبه بشوقه: متصل عشان مشتاق أسمع صوتش.. وإلا حتى الصوت بتحرميني منه..



    نجلاء توترت وقلبها العصي على الفهم وعلى السيطرة تتعالى دقاته وهي تحاول أن تهمس بهدوء:


    بالعادة ما تتصل علي إلا عشان شيء يخص العيال..



    ابتسم صالح: وأم العيال موضوع ما يخصهم يعني؟!



    صمتت نجلاء.. فمكالماته الدائمة التي ظاهرها مناقشة شؤون الأولاد


    ورسائله الليلية الملتهبة التي هي باطنها ومضمونها


    كلاهما: صوته ونبض مشاعره.. باتا يحدثان عليها ضغطا نفسيا هائلا..


    تشعر كما لو كان يحاصرها.. وأنه كلما رفعت حواجزها عاد ليخلخلها


    هي مصممة على الطلاق وتشعر باستحالة الحياة بينهما.. فلماذا اصراره على تقييدها إليه؟!



    حينها همس صالح بخفوت رجولي موجع: تدرين حتى لو ما حكيتي.. صوت نفسش على التلفون يذوبني..



    نجلاء شعرت أن الإحمرار قفز حتى أطراف أذنيها وهي تتنحنح: أبو خالد عندك شيء تبي أقوله أو أبي أسكر


    أنا الحين رايحة أجيب عيالي من المدرسة..



    تنهد صالح بعمق (يبدو أن لا شيء يفيد مع هذه العنيدة!!) ليهتف بعدها بحزم أعاد فيه سيطرته على الأمور:


    متصل عشان موضوع يخص العيال والمدرسة


    طبعا مثل منتي عارفة عزوز تمهيدي وخلاص تقريبا خلص .. وخالد صف أول باقي عليهم يومين ويخلصون


    ومثل منتي عارفة بعد.. يوم طفشتي من بيتش السنة اللي فاتت كنا حاجزين بنسافر بنوديهم ديزني لاند


    والثنين كل ما شافوني يسألوني متى بنروح.. خاطرهم في الروحة اللي أنتي حرمتيهم منها



    نجلاء تتصاعد دقات قلبها جزعا وتهمس بصوت مبحوح:


    أول شيء مافيه داعي لنبرة العتاب المخفية ذي.. لأني ماغلطت يوم طفشت على قولتك


    الشيء الثاني وش مقصدك من ذا الكلام؟؟ لا تكون تبي توديهم؟؟



    صالح بهدوء حازم: إيه طبعا بأوديهم خلال ذا الأسبوعين الجاية.. وإلا بتمنعيني بعد..



    نجلاء شهقت: وكم يوم مقرر تسافر فيهم؟؟



    صالح ببرود: أسبوعين..



    حينها انتفضت نجلاء جزعا وغضبا: على جثتي تطلع بعيالي



    حينها وصلها صوت صالح غاضبا يمور بالانفعال المخيف: قصري حسش.. ماعاد باقي الا تطولين صوتش عليّ.. هذا اللي قاصر يا بنت عمي


    وأظني إنهم عيالي مثل ماهم عيالش!!



    نجلاء ابتلعت ريقها وهي تهمس بتراجع: صالح ما أقدر استحمل عيالي يبعدون عني أسبوعين..



    صالح بعتب عميق: هذا أنتي مبعدتهم عني صار لش أكثر من تسع شهور



    نجلاء بألم مصدوم: يعني أشلون؟؟ تلوي ذراعي يعني؟؟.. ما هقيتها منك يأبو خالد



    صالح بعمق صريح شفاف: والله العظيم ما خطر ذا التفكير الحقير في ببالي..


    لكن إذا أنتي تبين تشوفينه لوي ذراع.. بكيفش


    حاولت معش بكل الطرق الودية وما فاد.. يمكن لوي الذراع يفيد






    ******************************






    منذ البارحة وتفكيرها مشوش.. عاجزة حتى عن التفكير المنطقي


    تحاول ترتيب أولويات.. وصنع تراتبيات منطقية.. لتجد كل شيء ينهار.. وتعود في تفكيرها لنقطة الصفر




    هي.. شابة صغيرة.. بتجربة زواج عقيمة خرجت منها بجراح عميقة وطفل..


    وهو.. رجل مكتمل ناضج.. تعرفه جيدا في نطاقهم الأسري.. تعرف مقدار حنانه وقوته...


    ولكن لم يسبق له الزواج وستكون هي تجربته الأولى في عالم النساء




    هو بالنسبة لها فرصة لن تتكرر


    وهي بالنسبة له .. عجزت عن إيجاد مسمى لا يجرح أنوثتها



    في كل الأحوال هي الرابحة الأكبر في كل المعادلات




    " فهل من حقي أن أكون أنانية..


    أبحث عن فرصة ما لسعادة لم أعرفها في كنف زوج يكون لي سكنا ولابني والدا


    أنجب مزيدا من الأطفال يكونون لحسن عزوة وسندا


    لا أعلم لما أشعر بكل هذا التردد؟


    المنطق يفرض علي أن أوافق فورا


    ولكن شيء بداخلي يقول لي لا تفعلي لا تفعلي!!


    ربما من أجل شعاع!!


    لم تقل لي يوما أنها تحمل مشاعرا ما لمهاب


    ولكن لطالما شعرت أنا بذلك


    فهل من حقي أن أخذ الرجل الذي تفكر به شقيقتي؟؟


    لا لا ليس من حقي..


    .


    لا تكوني غبية... شعاع صغيرة وجميلة وغاية الرقة


    فرصتها كبيرة في الحصول على زوج بالمواصفات التي تريدها


    ولكن أنا لا.. لن أحصل مطلقا مرة أخرى على فرصة كمهاب


    فهل سأعيش حياتي الباقية هنا في بيت والدي؟؟


    وأرى عبدالرحمن وشعاع يتزوجون ويعيشون حياتهم


    بينما أنا أبقى أحتضن ابني وأجتر حزني حتى يكبر ابني ويبتعد عني في عوالمه الخاصة "




    جوزاء حين شعرت بالارهاق من أفكارها قررت أن تتجه لشعاع التي تعلم أنها تذاكر الآن



    حين دخلت عليها وجدتها تبرد أظافرها.. فهتفت جوزاء بغضب: يا سلام على اللي تدرس



    ابتسمت شعاع برقة: بس تايم آوت شوي



    جوزاء تجلس على السرير وهي توجه لها الخطاب بعتب رقيق: يا قلبي يا شعاع ليش تطولين أظافرش.. يعني ما تدرين إنه حرام



    شعاع برجاء: شوفيهم والله قصرتهم واجد.. ما خليت منهم إلا نتفة بسيطة.. أحسهم يعطوني منظر أنثوي شوي



    ابتسمت جوزاء: وأنتي ماشاء الله محتاجة أنوثة يعني..



    شعاع تضحك:إيه والله محتاجة.. ليه قالوا لش مثلش أوزع أنوثة على ذا الجسم اللي تنافسين فيه "بيونسيه" ماشاء الله...


    يأختي أي حد يشوفني يفكرني عمري 15 .. أقول 21 ما حد يصدقني



    تضحك جوزاء: أما إنش غريبة.. حد يعيف يبين إنه أصغر من سنه.. هذا حلم كل مره في العالم..



    تضحك شعاع: إيه حلم كل مره.. مهوب كل بزر.. إذا أنا أساسا شكلي بيبي.. فمافيه سبب أصغر نفسي.. حتى الكذب على خلق الله محرومين منه



    حينها تنهدت جوزاء وهي تشعر بضرورة مصارحة شقيقتها.. لن ترتاح إن وافقت على رجل وهي تظن شقيقتها تفكر به..



    همست بهدوء: اشعيع ممكن أسألش عن شيء وتجاوبيني بصراحة



    شعاع ابتسمت: وش لو المقدمات يأم حسون.. خش في المفيد على قولت سميرة



    جوزاء بتردد: أنتي تفكرين في امهاب؟؟



    شعاع هتفت باستنكار: افكر فيه أشلون يعني؟؟



    جوزاء بنبرة مرهقة: تكفين شعاع أنتي فاهمة جاوبيني..



    شعاع بحرج: أنتي بصراحة غريبة.. وش دخلني في امهاب أفكر فيه وإلا ما أفكر فيه



    جوزاء برجاء: تكفين اشعيع جاوبيني وبصراحة...



    ابتسمت شعاع بشفافية: مع إني والله ما ادري وش القصد من سؤالش


    لكن الجواب هو لا.. ما افكر في امهاب بالطريقة اللي في بالش


    صحيح امهاب كستايل يعجب البنات.. كابتن طيار له هيبة وشخصيته قوية


    وما أنكر إني قبل كم سنة كنت أفكر فيه تفكير مراهقات شوي


    بس الحين لا.. بيني وبينه فرق تسع سنين موب شوي..وبعدين جدي حبتين..


    سبحان الله صرت أحسه مثل عبدالرحمن...يمكن من قد ماهم أصحاب وربع



    جوزاء بحذر: يعني نهائي ماله في بالش تفكير خاص؟؟



    شعاع باستغراب: جوزا اشفيش.؟؟. وانا وش أقول قبل شوي..



    جوزاء بحزم: احلفي لي عشان أصدق ويرتاح بالي..



    شعاع ضحكت: والله العظيم إني ما أفكر في امهاب ولد أم امهاب التفكير اللي في رأس جوزا بنت أم عبدالرحمن



    حينها هتفت جوزاء بصوت مبحوح متقطع وكأنها تريد أن تلقي مالديها وتنتهي:


    يعني لو امهاب خطبني.. ذا الموضوع ما يضايقش؟؟



    حينها قفزت شعاع بحماسة وهي تصرخ بحماس عذب: من جدش.. من جدش.. قولي والله..



    جوزاء بجزع: قصري حسش لا حد يسمعش..



    شعاع تبتسم: خليني أعبر عن وناستي.. ليه مسوين جريمة وإلا حرام ندسه؟؟



    جوزاء بتردد : انا مابعد وافقت.. وامي وابي أصلا ما يدرون..



    شعاع تجلس جوارها وهي تهتف بحماس: وشو له ما توافقين.. وافقي يالخبلة.. وين بتلاقين أحسن من امهاب؟؟



    جوزاء بذات التردد المؤلم: ماهو عشاني ماراح ألاقي أحسن منه مترددة.. أخاف أكون أظلمه



    شعاع باستغراب: تظلمينه؟!


    والله أنتي ما ضربتيه على يده وقلتي تعال اخطبني..


    امهاب رجال عمره 30.. وشوره في رأسه.. وهو جاي يخطب من نفسه..


    والله منتي بمسؤولة تفكرين عنه.. انتي فكري في مصلحتش ومصلحة ولدش وبس..






    *********************************






    " جاي من المعسكر وإلا جاي من مدرسة السواقة؟؟"


    نبرة رجولية شابة لم تخلُ من سخرية عميقة



    فهد التفت لمحدثه الذي يضع رأسه على فخذ والدته بينما فهد ألقى السلام وقبّل رأس والدتها...وكان متجها للأعلى


    همس فهد بسخرية مشابهة: ودلوع أمه مهوب في غرفته يدرس ليه؟؟



    هزاع يتناول يد أمه من فوق رأسه ويقبلها ويهتف بمرح: والله دلوع أمه.. جعله ما يبكي أمه ..مشتاق لأمه.. وجاي يمتع عيونه بطلتها البهية..



    فهد الواقف قريبا منهما هتف بابتسامة: والله اللي أشوفه أنك 24 ساعة لاصق في أمك.. والدراسة مابه دراسة


    والله لما تنجح ياهزيع ذا السنة إن قد أدخلك الجيش بشهادة الإعدادي.. وخلك جندي حالك حال ربعك الفاشلين



    هزاع يعتدل جالسا وهو يقول (بعيارة): عدال ياحضرت النجمتين.. وش فيه العريف أبو شريطتين.. يا زينه .. مهوب تارس عينك يعني



    فهد بجدية : إيه هذا أقصى طموحك.. عريف بشريطتين..


    ما تستحي على وجهك انت.. سناينك قدهم بيتخرجون من الكلية وأنت عفنت في ثالث ثانوي



    هزاع مازال يبتسم: عدال فهيدان لا ينقطع لك عرق... يمكن أجيب في الثانوية ذا السنة نسبة أحسن من اللي بتجيبها أنت في مدرسة السواقة يا دريول سكند كلاس



    أم صالح الغارقة في أفكارها تكلمت أخيرا: هزيع عيب عليك.. احشم أخيك الكبير



    فهد يبتسم مثله: عادي يمه خليه .. الأخ عنده إني بأعصب إذا قال لي يا دريول سكند كلاس..


    خلينا الدرولة لك.. وذا شنبي بأحلقه كنك فلحت ذا السنة



    هزاع يضحك كأنه فاز بجائزة ثمينة: وترا ماحد موديك للحلاق غيري.. أبي أشرف بنفسي على حلاقة الشنب الغالي على الزيرو..


    وخلش شاهدة يمه...


    ولا تخاف أنا اللي بأسوق.. خبرك دريول رقم واحد..







    ************************************






    الرحلة تسير على مايرام.. مضت نصف ساعة على الإقلاع.. وتبقى حوالي نصف ساعة أخرى



    الصمت محتكم بين جميع الأطراف.. رغم أن مهمة الطيران يقوم بها الآن الطيار الآلي



    سهى كانت لا تسمع شيئا لأنها كانت تضع سماعاتها على أذنها.. بينما مزون وغانم لا يضعونها لانهما اكتفيا بوضع سهى لها



    مزون كانت تحلق في عالم آخر.. رحلتها الأولى.. حلمها الأزلي..


    هاهي تنظر للسحاب تحتها.. ويغتال كل شريان ووريد فيها إحساس مذهل بالانتشاء وهي تتحسس الأجهزة أمامها بنشوة


    وتشعر أنها في هذه اللحظة يتلبسها شيطان الشعر وقد تكتب قصيدة طويلة بل مفرطة في الطول.. علها تعبر عن بعضا من إحساسها الخيالي..




    غانم كان أول من بدد الصمت وهو يخرجها من فقاعة انتشائها


    وهو يسترخي على مقعده ويوجه السؤال لها دون أن ينظر ناحيتها: أشلون الوالد؟؟ بشرينا عنه.. لي زمان ما شفته



    مزون انتفضت وهي يفاجئها باقتحامه قوقعتها الخاصة.. تنهدت في داخلها (اللهم طولك يا روح) وهتفت بذات النبرة البارعة الباردة واللبقة:


    الوالد طيب وبخير.. ومجلسه مفتوح لخلق الله.. اللي يبيه يدل مجلسه..



    ابتسم وهتف بهدوء: وأنا جيته أنا الوالد في مجلسه كم مرة.. وهو بعد دايم يجينا.. أبو كساب واصل وما يقطع جماعته..



    (يا ملغك يأخي.. الله يعدي ذا الرحلة على خير) هتفت ببرود: ماعليكم زود..



    حينها عاود غانم السؤال: وكساب وعلي.. أشلونهم بعد؟؟ علي عاده في جنيف؟؟



    حينها هتفت مزون ببرود احترافي: اسمعني كابتن غانم.. من جماعتي؟ على رأسي وعيني..


    بس هنا حن زملاء.. تلتزم حدود الزمالة وبس.. تسالني عن الرحلة وبس


    أي شيء ثاني تحتفظ به لنفسه



    بدا لها لم يهتم بما قالته.. وهو يهمس بصوت منخفض فيه نبرة سخرية:


    يعني لو كنت واحد مهوب من جماعتش.. كان سمحتي لنفسش تأخذين وتعطين معي؟!



    حينها التفتت له مزون بحدة وهمست من بين أسنانها بذات البرود:


    تدري... من سخافة السؤال.. أستسخف نفسي لو رديت عليه..


    ولو وجهت لي كلمة وحدة بعد من ذا النوع.. أقسم باللي ما ينحلف فيه زور إني أقدم فيك شكوى أصعدها لأعلى مستوى..


    وقتها لا يهمني أنت ولد آل ليث.. وإلا واحد من أقصى الشارع..



    هتف غانم بثقة شديدة: اللي ينتهدد يا بنت زايد غيري مهوب أنا.. أنا مادريت إن أسئلتي بتضايقش


    لو طلبتي بلباقة إني ما سأل.. بأقول لش تم.. والسموحة.. بس الظاهر الغرور راكب رأسش الله يكفي شره







    ************************************






    كانت على وشك الجلوس على سفرة الغداء لكنها تذكرت شيئا وقفزت


    "بأروح أشوف إبي جابر تغدى وإلا لا؟؟"



    مزنة بمودة: اقعدي يامش.. جدش تغدى ومنسدح ذا الحين



    عاودت كاسرة الجلوس بجوار والدتها ..


    يوم اعتيادي وكلهم اليوم مجتمعون...في أحيان كثيرة يكون أحدهم ناقصا


    رحلة عند مهاب.. محاضرات للعصر عند وضحى.. ضغط عمل عند تميم..


    الاثنتان المتواجدتان على الدوام: كاسرة ومزنة..



    تميم يشير لمهاب: عندك رحلة قريب لأوربا؟؟



    مهاب يشير له بكتابة في الهواء: بكرة يا باريس يا لندن.. ماني بمتأكد..



    تميم يشير له.. ولكن مهاب لم يستطع فهم الإشارة جيدا..


    فتسارع وضحى بالقول دون أن تشير حتى لا ينتبه تميم وكأنها توجه حديثها لأمها: يقول لك يبي جهاز وبرامج مهيب موجودة هنا



    دائما حريصة على الحفاظ على مشاعره.. وحتى لا يشعر بانفصاله عن أسرته أو عجزهم عن فهم أي شيء قد يقوله



    مهاب يبتسم وهو يشير له أن يكتب كل مايريد في ورقة وسيحضره له..


    ثم يلتفت مهاب لكاسرة ويهتف بهدوء: ومزيونتنا أشفيها ساكتة..؟؟



    تبتسم كاسرة: يأخي حكيي دايما ما يعجبك.. خلني أريحك اليوم



    مهاب يبتسم: أفا أفا.. حكيش يعجب الباشا.. واليوم عاد نبي رأيش معنا..



    تتنهد كاسرة: آمر..



    امهاب وقف ليغسل يديه: إذا خلصنا الغدا تكلمنا..



    بعد انتهاء الغداء.. تجمع أسري لطيف وضحى ومزنة يعرفون سببه..


    رغم أن مهابا مطلقا لا يحتاج رأي أحد منهم.. فما يهمه هو رأي أمه وهي موافقة


    ولكنه حفاظا على مشاعر أخوته.. يريدهم أن يسمعوا الخبر منه



    هتف مهاب بحزم: وضحى لو شفتي تميم ما فهمني علميه


    وعلى العموم هو ماصار شيء أساسا بس أنا حبيت أنكم تسمعون مني.. عشان مايجي في خاطر حد منكم إذا دريتم عقب


    أنا خطبت جوزا بنت فاضل.. وأنتظر ردها عشان أخطب رسمي..


    ولو افقوا بأتزوج على طول بدون تأخير.. يعني خلال شهر شهرين بالكثير



    كانت كاسرة أول من تحدث وهي تهمس بثقة هادئة: أنت مقتنع فيها؟؟



    مهاب بحزم: ومتى كنت أسوي شيء أنا ماني بمقتنع فيه



    كاسرة بذات الثقة دون تذبذب: إذن توكل على الله.. وعقبال مانقول لك مبروك على الملكة والعرس



    وضحى صمتت بعد أن أنهت إشارتها لتميم.. فرأيها قالته لوالدتها.. وهي غير مستعدة لإعادته أمام مهاب..



    لكن تميم كانت علائم وجهه تغيم بغموض..ثم أشار لوضحى: وضحى لوسمحتي ترجمي لأني ماني بمستعد أعيد الإشارة


    أبي أقول لمهاب الله يوفقك مع اللي اخترتها.. تدري بغلاك عندي وفرحتي للشيء اللي بيفرحك


    وأبي أسال أمي: أنتي موافقة على اختيار مهاب..؟؟



    مزنة بهدوء حازم: طبعا موافقة.. هو مقتنع فيها.. وهي مافيها قصور..



    شبح ابتسامة موجوعة يرتسم على وجه تميم: يعني أنتي موافقة على اللي اختارها امهاب مع إنها ما تناسب تصوراتش المثالية للمره التي تبينها لعيالش


    لكن أنا تحرميني من نفس الحق في اختيار اللي أنا مقتنع فيها



    حينها أشارت مزنة لوضحى بحزم: لا تأشرين عني.. بيني وبين ولدي ما أبي وسيط..


    الحين أنا أبي اسالك يمه.. هل عندك لو حتى ذرة شك إني مثلا أحب امهاب أكثر منك.. أو مصلحته تهمني أكثر من مصلحتك



    حينها انتفض تميم وهو يشير: لا طبعا.. ولا خطر ببالي..



