مدونة نظام اون لاين

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: خطبة الجمعه من المسجد الحرام بعنوان (( منهج السلف في الاخلاق والسلوك ))

  1. #1
    مشرفه سابقه

    تاريخ التسجيل
    May 2005
    المشاركات
    7,935
    معدل تقييم المستوى
    8

    Rose خطبة الجمعه من المسجد الحرام بعنوان (( منهج السلف في الاخلاق والسلوك ))

    بسم الله الرحمن الرحيم
    خطبة الجمعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة
    لفضيلة الشيخ : صالح بن حميد
    بتاريخ : 21- 8-1424هـ
    وهي بعنوان : منهج السلف في الأخلاق والسلوك

    الحمد لله، الحمد لله خلق الخلق ليعبدوه، وأنزل عليهم كتبه، وأرسل إليهم رسله ليعرفوه، أحمده سبحانه وأشكره، أسبغ عليهم نعمه ليشكروه، وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من يخاف ربَّه ويرجوه، وأشهد أنّ سيدنا ونبيّنا محمداً عبد الله ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق فاتبعوا النور الذي أنزل معه وعزروه ووقروه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه الذين آووه وآزروه ونصروه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أمّا بعد:
    فأوصيكم ـ أيّها النّاس ـ ونفسي بتقوى الله عزّ وجلّ، فاتّقوا الله رحمكم الله، وتوبوا إليه فإنّه يحبّ التوّابين، واستغفروه ذنوبَكم فهو خير الغافرين، اتّقوه مخلصين، وتوبوا إليه نادِمين، انصُروه ينصرْكم، وأطيعوه يُثبْكم، اغتنِموا الصالحاتِ لأنفسكم، فمن عمل صالحًا فسوف يراه، ومن فرّط حلّ به الندم ودام حزنُه وشقاه، والويل لمَن زلّت به قدمَاه يومَ ينظر المرء ما قدّمت يداه.
    أيّها المسلمون، لا يمترِي مسلمٌ أنَّ سبيل النجاة وطريقَ السعادة في الدّنيا والآخرة التزامُ كتاب الله عزّ وجلّ وسنّةِ رسوله محمّد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم، على مثل ما كان عليه رسول الله وأصحابه، تلكم هي سفينة النجاة وسبيلُ العزّة وطريق السّلف الصالح. غيرَ أنّ هناك أمرًا مهمًّا في نهج السلف الصّالح لم يأخذ حقَّه من العناية ولم يوضَع مكانَه من التربيّة، ذلكم هو منهجُ أخلاقهم وطريق سلوكهم، ذلكم أنّ مِن المتقرّر أنّ منهجَ السلف الصالح رضوان الله عليهم ليس علمًا مجردًا ولا اعتقادًا جامدًا، ولكنّه نهجُ العقيدة والفقهِ والأخلاق والعمل. وإنّ المتأملَ في حياة بعض المسلمِين حتّى بعضِ المنتسبين للعلمِ والدعوة يلحَظ انفصالاً وانفصامًا بين الجانِبِ العلميّ النظريّ الاعتقاديّ والجانبِ السلوكيّ الأخلاقيّ العمليّ.
    أيّها المسلمون، إنّ ثمّةَ تلازمًا بل تلاحُمًا بين السّلوك والاعتقاد والإيمَان والأخلاق، فالسّلوك الظّاهر مرتبطٌ بالاعتقاد الباطِن، ومن ثَمَّ فإنّ الانحرافَ الواقعَ في السّلوك والأخلاق ناشئٌ عن نقصٍ وخلل في الإيمان والباطن. يقرّر ذلك شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله حين يقول: "إذا نقصَت الأعمال الظاهرةُ والباطنة كان ذلك لنقصِ ما في القلب من الإيمان، فلا يُتصوَّر مع كمال الإيمانِ الواجبِ الذي في القلب أن تعدَم الأعمال الظاهرة الواجبة، بل يلزم من وجودِ هذا كاملاً وجودُ هذا كاملاً، كما يلزم من نقصِ هذا نقصُ هذا"، كما يقول رحمه الله: "فما يظهَر على البدنِ من الأقوالِ والأعمالِ هو موجَب ما في القلبِ ولازمُه"، ويقول الشاطبيّ رحمه الله: "الأعمال الظاهرةُ في الشّرع دليل على ما في الباطن، فإن كان الظاهر منخرِمًا حُكِم على الباطن بذلك، أو مستقيمًا حُكم على الباطنِ بذلك أيضًا".
    بل قد صرّح أهل العلم بهذا المنهجِ الأخلاقيّ وهم يذكرون منهجَ السلف في كتب العقائد، يقول الإمام الإسماعيليّ: "ويَرون محاربةَ البدع والآثام والفخر والتكبّر والعُجب والخيانةِ والدّغل والسعاية، ويرَون كفَّ الأذى وتركَ الغيبة"، ويقول الإمام الصابوني: "ويتواصَون بقيامِ الليل للصّلاة وبصلةِ الأرحام وإفشاءِ السلام وإطعام الطّعام والرحمةِ للفقراء والمساكين والأيتام والاهتمامِ بأمور المسلمين والتعفُّف في المأكلِ والمشرَب والملبس والمصرَف والسعيِ في الخيرات والأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر والبدار إلى فعل الخيرات أجمَع واتّقاء شرّ الطمع، ويتواصَون بالحقّ ويتواصَون بالصبر"، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان منهج السلف: "ويدعون إلى مكارمِ الأخلاق ومحاسِن الأعمال، ويعتقِدون معنَى قولِه : ((أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا))، ويندبون إلى أن تصلَ من قطعك وتعطيَ من حرمَك وتعفوَ عمّن ظلمَك، ويأمرون ببرِّ الوالدين وصلةِ الأرحام وحسن الجوار والإحسانِ إلى اليتامى والمساكين وابنِ السبيل، وينهَون عن الفخر والخُيَلاء والبغي والاستطالةِ على الخلق بحقّ أو بغير حقّ، ويأمرون بمعالي الأخلاقِ وينهَون عن سفاسِفها".
    أيّها المسلمون الإيمان والصلاحُ والأخلاق عناصرُ متلازمةٌ متماسِكة لا يمكِن الفصل بينها، ولكن قد يُبتلى العبدُ بالتّفريط فيها أو التّقصير في بعضِها تقصيرًا قد يؤدّي به إلى الهَلَكة.
    تأمّلوا ـ رحمكم الله ـ من هو المفلس في معيار الإسلام. المفلسُ ـ كما في الحديث الصحيح ـ من يأتي بصلاة وزكاةٍ وصيام، ويأتي وقد شتَم هذا وقذَف هذا وأكلَ مالَ هذا وسفك دمَ هذا وضرَب هذا، فيُعطى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه، فإن فنيَت حسناتُه قبل أن يٌقضَى ما عليه أخِذ من خطاياهم فطُرحت عليه ثمّ طُرح في النار، ذلكم هو المفلسُ عياذًا بالله. المفلسُ الذي ملك بضائعَ نفيسة، ولكن ركِبه من الدّيون بسوء تصرُّفه ما يجاوز قدرَها، فكان الإفلاسُ والهلاك.
    عباد الله، الأخلاق حُلَّة تقصُر دونها الحُلَل وسِتر لا يغني عنه سِتر، وهل افترق الإنسان عن حيوان الغابِ وسِباع الدواب إلا بالأخلاق؟!
