القرآن الكريم هو أصل من أصول الشرع وحجة الله على العالمين، أنزله الله تعالى ليكون دستورا للعباد دنيا ودينا.
ولا يطلق مصطلح القرآن إلا على الاجزاء الثلاثين الموجودة بين دفتي المصحف، والواصلة الينا عن طريق الصحابة بالتواتر القاطع.
وانعقد الاجماع على ان ترتيب آيات القرآن في كل سورة توقيفي بأمر الله تعالى وبأمر رسوله.
أما ترتيب السور فهو من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم على أصح الاقوال.
والقرآن من خصائصه أنه معجز، فالله تعالى تحدى به العرب مرة بمثله ومرة بعشر سور ومرة بسورة ومرة بآية، واصح الاقوال ان التحدي بأقل آية من القرآن كاف، لأن الهدف هو الإتيان بمثله وقد عجزوا.
والقرآن كما يقول العلماء اشتمل على مغيبات ثلاثة: اخبار عن غيب الماضي، واخبار عن غيب الحاضر، واخبار عن غيب المستقبل.
أما ما اشتمل عليه جملة فهو عقائد وعبادات واخلاق ومعاملات وعلاقات دولية وآيات كونية، واخبار عن النفس الانسانية، ومواعظ وسير وحكم وأمثال، وحجج وردود على اباطيل.
من أجل ذلك فإنه اشتمل على الحياة كلها، الدنيوية منها والاخروية، فمرة يجمل ومرة يفصل، ونستطيع القول إن القرآن هو أصل كل معاملة، فلا يوجد حكم شرعي إلا وفي القرآن يوجد له أصل، أو ان في الحديث له أصل، والحديث المتواتر أمرنا بأن نأخذ به لأن حكمه يستمد في القرآن، فالله تعالى يقول: “وما آتاكم الرسول فخذوه” (سورة الحشر: 7).
والقرآن ركن أساسي في صلاتنا، فنقرأ الفاتحة في كل ركعة، كما نقرؤها خارج الصلاة وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم أمته على قراءته قائلا: “من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر امثالها، لا اقول ألم حرف، ولكن الف حرف ولام حرف وميم حرف” (رواه الترمذي).
ثم ان الاسلام أمرنا بالتأدب مع القرآن، فلا يقرأه الا الطاهر من الحدث الاكبر، ويستحب له التدبر والخشوع والترتيل.
وإذا لم يكن قارئا وكان مستمعا له فإنه ينبغي ان ينصت له من غير مقاطعة ولا لغو ولا ضحك ولا ضجيج، لأن قارئ القرآن ومستمعه يناجي الله عز وجل.
بل وحذر العلماء من ان يتخذ القرآن معيشة يكتسب بها فقط، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “اقرأوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به”. (رواه الطبراني).
والقرآن مطلوب منا ان نردده حفظا أو تلاوة ونكثر منه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “تعاهدوا هذا القرآن فو الذي نفس محمد بيده لهو اشد تفلتا من الابل في عقلها”. (رواه البخاري).
ومن هذا يتضح لنا ان التركيز على ابراز الحفظة فقط ليس من الاسلام، فالقرآن ليس زينة لنتباهى بها حفظا، وإنما هو دستور الحياة، ورب حامل للقرآن أو قارئ للقرآن هو أحد الثلاثة الذين يلقون في النار قبل الناس، فيقول: لماذا يا رب وقد قرأت القرآن وعلمت الناس؟ فيقال له: فعلت ذلك ليقال لك إنك قارئ، وقد قيل لك في الدنيا فمالك شيء عندنا.
ومما ابتلي به الناس في هذه الايام ان يكتب القرآن على الحيطان أو على السيارات أو يوضع المصحف في السيارة أو ان يوضع التسجيل في بدالة الهاتف بحجة انه وضع بدلا من الموسيقا.
لكن هذه التصرفات كلها منافية للاسلام، لأن القرآن لا تنال بركته وهو مهان، فالذي يضعه في السيارة ولا يحافظ عليه أهان القرآن.
والذي يضعه في بدالة الهاتف ليسمع المتصل جزءا من آية أهان القرآن.
والذي يحمل المصحف في جيبه ويدخل به الأماكن القذرة أهان القرآن.
إذا كان القرآن لا يصح ان يمسه إلا المتوضئ، فكيف يترك في السيارة ليلعب به البوذي والهندوسي وغيرهما من غير المسلمين؟ أو يبقى في مقدمة السيارة حتى يبيض في الشمس؟ أو كيف يعلق على جدار بيت يعصى فيه الله؟ أو كيف يتبرك به في بدالة الهاتف وهي ليست دار عبادة، ليسمعه هذا كلمة وذاك كلمة؟
ان هذا لهو اللهو بعينه، واللهو بالقرآن مرفوض.
مواقع النشر (المفضلة)