لماذا أمه قطعت يديه؟
كنت جالسه في إحدى ردهات مستوصف انتظر دوري للدخول للطبيبة في هذه الأثناء أخذ فضولي يتابع صوتا غريبا تختلط فيه همهمات وتمتمات وبعض الضحكات المدوية بين الحين والآخر التفت يمينا ويسارا وإذا بامرأتين قد جلستا بجانبي إحداهما انطبعت على محياها بصمات الحزن والضيق والألم والأخرى اختط على وجهها ملامح الدهشة والاستغراب ونوع من الخبال قد تملكها كثيرة الحركة والهلوسة ومن باب الفضول سالت الفتاة التي بجانبها عن حالتها وبدون أي تردد انطلق لسانها قائلا: "هذه التي تجلس بجانبي أختي وهي امرأة كثيرة الاهتمام بالكماليات المنزلية والأثاث الفخم والستائر الغالية وهكذا هي منذ أن تزوجت ومؤخرا اشترت طقم كنب أمريكي فاخر من نوعه ووضعته في صالون منزلها وتباهت به أمام صديقاتها وفي إحدى الليالي وبينما هي منشدة الانتباه بمشاهدة التلفاز وتناول المكسرات والحلويات وطبق الفاكهة إذا بطفلها البالغ خمس سنوات من عمره يجلس بجانبها وبغفلة من أمه امتدت يده إلى سكين حادة من طبق الفاكهة وببراءة الأطفال ومسكنتهم راح يمزق قماش الكنب وما أن انتبهت الأم لذلك حتى استشاطت غضبا وأخذت الطفل وبدون شفقة ورحمة ألقت به على الأرض تلطمه وتضربه بقسوة ولم تكتفي بذلك بل بدت هائجة لاتعلم ماتفعل وامتدت يدها إلى خشبة قد غرز بها مسمار صدئ من بين أغراض المستودع وبدون تفكير راحت تضرب الطفل على يده وهي تصرخ في وجهه :"لاتفعل ذلك مرة أخرى أسمعت؟ "وعلى اثر ذلك نقل الطفل إلى المستشفى واخبر الأطباء أن يدي الطفل الصغيرتين تسممتا من المسمار الصدئ ولا يمكن إنقاذ حياة الطفل إلا بقطعهما وكانت النتيجة أن قطعت اليدان لكن هل انتهت المصيبة إلى هنا ؟...لا بل ندمت الأم على ذلك وزوجها كره معيشته معها وعاشت في الم وحسرة.
وكانت الفاجعة الكبرى..."أماه.انت الأم في إحدى الليالي تأكل طبق تفاح اقترب الطفل المقطوع اليدين من الطبق ليلتقط بيده التفاحة ليأكلها فلم يستطع فنظر إلى أمه وبصوت برئ دافئ وبنبره مخنوقة نادى.."أماه..ردي إلي يدي واعدك أنني لن اقترب من الكنب مرة ثانية..أماه لااريد يدين بل واحدة رديها إلي كي أتمكن من أكل التفاحة ولن أعود للمشاغبة مرة أخرى " هنا كانت الصدمة مضاعفة على الأم وكانت الفاجعة أقسى فلم تتمالك نفسها حتى صرخت صرخة عالية وذهب عقلها مع تلك الصرخة منذ تلك الليلة وهي على هذه الحال كما ترين .
سمعت الحكاية ونظرت إلى تلك المرأة التي لا تشعر بما يدور حولها وخاطبتها في نفسي:" ماذا أفادك الكنب ؟" بهذه الحادثة نحن نناشد أمهاتنا يتعقلن في عقاب أولادهن ومعاقبتهم بمالايؤذيهم إلى حد المبالغة أو إلى ظهور حتى العلائم الحمراء أو الزرقاء على أجسادهم اثر العقاب ففي ذلك عدم رضا الله ويجلب اشد عقابه لان ذلك يعتبر اهانه لخلقه وذلة لهم والله كرم بني آدم .. ثم إن أبنائنا لايمكن أن نؤذيهم لان أذيتهم تأتي بالعواقب الوخيمة على الأسرة ثم تنطلق انطلاقة عارمة على المجتمع
مواقع النشر (المفضلة)