    الأخلاقُ تمتزِج بتصرّفات الإنسان كلِّها، في سلوكه جميعِه وأحواله كلِّها، في جدِّه وهزلهِ، وفرَحه وحزنِه، ورضاه وسَخَطه، وخطئِه وصوابِه. إنَّ عند ابن آدم رغبةً شديدة في نيلِ السّعادة والعيش في أكنافها، ومِن المعلوم جَزمًا أنّ السعادة لا تُدرك بالمنصِب ولا بالجاه ولا تُنال بالشّهوات ومُتَع الحياة ولا بِجمال المظهَر ورقيق اللّباس، لا تُنال السّعادة إلا بلباسِ التّقوى ورِداء الخُلُق، عملٌ صالح وقول حسَن، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ[الحج:77، 78].ابحَث ـ حفظك الله ـ بعنايةٍ عن أصولِ الأخلاق ومزكّيات النّفوس، تأمّل في الأمانةِ والصّدق والعفّة والمروءة والحِلم والصّبر والاعتراف بالحقّ لأهله والجميلِ لأصحابه، قدّر ما عند الآخرين مِن الفضلِ والعِلم والخِبرة، آثِر الحقَّ وأحِبَّ أهلَه وخُذ بالرّحمة وفروعِها وقوّة الإرادة وضبطِها والصّبر ومظاهِره وسماحةِ النّفس وعلوّ الهمّة والاحترامِ المتبادَل.
    إنّ لمحاسنِ الأخلاق في دينِكم ـ عبادَ الله ـ مكانةً عالية، بلغت بصاحبها أن كان الأقربَ والأحبّ لصاحب الخلُق العظيم نبيّنا محمّد ، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إنّ من أحبِّكم إليّ وأقربِكم منّي مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا)) رواه البخاري، ويقول عليه الصلاة والسلام: ((إنّ من خيارِكم أحسنَكم أخلاقًا)) رواه البخاري. والكلمة الطيّبةُ صدقة، وتبسُّمك في وجه أخيك صدقة.
    آيات كتابِ الله وأحاديث رسول الله كلُّها مشتملاتٌ على جوامع الأخلاق في جوامعِ الكلم، وسواء في ذلك ما كان في الأصول أو كان في الفروع، وسواء منها ما كان في التّوحيد والعقائدِ أو كان في العبادةِ والشّريعة، وما كان في معاملةِ الخالقِ جلّ وعلا أو معاملةِ المخلوقين، حتّى في إقامةِ حدودِ الشّرع وحتّى مع الحيوان في قتلِه أو ذبحِه، ((إنّ الله كتب الإحسانَ على كلّ شيء، فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحة، وليحِدَّ أحدكم شفرتَه، وليرِح ذبيحتَه)) حديث صحيح أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي يعلى شدّاد بن أوس رضي الله عنه.
    وتأمّلوا هذه الآياتِ الجوامعَ من كتاب الله عزّ وجلّ: هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ[الرحمن:60]، وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا[البقرة:83]، وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ[البقرة:237]، فَصَبْرٌ جَمِيلٌ[يوسف:18]، فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ[الحجر:85]، خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ[الأعراف:199]، وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ[القصص:55].وفي السنّة: ((من يستعفِف يعفَّه الله، ومن يستغنِ يغنِه الله، ومن يصبِر يصبِّره الله)) متفق عليه، و((ليس الغنى عن كثرةِ العَرَض، ولكن الغِنى غِنى النّفس))، و((ليس الشّديد بالصُرَعَة، إنّما الشديد الذي يملِك نفسَه عندَ الغضب)) أحاديث متّفق عليها، و((من لا يشكر الناسَ لا يشكر الله))، و((لا يؤمِن أحدُكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه))، و((أحسن الناسِ إسلامًا وإيمانًا أحسنُهم خلقًا))، و((ما من شيء أثقلُ في ميزان المؤمن يومَ القيامة من خلُق حسن)).
    أيّها المسلمون، ولئِن ذكر المربّون والحكَماء أن الأخلاقَ أمورٌ مستحسَنة فإنّها في ديننا تكاليفُ مطلوبَة كسائر العباداتِ والمطلوباتِ الشرعيّة فرضًا وسنّة، ومذمومها منهيّ عنه تحريمًا وكراهة.
    هذه هي عباداتُ الإسلام الكبرى وأركانه العظمى، يستبين منها مكانة الأواصِر بينَ الخلُق والدّين والعبادةِ والأدب، فالصّلاة تنهى عن الفحشاءِ والمنكر، والزّكاة صدقةٌ تطهِّر المسلمَ وتزكّيه، وفي الصيام: ((من لم يدع قولَ الزور والعمل به والجهلَ فليس لله حاجةٌ في أن يدَع طعامه وشرابَه))، والحجّ أشهر معلومات، فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ[البقرة:197]، ومن لم يكن له من عبادتِه ما يزكّي قلبَه ويطهِّر نفسَه ويهذّب سلوكه ويُحسِّن خلقه وينظّم صلتَه بالله وبالنّاس فليحاسِب نفسَه حتى لا يكونَ من المفلسين، ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن مَن لا يأمَن جاره بوائقَه))، ((ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرِم ضيفَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليصمت))، ((والحياء شعبة من الإيمان))، وطوبى لمن شغَله عيبُه عن عيوبِ النّاس، وإيّاك أن تُسرَّ حين تمدَح بما ليس فيك، فهذا سخريةٌ منك وهُزء بك، وأنت أعرَف بنفسِك فلا تغترَّ بمَدح، ومن ابتُلي بالعجب فليفكِّر في عيوبه، وتعرَّف على أخلاقك بالنّظر في أحوالك في غضبِك وإذا خلوتَ وإذا احتجتَ وإذا استغنيتَ وإذا قدرتَ وإذا عجزتَ، واعلم أنّ النمامَ يفسِد في ساعة ما لا يفسِده الساحر في سنة، والحرّ عبدٌ ما طمِع، والعبدُ حرٌّ ما قنِع، ولا مروءةَ لمن لا دين له، وإهمالُ ساعة يفسِد رياضةَ سَنة، وإذا ذهَب حظّ النفس حضَر الإخلاص، وإذا انضمّ إلى الإخلاص الصوابُ كمُل النّصاب، والنفس غيرُ السّويّة تثير الفوضى في أحكمِ النُّظُم، والنّفس الكريمَة ترقع الفتوقَ في الأحوالِ المضطَربة، فتحِسن المسيرَ في أجواء الأعاصير، والقاضِي النزيه يكمِّل بعدلِه نقصَ النّظام، والقاضي الجائرُ يحذف النّصوص المستقيمة، وإذا لم تصلُحِ النّفوس أظلمتِ الآفاق وبرزَت الفِتن.
    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ[لقمان:17-19].
    نفعني الله وإيّاكم بالقرآنِ العظيم وبهديِ محمّد ، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

