لقد أصبحنا نعيش في عصر طغت فيه المادة، وباتت تتحكم في كل شيء، لدرجة أصبحت الحياة العملية تطغى على جميع أنشطتنا بل تسلبنا حتى أوقات الراحة والترفيه. مما ينعكس سلبا على حياتنا الخاصة التي أضحت متأثرة بشدة بحياتنا العملية حتى أصبحنا عرضة للضغوط والأزمات النفسية.
الغريب أن الأمر لا ينحصر فقط في كميات العمل التي تتراكم علينا، وإنما أيضا خصائص وظائفنا السيكولوجية المزعجة التي قد تفسد أحيانا كثيرة زواجنا. وحسب الباحثين والخبراء فإن العمل في وظيفة لها تبعات سيكولوجية كبيرة، تولد توترا في الحياة الزوجية. كما أن الأشخاص الذين يعملون في وظائف من هذا النوع تنشأ بينهم وبين زوجاتهم مشاحنات كثيرة حول العديد من الأمور، مثل المسائل المالية وكيفية قضاء أوقات الفراغ.
والوظائف التي تولد الضغوط النفسية تحول دون قيام الموظفين بتلبية مطالب عائلاتهم وتخلق مزاجاً سلبيّاُ ينتقل إلى الحياة البيتية. تقول دايانا هيوز وزملاؤها من جامعة نيويورك، إن المزاج السلبي الذي ينشـأ في العمل يشغل بال الموظفين ويرهقهم ويثيرغضبهم ويسبب لهم حالات نفسانية تحرم عائلاتهم منهم وتمنعهم من التفكير بزوجاتهم. وما أثار دهشة الباحثين هو أن تأثير التوترات التي يولدها العمل أو الصعوبات الناتجة عن دور العائلة – هذا التأثير لا يقتصر على المسائل المتشابكة بين العمل والعائلة، مثل توفر الوقت وإدارة الشئون العائلية.
هذه المسائل في الواقع لم تشملها الدراسة التي أجريت على 188 امرأة و 344 رجلاً جميعهم متزوجون ويعملون في شركة كبرى للمستحضرات الطبية، ومعظمهم مهنيّون بيض من الطبقة المتوسطة. بل إن الدراسة تركزت على التوترات التي كان لها وقع على نواح أخرى من العلاقات الزوجية. علاوة على ذلك فإن وقع المزاج السلبي على المشاحنات التي تجري في البيت أكبر من وقع حجم العمل الذي يثقل كاهل الموظف. زيادة ساعات العمل المفرطة تخلق مصاعب تعيق تلبية المتطلبات العائلية، ولكنها لا تؤثر مباشرة على وضع الموظفين العاطفي.
مواقع النشر (المفضلة)