التشجيع محرك الحياة والحافز الرئيسي وراء كل ابتكار أو عمل ناجح، بل ويعتبر وقودا يحرك القوي الكامنة عند الانسان دون ان يدري يقول دايل كارنيجي إن عبارة واحدة أو حتي كلمة واحدة مفعمة بالعطف والحنان والتشجيع، ربما غيرت مجري حياة انسان فدفعت به إلي النجاح وما أصدق ذلك في حيوات العظماء والنابغين .
ان كلمات التشجيع تولد في النفوس الرغبة والحافز للعمل والانجاز كما تمنح الفرد صغيرا كان أو كبيرا العطاء السخي والقوة والطاقة ولها مفعول ساحر في استثارة الهمم والارتفاع بها وتفعيل الطاقات الكامنة في نفس الانسان وكم من أناس عاشوا وماتوا ولم يتعرفوا علي طاقاتهم ولم يستغلوها بسبب بخل المحيطين بهم الذين استكثروا حتي كلمات التشجيع عليهم ولم ينفعوهم بها وأبوا ان يكونوا من أحب الناس إلي الله عز وجل وكسلوا عن فعل أحب الاعمال إليه كما روي عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قيل يا رسول الله من أحب الناس إلي الله؟ قال صلي الله عليه وسلم: أحب الناس إلي الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال الي الله عز وجل سرور تدخله علي مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظاً ولو شاء ان يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضي يوم القيامة، من مشي مع أخيه المسلم في حاجته حتي يثبتها له أثبت الله تعالي قدمه يوم تزل الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل.
وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يستخدم التشجيع مع أصحابه وزوجاته لأن كلمات الاستحسان والمديح الصادق المجرد من المصالح الدنيوية وعبارات الشكر والاطراء والتقدير تجعل الانسان يخرج أقصي طاقاته ليعطي وينتج وبالتالي يسمع المزيد منها ويشعر بتحقيق الذات والانجاز وكم من مدراء فهموا ذلك وشجعوا مرؤسيهم فحققوا النجاح الباهر وكسبوا حب الناس وثقتهم ووافر جهدهم وعلي الجانب المظلم نجد بعض المدراء قد يضنون بهذه الكلمات التي لن تكلفهم شيئا بل ستكسبهم الكثير لو آمنوا بها لأن هذه هي طبيعة البشر.
لكلمات المديح أثر فعال علي الكبار فما بالنا بفلذات أكبادنا فهم صفحات بيضاء نخط عليها ما نشاء، وتفعل بهم كلمات التشجيع والمديح ما يفعله النسيم في أوراق الشجر وعلي النقيض فإن كلمات التبكيت والاحباط تقتل عندهم الطموح والابداع وتظل تهددهم طوال حياتهم فيفقدون حتي الأمل في الانجاز وتنعدم ثقتهم بذواتهم بفعل كبار ثقافتهم الجهل والتخلف والصوت العالي وكم من عالم ناجح وسياسي بارز وداعية مفوه و... و... و...الخ، وأدناهم قبل ان يولدوا داخل أبنائنا وطلابنا فعلينا دائما ان نبحث عن الجوانب الايجابية حتي ولو كانت قليلة ونشجعهم عليها فمثلا اذا سألت ابنك أو تلميذك عن الواجبات التي كلفته بها وقال لك لم أؤدها فلا تركز علي الجانب المظلم من الموضوع وهو عدم أداء الواجب وتنهره وتضربه وتنعته بالغباء أوالكسل أو البلادة مثلا انما ركز علي الجانب الايجابي وقل له أنا أشكرك علي جرأتك وصدقك في الحديث لأنك لم تكذب عليَّ وأخبرتني أنك لم تؤد الواجب وهذه الصفة من صفات المؤمنين وعليك ان تكمل هذه الصفة النادرة في زماننا بأن تؤدي واجباتك وأنا متأكد من أن صادق مثلك أكيد منعه مانع قوي من أداء الواجب وهكذا علينا استغلال الجانب الايجابي ومدحه لندعم الجانب السلبي ونبدله.
تذكروا دائما أنها مجرد كلمات لن تجهدنا ولكنها تحتاج الي نفوس صحيحة نفسيا وعقليا واجتماعيا فهل نتذكرها دائما انها ثقافة التشجيع.. ذلك الكنز.
مواقع النشر (المفضلة)