أمرنا ديننا الحنيف بالقيام بدعوة الناس إلي الاسلام، والدعوة إلي الاسلام أمر شرّف الله به هذه الأمة وفضلها به علي سائر الأمم.ولم تزل سنة الله منذ أن خلق آدم عليه السلام أنه أرسل الأنبياء والرسل لهداية الناس وارشادهم إلي سواء السبيل والصراط، وبعث الله لهذا الغرض 124 ألفا من الرسل والأنبيباء وفوضهم هذا العمل النبيل لكن الله سبحانه وتعالي غير ترتيب عمل هداية الناس وارشادهم فبدلا من الأنبياء كلف هذه المسؤولية أمة حبيبه المصطفي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم تكريما لنبيه ولأمته.والصحابة رضي الله عنهم أدوا مسؤولية الدعوة كما كان حق أدائها وبذلوا ما في وسعهم ولم يقصروا في أدائها. وكان من نتيجة مجهوداتهم أن الاسلام وصل إلي مشارق الأرض ومغاربها وأخذ يوسع دائرته رغم قلة عددهم المكون من الآلاف فقط.
والآن وصل الإسلام بين أيدينا وتجاوز عدد الأمة مليار نسمة وهي تملك ما تملك من أغلي وأثمن الثروات والموارد وهي غنية بالمواهب والابداعات ولكن سرعة انتشار الاسلام في العالم ليست هي كما يجب أن تكون. وهل وقع خلل أو نقص في الاسلام معاذ الله؟ أو هل انتهت صلاحية وعود الله مع المسلمين لا سمح الله؟.
المشكلة والسبب حسب اعتقادي تكمن في تدني أخلاق المسلمين لأن الإسلام لم ينتشر في العالم إلا بأخلاق المسلمين الحسنة، والأخلاق الحسنة أحد من السيف في تأثيرها. والصحابة قدموا أخلاقهم الحميدة فتأثر الناس بأخلاقهم وتأثروا بمعاملاتهم فدخلوا في الاسلام أفواجا، وكانت أخلاقهم دعوة قوية للناس إلي الاسلام ولكن منذ أن ساءت أخلاق المسلمين وخربت معاملاتهم أصبحوا أنفسهم عائقا في سبيل الاسلام.
نري كثيرين من غير المسلمين يعيشون في بيئة المسلمين ولكن لا يتأثرون بهم ولا يسلمون بقدر ما يجب أن يسلموا وقليل منهم من يسلمون متأثرين بأخلاق المسلمين بل إنهم يدخلون في الإسلام بسبب قراءتهم ومطالعتهم للقرآن أو الحديث أو جانب من حياة الصحابة أو الكتب الإسلامية. ونحن نعرف أن الاسلام أقوي دين في تأثيره علي قلوب الانسانية.
سمعنا العديد من أصحاب الدعوة أنهم عندما دعوا بعض غير المسلمين إلي الاسلام فإنهم انتقدوا المسلمين بسبب سوء تصرفاتهم ومعاملاتهم. وقال بعضهم إنهم يكذبون ويغشون ويفعلون كذا وكذا ونحن إذا دخلنا الإسلام نفعل مثلهم ولذا لا نسلم. وهم يقولون إن الاسلام حسب اعتقادكم إذا كان مؤثرا علي الإنسان بهذه الدرجة مثل ما تدعون فلماذا لا يظهر تأثيره علي المسلمين أنفسهم.
وقبل كل شيء لا يعلم الكثيرون منا كيف ندعو غير المسلمين إلي الاسلام وكيف نرغبهم وكيف نجيب عن اشكالاتهم وانتقاداتهم وكيف نطمئنهم علي الاسلام وكيف نصلح نظرياتهم الفاسدة حول الإسلام.
وهناك وجه آخر أننا لو دعوناهم إلي الإسلام وهم فعلا اسلموا فهل يوجد عندنا أفراد بقدر الكفاية يستعدون لتلبية جميع حاجياتهم؟ وهل نحن مستعدون أن نوفر السكن لمن شرد من بيته من أجل اعتناقه الإسلام؟ وهل نحن مستعدون أن نزوج بناتنا من عزل من بيئته من أجل دخوله الإسلام؟ أو علي الأقل هل نحن مستعدون أن نفرغ جزءا من وقتنا لتعليم الجدد أحكام الإسلام في لغاتهم وحسب رغباتهم وحسب أوقاتهم الفارغة؟ إذا كان جوابنا نعم فالحمد لله وإذا كان جوابنا لا فلماذا ندعو لهم بالهداية إلي الاسلام. الاسلام ليس نطق شهادتين وبعده تفرغ وتجرد تام من أحكامه وأعماله.
لا أقصد معاذ الله ألا ندعو غير المسلمين إلي الاسلام بل أقصد من خلال هذه السطور أننا أولا نصلح أخلاقنا ونحسنها لأن أخلاقنا الموجودة عائق حقيقي في سبيل الإسلامي وثانيا نستعد دائما لتفريغ بعض من أوقاتنا من أجل خدمة الإسلام ولا نجعل مقتضياتنا الشخصية تحول دونها.
فهناك ضرورة ملحة في اجتهاد المسلمين للتحلي بالأخلاق الحسنة لكيلا ينفر أحد من غير المسلمين من الاسلام ولكيلا ينفر الجدد في الاسلام من المسلمين الحاليين ويرتدون عن الإسلام بسبب أخلاق وأفعال المسلمين.
مواقع النشر (المفضلة)