    مزنة تشير وهي تتحدث بحزم: خلاص إذن انتهينا.. أنا أشوف إن اللي اختارها امهاب تناسبه..


    وأنت أبي أختار لك اللي تناسبك..



    حينها أشار تميم بحزم: زين يمه... أنا واحد أبي أتزوج


    خلاص اختاري لي ذا الوحدة اللي أنت شايفتها تناسبني


    لكن بأقول لش شيء يمه.. لو ما ارتحت معها حتى لو كان شوي


    ترا ذنبها في رقبتش.. لاني بأطلقها.. أنا ماني بمستعد أربط حياتي كلها بوحدة أعيش معها تعيس


    وعقبها خلاص أنا اللي اختار لنفسي...





    #أنفاس_قطر#


    .


    .


    .



    عرفنا ليش بنوتة استحقت النجمات الخمس


    كانت الوحيدة التي نصت إن الكابتن سيكون غانم إن كان يعمل في مجال الطيران
    مع انها ردت في وقت مبكر جدا بعد نزول البارت


    وقبل ذلك في تعليق قديم ربطت جوزاء بمهاب حتى وإن كان الزواج لم يتم بعد


    ولكن قدرتها على الربط رائعة


    ماشاء الله تبارك الله ولا حول ولا قوة إلا بالله


    يالله بنوتة خبي دكانك عن عيون البنات المشفوحين


  4. #14

    ][ فريق تطوير الزين ][


    تاريخ التسجيل
    Aug 2013
    المشاركات
    11,800
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخجلتموني يا أهل ليلاس.. أصبحت كل الكلمات عاجزة عن التعبير عن الامتنان
    لكل هذا الفخر والاحتواء الذي تغمرونني به
    أشكركم على تثبيت الرواية للأسبوع الثاني
    وأتمنى أن اكون على قدر المسئولية
    ويهمني أن أبقى دائما متميزة في قلوبكم
    .
    .
    جزء اليوم طويل جدا جدا جدا
    في صناعة الاجزاء تكون دائما هناك فكرة مسيطرة علي وانا أصيغ الجزء
    اليوم يوم ظهور شيبان القصة الخاص
    خالد آل ليث أبو صالح
    راشد آل ليث ابو غانم
    فاضل بن عبدالرحمن
    وحتى زايد الذي أصبح معروفا لكم
    اليوم ايضا هو يوم الحوارات
    الكل سيتحاور والكل سيظهر
    .
    .
    أعذروني لان هذا الجزء سيكون الأخير حتى حين
    انا مسافرة لمدة تصل من أسبوعين لثلاثة كاقصى حد
    فور عودتي سأعاود النشر في ذات المواعيد إن شاء الله
    فرصة لكم لترتاحوا مني
    وفرصة لي لأكتب وألتقط الأنفاس وأراجع ما أكتبه
    فإلى الملتقى بإذن الله
    .
    .
    .
    وهدية لكم الأجزاء كلها على ملف ورد
    وأعاود التنبيه أن هذا الملف لقراءتكم الشخصية
    وليس مطلقا للنشر في أي منتدى
    .
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .



    بين الأمس واليوم/ الجزء الرابع عشر






    عل كل الجبهات


    رماد معارك انجلت.. ومعارك مازال غبارها يثور ينتظر لحظة الإنجلاء





    ***************************






    رحلة العودة


    تبقى القليل من الوقت للهبوط في مطار الدوحة



    الصمت مطبق.. وحزن مجهول خانق يطبق على قلب اعتاد الحزن..


    فلماذا يبدو لها هذا الحزن عصيا على الاحتمال؟!


    ما الجديد في هذا الحزن حتى تشعر أنها غير قادرة على التنفس


    وهي من اعتادت على تنفس الأحزان شهيقا وزفيرا لسنوات


    حتى باتت لا تعرف أنفاسا ليس لها لون الحزن ونكهته



    تتذكر الآن سعادتها الطفولية المبتورة وهي تركب الطائرة قبل ساعات قلائل


    حينها لا تعلم هل خدعت نفسها؟! أو كانت ترسم لنفسها فرحة في خيالها لم تنطبق أبدا على الواقع؟!



    قبل أربع سنوات تحدت الكل لتكون هنا.. أرادت التراجع ولم تستطع..


    وظلت طوال السنوات الماضية تقنع نفسها أنها حينما تركب الطائرة لأول مرة ككابتن فعلي


    حينما تتحسس الأزرار بإحساس الكابتن.. وترى الأرض تبتعد لتنفصل عنها وتحلق في سموات لا يحدها حدود


    حينها سينتهي الحزن كما لو كانت في حلقة أخيرة من مسلسل طويل طال انتظار حلقته الأخيرة..


    أقنعت نفسها بذلك.. حتى تصمد!!



    " حلمي سيضمد جراحي!!


    حلمي سيضمد جراحي!!


    حلمي حين يتحقق سيضمد جراحي!!"




    هاهو الحلم تحقق.. تحقق


    فلماذا تشعر أن الجروح لم تتضمد.. لم تنغلق.. ولكن تنفتح باتساع..ليذر عليها الملح


    لماذا لم تقنع بسعادتها المسروقة من بين الأحزان؟!!


    لماذا هي عاجزة عن إقناع نفسها إنها سعيدة؟!


    لماذا هي عاجزة عن الإحساس بسعادتها المفترضة؟!



    لماذا تشعر أن كل هذا لا يوازي حتى ساعة واحدة من أيام جلوسها بجوار كسّاب حتى وإن كان غارقا في القراءة بصمت؟!!




    بعد انتهاء حوارها السابق مع غانم.. بدأت تغرق في إحساس سوداوي بالحزن والاختناق



    "أنا من سمحت لنفسي أن أكون في هذا الموقف


    أنا من سمحت له بالتطاول عليّ بوجودي في هذا الموقع


    كما سمحت قبله لمهاب ان يتجرأ على إهانتي


    فمن يصنع بنفسه شيئا يستحق ما يلاقيه


    ولكن ماعاد بي صبر!!


    ما عاد بي صبر !!"




    حينما وصلوا لمطار أبوظبي


    قضت ساعتي الانتظار في استراحة الطيارين لا تلتفتت يمينا ولا يسارا ونظرها الغائم مثبت على جهاز الحاسوب أمامها


    تكاد تقسم أنها حفظت كل درجات الحرارة وكل إحداثيات الطريق


    وهي تشعر أن عرقها يتصبب غزيرا


    وإحساسها بالحزن والاختناق والغربة يتزايد ويتزايد ويتزايد


    حتى أنها كادت أن تتوجه لعيادة المطار لترى مشكلتها.. ولكنها تراجعت


    فما بها لن يعالجه كل أطباء العالم!!




    في الاستراحة كان غانم كان يجلس قريبا منها


    لا تعلم لِـمَ توارد لذهنها الذي كان مثقلا بالأسى إحساسا أنه في اختياره لهذا المكان بالتحديد كأنه يهدف لحمايتها.. أو مراقبتها!!


    لكنها نفضت أفكارها الغريبة عن رأسها وهي تعاود التركيز في حاسوبها والإنشغال بحزنها الخاص


    وغانم وكل ما يرتبط به يتقزم في ذاكرتها!!




    وهاهي تنتظر انتهاء الرحلة بعد عدة دقائق


    وهي تتمنى أن يحدث شيئا ما يقنعها أن هذا الأمر معجزة


    هاهي تطير ومحلقة ومشبعة بالسعادة


    ولكنها لا تشعر بشيء من ذلك.. كل ما تشعر به الاختناق


    الاختناق.. الاختناق..


    الاخـــتـــنــــــاق!!!!





    "سهى الأكسجين بسرعة.. بسرعة"


    كانت هذه صرخات غانم الجزعة وهو يسمع صوت الحشرجة الصادر عن مزون


    والذي بدأ لأذنه الخبيرة عجزا عن التنفس



    سهى قفزت وهي تنزل قناع الأكسجين


    وهي تقترب من مزون التي بدت فعلا تعاني من ضيق من التنفس


    بينما غانم ثبت وضعية الطيار الآلي ثم وقف وتأخر وهو يوليهما ظهره



    سهى نزعت النقاب عن وجه مزون.. ووضعت القناع عليها.. وهي تصرخ في أذنها: اسحبي نفس.. اسحبي نفس


    ياربي البنت بتموت.. ياكابتن.. وجهها صار أزرق



    كان غانم يعاني في قهر نفسه حتى لا يلتفت أو يساعد..


    يعلم أنها يستحيل أن تتقبل رؤيته لوجهها... لذا صرخ بسهى وهو مازال يوليهما ظهره: زيدي دفع الأكسجين..



    بعد ثانيتين.. شعر غانم براحة عميقة تجتاح أعصابة المشدودة وهو يسمع صوت كحتها..


    مزون أخذت نفسا عميقا ثم صرخت بجزع: وين نقابي؟؟



    سهى ناولتها النقاب ومزون تنظر بجزع وحرج لغانم.. لتتنفس بعض أنفاسها الذاهبة.. وهي تراه يقف موليا ظهره لهما..


    عاودت وضع نقابها بسرعة والسماعات على أذنها وهي تشعر بحرجها يتزايد.. لتصرخ بعدها: كابتن برج المطار يتصلون



    غانم عاود الجلوس بسرعة وهو يضع سماعاته بسرعة.. وبرج الاتصالات يطالب بتوضيح لعدم ردهم عليهم مع أن الهبوط اقترب


    ومازال نظام الطيار الآلي هو من يقود الطائرة..



    هتف غانم بثقة: مافيه شيء.. الحين نضبط الوضع..


    وهو يحول القيادة للملاحة للعادية



    غانم هتف بحزم لمساعداته الاثنتين: مافيه داعي حد يعرف اللي صار قبل شوي..


    كابتن مزون هذي رحلتها الأولى.. واللي صار بيكون مهوب في مصلحتها



    لتهتف مزون بحزم أكثر شدة: وأنا ما أبي حد يتستر علي.. أنا بنفسي بارفع تقرير عن اللي صار لي..



    غانم هز كتفيه : مثل ما تبين يا كابتن.. ولا تعتقدين إنه أنا أتستر عليش لكن هذا من باب الموأزرة بين أهل الكار الواحد


    لأنه غالبا في الرحلة الأولى للكابتن تصير مشاكل.. كلنا صار لنا


    وصار عُرف إنه الكابتن يمشيها لحد الرحلة الثانية.. لو تكررت حينها يرفع تقرير


    صح كابتن سهى أو أنا غلطان؟؟



    سهي بثقة وهي مشغولة بما أمامها: صحيح كابتن..



    مزون لم ترد عليهما فهي في عالم آخر من ألم عاود اجتياحها حتى نخر النخاع عالم أعادها له المنظر الذي بدأ تحتها.. وكأنها غادرت الألم الساكن في حناياها أصلا!!


    كانت مشغولة بالنظر إلى معالم الدوحة التي بدأت تتضح..


    البحر.. الشطآن..المباني..


    والــوجـــع.. الكثير من الوجع




    كان هبوطه رائعا ثابتا ومحترفا.. ولكنها لم تنتبه حتى شعرت باحتكاك العجلات بأرض المطار



    لم يوجه لها مطلقا أي حديث وهو يتناول جاكيته وقبعته ويعاود ارتداءها وينزل لأرض المطار



    تنهدت مزون بعمق.. تشعر بصداع متزايد


    ووجع متزايد


    وحزن متزايد


    لا تشعر حتى بأدنى رغبة أن تعود لهذا المكان مرة أخرى


    كم بدا لها هذا المكان باهتا...باهتا جدا


    لا يستحق حتى ألق عيني كسّاب اللتين تشعان بحنان حينما يراها بعد غياب


    لتفتقد لهذا الألق.. وذاك الحنان..


    بل لتفقد كسّاب نفسه!!




    أنهت مزون اجراءتها لتتفاجأ أن عمها ينتظرها في الداخل


    وكان غانم خلفها مباشرة



    منصور حين رأى غانم أشار لمزون أن تذهب لمواقف السيارت... بينما بقي هو للسلام عليه



    وهاهي مزون تقف بجوار السيارة وهي تدعي الله بعمق ألا يكون غانم قد أخبر عمها أنه من كان معها على متن الطائرة


    أو يخبره بما حدث لها


    تشعر بذنب يخنق روحها أنها مضطرة أن تكذب على عمها


    ولكنها ليست مستعدة لغضبه.. فما بها من الحزن اليوم يكفيها عن كل شيء




    منصور وصلها بعد دقيقة.. وهو يفتح السيارة ويهتف بالثقة: تأخرت عليش يا أبيش؟؟


    شفت واحد من عيال الجماعة... الله يعينه جاي من الرباط.. رحلة طويلة والله



    مزون ركبت بصمت دون أن ترد بكلمة


    هتف لها منصور بحنان حازم: أفا .. مافيه أشلونك ياعمي.. وحشتني.. أي شيء؟؟



    مزون بسكون: تعبانة شوي فديت قلبك..



    منصور بقلق: وش فيش يالغالية؟؟



    حينها انفجرت مزون في بكاء مفاجئ مكتوم.. منصور حينها أعاد إيقاف سيارته في موقفها قبل أن يتحرك بها


    فهو لن يستطيع أن يقود مطلقا وقلقه يتفجر عليها: وش فيش يأبيش؟؟ حد قال لش شيء؟؟



    مزون بين شهقاتها: مافيه شيء يستاهل.. مافيه شيء يستاهل..



    منصور بقلق: وشو اللي ما يستاهل؟؟



    مزون الباكية: ذا السالفة كلها.. ماكانت تستاهل زعل كساب ولا زعلك.. ولا هروب علي.. ما تستاهل.. ما تستاهل



    منصور بحنان يربت على كفها: خلاص يأبيش.. وش لش بذا السالفة كلها.. خليها..



    مزون تحاول تهدئة نفسها: بأخليها.. بس كسّاب اللي يطلب مني.. تكفى ياعمي.. قل له.. أبيه يدري إني خليتها عشانه..



    منصور يحرك سيارته ويهتف لها بحنان: أبشري.. ما يصير خاطرش إلا طيب...






    ******************************






    "متى تبي ترجع؟؟"



    كساب يجيب والده بهدوء : بكرة على الطيارة اللي بتنزل باريس شوي..وعقب الدوحة إن شاء الله



    زايد بهدوء حازم: أنا طالع الليلة لباريس عندي شغل هناك.. وبكرة بأكون معكم


    فأكد حجزي معك..



    كساب هز كتفيه وهو يهمس بنبرة اعتيادية: تامر



    بينما علي انتفض بخفة وهو يهتف بخيبة أمل: يعني كلكم بتخلوني



    زايد بحزم: ما يخليك ربك.. لو أنك تبي قربنا.. كان دليته..



    علي ينهض ليقبل رأس والده.. ويهتف بحزم ودود: يبه ذا السالفة انتهت من زمان


    أنا خلاص صرت تبع مكاتب التمثيل الدبلوماسي الخارجي..



    زايد بحزم يخفي خلفه رجاء لا يكل ولا يمل: خل الموضوع علي ولا لك شغل



    علي يعاود تقبيل رأسه ويهتف باحترام: أنا واعد خالتي أطلعها إذا راحو الرياجيل اللي كانوا عندنا


    وهذا هم راحوا.. ما يحتاج أقول البيت بيتكم



    ثم أردف وهو يوجه الحديث لكسّاب: كسّاب تكفى لا تطلع مكان


    باقي ماجد ماجاء.. وأكيد إنه على وصول.. مهيب زينة يأتي ما يلاقي حد عند إبي



    كسّاب استرخى في جلسته وهو يهتف بحزم: وين بأروح؟؟ حياه الله



    وهو يتبادل نظرات حذرة مع والده.. فغالبا ما ينتهي لقاءهما منفردين بتحفز جاهز من كسّاب


    وكان ينقذه من والده ادعاءه بالانشغال.. ولكن هنا في جنيف


    وفي شقة مغلقة... بماذا سيتحجج هذه المرة؟؟






    *****************************






    "نجول قلبي.. وش فيش فديت عينش.. من يوم جبتي الشواذي من المدرسة وانتي سكتم بكتم.. طلعي لسانس أشوفه


    لا تكون القطاوة كلته والا شيء"



    نجلاء بضيق عميق: تكفين سميرة انا ماني بناقصتش... اللي فيني مكفيني



    سميرة تبتسم وهي تجلس جوارها ثم تحتضن عضدها: أفا ام خلودي.. قولي لي من اللي مزعل الغالية عشانه أحطه في الخلاط



    نجلاء بذات الضيق العميق: صالح



    جينها وقفت سميرة وهتفت بمرح: حسبت عندش سالفة.. ليه فيه سبب أصلا للضيقة غير صويلح


    ولو أنه صويلح فلة.. ودهينه على الكبود.. بس وش نسوي بالناس اللي ما يقدرون



    نجلاء وكأنها لم تسمع شيئا مما تقوله: يبي يأخذ عيالي يا سميرة..



    سميرة حينها قفزت وانتفضت بغضب: ليه هي فوضى والا على كيفه ياخذهم


    خله يسويها عشان أقول لأبي وغانم وحتى عمي خالد على سواياه الشينة


    يعني شافش دسيتي سواد وجهه يبي يحرمش عيالش



    نجلاء تشير بيدها : وين راح مخش.. يبي يأخذهم يوديهم ديزني لاند أسبوعين



    حينها انقلبت سميرة لتنفجر بالضحك: حسبت عندش سالفة.. صبيتي قلبي


    وخليتيني أقلب الموجة على الموجة القشرا


    حرام خويلد وعزوز من السنة اللي فاتت ميتين على الروحة.. خلهم يروحون يستانسون


    وبعدين ماشاء الله لا حد منهم يلبس حفاظة ولا يشرب مرضاعة عشان تقلبين وجهش تراجيديا كذا



    حينها انتفضت نجلاء بغضب مليء بالضيق: وأشلون أصبر من غيرهم..أنا حتى يوم واحد ما أقدر أبعد عنهم.. تبينه يأخذهم أسبوعين



    حينها همست سميرة بخبث: روحي مع عيالش.. وأدبي صويلح.. وطلعي اللي هو سواه من عينه



    حينها همست نجلاء بحرج: تدرين إنش خبلة.. والشرهة على اللي يشتكي لش



    حينها جلست سميرة وهي تبتسم وتحاول بطريقة فاشلة أن تتكلم بجدية:


    نجول خلينا من خبالش وأنتي صار لش معسكرة عندنا 9 شهور وأنتي محلش سر


    لا أنتوا اللي حليتوا المشكلة


    ولا أنتي اللي خليتي حد يتدخل في السالفة


    ولا أنتي اللي حتى رضيتي تقولين لأحد شيء


    كل ما حد سألش (مشكلة بيني وبين رجالي.. مضايقتكم قعدتي عندكم يعني؟؟)


    يعني تحدين إبي وغانم على أقصاهم عشان يتنافضون وهم مسوين فيها حاتم الطائي وولده


    (إذا ماشالتش الأرض تشيلش عيوننا.. والعين أوسع لش من الخاطر)


    ويخلونش فترة ويرجعون يفتحون الموضوع ونفس الموال ينعاد



    نجلاء بخجل وحرج وضيق: وش تبين أقول لهم (ولد أخيك وولد عمك يعاير أم عياله بأمها)


    أنتي عارفة أشلون العلاقة قوية بينهم وبين عمي خالد وعياله..أموت ولا أكون أنا السبب في خرابها..



    حينها غمزت سميرة بخبث: تحبينه وإلا لا؟؟



    نجلاء بخجلها الشفاف: عيب يابنت..



    سميرة تضحك: علي يا بنت.. أدري إنش تموتين عليه..



    نجلاء حينها هزت كتفيها وهمست بيأس: زين وأموت عليه..بس ما أقدر أعيش معه على ذا الوضع.. نفسي شانت من ذا الحالة


    الإنسان يقدر يعيش من غير حب.. بس ما يقدر يعيش من غير احترام



    سميرة بنبرة من يلقي سرا: نجول عمرش ما قلتي لي يوم تزعلين عليه وأنتي في بيته.. أشلون تتعاملين معه..



    نجلاء باستغراب: وش تقصدين؟؟



    سميرة تبتسم: عن الخبال.. وحدة عمرها 29 وقد هي داخلة الثلاثين.. تبي وحدة مثلي بيبي تعلمها



    نجلاء تبتسم: أنتي اللي عن الخبال يالعجوز..وش تقصدين؟؟



    سميرة تهمس بخفوت خبيث: أقص يدي أنش يوم تزعلين عليه.. أقصى ما تسوينه تكشرين في وجهه..


