(1) رسالة إلى الحزن:
أدرك أيها الحزن، بأنك ضيف غير مرغوب فيه البتة، لأنك تجلب في معيتك المآسي والأحزان، وتحمل في جلبابك الكئيب الآلام والأوجاع، كلما جثمت علي القلوب، وكلما طرقت الأبواب وفتحتها عنوة، بلا استئذان، بدأت بك أولا لا تقديرا لمكانتك، التي تستقر خارج، وليست المؤخرة، علي اعتبار العائد السيئ منك، ولكن لأفرد للأمل مساحة في جلب نقيضك الفريد الفذ، ولأن العبرة في النهاية فآثرت أن تكون أنت البداية لا أهلا ولا مرحبا بك، حتما الكل يكرهك، ويكره طلتك التي لا تمت إلي البهاء بصلة، ولكني أعي أن هذا دورك، سبحان من قدرك لتكون سببا في تحقيق التوازن، فلم يكن وجودك إلا لحكمة أرادها الخالق سبحانه، غير أن ما يوجع القلب، ويزيده حسرة، هي أسباب زياراتك، وليست الزيارة بحد ذاتها، لأن الزيارة حتمية واعني بذلك من يستدعيك، لزيارته وزيارة الآخرين، بغباء يندرج في اطار سوء التقدير والقسوة التي باتت جارية من جواريك، تسوقها حيث تشاء، وتستغلها أسوأ استغلال، وفي ختام هذه الرسالة أسأل المولي جلت قدرته، بأن يرزقنا الصبر والثبات عند زيارتك، وألا تكون زياراتك بسبب غفلة وتعنت البعض، ولو كنت أملك من الأمر شيئا لوضعت لافتة كبيرة علي كل باب (ممنوع الزيارة).
(2) رسالة إلى الفرح:
كم جميل أنت وأنت تورث السعادة للجميع، ويحبك الجميع، لم يكن الترتيب في الخطاب انتقاصا من قدرتك حاشا وكلا ، ولكن لتكون آخر ما يخطه القلم، وينهي بك القاريء هذه المقالة، ونحن علي استعداد لمنحك نسخاً من مفاتيح قلوبنا، وبيوتنا، فنحن الضيوف وأنت رب المنزل، كيف لا؟ وأنت توجه عناصر ادارتك اللائقة اللبقة بكل ثقة واقتدار من بهجة وسعادة وسرور وغبطة، وراحة، وهدوء، وسكينة، وغيرهم من جنودك المجهولين الذين يزرعون البسمة، علي الشفاه أينما حلوا، الاشارة منك عطاء، ودورك النبيل في معانقة محبيك وفاء، كم كنت للقلوب الجريحة بلسما وشفاء، كم كنت في الماضي والحاضر واحة غناء، لله درك ما أطيبك، يمنحنا الإله إياك فله الشكر والثناء، تقف مع الفقراء قريبا منهم، يحول بينك وبين ولوج بيوتهم لفتة الشرفاء، ولا أخال تفعيل أحاسيسهم النبيلة، إلا بنقش ريشتك الجميلة، علي صدورهم فهذه اللوحة التشكيلية الفريدة، لا يقوي علي رسمها الفنانون النجباء، فهي تحاكي الكريم بالشهامة والمروءة، وتستثير الهمم بما أعد الله لمن جعلك من أسباب السعادة من الأجر والمثوبة، يدعو المريض ربه ويناجي خالقه فتذعن طائعا للأمر، وتشمر عن ساعديك، لتقهر الألم وتزيل أثر السقم، إن قلت إني أحبك فإنها لا تكفي إن قلت أجلك واحترمك، وأقدرك، فأنت أهل لكل ذلك، الكل بحاجة إليك فإن قمت بالزيارة فأطل، فمثلك لا يكون علي القلب إلا كما الريشة أو أخف، بل إن موعد الزيارة مفتوح، ورسائل الترحيب مكتوبة بحبر لا يجف، وحروف من ذهب، لدورك الفاعل في سعادة البشر، وما تحمله من سرور ليسر بك كل من عانقته وعانقك، وإ يكن من أمر فإن الفرج وغريمه التقليدي، الحزن، بالرغم من أنهما ضدان، وكل بلا ريب لا يطيق الآخر، إلا أن هناك عوامل مشتركة تجمع الفرقاء فخفقان القلب، واضطراب الجوارح وارتفاع ضغط الدم وانخفاضه طبقا لاختلال مستوي الأحاسيس، والدموع التي تسيل من أجل هذا وذاك، فيما يكون الأداء مرهونا، بنسبة ليست باليسيرة، بأفعال وتصرفات البشر، فما أعظم خالق البشر والفرح والحزن القائل في محكم التنزيل
(ومن أحيا نفسها فكأنما أحيا الناس جميعا).
وقال عز وجل (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله)
هذه الآيات الكريمة تجسد بجلاء بأن الخير وعمله، جزاؤه كبير، فهل نحيي السنن النبيلة الجميلة التي أمرنا بها ربنا ورسوله لنسعد بالفرح بالدنيا، والسكينة والاطمئنان والأجر في الآخرة؟
مواقع النشر (المفضلة)