السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لماذا ننزعج من القرآن ولاننزعج من الغناء؟؟؟أهو المرض في حواسهم؟, أهو لعدم استطابة الإنسان للطيب, كحال المريض عندما يتذوق العسل يراه مراً؛ لفساد الحواس لديه بسبب مرضه؟
أفي يوم سألت نفسك هذا السؤال افكرت لما؟؟
اصبح العالم الآن كله غناء ووفسق وإلى آخره من مفاسد في الدنيا ليس عليها اجر في الآخره...
اصبح الآن قنوات مخصصة فقط للغناء وبرامج غنائية كثيرة ...
لاحول ولاقوة إلا بالله..

أيها المسلم الحبيب..
هذه ظاهرة تحتاج إلى تدبر؛ لكي نقف على الأسباب الداعية لذلك, فهي حقيقة ما ينبغي أن نخفيها أو نرددها؛ فواقع الناس طافح بذلك الأمر - أليس كذلك؟!
والناس في أحوالهم العادية قد اعتادوا على الاستماع للقرآن مع بداية يومهم, فهذا صاحب المحل, وهذا صاحب المقهى, وهذه عيادة الدكتور,حتى سائق السيارة سواء الخاصة أو العامة إن كان لديه الكاسيت في سيارته إن بدأ يبدأ بالقرآن ثم يحول المؤشر بعد ذلك إلى الغناء.

هل فكرت ما نفعله عند نزول الكارثة أو النازلة, أو إذا حلَّ الموت بأحد أقاربنا, فما هو تصرف الناس عند ذلك؟
ألا تراهم يهرعون لقراءة القرآن، ويسألون بلهفة وشفقة: هل قراءة القرآن على الميت تنفعه؟، وهل يصل ثوابها إليه؟
وما وجدناهم يسألون عن الغناء, بأن الميت كان محباً لأغنية كذا، وأنه كان كثيراً ما يُرددها عن ظهر قلب, أو أنه كان محباً لهذا المطرب, أو هذا الممثل, أو لتلك المغنية, ما سمعناهم يقولون ذلك!!
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } [يونس: 22].

لا والله, ولكنهم عادوا إلى سيرتهم الأولى.
{ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } [يونس: 23].

انظر إلى حال الإنسان إذا أُصيب بمكروه!!
{ وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمً } [يونس: 12].

لا يفتر بالليل والنهار عن دعاء ربه, ويأخذ على نفسه المواثيق الغليظة والعهود أنه لو كُتب له النجاة من هذا الكرب, وكُشفت عنه الغمَّة ليكونن من حاله كذا وكذا!
ولكن أتراه يصدق؟!
{ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [يونس: 12].

عجيب أمر هذا الإنسان!!
{ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ } [يونس: 21].
{ كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى } [العلق: 6، 7].

فنقول لك:
احذر أيها الإنسان ولا تغتر بحلم الله عليك.
{ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى } [العلق: 8].
ونقول لك أيها الإنسان:
{ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُمَ } [يونس: 23].

فنقول لهؤلاء:
هل فكَّرت, وهل سألت نفسك: أنت تحولت من حال إلى حال, كيف كان الابتداء, ثم كيف كان الانتهاء؟
هل عندما تدير هذا المؤشر, أنت تحولت من طيب إلى خبيث أم من خبيث إلى طيب؟
قد نقول كما يقولون: ساعة وساعة.
قلنا لك صدقت فيما قلت: ساعة لربك، وساعة لقلبك!
ولكن هل تظن أنَّ الساعة التي تكون لقلبك يكون مسموحاً لك فيها أن تخرج عن أن تكون عبداً لله تعالى؟
أأنت أجير عند الله, وانتهت ساعات الإجارة, فلك أن تتصرف في وقتك بعد ذلك كما ترى دون تدخّل من الله؟
أم أنَّ الساعة التي لقلبك هي لمعاشك بما لا تخرج فيه عن إطار العبودية؟

أيها المسلم الحبيب..
أتظن أنَّ هناك بعض الفترات الزمنية التي يسمح لك فيها أن لا تكون فيها عبداً لله تعالى, فلا تُؤمر فيها ولا تُنهى, ولكن لك مُطلق الحرية أن تتصرف في هذا الوقت وتلك الفترة الزمنية بما تريد وبما تشتهي, والله تعالى ليس له سلطان علينا في هذه الفترات؟
أهذا ظنك بربك؟!


أما آن الأوان لكي يخشع قلبك عند سماعك للقرآن؟
{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } [الحديد: 16].
{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } [الزمر: 23].

قل لي بربك, ما المانع الذي يمنعك من الاستماع إلى آيات ربك؟!
لماذا لا تعمل قبل أن يحل بك ما حلَّ بهؤلاء الذين أصموا آذانهم عن الاستماع لكلام ربهم, وأنت في عافية؟
ماذا تقول لربك عندما يقول لك:
{ أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ } [الجاثية: 31].
{ قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ } [المؤمنون: 66].
أتدرى ما السبب فى عدم قبولك للقرآن؟!
{ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرً } [الإسراء: 46].
أتدرى ما علامة مرض القلب:
{ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [الزمر: 45].

وختاماً نقول لك:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } [يونس: 57].
ولتعلم أيها الحبيب:
{ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الأنعام: 125].
{ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [الزمر: 22].

أيها المسلم الحبيب
بعد هذا الكلام الرائع هل مازلت مصمما ومصرّا على ماتفعله؟؟هل انت مقتنعا به؟؟؟
ارجع إلى الله تعالى فباب التوبة مفتوح لك في كل وقت..
واترك الغناء ولاتنزعج من القرآن بعد الآن فهو علاج لكل داء ....

جزيتم ألف خير..
لاتنسونا من دعواتكم