    وهو يقول لش: أسف حبيبتي سامحيني آخر مرة


    وعقب تقولين مثل الرسوم المتحركة: سامحتك حبيبي.. ورأسش تدور حوالينه قلوب تولع


    لأنش خبلة وعند صويلح عظامش ما تشلش... عشان كذا قاعدة معسكرة عندنا وطاقة منه.. وحتى الشوفة ما تبين تشوفينه


    أنتي كان ممكن تخلصين السالفة كلها وتحلينها في بيتش لو أنش قويتي قلبش على صالح..



    نجلاء صمتت وهي تشعر بحرج متزايد.. لأن سميرة تقريبا وصفت ببراعة ما يحدث بينها وبين زوجها في كل مرة تغضب منه


    تغضب منه.. تعتزله في غرفة أبنائها.. فيأتي معتذرا.. فتكره أن تراه بهذه الصورة التي تؤلم قلبها.. فتدعي أنها رضيت رغم جراح القلب المتزايدة


    وجرح تلاه جرح فجرح..


    حتى شعرت أنها ماعادت قادرة على الصبر .. وروحها مثقلة بالجروح..


    وماعاد بها قدرة على احتمال المزيد وخصوصا أن أبنائها كبروا..


    حينها قررت أن تهرب منه.. وهي مصممة على ألا تعود له




    سميرة أكملت كلامها بابتسامتها المرسومة على الدوام: الحين يالخبلة أنتي من جدش تبين صالح يطلقش ويتزوج وحدة غيرش؟!!


    زمان سألوا جحا: قالوا له وين ديرتك يا جحا.. قال ديرتي اللي فيها مرتي


    والله إنه حكيم ذا الرجّال.. شكلي بأخليه مثلي الأعلى



    يعني يا بنت أمي وأبي.. بكرة صالح لا تزوج بيتفل في عينش .. والغلا كله بيصير لمرته وعياله اللي في حضنه


    نجول ركزي معي يالمفهية.. صالح رجّال فيه مميزات واجد.. كريم وحنون وفيه خير وبعدين عنده استعداد يقول لش أحبش طول اليوم


    وين تلاقين واحد مثله..


    أكيد إنه لسانه يبي قص.. وعيب عليه اللي سواه.. لكنه مالقى من يسنعه


    وأنتي أصلا ما وريتيه العين الحمراء..


    وعلى قولت جدي جابر قصدي جد وضوح (اللي ما يخلا خوف ما يخلى حشمة)


    وريه إنش حتى لو رجعتي له مهوب معناه إنش سامحتيه.. وريه وش ممكن تسوين فيه وأنتي عنده..


    عشان يحرم.. ويفكر مليون مرة قبل لسانه يجيب طاري شيخته أم غانم..



    نجلاء صامتة وسميرة مازالت مسترسلة في كلامها بذات النبرة الضاحكة والمنطقية: دامش على كذا...والله ما يمشي حالش...


    اصطلبي يا مرة... صويلح يعشق الأرض اللي تمشين عليها..


    أنتي في موقع القوة.. اشلون لحد الحين ما سيطرتي على الوضع



    حينها لمست سميرة رأس نجلاء ثم لمست قلبها وهي تهمس بهدوء باسم:


    نظفي هذا.. ثم قوي هذا


    وإذا ما مشيتي صويلح على العجين ما يلخبطه..


    قولي سميرة قالت..






    ********************************






    نـــــام ..


    صــحــى مــن نــومــه..



    دار في نواحي أنسي


    سلم على كل طفل رآه.. وتحدث مع كل عجوز..


    جميلة هذه المدينة لأبعد حد...ولكنه عاجز عن تذوق جمالها


    يريد التوجه للمصحة.. ليس لأنه يريد ذلك....ولكن لأنه لا شيء يفعله عدا ذلك..


    هاهو متغرب.. بل مثقل بالغربة .. ومن أجلها


    أينما هرب.. ستبقى هي المكان الأخير العودة!!



    انتظر اتصال داليا.. ولكن الوقت تمدد وتمدد والاتصال لم يصله


    أ يعقل أنها مازالت مخدرة حتى الآن؟!


    أو ربما ببساطة لا تريد رؤيته.. كما هو لا يريد رؤيتها


    هو لا يستطيع التهرب من واجبه


    ولكن ربما هي طلبت من داليا أن تعفيها من رؤية وجهه اليوم



    وكم كان محقا في توقعه!!


    حينما عاد طرق الباب بخفة ودخل.. ليجد داليا تجلس جوارها


    وجميلة تخبئ رأسها في كتفها


    ودموع صامتة تسيل بكثافة على عظمتي خديها البارزتين



    أشارت له داليا ان يخرج قبل أن تنتبه جميلة لوجوده


    أنزلت جميلة بخفة ولكن جميلة تمسكت بها وهي تهمس بجزع حقيقي:


    وين بتروحين؟؟



    داليا همست لها بحنان: دقيقتين للحمام وراجعة



    خرجت لتقابل خليفة خارجا... همس خليفة بسكون أشبه بسكون صحراء هامدة: شاخبارها؟؟



    داليا بحذر: وضعها سيء كثير.. بكت كثير.. وما تبي تشوفك


    كنت أعرف تعلقها بأمها.. بس ما تخيلت لذا الدرجة


    وخصوصا إنها وافقت إنها تسافر بدونها


    أم جميلة الله يهديها أخطئت كثير بهذي الزيارة.. لأنها حاسة الحين إنها ممكن تضغط علينا نجيب أمها


    بما أن أمها ما كان عندها مانع تجي من الأساس



    خليفة بذات السكون: طيب والحل؟؟



    داليا بحذر أكبر: أنت أشلون أعصابك؟؟ مستعد تتحملها لحد أخر الخط



    هز خليفة كتفيه وهو يهمس بنبرة من يسخر نفسه: لا تخافين على اعصابي.. لين عقب آخر الخط بعد..


    ثم أردف باهتمام: أشلونها الحين.. وكيف معصمها؟؟ من وين جاء هالدم كله.. أنا مستغرب أشلون باقي في جسمها دم أساسا



    داليا بمهنية وهي تبتسم: عادي.. كمية الدم في جسمها مش قليلة بالشكل اللي أنت متصوره..


    بس الدم اللي في جسمها بدون فايدة يعني بكلام الناس العاديين.. كأنه ماي وبس.. مافيه كريات حمراء مافيه حديد..


    وعلى العموم ترا اللي نزل مو كثير.. ما يجي حتى 100 ملي..


    بس إن شاء الله هي بتتحسن قريب... بس همتك معنا.. لأنه أنا بعد قريب بأنزل الدوحة



    خليفة بجزع: أنتي بعد يا دكتورة تبين تخلينا..



    داليا بذات النبرة المهنية: جميلة دايما محتاجة حد يسوي لها حماية.. يعني لما كنا في الدوحة ما كانت متعلقة فيني بهالطريقة


    لكن بما أن أمها غير موجودة.. فهي خلتني مكانها


    فأنا حابة إنها تحس إنك أنت حمايتها الوحيدة وفي نفس الوقت أريدك تشد عليها في قضية الأكل..



    خليفة تنهد: طيب ممكن أشوفها..



    داليا بحذر: أكيد.. بس حط في بالك إنها ممكن تثور عليك..



    خليفة هز كتفيه: عادي يا بنت الحلال..



    وبالفعل فتح خليفة الباب بخفة ودخل.. التقت عيناه بعينيها.. لم تقل شيء ولكنها اشاحت نظرها عنه


    استغرب أنها لم تصرخ حين رأته...لم تثر.. اقترب وجلس قريبا منها


    همس بهدوء حان: أشلونج الحين؟؟



    جميلة بهدوء عميق ساكن: تدري أني أكرهك.. ومستحيل أحبك في يوم


    وبأموت وأنا أكرهك..



    انتفض خليفة بعنف.. لا يعلم لِـمَ بدت له كلمة "أكرهك" مؤلمة وموجعة وهي تقولها بهذه الطريقة


    رغم أنها سبق وقالتها له.. ولكنها قالتها وهي في حالة غضب


    ولكن أن تقولها بهذا الهدوء والتصميم


    كان أمرا جارحا لأبعد حد


    رغم أنه فعلا لا يبحث عن أي نوع مشاعر مع هذه المخلوقة


    ولكن قسوة الكراهية جارحة.. جارحة!!



    ومع ذلك أجابها بكل هدوء: عادي بتكرهيني اليوم وبتحبيني بكرة.. ماني مستعيل.. حبيني على راحتج وعلى أقل من مهلج..



    حينها سالت دموعها وبدأت تشهق شهقات خافتة متقطعة.. وبين كل شهقة وأخرى تهتف بخفوت " أكرهك"



    خليفة لم يرد عليها بقي معتصما بالصمت جالسا على مقعده


    وهي تصفعه بكراهيتها المتكررة!!





    ***************************







    "مساكم الله بالخير"



    غانم العائد من المطار.. ينحني على رأس والده ورأس عمه الذي يتقهوى قهوة العصر مع والده في مجلسهم



    شبه رائع بين الشقيقين.. ولكن أبو غانم كان أطول وقامته أكثر اشتدادا ويبدو عليه بالفعل أنه أصغر من أبي صالح كما هو فعلا


    ولكن الفرق بينهما يبدو كما لو كان يتسع مع أثر السنوات الذي بدأ يبرز على أبي صالح بوضوح


    وكأنه مع كل سنة تمر يكتسب سنوات.. ولحيته الطويلة البيضاء تمنحه هيبة وألما وعمرا !!


    في الوقت الذي راشد مازال محتفظا بألق خاص يشع من روحه المشبعة بالحنان




    أبو صالح هتف بحزم: مساك الله بالنور والسرور


    اقعد يأبيك احضر سالفتنا..



    غانم جلس تنفيذا لأمر عمه.. رغم أنه لا يحب أن يجلس في المجلس بلبس الطيارين دون ثوبه وغترته


    وهتف باحترام ودود: آمرني يبه



    أبو صالح بحزم: عاجبك حال صالح ومرته.. وابيك يقول ماني بجابر بنتي على شيء



    غانم بحزم هادئ: اللي إبي يقوله تم.. مالي رأي عقب رأيه..



    ابو صالح بغضب: وش ذا الخبال اللي عندك أنت وإبيك.. ما يسوى علي كل يوم أكلمكم في ذا السالفة


    ولا لي حشمة ولا تقدير عندكم..



    راشد انتفض جزعا: ماعاش من لا يحشمك


    قدرك وحشمتك على رأسي ورأس ولدي... بس يا خالد جعلني فدا لحيتك


    نجلاء كل ما قلت لها ارجعي لبيتش.. قالت أنتوا ضايقين مني؟؟


    وأنا وأنت عارفين نجلاء زين.. نجلاء مرة عاقلة.. وقد لها حول عشر سنين عند صالح ما عمرها زعلت منه


    ما حدها على الطلعة من بيتها إلا شيء(ن) كايد.. فأنت شوف صالح وشو مزعلها فيه؟؟


    وأنا ماني بغاصب بنتي بكري وأول فرحتي على شيء هي ما تبيه.. ولاني بقاهرها..


    لأني أعرف نجلاء ماحدها على ذا إلا وجيعة كايدة...ولاني بموجعها فوق وجيعتها


    إذا بغت ترجع رجعت من كيفها وإلا والله ما أغصبها على شيء



    غانم اعتصم بالصمت احتراما لوالده ولعمه بينما كان أبو صالح يتنهد:


    والله أني قلته لصالح.. قلت له نجلاء عاقلة وماحدها تطلع من بيتها إلا شيء(ن) كايد.. بس هو بعد يقول مثلها (شي(ن) بيني وبين مرتي)


    دام ماحد (ن) منهم راضي يعلمنا... نخليهم على كيفهم وعلى خبالهم؟!!


    لازم نشوف سالفتهم عشان عيالهم.. ما يصير ذا الحال..



    حينها وقف غانم ليتجه للداخل وهتف لعمه باحترام: يبه أنت وصالح على رأسي


    وانا بنفسي واجد حكيت نجلاء وهي ملزمة على اللي في رأسها


    وأم خالد ماحد بغاصبها على شيء هي ما تبيه


    أم خالد شيختنا.. وتمون على رقبتي







    *************************






    " خالتي عندش إنش لو قعدتي منزلة طرف الشيلة على نقابش..


    إني ماني بعارف إنش تبكين من قبل حتى ما نطلع من الشقة حتى"



    عفراء بصوت مبحوح تحاول بعث التماسك فيه: لا تلومني يأمك.. اللي فيني يهد جبال



    علي بحنان وهو يمسك بذراعها ويدخلها في ذراعه وهما يمشيان في ساحة بورغ دي فور قلب مدينة جنيف القديمة:


    نعنبو لا يمش.. ومن أقول ألومش.. أنا ودي لو أقدر بس أشيل منش شوي



    عفراء حنان موجوع: فيك ما يكفيك يأمك..



    ابتسم علي وهو يحتضن ذراعها أكثر ويهتف بعمق متجذر: أقدر اشل عني وعنش



    حينها همست عفراء برجاء عميق: علي تكفى يامك خلاص ارجع الدوحة


    والله إن حن محتاجينك هناك.. الجو بين أبيك وأخوانك تحس إنه على طول فيه توتر


    أنت كنت نسمة الهوا اللي بينهم..



    تنهد علي بعمق: خالتي بيني وبينش.. أنا مقرر أرجع.. بس مهوب الحين.. شوي..



    عفراء شهقت بفرحة مبتورة: صحيح يأمك وإلا تسكتني..



    علي بذات نبرة الحنان العميقة: إلا صحيح.. يعني ظنش باكذب عليش في موضوع مثل ذا



    عفراء بتساؤل محموم: زين متى؟؟



    أيعقل أنه سيعود إلى احضانها أخيرا بعد كل هذا الغياب..؟!


    أ يعقل أنه سيرتاح بالها ولو قليلا من بعض الهم؟!


    ماعاد بها قدرة على احتمال هذا القدر من الغياب والغائبين


    تعبت من الهموم.. ولا يوجد من يسندها.. ولا حتى يخفف عنها!!



    علي بهدوء عميق: عطيني كم شهر بس.. ومثل ما قلت لش.. خلي الموضوع بيننا لين يصير..







    ****************************







    "هلا والله بفاطمة..


    وين عيالش يا بنتي؟؟ ليه ما جبتيهم معش؟؟"



    فاطمة بمودة صافية: مع أبيهم ياخالتي.. نزلني هنا ووداهم الألعاب



    مزنة تقف وهي تهمس بمودة: بأخليش أنتي وخويتش تقعدون براحتكم وأنا بأروح أشوف أشغالي..



    فاطمة برجاء: اقعدي خالتي ماشبعنا من قعدتش



    مزنة بعذوبة حازمة: باروح وخلكم براحتكم



    كاسرة بذات عذوبة أمها الحازمة: يمه الله يهداش اقعدي.. وش بنقول يعني



    ابتسمت مزنة وهي تجيب كاسرة: يمكن تقنعش فاطمة بالخطيب الجديد..



    حينها ابتسمت فاطمة: قريب خالتي..قريب.. أنا متحلمة لكاسرة بحلم والله ماله من التفسير إلا إنه معرس


    تحلمت ياخالتي بكاسرة واقفة في حوشكم.. ويأتي ذاك الصقر الكبير ويلقطها من كتوفها ويطير بها.. جيت بالحقها.. ضربني جدي جابر بالعصا


    يمكن إن شاء الله بتوافق على ذا العريس الصقر العود



    ثم انخرطت فاطمة في الضحك


    حينها ضحكت كاسرة: حشا فيلم أكشن مهوب حلم.. وبعدين وش صقره يا الله خلايفك


    بزر عمره 27 سنة.. أول خل هله يفطمونه من المرضاعة.. وعقب يزوجونه..



    مزنة وقفت استعدادا للخروج وهي تهمس بحزم: أما يافاطمة خويتش ذي مافيها فود ولا تسمع شور...


    ثم أردفت بحزم لطيف: ترا عشاش عندنا يأمش



    فاطمة باستنكار مهذب: لا خالتي تكفين.. تو حن العصّير.. وين حن ووين العشا..



    مزنة خرجت وهي تهتف بذات الحزم: خلصنا يأمش عشاش عندنا أنتي وعيالش وأبو عيالش


    مهاب الليلة موجود ماعنده رحلات



    حين أغلقت مزنة الباب التفتت فاطمة لكاسرة وهي تهتف بحماس: تدرين سوسو خاطري أشوف شكل أمش من غير ذا الجلال اللي هي متلفلفة فيه 24 ساعة


    بصراحة أمش تجنن.. خاطري أشوف الصورة كاملة



    حينها ابتسمت كاسرة: لو تشوفينها في الليل ببيجامة الحرير بس وشعرها على كتوفها تنسطلين..



    فاطمة باستغراب: أمش تلبس بيجامات.. ما أتخيلها!!



    حينها ضحكت كاسرة برقة: ليه إن شاء الله.. أمي توها.. توش تقولين تجنن.. يعني جينا عند البيجامات صارت غريبة



    حينها أردفت كاسرة بعمق باسم: تدرين فطوم.. حرام أمي ما تهنت بشبابها


    أحس عمي فيصل أبو امهاب وأبي الله يرحمهم جميع.. ماحد منهم استحمل إن ذا الجمال كله بين يديه


    كنه كثير عليهم..



    حينها ضحكت فاطمة: إذا أنتي تقولين كذا على أمش.. أجل من هي في زينش رجالها بيودع من أول يوم.. لأنه بتجيه سكتة قلبية أول ما يشوفش



    ابتسمت كاسرة: ياذا الرجّال اللي منتي بمرتاحة لين تذبحينه..



    فاطمة تضحك: خليه يأتي ومهمة الذبح عليش.. أدري منتي بمقصرة فيه...


    ثم أردفت بابتسامة: وين وضوح؟؟ أبي أسلم عليها



    كاسرة بهدوء: الحين تدرس.. بناديها حل العشاء



    فاطمة باستنكار: من جدش أنتي وأمش عشا.. بتمسكوني عندكم خمس ساعات بأروح لبيتي ياناس



    كاسرة تبتسم: والله أوامر أم امهاب.. تنفذين وأنتي ساكتة



    فاطمة تضحك: يا سلام يعني أنا اللي أنفذ الاوامر وأنتي لا... يالله وافقي على صقر حوران اللي جايش



    كاسرة بعذوبة باسمة: أخييييه.. وش صقره أنتي الثانية.. صدقت خرابيطها وحلمها..


    أقول لش بزر عمره 27 سنة.. اللي خطبني قبله عمره 30 وما وافقت.. أوافق على ذا



    فاطمة باستغراب باسم: تدرين كاسرة على أن تفكيرش دايما منطقي.. إلا في ذا السالفة.. ما أدري ليش إصرارش على العمر بذا الطريقة


    هذا أنا رجّالي أكبر مني بشهور بس.. وامشيني على الصراط المستقيم.. ولا عمري قدرت أفرض عليه شيء



    كاسرة بابتسامة عذبة: هذا عشانش أنتي يا قلبي اللي سويتيه كذا.. مهوب من شخصيته اللي تهز الجبال..


    بزر يوم خذتيته عمره 23 سنة والله أنش كنتي تقدرين تحطينه تحت باطش.. بس أنتي اللي خليتيه ينفش ريشه عليه..



    فاطمة تهز كتفيها بمرح: حلاله خله ينفش ريشه.. عقبال ما أشوف ريشش مقصوص.. قاصه طيري اللي أنا تحلمت فيه



    كاسرة بغرور لطيف: قلنا لش ألف مرة.. لا عاش ولا كان.. ولا بعد جابته أمه..



    فاطمة تضحك: على قولت خالتي الحكي معش ضايع... قولي لي وضحى وافقت على الدكتور الدحمي



    كاسرة هزت كتفيها وهمست بحزم: كل ما سألتها تهربت مني


    تدرين فطوم إن أمي قالت لي اليوم إنه خطبها أول مرة قبل حتى ما يخطبني وأمي علمتها بعد.. وش له مترددة ما أدري



    فاطمة باستغراب: غريبة ذا السالفة...


    بس على العموم من حقها تفكر..



    كاسرة بحزم: إلا قولي تبي لها من يهزها شوي.. البنت ذي غبية وبتقعد غبية.. شكلها تبي تضيع عبدالرحمن من يدها



    فاطمة تضحك: وليه تأخذ واحد أنتي عايفته..



    كاسرة بجدية: فاطمة لا تدخليني في السالفة.. أنا كنت مقررة ما أحاول أقنعها.. لكن بما أن أمي تقول إنها هي أول وحدة خطبها


    وهي كانت رغبته الأولى... فيكون غباء منها تدخلني في السالفة..


    ويكون غباء أكبر ترفضه عشان تفكير عاطفي ماله معنى..


