|--*¨®¨*--|بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |--*¨®¨*--|
داء استشري فينا
يهدم كل ما نبنيه
هيا نتعرف عليه من قريب
الحسد "
هو تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها "
وتطلق كلمة الحسد على ثلاثة مفاهيم مختلفة قد تبدو واضحة الاختلاف عند البعض وقد تتداخل عند الآخرين وقد نخلط بينها في كثير من الأحيان مع علمنا الأكيد باختلافها، وهذه المفاهيم هي:
1ـ الغبطة أو المنافسة،وهي شعور بنعمة المغبوط وتعظيمها وتمني أن يكون للغابط المتنافس مثل هذه النعمة، وهذا المفهوم هو أقل المفاهيم ارتباطاً بلفظ الحسد، إلا أن لفظ الحسد قد يطلق عليه لغة أو على سبيل المجاز، كما في الحديث الشريف: ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق). أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود.
وقول السيدة عائشة رضي الله عنها: ( ما حسدت أحداً، ما حسدت خديجة، وما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن ماتت ).
والحسد بهذا المعنى غير مذموم بل مطلوب في بعض الأحيان. خاصة كلما عظمت النعمة المغبوطة وهو إن صدر من شخص دل على اعترافه بفضل المغبوط وإثبات أحقيته في النعمة المرزوق بها، كما هو واضح من معنى الحديثين السابقين، وكما يتضح ذلك من حديث مالك بن مرشد، عن أبيه، عن أبي ذر قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة وأصدق ولا أوفى من أبي ذر شبه عيسى بن مريم عليه السلام، فقال عمر بن الخطاب ( كالحاسد ) يا رسول الله! أفنعرف ذلك له، قال: ( نعم فاعرفوه له ) ( حديث حسن ).
وقوله كالحاسد، أي: الغابط السعيد الذي يريد أن يؤكد ويثبت بسؤاله هذا حق أبي ضر رضي الله عنه بهذه الصفة وإثبات الفصل له بها.
2ـ الحسد البغيض وهو تمني زوال النعمة من المحسود وهو خليقة سيئة مذمومة ورد العديد من النصوص القرآنية والنبوية في ذمها والنهي عنها.
3ـ العين أو النظرةوهي إصابة الأشياء وخاصة جسد الإنسان بعين الحاسد أو نظره وهذا المفهوم شاع بين الناس باسم الحسد أيضاً إذ يغلب على صاحب القدرة على الإصابة بالعين أن يكون حاسداً لكن لم يرد نص قرآني، ولا نبوي صحيح يطل اسم الحسد على هذا المفهوم.
( إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب )رواه أبو داود عن أبي هريرة، وابن ماجة عن أنس بن مالك.
( ثلاثة لا ينجو منهن أحد وقلّ من ينجو منهن: الظن والطيرة والحسد )ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة.
( دب إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء وهي الحالقة أما إني لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين، والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على ما تتحابون به؟ أفشوا السلام بينكم ). أخرجه الترمذي عن الزبير بن العوام.
وجاء لفظ ( العين ) يقصد به ذلك الأثر الذي يتعدى للمنظور ويسبب له الضرر وذلك على النحو التالي:
( العين حق )أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين وأبو داود والنسائي والإمام أحمد في المسند، عن أبي هريرة رضي الله عنه. رواه ابن ماجة عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه. وقال السيوطي: حديث صحيح.
( العين حق تستنزل الحالق )أخرجه الإمام أحمد في المسند والطبراني والحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنه. وقال السيوطي: حديث صحيح.
( العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغتسلوا )أخرجه الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد في المسند، عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقال السيوطي: حديث صحيح.
( إن العين حق ـ ونهي عن الوشم )أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه.
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين )أخرجه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها. وقال الشيخ عبد القادر: إسناده حسن.
ونخلص من ذلك:إلى أن الحسد شر لأنه خلق سيء، لكن شره يتمثل في تحريك نوازع الحقد عند الحاسد الذي قد يتحول إلى عدو للمحسود يسعى في أذيته لكن الحسد ذاته لا ضرر منه ينتقل إلى المحسود فيصيبه كما تصيب العين لكل للعين قوة مؤثرة تنبع من العائن وتصيب المعين فتسبب له أضراراً متفاوتة، وقد جاء هذا واضحاً في حديث شريف جمع بينهما في اللفظ:
روى البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه جبريل قال: ( باسم الله يبريك ومن كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين ). وقد دل ذلك الحديث في دقة بالغة على أن الشر يأتي من الحاسد إذا حسدك على نعمة، ويأتي من ذي العين، وهو شخص مختلف قد يكون حاسداً وقد يكون غير حاسد، وتعني كلمة ( ذي ) اختصاصية فليس كل إنسان قادراً على الإصابة بالعين ما لم تتوفر له خاصية معينة سنوضحها في سياق حديثنا هنا تجعله ( ذي عين ).
وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا حسد والعين حق ). وقرن الحديث بين الحسد والعين، وضم الحسد إلى مجموعة من المفاهيم الخاطئة التي ظن الناس أن لها علاقة مباشرة في ذاتها بإحداث الأضرار من غير الأسباب المعلومة كالعدوى وهو لفظ كان يطلق على تصور انتقال العلة من المريض بمجرد رؤيته للصحيح وإن ثبت الآن إمكان انتقال بعض الأمراض من المريض إلى السليم بالملامسة أو الرزاز أو الحشرات أو غيرها فيما نسميه الآن اصطلاحاً العدوى، فهذا أمر مختلف عن المفهوم الذي كان الناس قديماً يتصورونه عن العدوى النابع من تخيل خاطىء لا أساس له هو انتقال المرض ( كل الأمراض ) بنظر السليم في المريض أو نظر المريض في السليم، ( والطيرة ) تصور حدوث ضرر للشخص إذا رأى في سفره أو عند الشروع فيه طائراً معيناً أو إشارة معينة و( الهامة ) تصور خاطىء من الناس أن المقتول تحل في مكان مقتله روح شريرة من الشياطين تبحث عن قاتله وتؤذي كل من تقابله من الناس، واثبت الحديث الشريف أن كل هذه المفاهيم ليست صحيحة وأنه ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا حسد )، والحديث أشار إلى العين وهي من جنس الأشياء التي شملتها المفاهيم الأربعة الأولى، والتي كان لدى الناس عنها تصوراً مماثلاً لتصورهم للعدوى والطيرة والهامة والحسد لكن لم ينفها كما نفى هذه المفاهيم وإنما أثبتها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( العين حق ).
ما من عمل ناجح الا وله حساد
اللهم قنا شر الحسد والحساد
اللهم صلى على حبيبنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
منقول للفائده ..
مواقع النشر (المفضلة)