كم كرم الإسلام المرأة ورفع من شأنها وأعلى قيمتها ووهبها من الحقوق ما لا تستطيع القوانين الوضعية إنكاره، لكن عندما نفتح التلفاز تفاجأ بتلك السياسة التي تتعمد امتهان المرأة تحت ستار التحرير في مهب رياح الغزو الفكري الذي غزانا بلا هوداة ولا رحمة. فعندما اشاهد اغلب الاعلانات التجارية اتساءل لماذا دائما تظهر المرأة بهذه الصورة الفاضحة حتى لو كان الاعلان يروج لسلعة لا تمت لعالم النساء بصلة كعطر رجالي او شفرة حلاقة مثلا، فكم من الاعلانات التي لم تستطع ان ترتقي بأفكار لطرح منتجاتها فوجدت المرأة اسهل سياسة للترويج حتى أن إعلانات المواد الغذائية صارت تتصدرها مجموعة من النساء بملابس فاضحة يغنين ويرقصن ويظهرن اكثر من السلع المعروضة في الاعلان، فغدت بذلك المرأة الأم والزوجة والابنة اداة لمخاطبة الغرائز واثارة الشهوات حتى انه في بعض الاعلانات لا يستطيع المشاهد ان يفرق ما بين السلعة والمرأة ايهما المقصود بالعرض فتستحيل بذلك تلك الإعلانات إلى مناظر تراها العيون وترفضها العقول. وهنا يطرح السؤال: لماذا وجد اصحاب تلك الاعلانات في المرأة الوسيلة إلى ترويج سلعتهم بتحقير أنوثتها رغم أنهم هم من كانوا ينادون ويتشددون بالمطالبة بحقوق المرأة المنتقصة والضائعة في نظرهم وهم أول من يستبيح حقوقها ويهين كرامتها وأنوثتها بأسلوب مبطن بدعوى التحرير الزائفة ومواكبة متطلبات العصر الحديث. لقد صنع منا هؤلاء الضالون شعبا مستهلكا من الدرجة الأولى همه الأول الاستهلاك ولو كان على حساب الاخلاقيات والمبادئ والقيم.
ولو ان المشاهد العربي خلع حجاب الران الذي غطى عينيه ورفض جل ما يراه من امتهان لشخصه قبل كل شيء لفاق اولئك الجهلة المرتزقة ولفكروا ألف مرة قبل تسجيل اي إعلان ان المشاهد العربي يجل عينيه ويترفع عن تفاهة ما يعرض ويسمو بشأنه عن سطحية ما يذاع وان الفكرة من الاعلان ستصله حتما بلا توافه تنقص ولا تفيد. لقد آن الأوان لكشف الأقنعة وفضح ما يحاك خلف الأسوار من مؤامرات تهدف إلى امتهان عقل المشاهد العربي، فاتباع السفهاء سفاهة فقد قال الشاعر:
لقد حان الوقت لننصف انفسنا من أنفسنا فرفض تلك السياسة الخفية تجعل من ضعفاء النفوس فاشلين، فمثل هؤلاء من يرفعون باستخفاف فأس العبث ليحفروا لنا حفرة سيقعون فيها لأنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فرب نفس لا تقمعها ذاتها ولا تضبطها رقابة النفس حري بنا أن نكون نحن من نسيطر عليها ونكبح جماح هواها حتى لا يتداعى سائر المجتمع، فهل يعقل ان نستورد من الغرب ما لا يليق بقيمنا ومبادئنا؟ فلنحذر قبل سقوطنا في مستنقع رمال سطحيتهم المتحركة وتغرق سفن مبادئنا في اعماق بحار اللامبالاة القاتلة وليظل الضمير نابضا ما بين رفض الاستخفاف والاعتزاز بقيم الحق وليكن السبيل إلى رأب الصدع واستئصال شأفة الخلل الكامن في نفوس هؤلاء المرتزقة هو مقاطعة تلك المنتجات حتى تكرم تلك الاعلانات المرأة وتضعها في الصورة التي بناها لها الإسلام.
فنفسك أكرمها فإنها إن تهن
عليك فلن تلقى لها الدهر مكرما
فإن تخاذلنا وتوقفنا وسكتنا فلنعلم بأن الزمان لا يتوقف ليعطينا
مواقع النشر (المفضلة)