    زين وخطبني كم مرة.. بس هي كانت في الاول والأخير.. خلها تشوفني محطة انتظار.. وفي الأخير وصل لها


    والله وهذا أنا حلفت لش.. لو كان عبدالرحمن أكبر بكم سنة.. أني أوافق عليه بدون تردد


    لكن عبدالرحمن وحتى شخصيته أنسب لها بواجد مني.. الرجّال كله مميزات.. فليش تضيعه من يدها..


    وأنا مستحيل أخليها على كيفها الخبلة.. وراها وراها لين توافق..






    *************************






    "مهوب كأن علي وخالتي تاخروا؟!"



    زايد يسترخي ويهمس بمباشرة: تمللت من قعدتي؟؟



    كساب بهدوء مباشر كهدوءه: محشوم جعلني فداك.. أنا أسأل بس..



    زايد بعمق: خلهم يوسعون خاطرهم..



    حينها هتف كسّاب بنبرة سخرية ذات مغزى: محتاجين يبه وساعة الخاطر.. اثنينهم جرحهم واحد..



    نظر له زايد نظرة مباشرة وهتف بعمق حازم: يعني دامك ما وصلتني في الحكي منت بمرتاح..


    خلنا يأبيك من الحكي المغطى.. أنا وأنت فاهمين بعض زين..


    لمتى وأنت زعلان علي.. متى بترتاح وتريحني



    كساب بهدوء أقرب لليأس: ومن قال زعلان.. ما يحق لي أزعل عليك حتى لو كان ودي



    زايد بنبرة عميقة حازمة: ذا الحكي ما يوكل خبز يأبيك..


    خلنا نتصارح كود ترتاح وتريحني..



    كسّاب بعمق شفاف: يبه مهوب زعل ومايحق لي أزعل عليك جعلني فداك


    لكنه كسر يبه.. يبه أنت كسرتني.. يوم أشوفك وإلا حتى اسمع اسمك.. ما يطري علي إلا أشلون كسرتني..


    يبه كسر الروح ما ينجبر.. وأنت كسرت روحي..



    حينها انتفض زايد بجزع: المكسور غيرك يأبيك..


    ثم هتف زايد بعمق متجذر أشبه باليقين: لو أنك انكسرت مثل ما تقول.. كان نخيت.. خذت الأمور ببساطة.. كذا المكسور يسوي..


    لكن أنت يأبيك حر.. والحر ما ينكسر.. أنا ذا الحين ما أفاخر في المجالس إلا بك..



    حينها هتف كسّاب بسخرية مرة: وحضرت الكابتن الطيار ما تفاخر فيها بعد؟!!



    زايد بحزم: لا تدخل أختك في السالفة.. الموضوع بيني وبينك..



    كسّاب هز كتفيه: يبه مزون هي كل السالفة.. ذا اللي تقوله كله ماصار إلا عقب ما وافقتها أنت على خبالها



    زايد بذات الحزم: سالفة وانتهت.. وحكي في الفايت نقصان في العقل


    خلنا فيك.. حالك مهوب عاجبني.. وأنا سكتت لك واجد



    حينها هتف كساب باحترام مبطن بسخرية مهذبة: وأشلون ممكن تصلح حالي اللي مهوب عاجبك؟!



    زايد بحزم شديد: بأزوجك..



    حينها هز كسّاب كتفيه: والحين المره صارت هي السلاح السحري اللي بيحل مشاكل الكون..


    كان انتهت المشاكل من زمان لو أن هذا هو الحل..



    زايد بحزم أشد: أنا ماعلي من مشاكل الكون ذا الحين.. أنا عليّ منك أنت


    واحنا نتكلم عنك.. فلا تلف ولا تدور..


    تعبت وأنا أترجى فيك كنك بزر.. يا ولدي خاطري على الأقل بحفيد مثل ذا العالم..



    حينها هتف كسّاب بذات احترامه الملغوم: هذا علي كان بيعرس وما خليته.. وش معنى عرسي هو اللي بيونسك جعلني فدا خشمك



    حينها بدأ زايد يعاني غضبا يحاول كبته.. يعلم أن هذا هو ما يهدف له كسّاب


    فهما لا يفتحان هذا الموضوع حتى يجعله كسّاب يحتد.. ويضيع الموضوع بين الهجوم والهجوم المضاد



    لذا هتف زايد بهدوء احترافي: حتى لو خليت علي يتزوج جميلة.. عبارت إنه ما تزوج لأنها مريضة


    لكن أنت ولدي الكبير..وأنا أبي أشوف عيالك.



    حينها ابتسم كسّاب: يبه من جد.. على إلحاحك علي كذا.. عندك وحدة معينة في بالك



    حينها صمت زايد.. وهو يدرس المعطيات في ذهنه.. يعرف ابنه جيدا.. قد يكون اقتناعه هو بواحدة هو السبب الوحيد ليرفضها كسّاب


    لمجرد أن يعانده


    فكيف يقنعه؟! كيف يحضر ابنتها لبيته؟! كيف يرى بعضا من أطيافها أمام عينيه؟!!


    إن كانت هي أصبحت حلما مستحيلا؟!!


    فليحقق ابنه ما عجز هو أن تحقيقه!!


    يحضر تلك المهرة المستحيلة التي لطالما رأها بجوار جدها وهي صغيرة


    ومازال كلما جاء جدها يهذي بها وكأنه ليس في الحياة سواها.. وكأنه يسمع في أوصافها طيف أوصاف مزنة


    وهي ترفض الخُطاب واحدا تلو الآخر دون أن تقتنع بأحد



    يعلم إن كان هناك من يستطيع إخضاع مهرة مثلها فليس سوى ابنه..


    هذا المتفاخر المتكبر.. الذي حتى وإن كان يظن نفسه مكسورا فهو لا يعرف نفسه كما يعرفه والده.. قد يحطم هو العالم بينما هو عصي على الانقياد أو حتى الخدش..


    لأنه كالشجرة التي لا تعرف الانحناء.. رفض أن ينحني للريح.. أو أن ينزل رأسه حتى تمر العاصفة..



    انتزع زايد من أفكاره صوت كساب العميق: ها يبه.. من هي سعيدة الحظ اللي حضرتك تبيها لولدك الكبير على قولتك؟؟



    حينها هتف زايد بنبرة مدروسة تماما تخبئ خلفها خبثا كبيرا: والله يأبيك كان فيه بنت في بالي


    بس عقب غيرت رأيي لأنها مستحيل توافق عليك..



    حينها احمر وجه كساب وهو يغالب ثورة قادمة: أكيد إنه أهلها مستحيل يوافقون عشان سواد وجه بنتك..



    حينها هتف زايد بحزم: سواد الوجه مهوب لبنتي.. بنتي تكرم عن الدنايس..


    الرفض لك أنت ولشخصك.. وإلا أهلها أنا متاكد أنهم مستحيل يردوني وأنا جاي أخطب لولدي..



    حينها ثار كسّاب بالفعل.. وابتسامة مخفية ترتسم في روح زايد..


    يعرف هذا الفتى كما يعرف نفسه.. ولكن الحوار دائما كان يقف قبل أن يصلا لهذه المرحلة



    كساب الثائر كان يهتف بغضب: زين وليش إن شاء الله بترفضني لشخصي الشيخة؟؟ وش فيني ما يعجب حضرتها؟!



    حينها هتف زايد بهدوء يخفي خلفه ابتسامته: هذا أنت قلتها (شيخة) ما خلق مثل زينها ولا شخصيتها..


    تعرف (جابر بن فهد الـ) و ( حمد بن فلاح الـ) ترد في حد منهم شيء؟؟



    كساب باستغراب وهو لا يفهم العلاقة بين السؤالين: رياجيل والنعم.. يكرمون



    زايد بهدوء: هذولا أخر اثنين هي ردتهم.. وشوفت عينك الثنين منصب وقدر ومكانة وخير..



    كان كسّاب على وشك أن يثور وأن يصرخ أنه أفضل منهما.. وأنه مستعد أن يريه أنها يستحيل أن ترفضه..


    ولكن كما الإضاءة الخاطفة.. قفز لذهنه تفكير معين وهو ينتبه لمقصد والده (خبيث وذكي يا أبي.. ولكنني تربيتك


    مثلك: خبيث وذكي)



    حينها هتف كسّاب بهدوء خبيث وابتسامة شاسعة متلاعبة: تدري يبه إيه والله الاثنين ما فيهم قصور


    أكيد لو خطبت بتعيي مني بعد .. ما فيني زود عليهم



    حينها ابتسم زايد ابتسامة شاسعة وهو يصمت ويهتف في داخله (ولد أبيك.. بس اللعبة ما بعد خلصت!!)






    *********************************









    منذ البارحة وهي عاجزة عن النوم...تريد أن توافق وتخشى من عقبات الموافقة


    لا تريد أن تقدم على الخطوة قبل أن تتأكد من شيء معين


    لا تريد أن تسبب الحرج لمهاب ولا لعبدالرحمن


    لذا فلابد أن تقدم على هذه الخطوة


    لابد أن تخبرها بنفسها!!



    جوزاء تناولت هاتفها وهي تتصل بأنامل مرتجفة


    جاءها صوتها كالعادة خافت ضعيف مثقل بأسى عميق: هلا والله بام حسن


    أشلونش يأمش.. واشلون حسون؟؟



    ابتلعت جوزاء ريقها: طيبين يمه جعلني الاولة..



    بعد عدة عبارات من السلامات المعتادة همست جوزاء بتردد عميق: يمه فيه موضوع أبي أكلمش فيه



    حينها انتفضت أم صالح: فيه شيء قاصرش يمه.. وإلا قاصر حسن؟؟



    جوزاء ابتلعت ريقها الجاف: لا يمه خيركم سابق.. بس.. بس..



    أم صالح تستحثها للحديث: وش بسه يأمش..



    جوزاء ألقت الخبر لتتخلص منه وقبل أن تذهب كل شجاعتها: يمه امهاب بن فيصل آل يحيا خطبني.. ونا مارديت لين أخذ شورش


    إذا أنتي توعديني إنه ما تأخذون ولدي بأوافق.. لكن شيء يلحق ولدي.. لا أبيه ولا أبي غيره



    حينها تنهدت أم صالح بحزم غريب عليها: انتظري علي يامش لين بكرة وأرد عليش




    أم صالح أغلقت من جوزاء واتصلت فورا بهزاع الذي وضع لها رقمه على قائمة الاتصال السريع.. لتهتف له بسرعة ونفس مقطوع:


    هزيع يامك.. اتصل في فهد وصالح خلهم يجوني الحين



    هزاع الذي كان يدرس في غرفته هتف باستغراب: وش فيش يمه.. فهد وصالح أصلا كلهم هنا


    فهد توه راجع من الزام.. وصالح يلبس يبي يروح يمشي..



    أم صالح بحزم: خلهم يجوني ذا الحين أبيهم



    بعد قائق كان الثلاثة يجلسون أمامها وهزاع يهتف بمرح قلق:


    صحيح ما طلبتيني معهم بس أنا بصراحة متروع وابي اعرف سبب اجتماع القمة ذا



    أم صالح بغضب: أم حسن خطبها امهاب ال يحيا.. وشكلها تبي توافق عليه..



    حينها قفز صالح بغضب: يعني تعيي مني وتوافق على ولد آل يحيا.. والله ما يكون إن ولدنا يربيه غريب



    حينها التفتت أم صالح لفهد بتصميم: أنا ما أدرج لك.. أدرج لذا الساكت.. فهيدان وش عندك؟؟



    فهد بهدوء حازم: عندي إني أقول الله يوفقها.. بكيفها.. ولدنا ما إحنا بعاجزين منه.. وهي خلها تشوف نصيبها


    حرام أم حسن عادها صغيرة.. تبين نقطع نصيبها؟؟



    أم صالح بغضب: قد ذا اللي عندك يا مسود الوجه.. بدل ما تقول أنا اللي باخذها وأضم ولد أخي..



    حينها ابتسم فهد وهي يضرب مؤخرة رأس هزاع: زوجيها ذا الدبش العود


    تراه شيبه قده في 21 سنة.. خله على الأقل يفيد بشيء



    حينها انتفض هزاع وهو يلطم يد فهد: لا عاد تعودها تراني ما انا بأصغر بزرانك


    هذا أولا..


    ثاني شيء نسوان أخواني طول عمري عادهم خواتي الكبار.. ولا أنا براد نفسي لهم.. المفروض ما يكون ذا حكيك يا شيبتنا



    أم صالح غضبها تزايد: أنت وأخيك حاطين السالفة لعبة وأنا محترقة



    صالح باحترام وتصميم: لا تحترق أعصابش ولا شي.. أم حسن أنا اللي بأخذها وانتهت السالفة




    "إيه بدل ما ترضي مرتك.. وتشوف وش أنت مزعل(ن) مرتك فيه


    بتنط تأخذ مرت أخيك"




    الجميع اتجهت انظارهم للصوت الحازم القادم من خلفهم..


    ليقفزوا أربعتهم احتراما للهيبة القادمة..



    حينها هتف صالح باحترام: يبه أم حسن خاطبها امهاب آل يحيا.. يرضيك نخلي ولدنا يريبه غريب..



    حينها صمت أبو صالح لثانية ليهتف بعدها بحزم: كفو أبو فيصل.. ونعم النسب..



    حينها اتسعت عيني أم صالح دهشة: وش ذا الحكي يأبو صالح.. كنه جايز لك؟!



    ألتفت لها أبو صالح بغصب: بتراديني في الحكا بعد..



    حينها انتفض فهد الذي يكره أن يرتفع صوت أحد على والدته حتى وإن كان والده: يبه أمي ما قالت شيء جعلني فداك



    أبو صالح بغضب متزايد: إذا مت خيطوا وميطوا أنتو وأمكم على كيفكم



    صالح يسارع بالقول باحترام: عمرك طويل في الطاعة..


    يبه وش فيك زعلان؟؟ ماقلنا إلا حق.. خلاص جوزا أنا اللي باخذها وأضم ولد أخي وانتهينا



    أبو صالح بغضب: أنت بالذات تلايط.. الله العالم وش أنت مزعل(ن) شيخة النسوان فيه..


    وجوزا ماحد منكم بقاهرها.. كفاية عليها اللي شافته من ولدكم.. خلها توفق في طريقها..



    أم صالح بصدمة: وولدنا..



    أبو صالح بذات الغضب: ليه تبوننا نقهرها ونأخذ ولدها.. عشان نحرق قلبها


    لا والله ما يصير ولا يكون.. ولدنا تحت عيننا.. وإذا كبر شوي خيرناه..


    لكن ذا الحين ما يبغي إلا حضن أمه..


    ما يقهر الشوفة إلا رخيص .. وأنا أكرم لحاكم من الرخص..



    كان صالح يريد أن يتكلم ولكن اتصالا ما وصله.. كان على وشك تحويل الاتصال للصامت لولا رؤيته للاسم الذي قلب كيانه


    ليقفز وهو يهتف باستعجال: دقيقة ..اتصال مهم..


    ويخرج من فوره


    غريب هو ما تفعله المرأة برجل عاشق..


    تأخذه من خضم انشغاله إلى عالم لا يجرؤ على اقتحامه إلا ذكراها!!




    وخلف صالح كان صوت أبي صالح يتعالى بحزم: ذا الكلام أخر مرة أعيده.. أم حسن ماحد بقاهرها على ولدها..


    غدا ودها توافق توافق من كيفها وهي دارية إن ولدها على كل حال في حضنها وماحد بماخذه منها


    ثم أردف بمرارة: البنية جاها ماكفاها..جاها ما كفاها..



    ليتك تعلمين ياجوزاء أن نظرات هذا الشيخ الجليل الصامتة لكِ طوال فترة حدادك لم تكن عتابا مطلقا


    لم تكن سوى شفقة عميقة .. وحزن أكثر عمقا بكثير!!!


    تمنى لو يستطيع أن يعيد الأيام


    أن يصحح الخطأ


    ولكن ماحدث بالأمس امتدت وجيعته لليوم..


    إن لم يكن قادرا على إصلاح خطأ الأمس.. فليسمح لهذه الصبية على الاقل ببعض فرح اليوم!!






    في مجلس النساء حيث خرج صالح ليختلي بهاتفه وانفعال عميق يهزه


    لأول مرة تفعلها منذ تسعة أشهر.. لأول مرة تكون هي البادئة باتصال


    فأي خبر أتته به اليوم؟!!


    أ فرح تهديه لروحه بعد طول هجر؟!


    أم هو مزيد من الهجر كما اعتادت أن تفعل به؟!!



    بعث في صوته أكبر قدر من الحزم لم يكن صعبا عليه اصطناعه ليبدو فيه غاية في البراعة: حيا الله أم خالد



    نجلاء بهدوء عذب: حياك الله



    صالح بلهجة مدروسة: وش ذا النهار المبارك اللي عبرتينا فيه باتصال؟!



    نجلاء بحزم لطيف وهي تلقي عليه الخبر الصادم: إذا انت ملزم تروح بالعيال..أبي أروح مع عيالي..



    صالح يعتقد أنه سمع خطأ: نعم.. عيدي.. ما فهمت..



    نجلاء تتنهد وتهتف بذات النبرة الحازمة غير المعتادة: أنت مهوب تقول تبي تودي العيال لديزني لاند.. أنا ما أقدر أخلي عيالي يروحون بروحهم


    باروح معهم.. وش الشيء الغير مفهوم في كلامي؟؟



    صالح مازال عاجزا عن الاستيعاب تماما.. هتف بدهشة تمتزج بالأمل: يعني بترجعين لي



    نجلاء بذات الحزم: لا تخلط المواضيع.. قلت بأروح مع عيالي.. ما قلت بأرجع لك



    حينها هتف صالح بغضب: أنتي شايفتني بزر عندش.. أشلون تبين تسافرين معي وأنتي ما رجعتي لي.. وش ذا الخبال؟؟



    نجلاء ببرود مدروس: والله افهمها مثل ما تبي.. تبي تسافر بعيالي أنا معهم.. لكن إنك تفسرها إني رضيت عليك..


    لا والله ما أنا بكاذبة عليك.. لا رضيت عليك ولا هو بحولي.. وقلبي مليان زعل عليك..



    صالح غضبه يتصاعد: نجلاء عيب عليش ذا الكلام.. زعلانة علي وتبين تسافرين معي.. تبين تجننيني أنتي؟!


    أشلون يعني نسافر مع بعض.. ربع ورفقة سفر.. وش الخبال ذا ولعب البزارين؟؟


    وهلي وهلش وش أقول لهم؟؟



    نجلاء بذات البرود الذي كانت تغذيه سميرة الجالسة جوارها وهي تكتم ضحكاتها: والله قل لهم اللي تبي.. ما شاء الله لسانك ما يبي من يسنعه لك



    حينها تنهد صالح وهتف ببرود أكثر احترافا من برودها: يا حليلش يا بنت عمي


    شكلش ما عرفتي صالح من هو.. تبين تلاعبيني.. زين نلعب.. ولا يهمش


    تدرين؟؟ تجديد حلو للروتين.. ليش لأ؟!






    ********************************





    " يالله يأبيك أنا طالع للمطار.. توصلني؟!"



    علي بحزن أخفاه خلف ابتسامته الصافية: أكيد بأوصلك.. ولو إنه ما شبعت من شوفتك.. توك واصل اليوم صلاة الفجر



    زايد بحنان حازم يشبهه تماما: يأبيك وراي أشغال واجد.. وعندي بكرة الصبح اجتماع في باريس.. وماسك منصور عند مزون..


    أبي أخلص شغلي وأرجع الدوحة



    ثم أردف بحزم وهو ينظر لكسّاب: كسّاب يأبيك لا تنسى تاكيد حجزي من باريس للدوحة


    تراني معتمد عليك ماقلت لسكرتيري شيء..



    كساب كان يقوم بحركات الضغط اليومية والتي يستحيل أن يفوتها ولكن الغريب أنه لا يستند على يديه الاثنتين كالعادة


    بل يستند في كل مرة على يد واحدة واليد الأخرى خلف ظهره ثم يناوب بين اليدين بحركة محترفة لا تخاذل فيها


    حركة تحتاج مع تكرارها كما يفعل هو لقوة هائلة في عضلات الذراعين..



    حين سمع والده يحادثه توقف وهو ينهض ليقبل رأس والده ويهتف باحترام: إن شاء الله تم.. لا توصي حريص..



    ابتسم زايد وهمس بخبث: ما خلصنا حكي يأبيك .. إذا رجعنا الدوحة كملناه



    بادله كساب الابتسامة وهو يقبل رأسه: خلنا من ذا السالفة جعلني فدا خشمك


    والله مالي فيها.. ولا عمرها بتكون حل لشيء







    ******************************






    "وش تكتبين يأبيش؟!"



