القات نبات مخدر تعاطيه يؤثر في العقل ويطرد النوم وفيه نشاط وروحنة ويشتمل على مفاسد ومضار تؤثر في الدين والعقل والبدن لما فيه من إضاعة المال وإهدار الأوقات وما يجلبه من أمراض ولما اشتمل عليه من الصد عن الصلاة وعن ذكر الله فهو وسيلة لعدة شرور والوسائل لها حكم الغايات وهو محرم شرعاً، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} فقد حرم الله كل مسكر والخمر هو ما خامر العقل وغطاه، وروي عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) وقد ثبت أن للقات خصائص المسكر. وقال تعالى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}والإثم هو الخمر عند كثير من العلماء والقات يدخل من ضمنه لعلة الإسكار ومن إثمه الصد عن الصلاة وعن ذكر الله وتضييع الأموال والأوقات وتجلب الأمراض وقال تعالى{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} والعدل بين العبد وربه إيثار طاعة الله على غيرها وتقديم رضا الله على الهوى والاجتناب عن كل ما فيه ضرر وهلاك. والقات يجر إلى الفحش والمعصية ومضاره متعددة وقال تعالى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ}ووجه الدلالة أن الله أحل لنا كل طعام طيب نافع وحرم علينا كل طعام وشراب ضار، فالخبائث لفظ عام يدخل تحته كل طعام وشراب مضر بالدين والنفس والعقل والمال والوقت، والقات يؤثر في ذلك كله فهو مثير للطرب والنشوة، محرك للشهوة مضر بالصحة، حاصد للأموال والأوقات مفني للأعمال في اللهو والباطل وطاعة الشيطان، قال تعالى {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} والذي ينفق ماله في القات مبذر لأنه إفساد للمال وإنفاق له في غير الحق ومن الأدلة على تحريمه من السنة ما روي عن ديلم الحميري قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله: إنا بأرض باردة نعالج فيها عملاً شديداً وإننا نتخذ شراباً من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا. قال: هل يسكر؟ قلت: نعم. قال: فاجتنبوه فقلت: إن الناس غير تاركيه قال: فإن لم يتركوه فقاتلوهم. فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باجتناب المسكر ولم يرخص فيه والقات مسكر ومؤثر في العقل والصحة والبدن، وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل شراب أسكر فهو حرام، وعلى كل فالقات بعد استحلابه ومضغه في الفم يغير العقل عن حالته ويحدث النشوة المطربة وتوارد الأفكار والتخيلات ويشعر متعاطيه بأنه قادر على كل شيء وربما وقع في أمر محرم مضر بالدين والنفس، وقد نهى رسول الله عن كل ضرر حيث قال: لا ضرر ولا ضرار من ضار ضاره الله ومن شاق شق الله عليه) والضرر يدخل فيه التعدي على النفوس والأموال والأعراض والغضب والظلم ولا شك أن القات فيه ضرر على الضرورات الخمس وفيه تفريط في حقوق الأهل والأولاد وسعي في إفساد أفراد المجتمع وكم خصومات حصلت بين الناس بسببه وكم من تشتيت للأطفال وتمزق للأسر وطلاق للنساء وتعكير للحياة الاجتماعية حصلت بأسبابه وكم عانت النساء برعاية الأطفال والإنفاق عليهم مع غياب رب الأسرة وغرقه في أوحال مجالس القات بعيداً عن زوجته وأطفاله وعلى هذا فالقات حرام شرعاً، وقد نص على تحريمه كثير من العلماء وألفوا فيه كثيراً من الكتب والمنشورات والقصائد في ذمه وتحريمه. نسأل الله أن يحفظ الإسلام وأهله من كل مكروه والسلام.
مواقع النشر (المفضلة)