السبيل الصحيح للتخلص من المال المحرم، بعد التوبة الى الله، والندم على ذلك، والعزم على عدم الرجوع الى ذلك، هي ارجاعه الى صاحبه او لورثته ان كان معلوم المصدر، فان هذا شرط في التوبة، فان عجز عن ايصاله اليهم، تصدق به عن صاحبه.
قال ابن القيم في زاد المعاد: من قبض مالا ليس له قبضه شرعا، ثم اراد التخلص منه، فان تعذر رده عليه، قضى به دينا عليه، فان تعذر ذلك رده الى ورثته، فان تعذر ذلك تصدق به عنه.
اما اذا كان المال الحرام، مما لا يختص بمالك معين، كالمأخوذ من المال العام، او بسبب الاحتكار، او الغش، او التجارة في الحرام، او كالفوائد الربوية اذا اتت عن طريق المصارف مثلا فانه يتصدق به على الفقراء والمساكين، او ينفق في مصالح المسلمين العامة، وضابطها كل ما لا يعود نفعه على احد معين كان نفعه مشاعا بين المسلمين، كرصف الطرق وانشاء الجسور وبناء المدارس ودور الايتام، ونحو ذلك، ومن اهل العلم من قال: لا يصرف هذا الكسب في بناء المساجد، هذا وينبغي للمسلم ان لا يتردد في التخلص من هذا المال، لان النبي، صلى الله عليه وسلم قال: 'على اليد ما اخذت حتى تؤديه' اخرجه الترمذي، ولانه لو لم يكن فيه من الضرورة الا كونه حائلا بين المرء وبين ان تستجاب دعوته لكفى، ففي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 'يا ايها الناس ان الله طيب لا يقبل الا طيبا، وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال: 'يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم'، وقال 'يا ايها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم' ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه، وغذي بالحرام، فانى يستجاب لذلك؟.
وان كانت قد حصلت زيادة في هذا المال او منفعة، فانها ترد، حيث يرد الاصل، ولا يجوز للانسان ان ينفق هذا المال على نفسه، او على من يعول، او في مصلحته، او مصلحتهم، ولو كان محتاجا، حتى تبرأ ذمته الى الله سبحانه من هذا المال الحرام، وحتى يستوفي شروط توبته.
مواقع النشر (المفضلة)