إن التحلي بالأخلاق الفاضلة النبيلة صفة اتصف بها نبي الهدي محمد صلي الله عليه وسلم وقد وصفه المولي عز وجل بهذه الصفات الحسنة وهي كثيرة وقد مكنت هذه الصفات الداعية الأعظم عليه السلام أن يسير بسفينة الدعوة إلي بر الأمان وإنك لعلي خلق عظيم (ن: 4) فهذا الخلق العظيم اشتمل في كل نواحي الحياة العامة والخاصة في العفو والصفح والحلم والوفاء بالعهود والأمانة والصبر وأدب الحديث وسلامة الصدر من الأحقاد والرحمة والاعتبار والاعتذار وصلة الأرحام والإحسان لهم وتوقير الصغير والكبير.. هذه الأخلاق لا ريب أنها من الأخلاق المحمودة التي تغرس في العبد الثمار الطيبة بالتوفيق الإلهي هذه الثمرة تجذب إليها الإنسان المتخلي عنها إلي سبيل الرشد والهداية فعندما يتسلح المسلم بهذه الأخلاق الفاضلة تقيه من الانزلاق في الأخلاق الذميمة ولا يكون للثقافات الخارجية أي تأثير علي شخصيته بل يكون هو مؤثراً عليها لا متأثراً بها، يؤثر علي غيره لأن الغير ربما يقتدي بالمتأثر. هذا وقد وردت آيات كثيرة تدل علي حسن الخلق منها قوله تعالي خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (الأعراف: 199) فأمر النبي صلي الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق وذلك بأن يأخذ بالسهل واليسير من الأمور في معاملة الناس ومعاشرتهم جميعاً بدون أي تفرقة بينهم.. وأمر بالعرف أي بالمعروف والجميل المستحسن من الأقوال والأفعال وقال تعالي في وصف الكاظيمن الغيظ بعد أن حث عباده إلي المشاركة في الخيرات ووعدهم بجنات النعيم الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين (آل عمران: 134) وفي السنة المطهرة علي صاحبها أفضل الصلاة والسلام أخرج الإمام أحمد ت 204ه من طريق أبي هريرة ت 57 ه رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلي الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق فالخلق إذاً هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال الإدارية الاختيارية سواء أكانت هذه الأفعال والأعمال حسنة أو سيئة أو جميلة أو قبيحة وهذه الأحوال قابلة بطبيعة الحال للتغير وذلك بتدخل التربية الحسنة أو السيئة فيها، فإذا ما ربيت هذه الهيئة علي إيثار الفضيلة والحق وحب المعروف والرغبة في الخير وروضت علي حب الجميل وكراهية القبيح وأصبح ذلك طبعاً لها تصدر عنه الأفعال الجميلة بسهولة ويسر دون تكلف قيل فيه خلق حسن.
الحاجة ماسة للاقتداء والامتثال لهذه الأخلاق
فما أحوجنا نحن المسلمين في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها أمتنا الجريحة أن نلتزم بهذه الأخلاق فنقتدي بما سار عليه السلف الصالح ومن سار علي نهجهم واستن بسنتهم إلي يوم الدين فمن الملاحظ في هذا العصر عزوف كثير منا عن هذه الأخلاق المحمودة ولربما كان السبب في ذلك هو عدم الفهم الصحيح لهذه الأخلاق أو تجاهلها وعدم إدراك منافعها، هذا ولو أخذ الناس بهذه الأخلاق لجنوا منها ثماراً طيبة نافعة في الدنيا والآخرة فيتربي الأجيال علي الصلاح وطرق الإصلاح وذلك بالتقوي فبها تتهذب النفوس وتسموا الأخلاق الفاضلة النبيلة ويتعمق الحب و المودة بين الناس ويعم الأمن والسلام في ربوع بلدان العالم أجمع فتهنيء البشرية بالأمن والأمان ولنا في رسول الله صلي الله عليه وسلم القدوة الحسنة في ذلك، هذا ويجب علينا أن نبدأ بالأهم قبل المهم في جميع شؤون حياتنا العامة والخاصة فنبدأ بالأخلاق مع المسلمين أولاً وذلك بحبهم والولاء لهم وإسداء النصيحة للمنحرفين.. وبعد ذلك نتجه إلي غيرنا بالنصيحة وبث روح الوعي والارشاد في أبناء المجتمع.
مواقع النشر (المفضلة)