الأسد ملك بالليل نائم بالنهار
من أسمائه السبع والليث والعباس، والحارث والغضنفر والدواس، والضرغام والضيغم والهرماس، وأسامة وحيدرة وأبو فراس. قيل إن له في العربية أكثر من 500 اسم ووصف منها التاج والبيهس والجحدب والصعب والرئبال والعنبس والقسورة، والاسم الأخير هو الذي ذكر به في القرآن الكريم.
يكنى بأبي الأبطال، وأبي حفص، وأبي الأخياف، وأبي الزعرفان، وأبي شبل وأبي العباس وأبي الحارس وأبي لبدة وملك الغابة.
وهو في القوة والجرأة والهيبة والشجاعة مضرب الأمثال إذ قالوا: أكرم من أسد، وأكبر وأشجع من ذي لبدة، وأجرأ وأقوى من ليث بخفان، وخفان منطقة عرفت بكثرة أسودها.
الأسد حيوان ثديي اسمه العلمي (فليس ليو) من الفصيلة السنورية، يستوطن إفريقيا، جنوب منطقة الصحراء الكبرى، ومنطقة شرق آسيا وغرب الهند.
للذكر لبدة حول رأسه بنية اللون أو سوداء أو غبراء، وهو من آكلي اللحوم، يفترس الحيوانات العشبية كالغزلان وبقر الوحش وغيرها.
انقرض في أوروبا ومهدد بالانقراض في آسيا وافريقيا بسبب قتله وصيده وبيعه للسيرك وحدائق الحيوان، يتراوح لونه بين الأصفر والبني، شعره ناعم قصير وفي نهاية ذيله خصلة من الشعر الداكن.
يبلغ طوله من رأسه حتى نهاية ذيله نحو 3 أمتار ووزنه 250 كيلوجراماً، وارتفاعه 90 سنتيمتراً، والاناث أقل من الذكور في الطول والحجم والوزن، قيل انه لا يهاجم الانسان إلا الاسود الضعيفة المسنة الجائعة.
تسمى الأنثى لبؤة، والصغار أشبالاً، والأسد ملك الغابة بلا منافس أو منازع، يطلق على بيته (العرين)، وصوته الزئير، وهو صوت مرتفع مخيف، ينشر الرعب في أرجاء الغابة، ويقال انه يقتل بعض الكائنات في الماء خوفاً وهلعاً.
كان الأسد على مر العصور وفي مختلف الحضارات رمزاً للقوة والهيبة وشعاراً للقادة والجيوش، وهو الشعار القومي في بريطانيا.
تتركز أسلحته في أنيابه القاطعة القوية ومخالبه الحادة المعقوفة ومن خلفها تقف قوة هائلة تجعلها أكثر فتكاً وقتلاً.
والأسود كائنات ليلية تقضي معظم نهارها في النوم أو الراحة وتتحرك للصيد إذا أرخى الليل سدوله.
والاناث هي التي تقوم بالدور الأكبر في صيد الفرائس وتقدمها لزوجها أولا حتى إذا فرغ من طعامه بدأت هي في تناول طعامها مع الصغار، ويتولى الأسد أمر الدفاع عن جماعته في مواجهة الأعداء ومعظمهم من الذكور الآخرين.
وتعيش هذه الجماعات الصغيرة في ظل نظام قانوني صارم وتقاليد محكمة؛ الذكر فيها هو الحاكم بأمره والأنثى توفر الطعام، والأشبال تلهو وتتعلم استعداداً لتحمل المسؤولية ومواصلة رحلة الحياة.
والأسد لا يأكل من فريسة غيره من الضواري، وإذا شبع من فريسته انصرف عنها ولا يعود إليها، لكنه يتركها لغيره من الحيوانات كالثعالب والضباع، وقيل انه لا يشرب من ماء شرب منه غيره، يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه في أبيات الحكمة التي عرف بها:
وتجتنب الأسود ورود ماء
إذا كان الكلاب ولغن فيه.
ويقول في الدعوة إلى السعي في طلب العلم وكسب الرزق:
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست
والسهم لولا فراس القوس لم يصب.
ويقول أبو تمام:
إن الأسود أسود الغاب همتها
يوم الكريهة في المسلوب لا السلب.
ويقول الشاعر الحكيم في ضرورة الحذر والأخذ بالأسباب:
ومن رعى غنماً في أرض مسبعة
ونام عنها تولى رعيها الأسد.
والأسد أكثر الحيوانات التي جرى ذكرها على لسان الشعراء ومعها الخيل والإبل. والأسد في الفلك هو البرج الخامس، ويطلق اسم الأسديات على وابل من الشهب يظهر في شهر نوفمبر كل 33 سنة.
ويحمل الأسد لقب أبي فراس لمهارته في صيد الفرائس، وسمي بذلك أبو فراس الحمداني ابن عم سيف الدولة الحمداني وكان ملكاً مهيباً وشاعراً أديبا.
وقيل ان بداية الشعر كانت بملك وختامه كذلك؛ بدأ بامرىء القيس وختم بأبي فراس.
اتخذته الشركات علامة تجارية لها اشارة إلى جودة انتاجها وقوته ومتانته وتأثيره الفعال.
وأبو الهول له جسم أسد كعلامة على القوة ورأس إنسان كعلامة على العقل والحكمة.
وفي حدائق الحيوان يتوجه الزوار لمشاهدة بيت الأسود ويقفون وقتاً طويلاً في تأمل أحوال ملك الغابة وزوجته وأشباله، وفي إفريقيا حدائق مفتوحة للحيوان تمضي فيها الأسود حرة طليقة يشاهدها الزوار من نوافذ السيارات أو الممرات.
والأسد نجم لامع في عالم السيرك يشارك في ألعابه مع الخيل والقردة والنمور، ويسعد المشاهدين بحركته القوية الجريئة وهو يقفز من حلقة النار ويخترق الحواجز ويلعب مع مدربه ويتبادل معه التحيات والقبلات.
وفي أحوال غير قليلة خرج الوحش عن النص وقتل مدربه أو أصابه بإصابات خطيرة بالغة، حدث ذلك مع المدرب المصري الشهير محمد الحلو وأفراد آخرين من العائلة التي اشتهرت بتدريب الوحوش وترويضها، ويتهم البعض هذه الحيوانات بالغدر وخيانة الأمانة، لكنها في حقيقة الأمر تسلك سلوكها الطبيعي بدافع من نداء غريزتها، وعلى من يعمل في هذا المجال أن يتخذ من الاحتياطات ما يكفي لحماية أمنه وسلامته في مواجهة أمثال هذه الوحوش الضارية.
ويكنى حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم بأسد الله لقوته وشجاعته وفروسيته في صدر الاسلام، ودوره الكبير في نشر الدعوة ورفع لواء الدين الحنيف.
وأسد بن الفرات (759 829) تولى القضاء في القيروان وشارك في الحرب على صقلية وتوفي خلال حصار سرقسطة.
ورد ذكر الأسد في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة المدثر (كأنهم حمر مستنفرة فرت في قسورة) (50)، ضرب الله سبحانه وتعالى في هذه الآية مثلاً يبين حال أهل النار وما يصيبهم من خوف وفزع وعذاب جزاء ما ارتكبوا من ذنوب وآثام.
يسأل أهل الجنة أهل النار عن الأسباب التي ألقت بهم في هذا المصير، فيقولون إنهم تركوا الصلاة وخاضوا في كل شيء بالباطل وكذبوا بيوم الحساب حتى أتاهم أمر الله.
والتشبيه في الآية الكريمة قوي البيان يقدم المعنى في صورة حية واقعية، فلا يوجد خوف أو فزع يداني ما يصيب حمر الوحش إذا هاجمها الأسد الجائع ومضى خلفها في مطاردة حامية تخلع القلوب.
وللأسد فك حديدي يحمل أسناناً وأنياباً قوية تذبح وتمزق بخلاف الحيوانات العشبية التي تملك أسناناً تقطع وتطحن.
والأسود وغيرها من الوحوش الكاسرة تعرف هدفها جيداً وتطارد الفريسة ولا تهاجمها من ذيل أو ساق، لكنها تقبض عليها من رقبتها فتحطم عمودها الفقري وتقطع حلبها الشوكي فتكون النهاية.
وتمضي دائرة الحياة: النبات يأكل من الأرض والحيوانات العشبية تأكل النباتات والضواري تأكل آكلات العشب، والضواري يقتل بعضها بعضا، أو تقضي عليها الأيام فتتغذى عليها كائنات صغيرة وتتحول في نهاية المطاف إلى تراب مرة أخرى وتبدأ الدائرة من جديد.
مواقع النشر (المفضلة)