    الخطبة الثاني:ةالحمد لله وكفى، أحمده سبحانه وأشكره على ما أنعم وأوفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له إذا وعَد وفى، وإذا أوعَد عفا، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبد الله ورسوله النبيّ المجتبى والرّسول المصطفى، صلى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل البرّ والصّدق والوفاء، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى.
    أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، حسنُ الخلُق بابٌ عظيم لعلَّ فيه ما يعالِج ما انتابَ كثيرًا مِن المسلمين في هذه الأعصارِ من انحرافٍ وهبوط، فأمّة الإسلام تمرّ عليها في كثيرٍ من ديارها ومواقعها محنٌ عصيبة وتيّارات هادِرة من الإلحاد والزّندقة والتعصّب والمادّية والبلبلات الفكريّة، في هجماتٍ شرِسة وفوضى سياسيّة وفكريّة وأخلاقيّة، مصائبُ لا تزَال تنصبّ ونوائب تنزِل، كأنّها لم تجِد غيرَ ديار المسلمين ديارًا، ولا غيرَ منازلهم منازلاً.
    وإنّ دروسَ التاريخ وعبَر الزمن لتبيِّن أنّ كلَّ أمّة نهضت وكلّ حضارة ازدَهرت كان ذلك كلُّه بإذن الله وأمره بفضل أبنائِها الذين ملكوا نفوسًا قويّة وعزائمَ مضّاءة وهِممًا عالية وأخلاقًا زاكية وسِيَرًا فاضلة، يحكم ذلك سياجٌ متين من الدّين الحقّ والعقيدة الراسخة، ابتعدوا عن سفاسِف الأمور ومحقَّرات الأعمال ورذائلِ الأفعال، لم يقَعوا فريسةً للفساد أو أسرَى الملذّات والشّهوات والاشتغال بعيوب الآخرين وتلمُّس العيوب للبرآء.
    لم تكن سعادة الأمم ولا عزّة الدّيار بكثرةِ الأموال ولا بجمَال المباني ولكن السّعادة والعزّة برجالٍ تثقّفت عقولهم وحسُنت أخلاقهم وصحّت عقائدُهم واستقامت تربيّتهم واستنارت بصائرُهم، أولئك هم رجالُ الأخلاقِ والقوّة، وذلكم هو بإذن الله مصدرُ العزّة.
    ألا فاتّقوا الله رحمكم الله، واستقيموا على الدّين، واستمسِكوا بكريم الخلُق، فكمال العقول مقدّم على كمال الرّياضات والأجسام، فهل يتفكّر في ذلك المتفكّرون، وينظر في ذلك المربّون؟! ثم أنتم على أبوابِ شهر كريم، فأروا الله مِن أنفسكم خيرًا، فأعدّوا العدّة، واستعدّوا للعمل الصالح، فاجتنبوا الرجسَ، واجتنبوا قولَ الزور والعملَ به والجهل، فقد كُتب عليكم الصّيام لعلّكم تتّقون.
    ألا وصلّوا وسلّموا على صاحبِ الخلق العظيم نبيّكم محمّد الكريم، فقد أمركم بذلك الحكيم العليم فقال عزّ شأنه قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[الأحزاب:56].
    اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك نبيّنا محمّد، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر والخلق الأكمل، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين...



