تتوقف حياة الانسان ككل على ما سبق وعقد العزم على القيام به، وما خططه، وما سار عليه من نهج لتحقيق أهدافه، فالمرء عندما يضع هدفا ما نصب عينيه يكون بمثابة المصباح الذي يهتدي به في طريق الحياة، ومن دونه يتعرض لمشقة الدخول في دهاليز ومتاهات تعوقه وتقف حجر عثرة أمام تقدمه وتطوره بل ويحد من قدر البناء التراكمي في مستقبل أيامه.
تحديد الهدف شيء مهم للغاية، اذ يترتب عليه كثير من المسؤوليات التي تقع على كاهل الشخص وبصفة خاصة تلك المنظومة من الكد والعمل والكفاح والتي تصب في النهاية في نهر النجاح وتحقيق التطلعات فالانسان لابد وان تتوافر بداخله دوافع وحوافز تدفعه نحو البناء، وارادة قوية تساعده دوما على تخطي الصعاب، وتجاوز العثرات ومن دون مثل هذه الارادة قد يتعرض للفشل تلو الآخر مما يجعله عرضة للاحباط والوقوع فريسة لأزماته.
بالطبع الناس ليسوا كلهم على وتيرة واحدة ولكنهم يختلفون في تكوينهم وفي دوافعهم، وحتى في طرق تحقيق الآمال والتطلعات فهناك من يمتلكون ارادة وعزيمة تدفعهم بصفة دائمة الى الاخلاص والتفاني وبذل الجهد، وحتى وان واجهتهم الصعاب ووضعت في طريقهم المعوقات، فإن ذلك لا يثنيهم عن عزمهم على مواصلة طريقهم ومحاولة تحقيق ولو حد أدنى من آماليهم، ومثلهم لا يمكن أن يخضع لهوى النفس او أن يسلك طرقاً غير مشروعة نجح آخرون من خلالها في عمل قفزات في حياتهم ولكن لأن الله عز وجل يقدر لعباده المخلصين ايمانهم وتقواهم فإنه في النهاية لا يخذلهم أبدا ويرزقهم من واسع فضله الرزق الحلال فسبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملا.
الصدق والايمان بالله واخلاص النية هي طريق الانسان الأمثل للوصول الى النجاح الحقيقي، وما دون ذلك لا يمكن ان يدخله في قائمة الناجحين فأولئك الذين يسلكون كل الطرق ويستبيحون كل شيء بغض النظر عن الحلال والحرام وما هو اخلاقي وغير اخلاقي، حتى وان كانوا في الظاهر ناجحين وجنوا الكثير من الثروات والاوضاع الاجتماعية فإن هذا النجاح مادام قد تحقق بالانتهازية واعلاء مبدأ المصلحة الشخصية على كل شيء، فلا يمكن بالطبع ان يسمى نجاحاً لأنه تحقق بعيدا عن المثل والقيم الدينية والاخلاقية التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بتكريسها ضمانا لصلاح الفرد والمجتمع.
النجاح هو صدق النية في أي عمل نقوم به وهو النتيجة الحتمية والمحصلة الطبيعية للجهد والمثابرة والنجاح لا يقتصر فقط على مجالات معينة مثل الدراسة والتحصيل العلمي والعمل ولكنه يمكن أن يمتد أيضا الى مناحي الحياة كافة، فالانسان يمكن ان يحقق نجاحاً ما دام فاعلا في حياته ومؤثرا في المحيطين به، ففي مجال العمل يستطيع الانسان الذي يبذل جهدا ويراعي ضميره ان يكسب احترام المحيطين به وثقتهم وحتى وان كان لا يحقق ما يمكن ان يحققه من يملكون القدرة على النفاق والرياء فإنه يكفيه ان ثوبه ليس ملوثا وأن سمعته لا تشوبها شائبة وان ما يصل اليه ما هو الا نتيجة للدأب والاخلاص وهذا بالطبع هو ارقى درجات النجاح.
المرأة في بيتها يمكن ان تصل الى درجات عليا من النجاح اذا ما تولت رعاية أسرتها على أكمل وجه، واذا ما أحاطت أبناءها بالرعاية الواجبة ومنحتهم العطف والحنان وغرست في نفوسهم الرحبة وقلوبهم الخضراء قيما يتسلحون بها في مستقبل أيامهم وهي أيضا تستطيع ذلك اذا ما كانت خير معين لزوجها في السراء والضراء وفي اليسر وفي العسر فكم من بيوت ألمت بها الكوارث وحاصرتها المشكلات نتيجة عدم وعي المرأة برسالتها تجاه أسرتها وكم من اخرى نهضت ونجحت برغم الظروف الصعبة بفضل الارادة القوية والرغبة الأكيدة في عمل شيء ما.
النفس التواقة الى النجاح هي نفس قوية، لا يعرف التكاسل او التخاذل طريقها إليها وهي نفس تترك لصاحبها بصمة لا تمحوها الأيام.
مواقع النشر (المفضلة)