بسم الله الرحمن الرحيم...
للنعيم الدائم أَعدَّت الصالحات العدة .. فتلك الصالحة تستطيع أن تتفلَّت ... لكنها عن كل هذا تنزَّهت وارتفعت... سليها لماذا لم تتفلت ؟ لم تسكن في الصحاري أو في الأدغال والبراري !
بل عاشت في المكان نفسه الذي تعيش فيه الرخيصات .. اللاهثات وراء الشهوات .. اللاتي هنَّ كالأطفال لا يميِّزن الحلوى من المخدرات .. لكنها حين اشتهين .. اشتهت شيئاً يفوق خيالهن .. وحفظت عرضها يوم سلبت ودنَّست أعراضهن ..
خافت مقام ربها ... يوم أمِن هنَّ مكر الله [أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا القَوْمُ الخَاسِرُونَ] {الأعراف:99} .. علِمت أن تلك النفس التي بين جنبيها غالية .. كيف لا ؟ وهي نفسها التي سوف تنعم وتكرم إذا خافت مقام ربها ونهت النفس عن الهوى ..
أو سوف تعذَّب وتهان وفي دركات الجحيم تحرق إذا سمحت لنفسها بالانغماس في درن الهوى ... فكَّرت وقدَّرت فعزَّت نفسها عليها أن تعذب .. وتسقى الحميم وفي جهنم تتقلب ..
فخططت كيف بالنعيم تظفر .. وكيف قصورها تنهى وتأمر .. كيف إذا سحب الكثيرات على وجوههن .. وهي إلى الرحمن مع الوفد تحشر .. وإذا أخذ الناس كتبهم بالشمال .. أخذته باليمين وهي بالجنان تبشَّر .. فعملت لذلك اليوم العمل المطلوب .. واجتنبن كل ما نهى الله عنه ولو كان مرغوبا ً ..
لبست العباءة على رأسها فسترت جميع بدنها امتثالا ً لأمر ربها لتفوز بقوله سبحانه : [وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا] {الإنسان:12} .. غطَّت وجهها عن غير محارمها فجعله الله نوراً يشرق له ما بين السماء والأرض ، قال تعالى :[يَوْمَ تَرَى المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ اليَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ] {الحديد:12} .
صاغت أساور الذهب التي ليست كذهب الدنيا فأعدت لها تلك الأساور التي تسلب الألباب لمَّا لبست قفازتها وشرابها فغطت كفيها وقدميها ، قالت الله تعالى : [جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ] {فاطر:33} .
حفظت لسانها وفرجها لتظفر بالجزاء العظيم الذي يسعى إليه الناس كافة ، قال تعالى : [وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ] {المؤمنون:3} . وماذا أيضا ً [وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ] {المؤمنون:5} .
ماذا قال فيهم : [أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ(10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(11) ]. {المؤمنون}. .. حفظت بيتها وزوجها ، قال الله تعالى : [ادْخُلُوا الجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ] {الزُّخرف:70} .
برَّت والديها ، قال تعالى : [وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا] {الإسراء:23} .
صبرت على الطاعات .. وصبرت عن المعاصي والمنكرات .. وصبرت على ا لأقدار ، قال الله تعالى : [سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ] {الرعد:24} .. هذا ما أعدته الصالحات .. لجنة عرضها الأرض والسموات ..يوم أن تركْن نعق الناعقات .. ولم يكنَّ من الإمعات .. اللاتي يوجهن من العلمانيين والعلمانيات . قال الله تعالى : [قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {آل عمران:31} .. وأنت أخيه ، بالطبع تحبين الله ولكن ! هل يحبك ؟
بشرى : قال صلى الله عليه وسلم : " إذا صلَّت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ِ".
من كتاب : لأنّك غالية . للشيخ : عبد المحسن الأحمد .
www.denana.com
مواقع النشر (المفضلة)