كان اوليفر وندل هولمز أول من استخدم اصطلاح “البنج” في عام 1846 لوصف عقار يكبح الحس “خصوصا الشعور بالألم” بعد ان اجرى عملية جراحية لأول مرة على مريض تم تخديره بالايثير. وهناك اسلوبان للتخدير، الموضعي والعام.
يتم التخدير الموضعي بوساطة عقار مثل “النوفاكين” الذي يثبط قدرة الأعصاب على نقل الاشارات إلى ما يعرف بمراكز الألم في الجهاز العصبي المركزي، من خلال الالتحام بإحدى قنوات الايونات في غشاء الخلايا العصبية، وتعرف باسم “قناة الصوديوم”، بهدف تعطيل وظيفتها، ويؤدي ذلك إلى اعاقة حركة النبضات العصبية في المنطقة المتاخمة لمكان الحقن من دون ان يؤثر في ذلك الوعي والادراك.
وبخلاف ذلك، يشكل البنج العام حالة تخديرية مختلفة تماما تؤدي إلى فقدان عام للاحساس بالألم. وفيما يفقد المريض احساسه بالبيئة المحيطة به إلا ان أعضاء ووظائف الجسم الحيوية تواصل عملها كالمعتاد، بما في ذلك التنفس وضغط الدم. ورغم مرور 150 عاما على استخدام البنج العام، لا تزال آلية عمله غير واضحة تماما مقارنة بالبنج الموضعي.
البنج المتطاير
وأكثر أنواع البنج العام استخداما هو البنج المتطاير الذي يستخدم عبر جهاز التنفس، وينتمي الى عائلة “الايثير” التي يتركز عملها الرئيسي على الجهاز العصبي المركزي، حيث تقوم بكبح انتقال اشارات الألم بطريقة تختلف عن البنج الموضعي، ويسبب البنج العام انخفاضا في مستوى ناقلية الأعصاب عند نقاط الاشتباك العصبي، وهي المناطق التي تتحرر فيها النواقل العصبية لتمارس وظيفتها في الجسم.
غير ان الآلية التي يتبعها البنج المتطاير في كبح نشاط النواقل العصبية في نقاط الاشتباك لا تزال غامضة إلى حد كبير. ولكن الواضح هو ان البنج المتطاير، والقابل للانحلال في الدهون أكثر منه في الماء، يؤثر بشكل أساسي في قناة الأيونات والبروتينات المستقبلة للنواقل العصبية في اغشية الخلايا العصبية التي تعتبر بيئة دهنية.
وفي الوقت الذي ما تزال فيه آلية عمل البنج على المستوى الجزيئي غامضة، تقدم لنا الدراسات الجينية نتائج واعدة حول هذه المسألة. فعلى سبيل المثال، باستطاعة الباحثين من خلال استخدام الأدوات الجينية، تغيير وظيفة بروتينية معينة ومن ثم تحديد ما إذا كان البروتين المعني مقاوما أو متجاوبا مع فعل المخدر عند الكائنات الحية الدنيا. ولدى تحديد البروتينات التي لها علاقة بتأثير المخدر، عندها يمكن تحديد البنى التي يمكن استهدافها بالبنج لتحقيق حالة تخدير مثلى. وهناك دراسات جزيئية عدة تهدف إلى تطوير مادة تخديرية تستطيع استهداف البروتين في الوسط الدسم، ما يعد بكشف حقائق أخرى عن كيفية عمل البنج على الصعيد الجزيئي.
مواقع النشر (المفضلة)