    في وداعة الرحمن

  2. #2
    ( أم دحيم )


    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    الدولة
    بحجر أمي
    المشاركات
    1,748
    معدل تقييم المستوى
    2

    افتراضي

    وطوبى لمن شغَله عيبُه عن عيوبِ النّاس،


    ^^

    اللهم اجعلني منهم


    جزاتس الله خير ونفع بتس المسلمين اجمعين

  3. #3
    عـينـــكـ غــديــر


    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    7,861
    معدل تقييم المستوى
    8

    افتراضي

    الله يحزاك خير ويثبتك

    دمتي بخير باذن الله

  4. #4
    مشرف سابق

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    الـريـآض
    المشاركات
    5,157
    معدل تقييم المستوى
    6

    افتراضي

    الله ينفع بكي

    جزاكي الله الجنة

المواضيع المتشابهه

  1. خطبة الجمعه
    بواسطة آخـ أمل ـر في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 07-11-2010, 02:58 AM
  2. 28 ألف سجادة في المسجد الحرام
    بواسطة وحي الشوق في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 05-05-2009, 08:09 AM
  3. خطبة الجمعة ليوم 4 شعبان 1428 بعنوان ( ولا تفرقوا )
    بواسطة وعد في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 22-08-2007, 12:24 PM
  4. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 03-05-2007, 03:15 PM
  5. خطبة جمعة بعنوان شبكة المعلومات
    بواسطة لايفووووووتك في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 11-12-2006, 05:01 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •