(رجل) كلمة من ثلاثة احرف، لكنها تحمل الكثير من المعاني العظيمة فالرجولة ليست نعتاً يطلق على ابناء آدم والسلام!! بل هي معان عظيمة ومواقف نبيلة واشياء اصيلة.
والمرأة حين تحلم بزوج فإنها تتمنى ان يكون رجلاً حقيقياً!! خاصة في زمن كزمننا، بعض الرجال فيه هم اشباه رجال!! فالمضمون يخلو من الصفات الحقيقية التي يعبر عنها الشكل الخارجي. المرأة تحلم بالفارس الشجاع الصبور الذي يحقق لها الأمن والاستقرار اللذين تنشدهما دوماً فهي حين تريد الزواج تتطلع لمن يكون قادراً على تحمل المسؤولية، وحمايتها واحتوائها والوفاء بواجباته تجاهها والحفاظ على حقوقها وكرامتها لانها تجد في ذلك معنى الرجولة الحقة. قديما كانوا يقولون:(ظل رجل ولا ظل حائط)، وكانت المرأة تتزوج دون شروط او تردد او قلق، لأن الرجل قديماً كان جديراً بأن تهبه المرأة حياتها بثقة، ولأن(ظل الرجل) آنذاك كان قادراً على حماية المرأة واطفالها من غدر الحياة، فتنام قريرة العين مؤمنة بأنها في عرين رجل يمثل لها الكثير، فهو الأب والأخ والزوج والحبيب والصديق والحصن الامين والسند المتين.
اما اليوم فبعض النماذج التي تتشكي منها النساء، وينعين حظهن بسببها تبرز حقيقة غياب الرجل الحق من حياتهن!!، فالرجل الهش الضعيف المهزوز الشخصية يزلزل بداخل المرأة الشعور بالامان تجاهه ويقتلع احساس الثقة من اعماقها! لأنها تراه يسقط في أول المعركة، وينهار لأبسط هزة يتعرض لها، مما يفقدها الشعور بالاحترام نحوه! وكيف لها ان تحترم رجلاً يجبن امام المواقف، ويتصرف بحمق وصفاقة؟ لا يقوى على اتخاذ القرار السليم، ولا يحسن ادارة المواقف!!
والرجل الأناني الذي يعتنق شريعة الأخذ دون عطاء، كفيل بتحويل حياة المرأة إلى جحيم تحترق فيه بصمت!! فهو لا يعترف الا بحقوقه، ولا يؤمن بأنه مطالب بواجبات، ويبحث عن ملذاته وشهواته دون الاكتراث بأحد!! وكثيراً ما يتشدق الرجل (بالقوامة) دون فهم لحقيقتها!!، وتراه يغتصب راتب الزوجة او إرثها متصرفاً فيه كيفما شاء دون ان يردعه ضمير او شرع، اما الرجل الذي استبدل لغة العقل والحوار بلغة اللكمات والعضلات هو احقر نموذج تحكم الاقدار على المرأة ان تعاشره، مقتنعة بانها لم تتزوج انساناً بل وحشاً ضارياً!!
كل ذلك وغيره ادى إلى غياب الرجل الحقيقي من حياة الكثيرات - اعانهن الله - مما سبب مشاكل اجتماعية بالغة الخطورة، كتفشي ظاهرة العنوسة، لأن المرأة تحيا في شرنقة القلق من الرجل!!،، كما نجد تزايدا مخيفاً في عدد حالات الطلاق في البيوت والمحاكم، وهناك حالات طلاق مع وقف التنفيذ، او حالات زواج فاشلة لا طعم لها ولا لون!! لأن الحياة الزوجية لم تعد تبنى على اساس المودة والرحمة! ان الرجولة الحقيقية عالم يضج بالمعاني الجميلة، فهي مزيج من الرقة والصلابة، القوة والمرونة، الحسم والحنان، الشموخ والتواضع، القوامة والاحتواء والتفهم. الشجاعة والكرامة، الغيرة على الحرمات مهما خصت او عمت!!
اننا في زمننا نفتقد الرجل الذي يثور لانتهاك الحرمات، اننا نفتقد (معتصماً) يلبي استغاثة امرأة تعرضت لاوباش الطريق، فينطلق على صهوة شهامته شاهراً سيف العزة ليحميها ويردع كل معتد اثيم!! لا ان يقف مكتوف الايدي مراقباً مشهد الاعتداء والتعدي دون ان يهتز له جفن او يتحرك فيه ساكن!! كما يحدث اليوم! اننا امام قضية مجتمع باكمله يعاني من غياب ركن اساسي فيه، ويعيش ركنه الثاني (المرأة) وحشة مخيفة!!
ورغم كثرة الشاكيات الا انني اقول لهن من بين زحمة اصواتهن: ما يزال الأمل يحيا بين جنبات حياتنا، لأننا ما نزال نجد نماذج اصيلة للرجل الحقيقي - وان كانت قليلة - الا انها تؤكد ان الخير لم يهجر الارض.
واقول لكل امرأة:الامور العظيمة تولد دوماً من رحم المعاناة والاحتياج، فلتربي ابنك ليكون فارس الجيل القادم ما دمت تشعرين باهمية ذلك.
منقول
مواقع النشر (المفضلة)