    مزون التفتت لعمها الذي جلس جوارها على الكنبة وهي تضم ركبتيها وتضع عليهما ملفا تكتب فيه



    همست بمودة واحترام: تقرير عن رحلتي اليوم.. عشان أستفيد منه في رحلة بكرة



    حينها عقد منصور حاجبيه بحزم: ما قلنا إن حن خلصنا من ذا السالفة..



    مزون برجاء: فديت قلبك يا عمي كسّاب وأبي وخالتي جايين بكرة..


    وأنا قلت لك أبي كسّاب يدري إني طرت.. لكني مستعدة أخلي كل شيء عشانه


    وبعدين يا عمي.. هي نفس رحلة اليوم ونفس الوقت.. رحلة قصيرة لابوظبي



    منصور بحزم بالغ: أنا واحد ما أحب ألف ولا أدور.. وذا الحال مهوب عاجبني..


    بكرة تكون أخر رحلة.. خلاص يأبيش ما طال مسخ


    بكرة بأكلم كسّاب.. رضى وإلا عنه ما رضى بالطقاق..


    أنتي خلي ذا الشغلة ذا الحين ...وهو بيرضى غصبا عن خشمه..






    ******************************






    "ادخل ياللي عند الباب"


    همسها الهادى ردا على طرقات هادئة على الباب



    فُتح الباب ودخلت كاسرة يسبقها ألقها الخاص والدائم الأشبه بسحر عصي على التفسير



    هتفت بحزم: ممكن خمس دقايق من وقتش؟؟



    وضحى تنهدت: تكفين كاسرة إذا عشان موضوع عبدالرحمن.. قلت لش عادني أفكر.. مافيه داعي تسوين علي ذا الحصار



    كاسرة بذات الحزم: وليش تسمينه حصار.. ليش ما تسمينه خوف على مصلحتش؟!



    وضحى بتردد: لا حصار.. تبين تشوشين أفكاري.. عشان أوافق على كل شيء تقولينه



    كاسرة باستغراب مغلف بالثقة: خليتيها خطة عسكرية.. أشوش أفكارش.. وأسوي حصار.. ليش ذا كله؟!



    وضحى بذات التردد: لأنه أنتي تدرين إني ماني بمقتنعة بعبدالرحمن.. وأنتي غصب تبين تقنعيني


    من حقي أفكر.. وإلا حتى حق التفكير مستكثرته علي؟!!



    حينها اقتربت كاسرة منها.. لتنكمش وضحى قليلا كعادتها.. بينما شدت كاسرة قامتها وهتفت بثقة:


    اسمعيني ياوضحى.. أنتي عارفة عدل إنه ما همني من ذا الموضوع كله إلا مصلحتش..


    عبدالرحمن رجّال نادر.. وأنتي كنتي أول وآخر حد خطبه.. يعني أنتي الأساس.. ما يكفيش ذا الشيء؟!


    لا تصيرين غبية.. وترفضينه.. لا فات الفوت ما ينفع الصوت..



    حينها همست وضحى بسخرية: ولد عمتش هذا ما عنده كرامة يمكن أرفضه اليوم يرجع بعد شهر يخطبش أو يخطبني ماعنده مشكلة



    كاسرة بغضب: وضحى عيب عليش..



    حينها همست وضحى بضيق: لي أنا عيب.. لكن أنتي من حقش ترفضينه وتسبينه


    لي أنا رجّال ما ينرفض.. لكن لش أنتي ما يناسب تصوارتش العالية


    تكفين كاسرة.. فكي عني مرة وحدة.. خليني أقرر مصيري بروحي






    ******************************






    " وين بناتش العلل لا بارك الله فيهم من بنات؟ "


    ربما وصل صراخه مجرة أخرى تبعد ملايين السنوات الضوئية



    أم عبدالرحمن همست بخفوت متردد: يأبو عبدالرحمن الله يهداك.. صياحك سمعوه قصرانا..


    البنات في غرفهم.. آمرني.. وش تبي؟؟



    مازال يصرخ: ليش ما منهم فود؟؟ كله منش.. خلي اشعيع الكلبة تجي.. دواها عندي



    أم عبدالرحمن ابتلعت ريقها (يارب أرسل عبدالرحمن .. يارب أرسل عبدالرحمن قدام يسوي في البنية شيء)


    همست أم عبدالرحمن بضعف: شعاع في غرفتها تدرس.. آمرني أنا بأسوي اللي تبي...



    أبو عبدالرحمن يصرخ بغضب مرعب لا مبرر له: وش عقبه؟؟ بنتش شينة الحلايا


    اتصلت فيها وقلت لها تعشي طيوري


    الصبي اللي عندها اليوم ماخذ أجازة اليوم.. جيت عينتها ما عشتها..


    لا وقال تدرس في غرفتها.. خلني أوريها الدراسة أشلون



    أم عبدالرحمن برجاء عميق: تكفى يافاضل.. شعاع وش عرفها بعشا الطيور.. كان قلت لي أنا..


    خلاص سامحها ذا المرة..



    أبو عبدالرحمن مازال صراخه يتعالى: وليه هي ما قالت لش......اشعيع..يا اشعيع.. تعالي



    شعاع اللي كانت ترتجف في الأعلى في حضن جوزاء وهي تسمع صوت والدها يناديها


    كانت تشهق في حضن جوزاء: ياويلي بيذبحني عشان طيوره


    والله إني حاولت أعشيها.. بس خفت منها.. يمه شكلها يروع..



    جوزاء تحتضنها وتهتف بخوف مشابه: كان قلتي لي الله يهداش وانا عشيتها.. الحين لا يسوي في أمي شيء.. من زمان ما شفته معصب كذا



    حينها قفزت شعاع وهي تهتف بجزع: يا ويلي على أمي.. خلاص أنا بأنزل له


    يضربني ولا يضرب أمي..


    ثم أردفت بالم استسلام موجع وهي تشجع نفسها: كف والا كفين ما تذبح حد..



    جوزاء حاولت التمسك بها: اقعدي يا بنت الحلال.. أمي تعرف له.. وبتهديه الحين



    لكن شعاع لم تستجب وهي تخرج لتنزل له رغم ارتجافها كورقة جافة: لا اليوم معصب بزود.. كل شي ولا يمد يده علي أمي..



    كانت أم عبدالرحمن تحاول تهدئته.. بينما صراخه يتعالى: اشعيع.. اشعيع



    شعاع كانت تنزل الدرج بخطوات مترددة.. وهي تهتف بصوت مبحوح: لبيه يبه أنا جايه..



    حينما رآها بدأ بالصراخ: كذا تعصيني لا بارك الله فيش من بنت.. وتخلين طيوري من غير عشا..



    شعاع وصلت له وهي مستسلمة لمصيرها وصراخه عليها يتعالى لأنها نسيت طيوره الغالية


    كانت تهتف في داخلها (ماعليه أقلها إبي ما يسرف في الضرب.. كف وإلا كفين ويهدأ)


    وبالفعل كان أبو عبدالرحمن على وشك رفع يده ليصفعها لولا اليد الحانية التي أمسك يده ليقبلها وهو يهتف باحترام حنون:


    يبه الله يهداك روعت البزر.. مابه ما يستاهل.. بدل الصبي بأجيب لك اثنين لطيورك.. إن راح واحد الثاني موجود



    جوزاء كانت تطل عليهم من الأعلى وهي تحمد ربها أنها حين اتصلت بعبدالرحمن وأخبرته.. وجدته قريب من المنزل ليحضر فورا



    شعاع حين رأته انخرطت في بكاء حاد هستيري وهي ترتمي في حضنه.. وأعصابها المشدودة ومشاعرها الثائرة تستكين في حضنه


    لم تتوقع أن هناك ماقد ينقذها اليوم من والدها



    عبدالرحمن احتضنها بحنو وهو يهمس في أذنها بحنان مصفى: ماصار شيء يالدلوعة.. لحقنا عليش



    أبو عبدالرحمن هدأ تماما.. كالسحر غير المعقول.. من قمة الغضب لقمة الهدوء وهو يهتف بهدوء ودود:


    عاجبك سواتها يأبيك.. خلت الطيور إلى ذا الحزة بدون عشا.. كان قالت لأمها وإلا لجوزا..



    عبدالرحمن عاود تناول كفه وتقبيلها وهو يهتف باحترام: امسحها في وجهي جعلني فداك.. بزر وماعرفت تصرف


    ثم أردف برجاء عميق: يبه تكفى طالبك.. ماعاد تضرب حد منهم


    يهون عليك تقهرني.. أنا إذا دريت إنك ضربتهم وأنا ما أنا بهنا.. أحس إني باموت من القهر..


    يهون عليك تقهرني كذا



    حينها انتفض أبو عبدالرحمن بجزع: ماعاش من يقهرك.. ماعاش من يقهرك..






    ********************************





    صباح جديد..



    منصور أوصل مزون لداخل المطار.. لتتوجه بخطوات سريعة لاستراحة الطيارين


    كانت خالية الذهن تماما بعد أن اتصلت بسهى وأطمئنت أنها هي وكابتن إيمي متواجدتان في الاستراحة


    ماعادت تشعر بأدنى رغبة للطيران.. ولكنها تجد نفسها مجبرة أن تمضي في الطريق حتى تحصل على رضا كسّاب


    رضاه الذي أصبح أمنيتها الوحيدة في الحياة


    الشيء الذي هي مستعدة أن تفعل أي شيء لتحصل عليه!!




    حين دخلت الاستراحة..


    شهقت في داخلها بعنف.. كانت على وشك التراجع والهرب


    ولكنها دخلت بخطوات تمثيلية مسيطرة وواثقة وهي تحاول منع نفسها من توجيه نظرات كراهيتها العميقة لأحد الوجهين اللذين كانا آخر وجهين تتمنى رؤيتهما في حياتها كلها




    غـــــــانـــم ......... و مـــهــــاب




    كان كل غضبها الوقتي على غانم ينزاح أمام حقد تجمع لسنوات وسنوات لمهاب


    فغانم وإن كان جريئا معها.. فجرأته لم تتعدى رغبته أن يكون لطيفا



    ولكن هذا الكريه استخدم ضدها أبشع ألوان الإهانة والتحقير والتجريح.. مازالت كل كلماته الحقيرة تسكن ذاكرتها وتغذي كراهيتها المتزايدة له



    لا تعلم لماذا أحست فور دخولها.. أن شرارة توتر اشتعلت بين الرجلين


    وهما يتبادلان نظرات مجهولة.. شعرت كما لو كانت نظرات تحدي من مهاب.. ونظرات تهديد من غانم



    مزون تنهدت بعمق وهي تقرر أن تتجاهل الأثنين وتتوجه لتجلس بجوار سهى وإيمي بعد أن سلمت عليهما



    بعد مرور دقائق وقف مهاب.. ليتحفز غانم ويقفز بدوره وهو يتوجه ناحيته ويهمس قريبا من أذنه بحزم:


    امهاب لا تضحك العالم علينا.. ترا حن ماعدنا طلاب في الكلية.. غير كباتن وعيال جماعة.. وعيب في حقك وحقي نسوي فضيحة



    حينها ابتسم امهاب وهو يهتف بسخرية خافتة: ليه الواحد إذا جا بيروح الحمام يكون يسوي فضيحة يا كابتن غانم



    مهاب كان على وشك المغادرة ولكنه التفت لغانم وهو يهمس بذات السخرية الخافتة: شأخبار طقم سنونك؟؟



    حينها رد عليه غانم بذات السخرية الخافتة: وأنت شأخبار كتفك المخلوع.. أظني إنه لحد الحين وهو يراجعك وجعه







    *********************************






    وضحى تستعد للذهاب للجامعة فلديها امتحان اليوم


    كانت تعد أوراقها وتجهز نفسها حين دخل عليها تميم وبدون استئذان لأول مرة



    وضحى التفتت له باستغراب كان يحمل جهاز حاسوب بين يديه.. عرفت فور رؤيتها له جهاز من.. ويرتسم على وجهه علائم غضب عميق على غير عادته



    وضحى أشارت له باستغراب: تميم أشفيك؟؟



    تميم وضع جهاز الحاسوب على طاولتها وهو يشير بغضب: هاش اخذي لابتوب رفيقتش لابارك الله في العدوين



    وضحى بذات الاستغراب: زين اشفيك معصب..



    تميم كان يشير بعصبية بالغة: الحين رفيقتش ذي في أي كوكب عايشة.. حد يودي كمبيوتر للتصليح وهو مليان صورها


    وأساسا ليش تحط صورها على الكمبيوتر.. يعني ما تسمع عن البلاوي اللي تصير


    لو أنا مأنا باللي صلحت كمبيوترها واللي صلحه حد من اللي عندي في المحل


    وش كان مصير صورها؟؟



    وضحى مازالت عاجزة عن الاستيعاب لتشير بعدها بصدمة: الصور أنت شفتها؟؟



    تميم باستنكار: ليه أنتي شايفتني رخيص لذا الدرجة؟!


    لا طبعا ما شفت صورها..بس شفت إنه فيه ملف صور وأول مافتحته سكرته... وكنت ناوي أمسح ملف الصور كامل


    بس عقب قفلت الملف برقم سري... وهذا هو الرقم.. وقولي لها خلها تمسح صورها بنفسها الغبية..




    وضحى تناولت حاسوب سميرة وهي تضعه في حقيبته المخصصة وغضبها يتزايد على سميرة على هذا التصرف غير المسؤول..


    وهي تحمد ربها أن صور سميرة لم تتسرب



    بعد ساعتين.. وبعد انتهاء الاختبار..


    وضحى ناولت سميرة جهازها وهي تهتف بخبث: تفضلي جهازش وتميم يقول لش صورش تلوع الكبد.. كان حطيتي صور أحسن من ذي



    حينها اتسعت عيني سميرة وجف ريقها: أي صور؟!



    وضحى ترقص حاجبيها: ملف صورش اللي اأنتي خابره.. واللي كنت أقول لش امسحيه.. وغلط تخلين لش أي صور على الكمبيوتر



    حينها شهقت سميرة بعنف وغامت عيناها: والله إني ساحبتهم على فلاش وعقب مسحتهم قبل أعطيش اللابتوب



    وضحى تبتسم: لو أنش مسحتيهم ماكان لقاهم.. الحين عقدتي أخي من جنس الحريم



    سميرة وبشكل مفاجئ بدأت تشهق بصوت خافت: يا فضيحتي.. يافضيحتي..



    وضحى بجزع وضعت كفها فوق كفها: أمزح معش يالخبلة.. من جدش.. كنش ما تعرفين تميم.. يستحي من خياله.. أشلون يقلب في صورش يا شينه الحلايا



    حينها رفعت سميرة عيناها لها وهي تهمس بصوت مبحوح: أنتي يالخبلة صبيتي قلبي.. أخيش لقى صور في اللاب والا لا؟؟



    وضحى تبتسم: لقى.. بس ماقلب فيهم.. وقفلهم برقم سري.. وهذا هو الرقم


    وتراه معصب عليش ويقول لش امسحي الصور..



    قالتها وهي تناولها الرقم.. حينها ابتسمت سميرة: لا يكون هذا مهوب رقم سري


    وأخيش يرقمني..



    ضحكت وضحى: الله يخلف على أمش.. وأشلون بيغازلش؟؟



    سميرة تستعيد مرحها: مسجات يا قلبي.. أحلى شيء..


    ولكن خاطرها عاد للتكدر فورا: وضحى أنتي متاكدة إنه ماشاف صوري



    وضحى بهدوء: اكيد متاكدة.. انا اضمن تميم أكثر ما أضمن نفسي..


    ثم أردفت بابتسامة: ولو أنه عادي نخليه يشوفها .. خبرش يبي يتزوج.. يمكن تعجبينه



    سميرة تضحك: دنا أعجب الباشا البغاشة.. لو إن أخيش مهوب يبي وحدة سايلنت وإلا والله ما افكه من يدي.. موت ذا التميم موت..



    وضحى تضحك: خبرش عتيق.. تميم غير الموجة.. يقول يبي وحدة أعلى فوليوم


    أوامر أم امهاب...



    حينها عقدت سميرة حاجبيها: من جدش؟؟



    وضحى تبتسم: إيه والله.. والحين أمي شغالة تدور له عروس..



    حينها همست سميرة بمرح: صدق خوية مامنها فايدة... طول عمري أقول (جحا أولى بلحم ثوره) .. يأختي خويتش أولى من غيرها يامال العافية


    تدورن بعيد وأنا قدام عينش جعلها البط..



    وضحى بغضب: سميرة أنتي أكثر وحدة عارفة إني ما أحب حد يحط تميم موضوع مسخرة.. سكري الموضوع لا أزعل عليش..



    سميرة مازالت تبتسم: ومن قال أتمسخر.. أنا أتكلم من جد جدي بعد...



    وضحى بغضب متزايد: سميرة لو سمحتي..



    سميرة مازالت تتكلم بذات النبرة الباسمة المرحة ولا أحد يعلم ما الذي يدور خلف هذا المرح من أفكار مصيرية:


    أنتي يالخبلة لا تعصبين علي...أنا أتكلم من جدي.. رشحيني لأمش...


    ويا ويلش وياسواد ليلش أشم ريحة خبر إنش معلمة إني اللي قايلة رشحيني


    حافظي على برستيجي... وقولي إن الاقتراح من عندش






    ******************************






    "يا قلبي ياعلي.. والله إنه حزين يوم خليناه"



    كساب يفك حزامه بعد نزولهم مطار شارل ديغول في باريس ويهتف بحزم: خلاص خالتي تعود على كذا


    ثم أردف بذات الحزم: خالتي الطيارة بتنتظر بس 40 دقيقة.. أنا بانزل أشوف أبي وبارجع أنا وياه



    عفراء بمودة: براحتك يامك..



    كسّاب نزل بينما عفراء فتحت مصحفها واستغرقت في التلاوة بصوت شديد الانخفاض.. بعد حوالي عشر دقائق بدأ الركاب بصعود الطائرة


    عفراء وضعت مصحفها في الجيب امامها لأنها لا تريد أن يشغلها شيء عن القراءة.. والطائرة بدأت تصبح مزعجة مع ركوب الركاب



    بعد دقائق صعدت فتاة منقبة بجوارها شاب لطيف المحيا.. فورا شعرت عفراء نحوهم بحنان أمومي شفاف.. ظنت أنهما عريسان جديدان


    وتمنت أن ترى أبنائها كلهم مثلهما


    وأسعدها احتشام الفتاة بهذا الشكل وهي تصعد من باريس..


    يبدو وكأن هذه العفراء لا تعرف من المشاعر في العالم سوى مشاعر الأمومة


    منذ شبابها المبكر وهي أم فقط.. ثم مدرسة


    لم تعرف كيف هي مشاعر الأنثى الأخرى


    لم تختبر مشاعر الأنثى.. لا غيرتها.. لا لهفتها.. لا رغبتها في أن تسيطر على قلب شريكها في الحياة


    أم فقط مستعدة للعطاء حتى اللحظة الأخيرة...!!




    الشابان جلسا... بينما الفتاة تهمس بمرح: وش عندك مدلعني ذا المرة.. فيرست كلاس مرة واحدة عقب ماكسرت جنوبي بالإيكونومي



    حينها ابتسم الشاب بشفافية: ومن قال أدلعش.. وجه دلع أنتي... أنا كنت حاجز على الايكونومي وواجد على خشتش


    بس أبيش مايهون عليه يالدلوعة.. فشلني.. حجز وأرسل لي الحجز... الاميرة والبودي جارد حقها



    الشابة همست بمودة عميقة: فديت قلب خلودي .. جعلني ما أذوق حزنه


    ثم أردفت بابتسامة: وترا واجد عليك بودي جارد حقي... احمد ربك



    الشاب يضحك: يا ملا الماحي.. أكبر منش وخالش جعل أمحق خال...



    الفتاة تضحك بصوت منخفض: وخير يا طير خالي.. وترا الفرق بيننا سنة وحدة بس



    الشاب يبتسم وهو في ابتسامته يستعيد مأساة حياته: ذليتونا بذا الصغر أنتي وأمش وخالاتش.. ما يسوى علينا..


    تدرين خلاص فكة من وجهش..


    بأخذفش في بيت هلش وثلاث شهور حتى تلفون ما ابي أسمع صوتش



    الشابة بضيق: نايف من جدك ما تبي تجي عندنا.. والله البيت فاضي.. حتى نجلاء مرت صالح زعلانة في بيت أهلها


    تعال مع هزاع وإلا فهد... حتى لو تبي غرفتي عطيتك إياها



    نايف بضيق مشابه ولكن أكثر عمقا: خلاص يالغالية ماطال مسخ...


    تعبت وأنا أتنقل بين بيوت خواتي... أبي أفتح بيت أبي...رجّال صار عمري 25


    ولحد الحين خواتي يتناتفوني بينهم ويتهادون علي كني بزر... يعني هو ذنبي إن إبي وأمي جابوني على كبر عقب سبع بنات.. وعقبه ماتوا


    تربيت في بيت كل وحدة شوي.. وكل وحدة منهم تقول ابي ريحة أمي وأبي عندي..


    ماصدقت أخلص ثانوية عشان أطفش منهم وأعتمد على نفسي شوي


    ثم أردف بابتسامة: بس ماصدقت أرتاح سنة إلا أنتي لاحقتني مثل القضا المستعجل



    الشابة تبتسم: إيه أنا قضا مستعجل.. ماصدقت تشوفني عشان تقط علي الغسيل والطبخ... زين أنت واحد صار لك على قولتك سنة معتمد على روحك


    وشو له تقط روحك علي...



    نايف بضيق جديد: هذا أنتي باقي لش فصل واحد وتخليني..



    الشابة بلطف: وأنت الفصل اللي عقبه بتخلص.. وبعدين ماشاء الله أنت بترجع بماجستير وإلا أنا بس بكالوريوس



    نايف بهدوء: أنتي اللي اخترتي ذا التخصص الصعب.. ست سنين صار لش فيه



    الشابة تبتسم بهدوء: هندسة جينية مهوب لعب ياخالو...



    كان الحوار مستمر بينهم كعادتهما... لا يمكن أن يتوقف الحوار بينهما مطلقا


    دخل كساب ووالده للطائرة.. نايف عرفهما ووقف وتوجه لهما حتى لا يسلم قريبا من ابنة أخته..



    ثم عاد وجلس جوارها بينما هي توسعت عينيها وهي تهتف بتساؤل: من ذولا ياخالي..



    نايف بهدوء: زايد آل كساب.. وولده كسّاب..



    حينها أمسكت الشابة معصمه وهي تهتف برجاء مرح: تكفى ياخالي.. أنا عاوزة من ده على قولت سميرة بنت عمي..



    نايف باستغراب: وش ده يالخبلة.. والله ماحد مخبل فيش إلا بنت عمش الخبلة اللي طول اليوم قاعدة أنتي وياها تهذرون


    أستغرب وحدة عبقرية دراسة مثلش وخبلة كذا..



    ابتسمت لمجرد الطاري وهمست (بعيارة) : فديتها سميرة.. لولا أني خايفة إن اختك ورجالها يزعلون وإلا كان أصلا رحت أسلم على سميرة أول شيء



    نايف يبتسم: أمحق بنت.. جعل ما تغدين بنتي.. أبو صالح قلبه تقطع عليش.. وأنتي تبين تسلمين على شينة الحلايا قدامه..



    تبتسم وهي تردف بنبرة من سيخبر سرا: أنت داري بغلات خلودي عندي.. مانبيك وسيط.. وخلنا ذا الحين في ده..


    أكيد إنه كسّاب مهوب أبيه.. يالله قم قل له الشيخة عالية بنت خالد آل ليث.. تسبغ عليك الشرف الرفيع ومستعدة تضحي بروحها وتأخذك



    حينها قرص نايف ذراعها وهو يهتف بغيظ مرح: خذوا روحش قولي آمين


    أنتي مافي وجهش سحا.. وجهش مغسول بمرق



    عالية تمسح مكان القرصة وتهمس بمرح: حرام عليك خالي قطعت لحمي.. عيب القبص للنسوان..


    وبعدين بنت أختك صار عمرها 24 ..عنست ياخالي أبي أضمن مستقبلي


    بتقوم تقول له.. وإلا ترا بأقوم الحين وبأمر جنب كرسيه.. وأسوي مثل الأفلام وأطيح في حضنه..


    وعقب أقول تراني ماني بقايمة من حضنك إلا على سنة الله ورسوله...


    وعاد شوف فشيلتك ذاك الوقت..



    نايف بذات الغيظ المرح فهو اعتاد على مزاحها الثقيل: سويها عشان أرجعش لأختي أم صالح نصين.. رأسش في كرتون وباقيش في كرتون..



    عالية تضحك: سوفاج يانويف سوفاج..



    نايف يبتسم: لو أنه قد جاتش علوم السوفاج ماكان مديتي لسانش ذا الطول عند خالش..



    عالية تبتسم: بس جد خالي مهوب يهوس.. من أي كوكب جاي.. مستحيل تكون أنت وياه من نفس الكوكب حتى



    نايف بسخرية: والله ما شفت فيه زود على باقي مخاليق ربي..



    عالية (بعيارة): علي يا نايف.. أنا حافظتك.. أنتو يا الشباب إذا شفتوا الرجّال الهيبة المعضل.. مثلنا يالبنات إذا شفنا البنت الحلوة


    الغيرة تعمل حيرة الله يكفي شرها...



    حينها ابتسم نايف: يكشف حالش.. كاشفتني ما أقدر أدس عليش


    ثم التفت لكساب وهو يكمل (بعيارة): بصراحة مابعد شفت تركيب مثالي كذا..


    تدرين إني مرة قد دزيت عليه أخيش فهيدان يسأله وشو مسوي.. بأموت خاطري أعضل..


    على أساس معرفة فهيدان له أحسن ودايم يقابله في مجلس عمه منصور


    فهيدان قال لي إنه كساب ذا مهوب من اللي يحبون يأخذون ويعطون في الكلام واجد


    لكنه متأكد إنها رياضة لأنه مرة راح معه هو ومنصور للنادي.. يقول هم عقب ساعة تمارين عنيفة تعبوا.. وهو كمل ساعة عقبهم بعد..


    ول عليه وش ذا الطاقة اللي عنده.. ما ألوم ذا العضلات طلعت.. هد حيلها لين نفصت...



    عالية تبتسم وهو تهتف بجزع مصطنع: إلا انت اللي ول عليك تبي تبطح رجّالي عين..



    حينها عاود نايف قرصها وبشكل أقوى.. شعرت حينها أن لحمها خرج بين أصابعه.. والألم يتفجر في عضدها مكان قرصته


    وهو يهتف لها بغضب كاسح مكتوم: الظاهر عطيتش وجه أكثر من اللازم..


    وحتى لو حن ربع وأنتي أعز علي من روحي.. مهوب كل سالفة بايخة من سوالف البنات تقولينها عندي


    احشمي إني خالش ياقليلة الحيا..






    #أنفاس_قطر#

  5. #15

    ][ فريق تطوير الزين ][


    تاريخ التسجيل
    Aug 2013
    المشاركات
    11,800
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: رواية بين الامس واليوم كاملة 2014 , روايات بدون ردود

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    صباحات الجمال والخير والطاعات


    صباحات مودة ممدودة بين قلبي وقلوبكم


    الله يديم المودة ويجمع دايما بيننا في خير وعلى خير


    أنا ما أبي أطول الهذرة عليكم.. أحس أني خلال اليومين اللي فاتت هذرت عليكم عن هذرة عشر سنين قدام


    .


    .


    شكرا لكل المعلقات والمشتركات من أجل الرواية


    شكرا ألف مرة لكل من تركت عبق عطرها هنا وأسعدتني بكلماتها


    شكرا لكل المرحبات وذوات الإحساس المختلف مودة وتواصلا


    .


    فقط نقط: أنا فعلا قلت كل اللي كلام اللي وصلك وزيادة بعد.. الله يسامح ص156.. أنا كنت أقص أو كنت وضعته للكل من جديد


    .


    روبي.. أميرة المغرب.. عزيزتي أنا لم أقرأ لك ردا.. قد يكون حُذف.. لذا سامحيني


    أنا لم أتجاهل مطلقا اي رد بعد الجزء الماضي


    فالسموحة من الكل


    .


    .


    نعاود فتح باب بين الأمس واليوم


    وصحيح مثل ماقلت لكم قبل إن مرحلة التعريف بالشخصيات انتهت


    ولكن ليس معنى ذلك أنكم عرفتوها فعلا


    أنتم شفتوا لمحات من الشخصيات وجوانب أحادية فقطة لا تكفي لصنع وجهة نظر مطلق


    المخلوق البشري مخلوق معقد الشخصية والصفات


    لذلك سيظل دائما يتكشف لكم الكثير عن الشخصيات


    .


    .


    تفضلوا


    الجزء الخامس عشر


    .


    قراءة ممتعة مقدما


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .


    .


    بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس عشر







    " أنتي الحين من جدش زعلانة؟!!


    صار لنا خمس ساعات من يوم طلعنا من باريس.. حتى كلمة وحدة ما رديتي علي"




    لم ترد عليه وهي تعتصم بصمت عميق.. والألم لا يبارح عضدها مكان قرصته الموجعة


    وكرامتها لم تسمح لها حتى أن تسأل المضيفات عن لاصق طبي أو مسكن للألم



    هتف نايف بتصميم غاضب: والله ثم والله لما تردين علي ذا الحين.. إني ماعاد أكلمش عمري كله..



    حينها التفتت له بتصميم وهي ترد بحزم وجدية بالغين..تبدو كما لو كانت خلقت بهما ولهما..


    وكأن من تتحدث الآن بهذه الجدية المحترفة ليست هي نفسها أبدا من كانت تتفجر مرحا ساخرا قبل ساعات قلائل:


    نعم خالي آمرني..



    وحينها ابتسم نايف: أفا حبيبت خالها زعلانة.. زين وقرصناش قرصة صغنونة.. واعتذرنا عقبها... وأنتي أساسا الله يهداش اللي طلعتيني من طوري


    قلتي لي كلام ما ينقال..



    عالية بذات التصميم والجدية الطبيعين غير المصطنعين إطلاقا:


    خالي أعتقد إن مزحي مهوب غريب عليك..


    لكن الغريب إنك تمد يدك علي بذا الطريقة


    بس خلاص ولا يهمك حرمنا نمزح مع جنابك إذا هذي أخرتها



    نايف برجاء حنون: علوي.. تدرين ما تهونين علي.. لا يصير قلبش أسود..


    تدرين إني ما أحبش تقلبين على ذا الموجة القشرا.. لا لبستي وجه الجد ذا


    أحس إني قاعد مع جدتي.. فكيها الله يفكها عليش



    عالية بذات نبرتها الجدية: تدري زين إن قلبي مهوب أسود... بس كل شيء ولا أن حد يدوس لي على طرف



    نايف بعتب: وأنا أي حد.. نايف خالش وصديقش وحتى ولدش.. الأم تزعل ولدها؟!!



    عالية همست بضيق عميق وهي تدير وجهها لتسند رأسها لزجاج النافذة الصغيرة: تكفى خالي خلاص... مزاجي متعكر..



    صمت نايف بضيق أعمق.. فارتباطه بهذه الفتاة هو الإرتباط الأقوى في حياته.. فليس له أم ولا أب..فقط سبع شقيقات ..


    وإن كان يحبهن كثيرا.. إلا أنه يتضايق من معاملتهن له كطفل.. وهن يخنقنه باهتمامهن..


    يشعر في طيف كل واحدة منهن طيف أمه.. فأصغرهن تكبره بـ14 عاما..


    ورغم محبته العميقة لهن.. إلا أن علاقته بعالية مختلفة..


    عالية يشعر أنها أخته وابنته وأمه وصديقته فعلا.. ست سنوات وهما ملتصقان معا في الغربة.. كلاهما ينتمي للآخر


    كلاهما يعرف عن تفاصيل حياة الآخر أدق التفاصيل..


    يكاد يقسم أنه حفظ درووس الهندسة الجينية من كثرة ما تناقشا في الموضوع


    وهي تكاد تتلو كل موضوعات وقضايا قانون النزاعات الدولية.. تخصصه في البكالوريوس ثم الماجستير



    كلاهما يعرف مايحبه الآخر وما يكرهه.. يكملان جمل بعضهما وهما يتحدثان..


    وحتى في وقت فراغهما يخرجان معا..


    يتناولان طعامهما في مطعم ما.. يتفرجان على المتاحف.. يتسوقان وكل منهما يأخذ رأي الآخر فيما سيشتريه


    ليس لأي منهما في هذه الغربة صديق بمعنى الصديق سواهما.. فكل واحد منهما اكتفى بوجود الآخر عن أي صديق أو صحبة



    كلاهما... أصبح للآخر وطنا في غربته!!



    فكيف بعد ذلك كله


    يعودان وهي غاضبة منه بهذه الصورة..؟!!







    **************************






    في الطائرة


    كسّاب يجلس بجوار خالته... وزايد يجلس على مقعد لوحده والمقعد المجاور له فارغ..


    في بعض الأحيان إن لم يكن كسّاب مستغرقا في القراءة فهو ينتقل ليجلس بجوار والده


    ويتبادل معه بعض الأحاديث من باب الذوق.. وحتى لا يتملل والده من هذه الرحلة الطويلة



    زايد يسأل كسّاب وهو يسترخي في مقعده: شأخبار المجمع اللي شركتك تسويه لشركتي؟؟



    كسّاب بنبرة عملية تماما.. فالعمل عمل: ماشي على المخطط تمام.. وبنسلمه لكم في الموعد اللي بيننا في العقد وبنفس المواصفات..



    حينها ابتسم زايد: كفو.. مهوب أول مرة نجرب شغلكم



    حينها هتف كسّاب بمباشرة عملية صريحة: زين ودام شغلنا عاجبكم..


    يا ليت يكون فيه تعاون أكبر.. وتعطينا مشروعكم الجديد.. مشروع المجمع الكبير اللي تبي تسويه على البحر..



    زايد بذات نبرته العملية: لا يأبيك.. المشروع ذا بمواصفات عالمية وبتنفذه شركة عالمية..



    كسّاب بهدوء عملي: وأنا مستعد أسويه لك بالمواصفات العالمية اللي تبيها وبسعر أقل..


    وبيزنس إز بيزنس.. وأظني مهوب أول مرة تجربون شغلنا على قولتك


    ثم أردف بسخرية واثقة: أنتو حتى ما جربتو شغلنا لين ثبتنا رجلنا في السوق.. وصار لنا سمعتنا.. قبل ما تتكرم بالتعامل معنا



    زايد برفض قاطع: قلت لك خلاص المشروع هذا بتنفذه شركة عالمية



    هز كسّاب كتفيه بثقة: مثل ما تبي.. الله يهنيك بالشركة العالمية اللي بتأخذ منك دبل السعر على الفاضي



    زايد بحزم: يأبيك أنا ماني بولد أمس.. تجي تعلمني شغلي..



    كانا في حوارهما الذي بدا أنه سيتجه للتحفز..حين دخل عليهما كابتن الطائرة.. بعد أن ترك مهمة القيادة لمساعده وللطيار الآلي



    زايد حين رآه أشرق وجهه وهو يقف ويسلم عليه بحرارة: أشلونك يأبيك؟؟


    وأشلون عمي جابر واشلون تميم؟؟



    مهاب باحترام متزايد: طيبين طاب حالك... توني انتبه لقائمة اسماء الركاب وانتبهت لاسمك أنت وكسّاب..



    ثم التفت لكسّاب وهو يسلم عليه بحرارة أيضا



    قد يكون مهاب يحمل في داخله غضبا عميقا على هذه العائلة التي سمحت لابنتها أن تتصرف هذا التصرف..


    وتتخصص هذا التخصص الذي لا يليق بأي فتاة.. فكيف بفتاة في مكانة أسرتها ووضعها الاجتماعي القبلي المتحفظ؟!!


    ولكنه في داخله لا يستطيع أن يحمل ضغينة على زايد.. فهو يحمل لهذا الرجل احترام عميق غذاه جده جابر فيه..



    فور انتهاءه من السلامات.. انتبه أيضا لنايف... ليسلم عليه هو أيضا.. ثم يعود لقمرة القيادة



    حينما عاود زايد وكسّاب الجلوس.. همس زايد بعمق شفاف مختلف وكأنه يحادث نفسه:


    تدري يا أبيك إن أمنية حياتي إني أناسب ذا الصبي..


    بس خلاص.. لا عاد العمر ولا المكانة تساعد.. وشكل ذا الأمنية بتقعد حسرة في قلبي..



    حينها عقد كسّاب حاجبيه وهو يهتف بجزع عفوي: بسم الله عليك من الحسرة..


    ثم تنحنح وهو ينتبه لشفافية عبارته العفوية ثم أردف باستغراب: تبي حد من خواته؟؟



    حينها ابتسم زايد: خواته؟؟ ليه وش شايفني عشان أخذ بنت من سن بنتي..



    كسّاب بذات الاستغراب: أنت اللي تقول..



    زايد هز كتفيه بثقة: خلك من اللي أنا أقول.. حكي شيبان ماعليك منه..



    كسّاب عاد لمقعده بجوار خالته.. وتفكيره مشغول بما قاله والده.. لأول مرة يسمع والده يتكلم عن رغبة مدفونة بالزواج


    مع أنه هو شخصيا وقبل غضبه من مزون قبل أربع سنوات كان يلح عليه أن يتزوج.. ولكنه كان يرفض...



    وليست مجرد رغبة.. بل أن يقول أنها أمنية.. وحسرة بقيت في قلبه..


    فمن تكون هذه اللي استطاعت أن تفعل هذا بقلب زايد؟!


    أي امرأة هذه التي بقيت أمنية في قلب رجل لا يعرف المستحيل ولا يعرف التراجع أو التزحزح أو الضعف؟!




    ودائما منطق الرجال عن المشاعر مختلف.. فالشاب يتقبل مشاعر والده بانفتاح


    وقد يستمع حتى لغراميات والده قبل أن يتزوج والدته


    المهم ألا يصل الضيم لأمه..


    فكيف لو كانت الأم متوفية؟! حينها سيكون تقبله لمشاعر والده أكثر انفتاحا بكثير


    "ولكن ليتك تعلم يا كسّاب أن الضيم غير المقصود قد وصل لأمك فعلا!!"




    بعد صمت دقائق ..هتف كسّاب بهدوء: خالتي



    عفراء كانت غارقة في أفكار حزنها الخاص المتجسد في روحها بكل الحدة..


    وصغيرتها جميلة تحتل كل الذاكرة وتستشري في كل الشرايين بوجع..


    وهي تشعر بفراغ مر يجتاحها.. وكأن مكان قلبها هوة هائلة خالية تكاد تسقط في سوداويتها وفراغها


    انتفضت من أفكارها لترد عليه بحنان: لبيه



    كسّاب بذات الهدوء: لبيتي في مكة.. خالتي تعرفين امهاب بن فيصل آل يحيا؟؟



    عفراء بنبرة اعتيادية: أعرفه بالأسم.. هو اللي جا وسلم عليكم قبل شوي..؟



    كسّاب لا يعرف بالتحديد ما الذي يهدف له من هذا الحوار..


    ولكن هاهو يكتشف ويتسلى حتى موعد النزول: إيه هو..بس أنا أقصد تعرفين هله؟؟



    عفراء بذات الطبيعية: إيه أعرفهم.. عرب أجواد وفيهم خير..



    كسّاب هتف بنبرة ماعاد يُعرف ماخلفها: امهاب عنده خالة أو مرة كبيرة عمر شوي تقرب له..؟؟



    حينها ابتسمت عفراء وهي تهمس باستغراب: صراحة أسئلتك غريبة.. بس لا ماعنده خالات.. أمه كانت وحيدة أبيها


    إيه وتراهم كانوا قصارى جدك علي الله يبيح منه في بيتهم القديم..أظني إنك تدري..



    لا يعلم حينها كيف قفزت الفكرة بباله وتجسدت بشكل كامل وواضح وحقيقي..


    فهو ذكي.. ووالده أعطاه المفتاح.. وخالته أكملت الصورة



    (جارة قديمة إذن!!) ابتسامة مرحة خبيثة ترتسم على شفتيه:أدري إنهم كانوا جيران بس نسيت..


    إلا خالتي.. أمه حلوة؟؟



    حينها وضعت عفراء يدها على فمها.. لأنها خافت أن يتعالى صوت ضحكاتها.. منذ وقت طويل لم تشعر بهذه الرغبة في الضحك:


    لا تكون تبي تخطب أمه؟؟



    حينها ضحك كسّاب: يمكن.. ليش لا.. خليني أدري حلوة وإلا لا...



    ابتسمت عفراء: دايم أشوفها ببرقعها.. بس إيه باين عليها حلوة... وماشاء الله عادها شباب.. وهي أساسا مهيب كبيرة واجد


    يا الله توكل على الله اخطب.. دام البنات ماعجبوك.. كود يعجبونك العجايز..


    ثم أردفت بابتسامة: مع إنه عندها بنت تطيح الطير من السما..ليتك تنوي بس



    كسّاب يبتسم: أنتو عندكم كل خفسه تطيح الطير من السما..



    ابتسمت عفراء: مشكور قد ذا رأيك في ذوقي.. خلاص لا تسألني..



