لما توفيت دخل عليها النبي وجلس عند رأسها، وقال: 'رحمك الله يا أمي، كنت أمي، تجوعين وتشبعينني، وتعرين وتكسينني، وتمنعين نفسك طيبها وتطعمينني، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة' ثم أمر أن تغسل ثلاثا، فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله بيده، ثم خلع قميصه، فألبسها إياه، وكفنها، ولما حفر قبرها وبلغوا اللحد حفره النبي بيده وأخرج ترابه، فلما فرغ، دخل فاضطجع فيه ثم قال: 'الله الذي يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، اللهم اغفر لامي فاطمة بنت أسد، ولقنها حجتها، ووسعه عليها بحق نبيك والانبياء من قبلي، فإنك أرحم الراحمين'. ثم كبر عليها أربعا، وأدخلها اللحد ومعه العباس وابو بكر الصديق يساعدانه. (الطبراني).
وعندما سأله الصحابة: ما رأيناك صنعت بأحد ما صنعت بهذه، قال: 'إنه لم يكن بعد أبي طالب أبر بي منها، وإنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة، واضطجعت في قبرها لأهون عليها عذاب القبر' (الطبراني).
هذه هي منزلة السيدة 'فاطمة بنت أسد' زوجة ابي طالب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كانت ترعاه رعاية خاصة، فقد كانت تشعر باليتم الذي يعانيه حتى إنها كانت تفضله على أبنائها.
وقد نشأت السيدة فاطمة في بيت من أشرف بيوت قريش وأعزها، فأبوها هو 'أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي'، وأمها 'فاطمة بنت قيس' وقد تزوجت 'فاطمة بنت أسد' من أبي طالب فولدت له طالبا وعقيلا وجعفرا وعليا - كرم الله وجهه ،- وأم هانئ، وجمانة، وربطة.
وقد تركت معاملتها في نفس النبي - وهو طفل - أبلغ الأثر، فقد كانت حميدة الأخلاق، عميقة الإيمان، صافية النية، مما جعلها تترك أثرا بالغا في نفوس ابنائه، وبخاصة الامام علي بن ابي طالب - رضي الله عنه - وظلت فاطة تمارس دورها بعد وفاة زوجها أبي طالب، فدخلت في الإسلام وهاجرت، وكافحت في سبيل توطيد دعائم الدين الحنيف.
مواقع النشر (المفضلة)