نساء يركضن مع الذئاب
كلاريسا بنكولا
توطئة
لاهمية الكتاب مضونا وبعدا نفسيا وابستمولوجيا
أحببت اشراككم القراءة عبر تقديم بالعربية
للاديبة ريما السبع
فلي الأجر ولكم المتعة
يحكى أن هناك مكانا في الصحراء تلتقي فيه أرواح النساء مع أرواح الذئبات عبر الزمان، وقد استشعرت بشيء ما يتملكني عندما سمعت في الأراضي الواقعة على حدود تكساس قصة اسمها "فتات لا لوبا". المرأة التي كانت ذئبة أو الذئبة التي كانت امرأة". في مكان خفي تعيش لالوبا.. هي امرأة عجوز.. بيد أن أحدا لم يرها إلا نادراً ..هي متوجسة .. كثيفة الشعر ممتلئة، تتحاشى دائما الآخرين..العمل الوحيد لها هي جمع العظام خوفا عليها من الضياع في هذا العالم الواسع..كهفها ممتلئ بعظام مختلف حيوانات الصحراء من الغزلان وحتى الذئاب.
في كتابها نساء يركضن مع الذئاب تقول كلاريسا بنكولا: إن العظام هي قوة الحياة غير القابلة للتلف... هكذا تعلمنا لالوبا الذئبة ومن هذه النقطة تعيد بعث الحياة في الهياكل العظمية التي سرعان وما أن تكتمل جميع الأجزاء حتى تباشر لالوبا الغناء فتبدأ عظام الذئبة بالاكتساء باللحم، ثم يظهر الفراء وتبدأ الذئبة بالتنفس ..مع غناء لا لوبا ترتج أركان الصحراء فتفتح الذئبة عينيها وتقفز عالياً وتركض نحو منحدر الوادي.. وفي أثناء ركضها تتحول الذئبة إلى امرأة تقهقه وتجري طليقة صوب الآفاق الممتدة.
إنها تبحث عن الجزء كي يكون معه إعادة الخلق.. كومة من العظام ضائعة في مكان ما في الصحراء.. هيكل عظمي مدفون تحت الرمال و مهمتنا أن نستعيد الأجزاء .. وهي عملية شاقة تنفذ على أكمل وجه عندما تقع الظلال في موقعها الصحيح تماماً لأنها تستلزم كثيراً من التركيز لكن لالوبا تؤمن أن العظام هي قوة الحياة غير القابلة للتلف.
كلاريسا التي عملت كأخصائية في التحليل النفسي تؤمن بأن الطريق المؤدية إلى الروح الغريزية الطبيعية للمرأة هي السبيل للعودة بالطبيعة البشرية البكر إلى نقاوتها الأولى على أن نميز ونحدد هذه الطرق والوسائل المؤدية إلى عمق أعماق طبيعة المرأة فالمرأة الحديثة تقوم بنشاط غير واضح، مضطرة لأن تكون كل الأشياء لكل الناس.
ومع مرور الزمن رأينا كيف أن الطبيعة الأنثوية الغريزية نُهبت وقُهرت وسُحقت،، وأخطأنا التعامل معها لفترات طويلة مثلما أخطأنا التعامل مع الحيوانات المتوحشة والأراضي البرية. وأهملناها دوماً لعدة آلاف من السنين، وألقينا بها وراء ظهورنا، ومن ثم تضاءلت، فنفيناها إلى أقصى مكان في الأرض الجدباء من نفوسنا.
ولهذا ينبغ علينا الحفاظ على الطبيعة الوحشية للمرأة وحتى حمايتها في بعض الحالات بمنتهى اليقظة والحذر، كي لا تختطف فجأة ويخنقها طوق الأسر. ومن الأهمية بمكان أن نغذي الطبيعة الغريزية ونمدها بأسباب البقاء وأن نحميها ونرعاها ونمدها بجذور النماء.
فهناك خصائص نفسية مشتركة بين "الذئبة القوية" و "المرأة القوية" ، فهما تتسمان بصدق المشاعر والروح المرحة والقدرة العالية على العطاء، فالمرأة والذئبة بطبيعتها ترتبطان بعلاقة قرابة، كلتاهما فضوليتان تتمتعان بقدر عظيم من الإخلاص والتفاني والإدراك الداخلي والمشاعر العميقة تجاه صغارها. وكذلك تتوافر لهما خبرة التكيف مع الظروف المتغيرة والشجاعة الفائقة والثبات بقوة على الموقف.
لقد ظلتا ونقصد هنا: (الذئبة القوية/المرأة القوية) مطاردتين ومعرضتين للإيذاء المستمر ومتهمتين ظلماً بالنهم والميل والمخادعة وأنهما أشد عدوانية وأقل شأناً من هؤلاء الذين يحطون من قدرهما. وهما مستهدفتان دوماً من هؤلاء الذين يسيدون التوحش ويزيلون بالمثل المناطق البرية في أعماق الروح ويستأصلون منها كل ما هو فطري ويجتثونه اجتثاثاً. ومن المذهل أن الذين يسيئون فهم الذئاب والنساء هم أشد منهما ضراوة.
عند الذئاب تحدث المجاعة حينما تعلو الثلوج ويستحيل الوصول إلى الصيد وتنتهي المجاعة عادة وقت الربيع حينما تبدأ الثلوج في الذوبان في أعقاب المجاعة قد تنتاب القطيع حمى القتل المجنون, قد لا يأكل أفراد القطيع معظم الطرائد التي يقتلونها بل يتركونها في العراء يقتلون أكثر بكثير من قدرتهم على الأكل أو حاجتهم!!
نفس العملية تحدث للمرأة حينما تقع في الأسر وتتضور جوعا وفجأة تصبح حرة في أن تذهب أن تفعل ما تريد. وهنا يكمن خطر الإفراط والتجاوز في هياجها وثورتها وهنا يلوح خطر حرق أثمن كنز روحي في حياة المرأة ويتبدل رماداً يتملكها لا شره ولا نهم ..
وتتابع: إذا تفحص المرء بالطبيعة المزدوجة للمرأة وأخذها بالقيمة الظاهرية، فهذا الشخص تنتظره مفاجأة كبيرة، ذلك انه عندما تستيقظ الطبيعة الوحشية للمرأة من أعماقها وتبدأ بالتعبير عن نفسها ستكون لها في الغالب اهتمامات ومشاعر وأفكار مختلفة تماماً عن تلك التي عبرت عنها من قبل.
إننا جميعاً نفيض شوقاً وحنيناً إلى الحياة الوحشية، بيد أن ترياق الحضارة لا يترك لهذا الحنين منفذاً، إلا في أقل القليل. تعلمنا ان نشعر بالخجل من مثل هذه الرغبة، تركنا شعرنا يسترسل ووارينا به مشاعرنا. غير أن ظل المرأة الوحشية مازال سينسل خلفنا ويمكن في أيامنا وليالينا. وبصرف النظر عمن نكون، فإن الظل الذي يهرول خلفنا، هو في النهاية يمشي على أربع.
مواقع النشر (المفضلة)