    كسّاب بخبث: الحين أنا سألتش عن البنت؟؟.. أنتي اللي تبرعتي.. أنا سألت عن الأم وبس..



    عفراء تدعي الزعل وتهمس بنبرة غاضبة لطيفة: خلاص لا تكلمني.. ماعندك ذوق..



    كسّاب بمودة عميقة مرحة: فديت الزعلانين.. يا الله علميني عن أخت امهاب.. يمكن اقتنع ذا المرة..



    عفراء مازالت مستمرة بغضبها المصطنع: خلاص روح ماني بقايلة لك شيء.. خلك في العجوز..قدرك



    لتتنهد بعدها.. وابتسامتها تنطفئ تماما.. تماما


    كم هو مؤلم إدعاء المرح ورسم الابتسامة أو حتى مجرد الشعور الوقتي بها


    لتنهار سريعا تحت أطنان من وجع متراكم..لا ينزاح ولا ينتهي..


    وجع بات هو ما يلون روحها ويرسم مساراتها ويشكل أفكارها



    " ألا أستطيع أن أعقد معك يا هذا الحزن معاهدة ما؟؟


    إن كنت غير قابل للانزياح أو التقلص.. فلتحتفظ بموقعك وحجمك


    لماذا تصر على التوسع والتضاعف والازدياد في مساحات امتلئت حتى فاضت


    أين أذهب ياحزن بكل هذا الحزن الفائض من جنباتي؟!!


    ماعاد لكِ في روحي بقية من مكان خال..


    يا لك من ضيف لئيم.. كلما أفسحت لكِ مكانا.. طالبتني بالمزيد والمزيد من الأمكنة


    فمن أين اتيك بأمكنة بعد أن صادرت كل الأمكنة والساحات؟!! "






    ***********************************






    "أنتي تراش حولتيني.. في بطنش علم.. اقعدي واهرجي"



    وضحى غصت بترددها: صح يمه أنتي تدورين عروس لتميم الحين؟؟



    مزنة بهدوء: صح.. وأنتي عارفة.. فليش المقدمة..؟؟



    وضحى بذات التردد: امممممممم... زين يمه.. ممكن أنا أرشح وحدة..



    مزنة بذات هدوءها الحازم المعتاد: أكيد يمكن.. وخلصيني وضحى.. ليش ذا المقدمات كلها يأمش.. تعرفيني ما أحب ذا الطريقة



    وضحى قالت في استعجال وكأنها تلقي قنبلة: زين وشرايش في سميرة؟؟



    مزنة قطبت حاجبيها: أي سميرة؟؟



    وضحى تبتلع ريقها: يمه.. سميرة.. فيه حد غيرها يعني؟؟



    مزنة بذات تقطيبة الحاجبين: سميرة بنت راشد؟؟ يأمش ما ظنتي يوافقون.. مهوب قصور في ولدي.. بس سميرة عندها عيال عمها اثنين عزابية


    مستحيل يخلون وحدة مثل سميرة تروح عليهم.. والا لو علي أنا ماني ملاقية حد أحسن منها.. أخلاق وأدب وزين..



    وضحى بذات التردد: يمه ما تضر المحاولة.. أحس ماعندها مانع.. لو تبين كلمتها.. وجسيت نبضها..



    مزنة تنهرها بحزم: البنات ما يتدخلون في ذا السوالف.. أنا بأكلم أم غانم بيني وبينها.. مع إني بعد ماظنتي إنهم يوافقون..


    بجس نبضهم...عشان ما أحرج تميم..


    والله لا يعيون ويدري هو.. إن قد يأخذها حجة.. ويقول شفتي هذا اللي تحكي وتسمع ماتبيني






    ****************************







    "بشريني عنج اليوم؟؟ إن شاء الله أحسن؟؟؟"



    جميلة همست بغيظ وضعف: وأنت وش عليك مني.. من البارحة مخليني.. وجاي الحين عقب صلاة الظهر تسأل عني.. كان قعدت زيادة بعد


    هذي وصات أمي لك ما تخليني..؟!



    خليفة لم يبدو عليه التأثر مطلقا لما قالته..وهو يقرب مقعده ليجلس قريبا منها ويهتف بتصميم:


    البارحة أنتي اللي طردتيني.. لو أنتي ناسية يا بنت العم


    واليوم رقعة سني طاحت .. ورحت أدور دكتور يرقع لي السن من يديد.. وتوني ياي من عند الدكتور


    ثم أردف بابتسامة: شكلج اشتقتي لي.. يا الله اعترفي..



    جميلة بغيظ: يا برودك يأخي.. وش أشتاق له..



    خليفة بهدوء باسم: لي طبعا.. ترا مافيها شيء تعترفين.. لأني أنا بعد تولهت عليج..



    جميلة أشاحت بوجهها: مشكلتك ما تعرف تكذب.. وأنا ما أحب الكذب


    أنا ما اشتقت لك.. ولا أبيك تشتاق لي ..مشكور


    بس أنا الحين مسؤوليتك.. ودامك متورط فيني.. غصب عنك تقابلني طول اليوم..


    ولو أنت تعبت من مقابلي.. كلم أمي خلها تجيني.. والوجه من الوجه أبيض



    حينها ابتسم خليفة وهو يسترخي على مقعده: ليه احنا كنا نلعب..


    أجابلج 24 ساعة لو تبين.. مين عندي غيرج أجابله يعني؟!!



    ثم رفع كتاب في يده: ممكن أقرأ وإلا بيضايقج أنشغل عنج بكتاب؟؟



    جميلة هزت كتفيها بيأس وثورتها تخفت بلا مقدمات: عادي اقرأ.. ما تفرق عندي



    بعد دقائق صمت استغرق فيها خليفة في القراءة.. همست جميلة كأنها تكلم نفسها:


    تدري إن كسّاب مجنون قرايه.. مع إن شخصيته ما توحي بكذا أبد


    عنده مكتبة وش كبر.. ودايم لو ماعنده شغل تلقاه يقرأ.. مستحيل يضيع وقته حتى في شوفت التلفزيون حتى



    ضيق عميق تصاعد في روح خليفة وأحاط بها...


    أ يجب أن تجد لها دائما سببا لتذكر أحد ابني خالتها؟!!


    أ يجب أن تعقد مقارنة لا تنتهي بين كل ما يفعله وبين ما كانوا يفعلونه؟!



    ألا تحترم قليلا هذا الحائط المسمى زوجها ؟!!


    أ تهزأ به؟؟ أم تختبر صبره؟؟ أم تستهين برجولته؟!!



    كلها مؤلمة.. مــؤلــمــة


    فأي ألم هو هذا؟!!






    *******************************







    الطائرة تهبط والركاب ينزلون..


    وكل يتجه لغايته ومكانه... قلوب شتى.. وغايات تنتظر من يصلها!!



    .


    .


    عائلة زايد وجدوا منصور في انتظارهم.. سلام مفعم بالمودة بين منصور وشقيقه وابن شقيقه


    بينما عفراء تأخرت وشعور حرج عميق يعود لها وهي ترى منصور وتتذكر مكالمتها الأخيرة له


    (يارب ما يكون كسّاب يبينا نروح معه)



    منصور كان يريد أن يقول لعفراء (الحمد لله على السلامة) ويسألها عن ابنتها.. من باب الذوق.. ولكنها كانت تقف بعيدا


    لذا بعد انتهاء السلامات.. هتف بحزم: يالله سيارتي في المواقف..



    كسّاب بهدوء حازم: توكل أنت وأخيك الله يحفظكم.. أنا ينتظرني واحد من سواقين الشركة بسيارتي..



    عفراء حين رأتهما يغادران بينما كسّاب يعود لها ويهتف لها (يالله سيارتي في المواقف) تنفست الصعداء وهو تحمد الله الذي استجاب دعاءها






    في سيارة منصور.. الحوار يُفتح بين الشقيقين..



    زايد بمودة يسأل منصور: مزون شأخبارها؟؟



    منصور بحزم: طيبة وتراها إن شاء الله ماعاد هي بطايرة عقب المرتين اللي طارتهم


    فشغل لنا علاقاتك وشوف لها عمل مكتبي زين يناسبها ويناسبنا...



    حينها هتف زايد بغضب: ليه أنت وش أنت قايل لها؟؟



    زايد بحزم أشد: ما قلت لها شيء... لعبة وخلصت منها... خل البنت تعقل.. ولا تقوي رأسها... كفاية اللي صار



    زايد صمت لأن هذا الموضوع لا يناقش على عجالة.. وهو لابد أن يرى ابنته قبلا



    بينما منصور تنهد ثم هتف بهدوء حازم: وأنت بشرني من علي.. أشلونه؟؟



    زايد بمودة عميقة: طيب ويسلم عليك..



    ابتسم منصور: ارتاح قلبك...؟؟



    ابتسم زايد: مرتاح إن شاء الله ...عقبال ما يريح كسّاب بالي بعد


    ثم أردف برجاء أقرب للأمر: منصور يأخيك.. حاكه.. نشف ريقي.. أنا أدري إنه يسمع منك أكثر ما يسمع مني



    منصور بابتسامة: عادك تبي تزوجه بنت مزنة..؟



    زايد هتف بغضب مفاجئ: أظني اسمها أم امهاب وإلا بنت جابر هذا أولا..


    وبعدين البنت بنت ناصر.. مهيب بنت مزنة..



    منصور بابتسامة ونبرة شديدة المباشرة: زايد لا تلف وتدور علي... وخير يا طير إنها بنت ناصر.. أنت أصلا ما همك من السالفة إلا إنها بنت مزنة


    عشان كذا تبي تلزقها في الصبي.. كود يرتاح قلبك لا شفت ريحة مزنة عندك في البيت



    رغم أن زايد لم يشرح مطلقا لمنصور أسبابه.. ولكنه كان يعلم أنه يعلم.. وأنه يفهمه بدون شرح.. لذا لا داعي للف والدوران كما يقول


    ولذا هتف زايد بذات نبرة شقيقه المباشرة: زين وبغيت بنتها لولدي... هل أنا أجرمت؟؟...


    البنت مابه مثل زينها وشخصيتها.. ياحظه اللي بيضويها!!



    منصور بحزم: بس كسّاب مهوب من حقه يعرف أسبابك..



    زايد بحزم أشد: لا طبعا مهوب من حقه... سالفة وانتهت من سنين.. وشو له نقلب فيها..


    يعني حتى ذا الخدمة الصغيرة مستكثر تقدمها لي.. وش طلبت أنا منك؟؟


    ترى كل السالفة كلمتين تقولها لكسّاب



    منصور بحزم: زايد لا تهاجمني عشان تطلعني غلطان.. أنت عارف إني سبق وكلمت كسّاب..


    وأنت عارف إن كسّاب آخر واحد ممكن الواحد يقنعه بشيء هو ما يبي يقتنع فيه



    زايد بلهجة أقرب للأمر: زين حاول.. عشان خاطر أخيك.. وإلا حتى أخيك الكبير ماله خاطر..



    منصور تنهد: خاطرك على الرأس والعين.. أبشر ..بأحاول فيه..


    ثم ابتسم وهو يردف: ولو تبي أعطيه كفين عشان يوافق ولا يهمك..المهم ما تزعل علينا يأبو كسّاب



    حينها ابتسم زايد: لا كفين ما نبيها.. وش بيفكك أنت وولد أخيك لا تكافختوا..


    ثم تنهد وهو يهتف بعمق: ما أكذب عليك يامنصور.. وأنت الوحيد اللي عارف السالفة..


    بأموت بحسرتي لو على الأقل البنت ماحصلت لولدي.. مهوب كفاية أمها ماحصلت لي..


    كل سنة تمر وأنا أحاول أقنع كسّاب يتزوج وهو ما يرضى..


    البنت خطاطيبها واجد.. وخايف تروح منه.. ووالله إني ما أبي له إلا الزين..



    حينها ابتسم منصور: زين يا ابن الحلال خلاص ارجع اخطب الرأس الكبيرة



    حينها ضحك زايد: من جدك؟؟ ماحصلتي لي وهي صغيرة.. تحصل لي وعيالها رياجيل..


    من الرجّال اللي فيه خير اللي يرضى إن أمه تعرس؟؟



    حينها ضحك منصور: خاطري أشوف وجه امهاب لا درى إن أمه لها عشاق..


    مهوب بعيد يصلبك على باب المطار..



    حينها هتف زايد بغضب: ماعاش ولا كان اللي يصلبني.. وعيب عليك يا منصور ذا الهرجة.. احشم ام الرجّال..



    ابتسم منصور: يا شينك لا عصبت وقلبت جد... نمزح يا ابن الحلال نمزح..







    *************************************







    كانت في غرفة أبنائها.. ترتب ملابسهم.. وترى إن كانوا في حاجة لملابس جديدة للسفر..



    تنتفض بعنف ورنين هاتفها ينتزعها من خضم إنشغالها.. كم أصبحت تخشى رنات هذا الهاتف.. خشية للصوت القادم عبر أثيره!!



    لا تعلم ما الذي يدور في رأسه الآن... فهو من بعد مكالمتها له بالأمس.. لم يعاود الإتصال بها..



    تنهدت (يعني لازم إنه أي حد بيرن بيكون صالح!! خلني أشوف من)



    ألتقطت الهاتف.. كان هو.. وهل هناك سواه..؟!


    (الله يصلحش ياسميرة


    حد يسمع نصيحة من خبلة..


    الشرهة علي مهيب عليها.. وإلا هي فاسخة من يومها


    الحين وش عاد بيفكني منه؟! )



    ردت بتردد: هلا أبو خالد



    وصلها صوته حازما قاطعا ودون تحية حتى: أنا تحت.. انزلي جيبي لي جوازاتكم عشان أسوي الفيزة



    نجلاء بذات التردد: بأخلي خالد يجيبها لك..



    وصلها صوته أكثر حزما: أنا قلت أنتي انزلي وجيبيها


    ثم أردف بسخرية: عقب أسبوعين بنسافر سوا.. تعودي من الحين تشوفيني


    وبعدين فيه موضوع مهم نبي نتكلم فيه



    نجلاء أخذت جوزات السفر ونزلت له بخطوات مترددة... وجدت والدتها في الصالة..


    كانت مها على قدميها.. وصالح الصغير يحبو قريبا منها هتفت لنجلاء بحنان: نجلا يأمش أبو خالد هنا صار له شويه


    وأنا قلت له ينتزرش في مجلس الحريم... روحي له.. الله يهدي سرش يا بنتي..


    أبو خالد رجال مافيش منو وشاريش يا بنتي.. ما ترفسيش النعمة



    تنهدت نجلاء بعمق وهي تقبل رأس والدتها للتوجه بعد ذلك لمجلس الحريم بخطوات مترددة


    وتهتف داخلها بوجع (توصيني عليه يمه؟!! ليتش بس تدرين وشو مسوي!!)



    دخلت بخطواتها المترددة ذاتها (والله إني ماني بكفو... وش أبي بذا السالفة كلها؟!)



    كانت على وشك إغلاق الباب لكنها تذكرت وهي تفتحه على مصراعيه وتتوجه حيث يجلس صالح



    صالح وقف وتجاوزها ليغلق هو الباب ويهتف بحزم: ترا أمش في الصالة.. إذا المتوحش الهمجي بغى يسوي فيش شيء.. صيحي وبتسمعش..



    نجلاء ابتلعت ريقها وجلست.. في وجوده يستعصي عليها التفكير المنطقي


    تشعر كما لو كان هناك سحرا يتسربل به..


    يبعثر صفوفها حين يحضر.. ليعيد ترتيب هذه الصفوف كما يشاء هو


    تختلس النظرات له.. لِـمَ يبدو اليوم أكثر وسامة من المعتاد؟!!


    أكثر قربا!!


    أكثر بعدا!!


    أكثر ألما!!


    موجعا أكثر!! وفاتنا أكثر!! وأكثر سحرا من كل يوم!!



    كان صالح أول من تكلم وهو يهتف بسخرية حازمة: فيني شيء متغير.. لا يكون طالع في رأسي نخلة وأنتي قاعدة تمقلين فيها



    نجلاء ابتلعت ريقها الجاف (هذا من أولها جاي شال سيفه كذا الله يعين من تاليها)



    كان مازال واقفا لم يجلس.. لذا وقفت وهي تناوله الجوزات وتهتف بحزم مصطنع: تفضل الجوازات.. واسمحي لي أروح وراي أشغال..



    قالتها وهي بالفعل تهم بالمغادرة.. ولكنه تناول الجوازات.. وأمسك بمعصمها وشدها قريبا منه


    وهو يهتف من قرب بنبرة دافئة: وين بتروحين؟؟ أنا قايل لش أبيش في موضوع



    نجلاء انتزعت معصمها منه وهتفت بحزم: نعم.. آمر



    صالح بشبح ابتسامة: خوفتيني..



    نجلاء بذات الحزم المصطنع الذي تخشى بشدة أن ينهار: مافيه داعي تمسخر علي... قلت لك آمر..



    صالح جلس وهو يهتف بهدوء حازم متلاعب: بما أنه بنسافر قريب..


    هل تشوفين إنها حلوة في حقي أو حتى حقش.. قعدتش في بيت هلش


    خلاص ارجعي لبيتش...



    حينها هتفت نجلاء حزم حقيقي غير مصطنع: آسفة.. بنسافر من هنا... وعقب بارجع هنا..



    رفع صالح حاجبا: وعقب وش بنقول لأهلنا؟؟



    نجلاء بسخرية: قول تزاعلنا في السفر... عادي.. تحصل في أحسن العائلات



    حينها وقف صالح وهو يهتف بسخرية مشابهة: ليش لا.. مثل ما تبين أم خلودي


    ولو تبين أحجز لش فندق غير الفندق اللي بانزل فيه ترا عادي .. المهم تكونين مرتاحة



    قال كلمة "مرتاحة" وهو يمرر ظاهر سبابته على خدها.. نجلاء أبعدت وجهها عن مدى يده


    وهتفت بذات السخرية: اقتراح حلو.. وأكيد باكون مرتاحة



    صالح هز كتفيه بثقة ساخرة وهو يتناول الجوزات ويستعد للخروج: تدرين نجلا.. الحوار معش بصراحة ممتع.. ويونس..


    بس لازم أروح.. عالية ونايف على وصول..







    ******************************







    يقف.. يجلس.. يمشي.. يعود


    وعيناه لا تفارقان الساعة : "كنهم تأخروا؟!"



    أم صالح بابتسامة دافئة: وين تأخروا؟؟ الطيارة توها نازلة مالها إلا ساعة.. وفهد في المطار من زمان.. أكيد على وصول ذا الحين



    كم هو مشتاق!!


    وكم هو قلق!!


    مصلوب بين مشاعر تشويه على صفيح ساخن!!


    صغيرته المدللة.. أكملت عامها السادس بعيدا عنه


    كم يخشى عليها من تلك البلاد البعيدة.. أن تلتهمها كما التهمت شقيقها قبلها


    أن تعود الحسرة في قلبه حسرتين



    قبل ست سنوات... طالبة شديدة التفوق.. بمعدل مرتفع جدا


    ساندها عبدالله في حقها أن تدرس تخصصها الذي تريد.. بشخصيته القوية استطاع اقناع والده..


    كان يعرف تماما كيف يقنعه.. كان يستطيع التسلل بينه وبين جلده


    وكم كان قريبا من قلبه وعقله.. كان يراه أقرب للكمال المتجاوز لحدود البشر


    فلماذا خذله هكذا؟!! لماذا ؟!!


    كان خالد من المستحيل أن يوافق أن تتركه صغيرته وتبتعد عن ناظريه..


    ولكن عبدالله استطاع اقناعه ببراعة



    ومنذ وفاة عبدالله وقلقه عليها يتزايد... يخشى أن يفجع يوما بخبر عنها.. كما فُجع بخبر عبدالله


    ويا لها من فجيعة.. يا لها من فجيعة!!!


    وكأن تلك البلاد لن تهديه إلا اللعنات!!



    كان يطل عبر النافذة وأفكاره تبحر به إلى البعيد القريب... لتتسع إبتسامته وهو يرى سيارة فهد تتوقف في الباحة


    ثم يرى خيالها الضئيل تنزل ثم كأنها تركض لتتجه للداخل


    فتح الباب قبل أن تدخل.. كانت تنزع نقابها.. وتدخل


    لتجده يقف أمامها.. كانت نظرة واحدة لهيبته.. للسنوات التي باتت ترتسم على تجاعيده بوضوح.. وكأنه يكتسب سنوات خلال أشهر


    نظرة للحنان المتدفق من عينيه.. للشوق الذي ماعاد قادرا على كبح جماحه


    للهفة التي أضنت ثناياه وجعا وبعدا



    لترتمي في حضنه وهي تشهق شهقات متقطعة!!



