السلام عليكم ورحمة الله وبركآته
_ _ _ _ _______________ _ _ _ _
الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ...
قال تعالى : " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء " [ فاطر : 28 ]
عَنْ قَتَادَةَ : " إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ " ، قَالَ : " كَفَى بِالرَّهبَةِ عِلْماً ، اجْتَنِبُوا نَقضَ المِيْثَاقِ ، فَإِنَّ اللهَ قَدَّمَ فِيْهِ وَأَوعَدَ ، وَذَكَرهُ فِي آيٍ مِنَ القُرْآنِ تَقدِمَةً وَنَصِيْحَةً وَحُجّةً ، إِيَّاكُم وَالتَكَلُّفَ وَالتَنَطُّعَ وَالغُلُوَّ وَالإِعجَابَ بِالأَنْفُسِ ، تَوَاضَعُوا للهِ ، لَعَلَّ اللهَ يَرْفَعُكُم " . [ سير أعلام النبلاء (5/276) ] .
لازال كثيرٌ من الناس ممن عايشوا العلماء الربانين يحتفظون في ذاكرتهم مواقف لهم معهم ، وها هو عبد الكريم بن صالح المقرن المقدم المعروف لبرنامج " نور على الدرب " في إذاعة القرآن الكريم يتحفنا بموقف حصل له مع عالم رباني - نحسبه والله حسيبه - في بيته ، وأثناء تسجيل حلقة من حلقات برنامجه .
أترككم مع الموقف ، وأتمنى من الأخ عبد الكريم بن صالح المقرن أن يتحفنا بمثل هذه المواقف التي عايشها مع العلماء الذين أجرى معهم لقاءات في برنامج " نور على الدرب " .
أرجو من يقرأ مقالي هذا وله صلة بالأخ عبد الكريم أن يوصل هذا الطلب له ، وله مني الشكر ، إلى جانب أن من حصل له موقف مع أحد العلماء الربانين فلا يحرمنا من طرحه هنا ليستفيد الجميع .
العلاّمة ابن عثيمين - رحمه الله - واحترام المواعيد
عبدالكريم بن صالح المقرن
احترام المواعيد، ومعرفة قيمة الوقت أمر عظيم جداً، يقصِّر فيه الكثيرون، فلا يقدِّرون قيمة الوقت، ولا يحترمون المواعيد، رغم أن عدم احترامها قد يدخل في إخلاف الوعد المحرم، وهو من سمات المنافقين.
ممن عرفتهم يحترمون المواعيد، ويقدِّرونها على أكمل وجه، كثير من العلماء ومنهم الشيخ العلاّمة محمد بن عثيمين - رحمه الله - فقد كان - رحمه الله - حريصاً على استثمار الوقت، واحترام المواعيد، وخصوصاً ما فيه نفع لهذه الأمة.
وقد منَّ الله على كاتب هذه السطور باحترام وتقدير وقت العلماء الذين قمت بالتسجيل معهم، فلم أتخلف يوماً عن موعد أحد منهم، وهذا من فضل الله تعالى عليَّ.
أذكر للقراء موقفاً مؤثراً للغاية حضرت يوماً إلى منزل الشيخ قبل موعد التسجيل بنصف ساعة، وكان الشيخ قد استعد لتهيئة الملحق المعد للتسجيل. دخلت غرفة التسجيل، وبدأت في إعداد الأجهزة، ولفت انتباهي أن الشيخ - رحمه الله - كان منشغلاً بمساعدة عامل السباكة في تصليح ماسورة الماء المكسورة، تأملت الشيخ وهو يساعد العامل، ويناوله المفاتيح، ويرفع معه الماسورة .. أكبرت في الشيخ هذا التواضع العظيم، وتذكرت حال النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان في بيته يخصف نعله، ويحلب شاته، ويرقع ثوبه، ويكون في خدمة أهله. وعندما دنت الساعة من التاسعة - موعد التسجيل - أقبل الشيخ، فجلس معي في الغرفة، وجيء بالشاي والقهوة والماء، وقال الشيخ: توكل على الله يا أبا خالد، وقمنا بتسجيل حلقات من برنامج (نور على الدرب) بفضل الله تعالى. إنها حياة حافلة بالجد والعطاء، والعمل من أجل نفع الناس.
إن حياة سماحة العلاّمة ابن عثيمين - رحمه الله - حياة شاهدة على تنظيمه للوقت، ودقته في تقسيمه، واحترامه للمواعيد، إنها نماذج حية تشهد بذلك، وهي في الوقت نفسه حجة على أولئك الذين يضيعون ساعاتهم، وأوقات عمرهم من غير أن يستفيدوا منها شيئاً لدينهم ودنياهم .. فهل يا ترى نستفيد من هذه المواقف؟!
المصـدر : جريدة الجزيرة السعوديه
العدد : 12718
التاريخ : الاربعاء 11 رجب 1428
مواقع النشر (المفضلة)