    خالد فجع.. فُجع تماما... وهو يشدها ليدفنها بين ضلوعه


    فعالية يستحيل أن تبكي... لطالما كانت قوية.. صلبة.. مثله!!



    هي لا تعلم ما الذي أبكاها.. هل هو منظر الضعف البادي على محيا والدها.. ولحيته التي باتت بنصاعة الثلج؟؟


    هل هو إحساسها بالغبن من نايف الذي يمد يده عليها للمرة الأولى؟؟


    هل هو اشتياقها لدفء أحضانه وعبق رائحته؟!!


    لا تعلم...


    ما تعلمه أنها تريد أن تبكي في حضنه.. وان يحتضنها هو أكثر وأكثر!!



    صالح وصل خلفهم تماما


    وهاهو يهتف بحنان: شكلش ما تبين تسلمين على حد غير أبيش..


    الأخ الكبير ماله سلام!!



    نايف كان متأثرا بشدة وهو يرى عالية تبكي بهذه الصورة.. تمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه إن كان هو سبب بكائها أو حزنها


    لم ينتبه لأي شيء حوله سوى المخلوقة الصغيرة التي اختبئت في ثنايا الرجل العظيم ولا تريد إفلاته ولا يريد إفلاتها


    تمنى أن يشدها ناحيته يهمس في عمق أذنها:



    "أنا نايف ياعالية..


    نايف.. الخال والأخ والصديق


    سمير الليالي.. ورفيق الأيام.. وكاتم الأسرار


    أ تغضبين من نايف؟؟


    أناشدك ألا اكون أنا سبب بكائكِ أو حزنكِ


    لا تكوني هشة هكذا كالفتيات.. لم أعتد منكِ على هذا


    اعتدت أنكِ رجل لا أقلق وأنا أعلم أنه يسندني وخلفي.. لا يتخاذل ولا يضعف ولا يتهاون..


    فهل يبكي الرجّال؟؟


    هل يبكون؟؟ "








    ******************************







    " يمه الحقيني.. الحقيني


    يمه.. يمه.."



    صرخاتها الجزعة تتعالى.. لتقفز مزنة التي كانت ترتب ملابس تميم في غرفته القريبة من غرفة كاسرة .. فلم يسبق أن سمعت كاسرة تصرخ هكذا


    ركضت ناحية غرفتها وجزعها يتصاعد ويتصاعد رغم أن الصراخ توقف



    فتحت الباب بحدة لتجد كاسرة تجلس على سريرها.. وهي تضم يديها لصدرها وعرق غزير يتصبب على جبينها



    مزنة جلست جوارها وهي تحتضنها وتقرأ عليها آيات من القرآن..


    بينما كاسرة كانت صامتة وترتعش في حضن والدتها التي كانت تهمس لها بحنان:


    أنتي كنتي راقدة يأمش؟؟.. النوم ذا الحزة مهوب زين.. ماعاد باقي شيء على صلاة المغرب..



    كاسرة بصوت مبحوح وهي تفلت والدتها وتجمع شعرها المتناثر وترجعه خلفها: كنت مصدعة وخذت حبتين بنادول وماحسيت بنفسي يوم نمت.. وإلا أنتي تعرفيني ما أحب أنام ذا الحزة..



    مزنة تمسح العرق عن جبينها وتهمس لها برقة: وش فيش؟؟



    كاسرة تتناول يد والدتها من جبينها وتحتضنها بين كفيها: مافيني شيء فديتش



    مزنة بحنان قلق: أشلون مافيش شيء وانتي كنت تصيحين.. الحقيني يمه



    كاسرة بحرج: أنا أصيح..؟؟



    مزنة باستغراب: إيه أنتي.. أنتي كنتي تحلمين؟؟



    كاسرة بذات الحرج: حلم مهوب زين.. بس ما توقعت إني كنت أصيح بصوت مسموع..



    مزنة بهدوء عميق: يأمش إذا تحلمتي بشيء مهوب زين.. تعوذي بالله من الشيطان الرجيم واتفلي عن يسارش.. ولا تعلمين به أحد


    ومابه إلا الزين يأمش..



    كاسرة تضم يديها لصدرها وكأنها تحاول تهدئة أنفاسها المتسارعة


    وتهمس لنفسها قبل أن تكون تهمس لأمها: مابه إلا الزين.. مابه إلا الزين إن شاء الله..



    ضغطت على جانبي رأسها وعلى وجهها ترتسم علامات تعب ثم أردفت وهي تتذكر شيئا: يمه بلغتي أم الرجّال اللي كان جاي يخطب بردي...



    مزنة بحزم رغم ضيقها: بلغتها.. الله يفرجها عليش يا بنتي.. ويهديش.. ويبعد عنش عيون الناس..






    ********************************







    " ها أمرني... مكلمني وتقول تعال.. موضوع مهم"



    عبدالرحمن بمودة باسمة: يالله يدك على المهر.. وتعطيني مثله لأني كنت الوسيط



    حينها ابتسم مهاب: وافقت..؟؟



    عبدالرحمن رفع حاجبه وهتف بابتسامة: وافقت.... وابيها وافق بعد... أنا كلمته نيابة عنك... وقلت له إنك خطبت مني


    وأنت عارف إبي.. شيء أقوله.. ما يرادني فيه...



    اتسعت ابتسامة مهاب وهو يهتف بود موغل في العمق: جعلني ما أخلى منك يوم... ويومي قبل يومك يابو فاضل..



    انتفض عبدالرحمن بجزع حقيقي: تف من ثمك... أمحق طاري..


    ثم أردف بابتسامة: أنا وانت في يوم واحد...


    ثم أردف بعمق شفاف وهو يتذكر: مهوب كفاية يوم بغيت تخليني قبل 7 سنين.. والله ماعاد أسمح لك بغيرها



    مهاب بعمق مشابه ومودة مصفاة: وحد سوى سواتك يا الخبل.. حتى دراستك الماجستير وقتها وقفتها.. وجيت وعسكرت عندي



    عبدالرحمن بذات العمق: من جدك تبيني اقعد في بريطانيا وانت في غيبوبة في الدوحة..


    ثم زفر عبدالرحمن بحرارة: الله لا يعيدها أيام... وش أبغي بذا الطاري.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..



    ثم نفض رأسه وهو يقول: خلنا فيك وفي موضوعك..



    حينها ابتسم مهاب وهو يهتف بهدوء: يعني لو بغيت أتملك.. تملكوني؟؟



    كان عبدالرحمن على وشك أن يقول (خل ملكتنا في يوم واحد) ولكنه تراجع


    فوضحى لم ترد.. ولا يريد أن يربط مهابا وجوزاء به


    فربما ترفضه وضحى... وهذا مابات يشعر به.. لذا فلينهِ موضوع مهاب.. قبل أن تحرجه وضحى برفضها



    لذا هتف عبدالرحمن بهدوء حازم: بكرة لو تبي..



    لكن مهاب استدرك بحذر قلق: او يمكن أحسن ننتظر رد وضحى.. ونخلي ملكتنا وحدة



    عبدالرحمن بحزم: لا... تملك أنت أول... وضحى عندها امتحانات الحين... أحسن ما نشغلها بشيء..



    مهاب تنهد في داخله براحة.. ثم هتف بحزم: خلاص ترخص عمي أبو عبدالرحمن..


    إذا هو موافق.. بأجيب الشيخ بكرة عقب صلاة العصر




    لا يعلم أي إحساس يشعر به.. هل هو الراحة.. الوصول لمخططه


    ربما قد يكون مضى عليه أكثر من سنة وموضوع خطبة جوزاء في ذهنه


    ولكنه كان يشعر أنه غير مستعد للارتباط بعد



    تفكيره بجوزاء كان خليطا من العاطفة والعقل.. والعاطفة كانت أكثر بكثير


    لم تكن عاطفة الإعجاب أو الرغبة في جوزاء كأنثى


    بل هو وضع جوزاء ذاته..


    جوزاء ذكرته بأمه.. وحسن بنفسه..


    أمه تزوجت ناصر بعد والده.. كان شابا كانت هي الأولى في حياته


    ورغم أن ناصرا لم يفرق بينه وبين أولاده في المعاملة


    إلا أنه في داخله بقي يعاني احساس يتم عميق


    إحساس يتمنى أن ينقذ حسنا منه


    يريد أن يكون له والدا.. وأن يحبه أكثر حتى من أولاده الذين سينجبهم


    لن يسمح أن يشعر هذا الملاك بالمرارة التي شعر بها في طفولته وأخوته يتقلبون في حضن والدهم


    بينما هو يرفض حتى مجرد الاقتراب حتى لو ناداه ناصر.. لم يرد مشاعر شفقة لا يشعر بها زوج والدته حقيقة..


    يريد أن يجنب حسن كل ذلك.. فقلبه مثقل بالحب له قبل أن يصبح زوج أمه حتى.. الحب الذي تمنى هو أن يجده واستعصى عليه



    ومن ناحية أخرى.. سيكون عبدالرحمن خالا لأبناءه.. ونعم الخال والمنسب!!


    الأمنية الغالية الثمينة التي يبدو أنه سيكون عاجزا عن إهداء عبدالرحمن مثلها


    فمهاب يشعر أن رفض وضحى قادم.. لذا يريد أن يرتبط بعبدالرحمن قبل أن تحدث هذه الكارثة







    *****************************







    يدور في شقته بيأس.. وحدة.. وألم متزايد


    قبل ساعات كانت تضج بالحياة والناس والاحتواء


    والآن باردة.. يلفها صقيع لا حدود لتجمده


    يخشى أن يمتد هذا التجمد يوما لقلبه الدافئ


    إحساسه بالغربة يتزايد... فحتى متى هذا الهروب؟!! حتى متى؟!!




    "بدك ئهوة يا ابني؟!!"


    صوته الحنون انتزع علي من أفكاره



    التفتت علي بضيق للعم حمزة.. الشيخ التركي القادم من أنطاكيا في لواء الأسكندرونة حيث يتحدثون العربية بلكنة شامية..وكثير من السكان من السوريين..


    وهتف بضيق عميق: القهوة ياعم حمزة توسع خاطر الضايق؟؟



    هتف العم حمزة بعمق: لا يا ابني.. ما بتعمل شي.. المتدايئ بيوكل امرو لأ الله..



    علي بإيمان عميق: حسبي الله ونعم الوكيل.. عليه توكلت وإليه أنيب


    اللهم أني أسألك التفريج من عندك


    ثم أردف وهو يتجه بالداخل: أنا بأتوضأ وأقرأ بعض وردي.. لين صلاة العشا


    كود يستاسع خاطري شوي..


    وأنت تبي تروح مكان.. براحتك



    العم حمزة يعود لداخل المطبخ وهو يهتف بحنان: وين بدي روح واتركك بهالليلة اللي عمري ما شفتك متدايئ ئدها..


    ئاعد جوا يا ابني.. بس بدك تنزل للمسجد ئلي تا ننزل سوا..







    *******************************






    " يا الله ياخالتي ما تتخيلين وش كثر اشتقت لش.. كنش غايبة عني سنة!! "



    عفراء بابتسامة حنونة: يا النصابة.. ترا ما كملت ثلاث أيام حتى..



    مزون تحتضن عضدها وتهتف بمودة عميقة : عندي كنها سنة..


    بشريني من جميلة.. أشلونها يوم خليتيها؟؟



    تصلب حينها جسد عفراء.. وشعرت مزون بذلك... رفعت مزون رأسها عن عضد عفراء وهمست بقلق: جميلة فيها شيء؟؟



    عفراء تنهدت بعمق: هي ما فيها إن شاء الله شيء.. أنا اللي فيني


    خايفة عليها.. وخايفة حتى على رجالها.. ما ظنتي إنه بيستحملها


    وما كان ودي أخليها.. بس الدكتورة قالت أحسن أخليها!!



    مزون بنبرة مطمنة: إن شاء الله إنها بخير.. وهذا التلفون بيننا وبينها.. لو حسيتي إنها متضايقة هي أو رجّالها روحي لهم



    عفراء بضيق تحاول إخفائه: ماعليه يأمش ماعليه... قولي لي أنت وش سويتي في رحلتش يا كابتن..



    حينها انتقل الضيق العميق لمزون: زينة خالتي.. ماشي حالها



    عفراء باستغراب: ماشي حالها بس..؟؟



    مزون هزت كتفيها: وش أقول لش بعد... ماشي حالها



    عفراء بذات الاستغراب: بصراحة توقعت إحساس أقوى شوي غير "ماشي حالها" ذي..


    ماشي حالها تقولينها لو سألتش أشلون روحتش البايخة للسوق.. أشلون وحدة ما تهضمينها.. هذاك الوقت قولي ماشي حالها



    مزون بضيق عميق: خالتي تكفين لا تزودينها علي


    وش تبين أقول لش... مهما كان إحساس الطيران خيالي وممتع ويحسسش إنش فوق العالم والناس


    يبقى إحساس مهما كانت عظمته ما يساوي زعل كسّاب ولا هروب علي..


    حسيت يا خالتي كأن كل فرحتي انسحبت مني.. لأني حسيت إنه شيء ما يسوى..


    مثل ياخالتي لو أنتي مشتهية مصاصة.. لولي بوب.. تخيلي..ومشتهيتها من قلب!!! حاسة حياتش واقفة على أنش تذوقين طعم ذا المصاصة!!


    ثم يقولون لش بنعطيش المصاصة بس أنتي خلينا نستأصل كل مجسات التذوق في لسانش


    وأنتي ياخالتي وافقتي...وشالوا إحساس التذوق من لسانش..



    يالله ذوقي المصاصة.. طعمها حلو؟؟ حسيتي فيها؟؟


    عقب ارجعي تبين تعيشين حياتش.. تشربين قهوتش.. تأكلين قطعة شكولاته...


    (حاسة في طعمهم؟؟ حاسة بحلاوتهم؟؟ أو مرارتهم؟!!)


    العبي على نفسش وقولي يمي لذيذ.. وإلا اندبي حظش وقولي الصدق



    إنه كل شيء في الدنيا ماعاد له طعم.. وأنتي اللي جنيتي على نفسش عشان مصاصة..






    *******************************







    "ليش متوترة كذا؟!"



    جوزاء بتوتر عميق: يعني ما تشوفين إن ذا السرعة تجيب التوتر..


    ملكتي بكرة..



    شعاع تبتسم: ماعقب الموافقة إلا الملكة..وبعدين جوزا حتى يوم ملكتش من عبدالله هذا اللي صار.. أول ماوصلتهم الموافقة تملكتوا على طول


    وبعدين يا بنت الحلال استغلي موافقة أهل حسون.. لا ترجع لهم الذاكرة ويوقفون في الموضوع




    جوزاء وقفت وهي تروح وتأتي.. ثم جلست بجوار ابنها النائم.. ومسحت على شعره بحنان مصفى: ظنش امهاب بيكون حنون مع حسن؟!



    شعاع مالت لتقبل خد الملاك النائم وهمست بحنان: حسن ماشاء الله الكل يحبه.. ومن شافه انفتح قلبه له


    وبعدين امهاب مجرب اليتم.. إن شاء الله إنه بيكون له خير أب..



    جوزاء بضيق: بس تدرين شعاع.. تضايقت إن ابي ماجاء يكلمني في الموضوع.. ولا حتى قال خل امهاب يخطب مني أول


    يعني عشان عبدالرحمن قال له.. أنا مالي وزن ولا اهتمام..



    شعاع بضيق أعمق بكثير: يا بنت الحلال احمدي ربش إنه ماعقد السالفة... الله يخلي لنا عبدالرحمن بس


    وإلا ابيش أصلا مادرى عنا إلا عشان يعصب علينا.. ويروح






    *********************************







    " يا حيا الله عمي!!! "



    منصور بنفس نبرة كسّاب المرحبة: يا حيا الله ولد أخي... وش العلوم؟؟



    كسّاب بهدوء واثق: العلوم تسرك إن شاء الله



    منصور بهدوء: وأنا بعد عندي علوم تسرك



    كسّاب بهدوء أقرب لعدم الاهتمام: بشر..



    منصور بحزم: مزون بتخلي الطيران..... بس تبي رضاك..



    حينها نظر كسّاب لعمه بنصف عين ولم يجبه..



    منصور يعتدل بغضب صارم: إذا كلمتك ياولد.. تحط عينك في عيني وترد علي مثل الناس..قدام أسنعك سنع مهوب ذا



    كسّاب هتف بنبرة احترامه الملغوم التي يستخدمها بمهارة حين يريد: محشوم يا عمي محشوم


    ثم أردف بنبرة عدم اهتمام: وخير يا طير إن بنت أخيك تبي تخلي الطيران.. هذا شيء أنا متوقعه أصلا..


    جربت وما عجبتها اللعبة.. وجايه الحين تبي رضاي



    ثم أردف بنبرة غاضبة موجوعة غير مهتمة مليئة بالمتناقضات: رضاي يا عمي كان قبل أربع سنين..


    الحين خلاص... قل لها اللي انكسر ماعاد يتصلح



    منصور يعاود الاسترخاء في جلسته على (مركاه) ويهمس بثقة: مسيرك ترضى ياعمك.. وغصبا من ورا خشمك


    متعنطز على خلق الله... يا ولدي الظفر عمره ما يطلع من اللحم.. فتلاحق روحك...



    كسّاب يشعر بضيق أخفاه خلف حزم صوته: خلنا من ذا السالفة... قل لي وش علومك انت؟؟



    منصور حينها عاود الاعتدال في جلسته وهو يهتف بنبرة مقصودة تماما: علومي إني أبي أزوجك..



    كسّاب يبتسم: لا تكون تبي تخلي العسكرية وتشتغل خطّابة..



    منصور ينظر لكسّاب من تحت أهدابه: الله لا يرفع قدر العدوين يا ولدي.. لو أني ضربتك على وجهك بفنجالي ذا.. كان ثمنت كلمتك



    كسّاب يعتدل ليقبل رأس عمه: أفا أفا.. ابو زايد عصب... السموحة.. السموحة..



    منصور يخفي ابتسامته: ما رضيت ولا هو بحولي..



    كسّاب يبتسم: عمي اخلص علي... ها وش اللي يرضيك..



    منصور بحزم مباشر: تريح بال أبيك وتعرس..



    كسّاب بذات الإبتسامة: أنا أبي أدري وش اللي بيريح أبي في عرسي..



    منصور بمنطقية: يا ولدي ماعادك بصغير.. داخل على الثلاثين.. أنا يوم إني في عمرك كنت قدني متزوج مرتين..



    كسّاب تغادره الابتسامة ليهتف بجدية: ياعمي مالي خلق على مره.. ألتزم فيها.. وتنشب في حلقي..


    ليش تأخرت؟؟ وليش ما سويت؟؟


    أنا واحد دمي حار.. بقعد كل يوم متمشكل معها يعني..



    منصور بجدية مشابهة: زين وعشانك واحد حار.. تحرم على نفسك العرس.. يا كثر الرياجيل الحارين.. ماحد منهم فكر مثلك..



    كسّاب بمباشرة: والله ياعمي ما شفت العرس سرك



    منصور بحزم: لا يأبيك.. لا تقارن نفسك فيني... وبعدين أنا جربت بدل المرة ثلاث..يحق لك أنت إنك تجرب وتشوف بنفسك


    ومهوب لازم إن اللي ينطبق علي ينطبق عليك


    وبعدين يا أبيك أنت عارف إن مرتي الثانية أنا كنت مستعد أكمل معها.. بس ما مشى حالنا.. وهذا نصيبي..


    لكن أنت إن شاء الله بيكون نصيبك أحسن..


    ريح بال أبيك وأنا عمك... فكر فيها زين كأجر وطاعة لأبيك.. ما يكفي إنك على طول منشف ريقه..


    جرب يا ولدي نصيبك.. ما تدري.. يمكن تكون ذا المرة خيرة لك وعليك



    حينها تنهد بعمق وهو يهتف: أنا داري إن ابي يدرج لوحدة في رأسه


    الله أعلم ليش يبي يلزقها فيني.. خلني أعرف من هي أول



    قل لي من هي اللي ابي يبيها لي؟!!






    #أنفاس_قطر#


المواضيع المتشابهه

  1. رواية سكتني بالقوة وقلي أحبك كاملة , روايات حب جديدة 2014
    بواسطة ∞ Ģoğє في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-11-2013, 12:12 AM
  2. رواية ثرثرة أرواح متوجعة كاملة, روايات حزينة 2014
    بواسطة ∞ Ģoğє في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-11-2013, 12:10 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-11-2013, 12:05 AM
  4. رواية بعض ما خبأته الرياض كاملة , روايات الكاتب أبو بقية 2014
    بواسطة ∞ Ģoğє في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-11-2013, 11:34 PM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-11-2013, 11:25 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •